بعد الانسحاب الرئيسي لإسرائيل من سيناء أبريل 1982 بدأت الحكومة المركزية في القاهرة في إرسال أجهزتها الخاصة بإعادة الأعمار إلي منطقة القناةوسيناء ومنها جهاز تعمير سيناء ومدن القناة التابع لوزارة التعمير وكانت مهمته الأساسية تعمير مدن القناة التي خربتها حرب الاستنزاف واشتباكات حرب 1973 ومنها جهاز تعمير سيناء المنوط به إنشاء ترعة السلام لري مساحات من سيناء علي مياه النيل. وكان للرغبة في سرعة الإنجاز تأثير علي مخطط ترعة السلام حيث كانت الرؤية في ذلك الوقت أنه من الأفضل لهذه الترعة أن تشق طريقها علي المحور الأوسط من الإسماعيلية حتي المليز لري مساحات واسعة في حوض وادي العريش ولأن ساحل سيناء الشمالي وفير الأمطار والزراعة قائمة بنجاح في هذا الساحل. كانت أعمال التعمير تركز علي إنشاء خطوط مياه شرب من محطات مياه غرب القناة في القنطرة وفي منطقة نفق أحمد حمدي وكانت فكرة تحلية مياه البحر للشرب مقصورة علي القري السياحية البعيدة عن خطوط مياه الشرب القادمة من الغرب. وكان للحماس في تعمير سيناء أثر علي سرعة إنشاء نفق أحمد حمدي في منطقة الشط مما أدي إلي إعادة رفع كفاءته وتلافي العيوب التي ظهرت في الإنشاء وهو الآن يقوم بدور هام كما كان إنشاء كوبري السلام العلوي جنوب القنطرة دافعا للتعمير رغم المحاذير الأمنية لاستخدام هذا الكوبري فوق السفن العابرة تحته في مياه القناة. ثم كانت ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من تغييرات حادة في القيادة والفكر وانتهاؤها بثورة 30 يونية التي أدت إلي وضوح الرؤية وبلورة الهدف لإعادة بناء مصر وفي مقدمتها منطقة القناةوسيناء. وقد لفت انشاء قناةالسويس الجديدة الأنظار بقوة إلي تعمير منطقة القناة واعتبارها قاعدة انطلاق لتعمير سيناء كلها حتي الحدود الدولية واستدعي الأمر مشاركة كل شركات أهل سيناء في عمليات الحفر الجاف للقناة الجديدة والإنشاءات الخاصة بها. ومع إنشاء القناة الجديدة كانت هناك سحارات نقل المياه للزراعة من غرب القناة إلي شرقها لاستزراع عشرات الآلاف من الأفدنة شرق سرابيوم وشرق القنطرة وبناء التجمعات العمرانية اللازمة للتوطين في هذه المناطق ومنها الإسماعيلية الجديدة وقرية الأمل والبدء في إنشاء بورسعيد الجديدة ورفح الجديدة. كل هذه الأعمال تتم بالتوازي مع التصدي للإجرام التكفيري الذي لا يريد لمصر خيراً ولا يريد ترك سيناء لتأخذ نصيبها الكافي من التعمير. في الذكري 35 لتحرير سيناء يكاد ينسحق الإرهاب ووصل زخم التعمير لكل مكان في سيناء بأعمال بنية أساسية كثيرة منها إنشاء طرق جديدة وازدواج طرق قديمة وإنشاء محطات تحلية في الشمال والجنوب واسكان متنوع يحدث لأول مرة أن يزداد عن حاجة السكان. وتوالت المشروعات الكبري بقيادة القوات الملسحة والمستثمرين الوطنيين المخلصين بإنشاء المواني والجامعات والقري السياحية من طابا إلي شرم الشيخ حتي الطور وأبورديس ورأس السدر. وسكان سيناء الآن حوالي 1.2 مليون نسمة نأمل أن يصلوا إلي 3.5 مليون عام 2050. ولكن هناك عقبات وسلبيات يجب تداركها بواسطة كل العلماء والمختصين بالدراسات الاجتماعية لإعادة بناء شباب سيناء الذين لم تعد تقاليد القبيلة والأعراف الموروثة تؤثر فيهم أو تغريهم بسماع نصح شيوخهم وآبائهم. ويهمنا كذلك دقة مراقبة سواحل سيناء وتأمين القناة وحراسة كل مشروعات التعمير في منطقة القناةوسيناء. التنمية الشاملة في سيناء تسحق الإرهاب بقوة الجيش والشرطة وكل أهالي سيناء ومصر الشرفاء وكل من يدعمهم من الأشقاء