تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    وزير الإسكان يتفقد مشروع مرافق الأراضى الصناعية بمدينة برج العرب الجديدة    روسيا: تحرير بلدة "ألكساندرو كالينوفو" في دونيتسك والقضاء على 205 مسلحين أوكرانيين    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها الكامل للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    عدي الدباغ على أعتاب الظهور بقميص الزمالك.. اللاعب يصل القاهرة غداً    تفاصيل القبض على سوزي الأردنية وحبس أم سجدة.. فيديو    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق "بلبيس - السلام" بالشرقية    «تيشيرتات في الجو».. عمرو دياب يفاجئ جمهور حفله: اختراع جديد لأحمد عصام (فيديو)    لا تتسرع في الرد والتوقيع.. حظ برج الجوزاء في أغسطس 2025    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 26 مليونا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يوما    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مبابي: حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    "قول للزمان أرجع يا زمان".. الصفاقسي يمهد لصفقة علي معلول ب "13 ثانية"    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    رئيس جامعة بنها يعتمد حركة تكليفات جديدة لمديري المراكز والوحدات    "قومي حقوق الإنسان": غرفة عمليات إعلامية لمتابعة انتخابات الشيوخ 2025    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    الثقافة تطلق الدورة الخامسة من مهرجان "صيف بلدنا" برأس البر.. صور    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسي الكبير السفير عبدالرؤوف الريدي في حوار صريح:
مبارك قال لي: هذه أسوأ وظيفة .. ومع ذلك جدد فترة رئاسته !
نشر في الأخبار يوم 06 - 04 - 2011

لاول مرة منذ أن عرفت هذا الدبلوماسي الكبير اجد نفسي امامه في موقف لا أحسد عليه.. خاصة حين بدأ الحوار يقترب إلي مسافات قليلة من السؤال عن مبارك وعائلته وزوجته.. ذلك لانني اعرف الدبلوماسي الكبير السفير عبدالرؤوف الريدي منذ اكثر من عشرين عاما.. كما اجريت معه اكثر من حوار كان يدور موضوعها الغالب حول رحلته في عالم الثقافة والفكر بعدما تفرغ لها منذ ان ترك منصبه كسفير لمصر في امريكا.
ومع اصراري علي معرفة مالا يعرفه الاخرون، عن علاقة الريدي بعائلة مبارك خاصة بزوجته سوزان التي كانت تقريبا الشريك الرئيسي في كل اجتماعات مجلس ادارة مكتبة مبارك العامة سواء لموقعها كزوجة لرئيس الدولة أو كرئيسة لجمعية الرعاية المتكاملة التي ساهمت في انشاء هذه المكتبة الكبيرة.. وحتي يوصد السفير الريدي امامي باب السؤال عن عائلة مبارك خاصة فيما يتعلق بالامور الشخصية.. رأيته يؤكد لي انه وطوال حياته يتعامل مع مبدأ انساني مهم وعلينا احترامه. ألا وهو انه لا يتحدث ابدا عن الامور الشخصية المرتبطة بالشخصيات التي تمر الان بأزمة! وقد فهمت وجهة نظره واحترمتها كثيرا وقدرتها واعلنت امامه.. ان هذا السلوك ليس جديدا عليه فهو دائما ما يدفع بالاخلاق الحسنة إلي الامام ويؤكد عليها دوما حتي في مسيرة حياته الدبلوماسية، واخبرته بذلك لما اعرفه انا شخصيا عن هذا الخلق الكريم.
ولكي لا يحرمني من الاسئلة حول هذه الشخصيات طلب مني انه سيكون علي استعداد للحديث عنها اذا ما ارتبط بما يدور حولها من احداث.
ولابد من الاشارة هنا إلي اننا قد وصلنا إلي هذا الطريق الوسط بعد توقفات كثيرة لشريط التسجيل واعتداله اكثر من مرة ومراجعته لما اقوله واطلبه.. بل واكثر من ذلك انه كان كثيرا ما يقول لي انه فوجيء باسئلة هذا الحوار ودورانها في فلك هذه الشخصية وعائلته.
وكنت من جانبي أؤكد له انها مجرد شهادة تاريخية يسجلها معي فوق هذه الاوراق وان الاسئلة تجر بعضها بعضا بدون ترتيب مسبق.
وبدبلوماسية راقية اختلطت بأخلاقه الطيبة كان كثيرا ما يغفر لي، محاولاتي الالتفاف حول هذا الموضوع وبأسئلة مختلفة الالفاظ حتي رأيت انه كثيرا ما يعتدل في جلسته داخل مكتبه بمكتبة مبارك »مصر حاليا« وكنت أري في ذلك مزيدا من الصبر من ناحيته.. هذا الصبر الذي نجم عن حبه وتقديره لي وجريدة »الاخبار«.
عندئذ بدأت في تشغيل شريط التسجيل حتي استعيد ما قلته من اسئلة وما اجاب عليه السفير الريدي.. واليكم التفاصيل.
في البداية رأيت ان المدخل الطبيعي لمسار هذا الحوار ان اتحدث مع الدبلوماسي الكبير السفير الريدي عن جهوده وما حققه في مجال المكتبات والعمل علي انتشارها. من موقعه كأول رئيس لمجلس ادارة مكتبة مبارك والذي اكد لي انه في سبيل تغيير اسمها لولا الحاجة إلي صدور قرار من المجلس العسكري ولعل كلمات هذا السؤال توضح ذلك:
هل كان اسم هذه المكتبة عند انشائها هو مكتبة الجيزة العامة؟!
صح جدا.
اذن من صاحب اطلاق اسم مبارك عليها؟!
كان اول مرة لي اسمع فيها اسم مكتبة مبارك من خلال تصريح لفاروق حسني وزير الثقافة السابق. لقد قال وقتها ان هناك مكتبة مهمة وكبيرة هي مكتبة مبارك.
حدث ذلك.. في اي سنة؟!
يمكن عام 5991 لان هذه المكتبة تم افتتاحها يوم 02 أو 12 مارس من عام 5991.
التسمية الجديدة
نريد ان نعود إلي الوراء قليلا ونسأل عن تفاصيل التسمية الاولي بمكتبة الجيزة العامة.. فما هي هذه التفاصيل؟!
لقد كان اسم المكتبة في البداية كما قلت هو مكتبة الجيزة العامة. واتضح ذلك من خلال المشروع الذي تم وفق الاتفاقية التي وقعها وزير الثقافة المصري ورئيس مؤسسة برتلسمان. وهناك قصة مرتبطة بانشاء هذه المكتبة. فصاحب هذه الفكرة رينهارد مون وهو صاحب مؤسسة نشر كبيرة جدا في المانيا وهي تعتبر ثاني مؤسسة نشر في العالم، وكان من اغنياء المانيا اذ بلغ ما يملك اكثر من 51 مليار مارك وقد اقام مكتبة في بلدته ثم انشأ بعد ذلك مكتبة عامة في عزبته الموجودة في بلدة مايوركا وفي احد المؤتمرات الصحفية التي اعلن فيها انه انشأ هاتين المكتبتين، كانت توجد صحفية مصرية.
وهل تتذكر اسمها ؟
بصراحة لا.. هذه الصحفية سألته لماذا لا ينشأ مكتبة في مصر؟ فأجاب بأنه مستعد لو وصلته دعوة من مصر لهذا الغرض. المهم تحدثت الصحفية المصرية مع السفير المصري في المانيا في هذا الموضوع والذي اتصل بسوزان مبارك وأبلغها.. وبالفعل تمت دعوته إلي مصر وتم توقيع اتفاق بين مون وفاروق حسني لانشاء مكتبة بعد اختيار المكان المناسب.
كما صدر القرار الجمهوري باختيار قصر الطحاوية الذي يطل علي النيل وفيه المكتبة الحالية حتي يكون مقرا للمشروع المقترح. وطبعا كان هذا القصر متهالكا وفي نفس القرار ان يكون القصر مقرا لمكتبة عامة.كما اتفق علي ان يكون اسمها مكتبة الجيزة العامة.