والأصدقاء. التنمية والصعيد العمليات الإرهابية الإجرامية هذا العام ضد الكنيسة البطرسية ثم ماري جرجس بطنطا ثم المرقسية بالاسكندرية بواسطة انتحاريين من الشباب المضلل في خلية يتزعمها شاب دبلوم صناعة معظمهم من محافظة قنا إحدي أفقر ثلاث محافظات هي أسيوطوسوهاجوقنا ومعظم هؤلاء الشباب مؤهلات متوسطة وهي ليست بمؤهلات علمية بالمعني العلمي الدقيق ومنهم العمال ومنهم الطبيب وخريج الآداب. ثقافيا ليس لهم ثقافة عامة أو خاصة وإنما هم تلقوا الأفكار الشيطانية من الشياطين مثلهم لتنفيذ أعمال إجرامية بالأجر الذي هو ثمن إرسالهم إلي الجنة التي لم يضمنها رسول الله لنفسه إلا برحمه الله. الفقر متربع في محافظات الصعيد مع كثرة تصريحات المسئولين عن المثلث الذهبي والمثلث الفضي والحقيقة أني لا أعرف لماذا سمي بالمثلث الذهبي وما هي الثروات التي يمتلئ بها هذا المثلث وأي المشروعات الموعودة قد بدأ وكم شابا عاطلا عمل بها أو استفاد منها؟ ويصف عباس العقاد المنتحر بأنه أكثر الناس حبا للحياة ولما فشل في تحقيق حياة كريمة فإنه يترك الدنيا في لحظة يأس. والدولة مشغولة بثمن تذكرة مترو الأنفاق ونواب الشعب يحتجون ويزايدون ويعترضون علي الزيادة التي ستغطي جزءا من التكاليف والصيانة وثمن الكهرباء، ورغم سوء حالة مترو الأنفاق الخطين الأول والثاني إلا أن الدولة ماضية في استكمال الثالث والبدء في الرابع لتحصل العاصمة المزدحمة علي ما تريد من ميزانية الدولة المرهقة. معظم وسائل الإعلام مشغولة بالقاهرة الكبري حتي عندما تذاع حالة الطرق لا تخرج هذه الحالة عن أحد ميادين القاهرة أو الجيزة ولا يهم أي مدينة أو طريق في طول البلاد وعرضها ولا يعرف مواطن الصعيد أين روكسي أو عبد المنعم رياض ولا يهمه كورنيش النيل من كوبري 15 مايو حتي إمبابة. هل ننشئ مدينة رياضية في قنا بها ستاد دولي وملاعب هل ننشئ أوبرا دمنهور أو مكتبات عامة ومعارض الكتاب تقام هناك في القاهرة والاسكندرية أو معارض المنتجات الزراعية والصناعية المصرية خاصة الصناعات الصغيرة التي ينتجها الشباب؟. هل لاحظت الحكومة أن مشروعاتها القومية غالباً لا تخرج عن دائرة العاصمة والدلتا ومنطقة القناة والساحل الشمالي ومؤتمراتها في شرم الشيخ والقليل منها يذهب لأسوان أو الأقصر ولا يذهب أي مؤتمر دولي أو محلي إلي قنا أو سوهاج أو اسيوط. وعندما عملت رئيساً لجهاز تعمير الصعيد رأيت كثيراً من أهل قنا خاصة الفلاحين يمشون حفاة وهو ما يصعب مشاهدته في أي محافظة من محافظات الدلتا أو القاهرة الكبري. لقد قاوم الملك فاروق الحفاء في كل مصر بمشروعه الشهير إلا أن صوته لم يصل إلي الثلاث محافظات ثم نتساءل لماذا يأتي الإرهاب من شباب قنا؟. هل تنشئ القوات المسلحة أو الشرطة بعض مراكز التدريب والمعاهد العسكرية في مدن الصعيد وكذلك المعاهد والكليات العملية أو بعض مصانع القوات المسلحة في الأمن الغذائي والملابس. إذاعة القرآن الكريم المتميزة دائما تذيع يوميا سهرة دينية من أحد مساجد القري في التاسعة والربع مساء فيها ترتيل القرآن الكريم ودرس لأحد العلماء ولكن كل هذه السهرات من الشرقية أو المنوفية أو الجيزة ونادراً ما تذهب للصعيد ونادراً ما يذهب كبار العلماء لإلقاء خطب الجمعة في الصعيد. ونسأل ماهي آخر مرة ذهب كبار العلماء لإلقاء دروس دينية أو خطب الجمعة في محافظات الصعيد المتعطشة للعلم والتي أنجبت العقاد وطه حسين؟ وكلنا يعلم أن معظم عمال الإنشاءات من محافظات الصعيد وكذلك الباعة الجائلون المطاردون في ميادين القاهرةوالجيزة.