ومتي عرفت بان اسمها اصبح مكتبة مبارك؟!
اتصلت بي السيدة سوزان مبارك ربما في عام 3991 وكان ذلك الوقت الذي عدت فيه من واشنطن وطلبت مني المساعدة في هذا المشروع.. وكان لدي إعجاب كبير بما شهدته في أمريكا من الأعمال التطوعية في مختلف المجالات ولذلك رحبت وأصبحت رئيسا لمجلس ادارة هذه المكتبة منذ ذلك التاريخ وحتي اليوم.. وعندما بدأ العمل في هذا المشروع اقترحت تكوين لجنة ثلاثية مكونة من 3 جهات هي مؤسسة برتلمسان ووزارة الثقافة وجمعية الرعاية المتكاملة. وقد ظل اسم مكتبة الجيزة العامة سائدا طوال الفترة الاولي وتجلي ذلك حتي في اثناء اعداد الكتب الخاصة بالمكتبة. ثم بعد ذلك جاء الاقتراح الجديد بتسميتها مكتبة مبارك.
ألم تعرف من هو صاحب هذا الاقتراح؟!
اكيد فاروق حسني لأن اول تصريح سمعته منه كان انه سيكون لدينا مكتبة مبارك.. وهذا كل ما حدث.
وهل عاد اسمها القديم مرة اخري ؟!
لقد اقترحت علي وزير الثقافة الجديد ان يتم تغيير الاسم ولكن لا يصلح لها اسم مكتبة الجيزة العامة.
ولماذا؟!
لاننا طورنا مشروع مكتبة مبارك واقمنا هذه المكتبة الام كنموذج ودعونا جميع المحافظين في مصر واقترحنا عليهم أن ينشأوا مكتبات في عواصم المحافظات علي غرار مكتبة مبارك الموجودة بالجيزة.. وقد نجح هذا المشروع فاصبح لدينا عدة مكتبات.. اولها كانت مكتبة الوادي الجديد.. ثم توالي بعد ذلك انشاء مكتبات اخري في المنصورة والاقصر ودمنهور ودمياط. ويجري حاليا انشاء مكتبة الزقازيق والمنيا.
من هنا اصبح مشروعا قوميا.. ولذلك اصبح لا ينفع مثلا ان نطلق علي مكتبة دمنهور مكتبة الجيزة العامة!
وبالتالي اصبح علينا اختيار اسم له دلالة قومية ودلالة عامة تسري علي كل المكتبات في هذه المحافظات. وقد اخترنا اسما جديدا لهذا المشروع هو مكتبة مصر العامة ويعمم علي جميع المحافظات.
وهل هناك سبب لاختيار الاسم الجديد؟
طبعا.. لان مكتبة مبارك عنوانها الالكتروني MPL واصبح هذا العنوان معروفا في كل بلاد العالم فعندما نغير الاسم إلي مصر سيصبح نفس العنوان M.P.L وعايز اقولك ان هذا التغيير تم بعد دراسة.. ومن ثم ابلغنا به وزير الثقافة.
الاجراءات
وهل بدأت اجراءات تغييره ؟
لا.. هناك نقطة مهمة لابد من الاشارة اليها وهي انه اثناء انشاء مكتبة مبارك وخلال مسيرة هذا الانشاء صدر لها قرار جمهوري في عام 6002 بتنظيم مكتبات مبارك العامة.
فالسؤال الذي يدرسه القانونيون الان هل نستطيع نحن في مجلس الادارة ان نغير هذا الاسم.. ام لابد وان يصدر قرار من المجلس العسكري؟!
وهل وجود اسم الرئيس السابق علي المكتبة قد افادها كثيرا؟!
طبعا افاد المكتبة بحكم منصبه كرئيس للجمهورية.. اما الوضع حاليا فقد تغير.. واصبح الاعضاء المترددين علي المكتبة هم انفسهم الذين يطالبون بتغيير هذا الاسم.
وهل تؤمن بنظرية ان يكون لرئيس الجمهورية أو أي مسئول كبير مشروع ثقافي أو غيره يحمل اسمه؟!
أنا لا أحبذ ذلك علي الاطلاق وبالنسبة لهذه المكتبة فانا شخصيا لم اكن مستريحا لتغيير اسمها من مكتبة الجيزة إلي مبارك وذلك في البداية. وانما بما انه قد اصبح كذلك.. فقد سهل لنا العديد من الامور.. اذ مكننا من انشاء مكتبات اخري، اما فيما يخص الاجابة عن سؤالك السابق.. فانا اقول لك لا افضل ذلك وانني لا اميل ابدا إلي ان تكون المؤسسات العامة تسمي باسماء شخصيات في فترة وجودها في الحكم!!
تمجيد الحاكم
ولماذا؟!
لان ذلك يظهر انك تمجد شخصية موجودة في الحكم. وفي المقابل علي سبيل المثال كما هو موجود في امريكا هناك نظام أو تقليد وقد استقر وهو ما يسمي بالمكتبة الرئاسية.. بمعني ان كل رئيس جمهورية يخرج من الحكم يجمع كل وثائقه واوراقه الخاصة كي توضع في مكتبة تحمل اسمه، وعليه تمويل هذه المكتبة من خلال تبرعات وهذا النوع من المكتبات الرئاسية في غاية الاهمية في البحث التاريخي.. كما تنشأ مثل هذه المكتبات في البلد الذي ولد به الرئيس.
بمناسبة الحديث عن مبارك ومكتبة مبارك.. دعني اسألك.. كيف كانت نظرة الرئيس السابق لهذا المشروع الثقافي ؟!
لم يكن يعيرها اي اهتمام.. ومن حين لآخر كانت تأتينا كتبا يرسلها إلي المكتبة. في حين كانت سوزان مبارك تصطحب بعض ضيوفها لزيارتها.
وهل لم يطلب من المكتبة في مرة من المرات امداده بكتب بعينها؟!
لم يحدث.
وألم يفكر في زيارة المكتبة مع احد ضيوفه؟!
لم يحدث.
هذا السؤال يجرنا إلي آخر.. ومهم.. وهو ماهية نظرة مبارك لهذه المكتبة؟!
لا اعتقد انها كانت من الاشياء الاساسية التي كان يفكر فيها. فهو رئيس دولة ومشغول.. لكنه هو الذي افتتح المكتبة.
دبلوماسية مبارك
دعنا ننتقل إلي زاوية اخري من هذا الحوار وهو لن يبتعد عن مبارك ولكنه هذه المرة في حياتنا الدبلوماسية.. ونسألك ان مبارك هو الذي اختارك سفيرا لمصر في واشنطن.. فماذا عن حرفيته الدبلوماسية؟!
(وقبل ان يجيب علي هذا السؤال توقف السفير قليلا مؤكدا لي انني قد انتقلت بالحوار إلي زاوية اخري ابتعدت عن المكتبة وتاريخها. وبعد جهد من جانبي اكدت له ان ما سوف يأتي من اسئلة سوف يدور حول هذه الشخصية وعملها وبعض الجوانب الخاصة به والتي لا يعرفها الكثير من القراء. ولولا انني اكدت له ان هذا السؤال مرتبط باختياره من جانب مبارك كسفير لمصر في واشنطن فربما لم يكن يجيب علي هذا السؤال).
عندئذ بادرني السفير الريدي بقوله: شوف هناك بعض المناصب التي يختارها الرئيس مبارك والتي من اهمها سفير مصر في واشنطن. وبالتالي الذي اختارني هو الرئيس.. ربما وزير الخارجية يرسل إليه 3 اسماء يتم اختيار احدهم.. وانا اعتقد ان ذلك ما حدث.
واعتقد كذلك انني قد التقيت بمبارك قبل هذا الاختيار في مدينة جنيف. وبعد قرار نقل السفير اشرف غربال تم اختياري كي احل محله في واشنطن وبقيت هناك لثمانية أعوام حتي نهاية خدمتي الحكومية.
وكم مرة قابلت مبارك؟!
في مرات كثيرة.. خاصة في واشنطن.
وهل ظلت علاقتك به حتي بعد ان تركت العمل الدبلوماسي؟!
في البداية.. وهي الفترة التي اعقبت وصولي من واشنطن وبعد ان تركت منصبي هناك يعني تقدر تقول لفترة استمرت عام ونصف وهذا تجده تفصيلا مدون في كتابي »رحلة العمر«.. وانا اتذكر انني قمت بزيارته انا وزوجتي في الساحل الشمالي في منزله. ثم ارسلني مرة اخري إلي الكونجرس من اجل ان امهد لزيارته لأول مرة إلي امريكا. ثم بعد ذلك انقطعت العلاقة بيننا.
معني ذلك ان هذه العلاقة لم تستمر سوي في هاتين المناسبتين؟!
لا.. كان يتحدث معي تليفونيا.. ثم بعد ذلك توقفت علاقتي به!
ولماذا يا سيادة السفير؟!
انني اعتقد..!!
(توقف فجأة وسألني.. لماذا هذا السؤال.. عندئذ بدأت الجولة من اولها.. كما أؤكد له.. انني ابحث واخرين عن كلمته للتاريخ في هذا الظرف الذي تمر به مصر حاليا.. فرد قائلا: ان التاريخ لا يكتب الان انه يكتب بعد عدة سنوات. ومن اجل ان اثير لعابه في الحديث عما كنت اريده.. ضربت له مثالا بما كتبته علي لسان مكرم محمد احمد في حواري السابق معه.. عندئذ طلب السفير الريدي من مديرة مكتبه نسخة الاخبار المنشور بها هذا الحوار.. واخذ يتأمل سطوره في تأن وصبر وتمهل. عندئذ استبشرت خيرا بانني سوف اواصل الحوار واعرف اجابته). وصدق حدسي آنذاك.. اذ رأيت رغبة من السفير الريدي ان يواصل معي هذا الحوار مما دفعني إلي اعادة السؤال في صيغة اخري فقلت له:
ماذا عن دبلوماسية مبارك.. وهل يمكن ان ننظر اليها في ظل قياسات الدبلوماسية لدي قادة العالم؟!
شوف مبارك ليس دبلوماسيا.. لكن يمكن تقول انه في فترة حكمه الأولي كان نشطا دبلوماسيا وذلك علي عكس الفترة الأخيرة وقد اصبحت تحركاته قليلة. اضافة الي أنه لم يبد اهتماما بإفريقيا.. لقد كان فقط رئيس دولة وكنت كثيرا ما احضر لقاءاته في امريكا خاصة خلال فترة حكم كل من ريجان وبوش. ان مبارك من الناحية السياسية لم يكن رجل يحب التغيير وبالتالي كان دائما يعمل علي استقرار الاوضاع من دون تغيير.
لا يحب التغيير
نريد تفسيرا اكثر لذلك..؟!
يعني اقولك يمكن السبب الذي من بعده توقف الاتصال بيني وبينه انني في مرة كنت اتحدث معه.. ربما كان ذلك عام 3991 أو 4991. بعدما رجعت من واشنطن ساعتها قلت له: »البلد محتاجة هزة«.. قال لي: »هزة«! ربما استغرب هذه الجملة وساعتها شعرت بانه تضايق وربما زعل. وبعد هذه المحادثة لم يتصل بي مرة اخري، وحتي هذه اللحظة. إلا اذا كان يري ان هناك مبادرة معينة تحتاج إلي تغيير.
وقد حدث ذلك معي حين اقترحت عليه ضرورة المطالبة بالغاء الديون الخارجية علي مصر.. خاصة العسكرية منها بالذات والتي كانت تبلغ 7 مليارات ومائة مليون دوار ودعني أؤكد لك مرة اخري ان ميله الشخصي هو انه لا يغير.. وانا اعتقد ان المشكلة الكبيرة التي حدثت خلال الثلاثين عاما الماضية انه كان يفضل ان تظل الامور علي ما هي عليه.. مما تسبب في ضياع فرص كثيرة علي مصر. خاصة في مجال التنمية. وانت تعرف اننا والصين قد بدأنا تقريبا في توقيت واحد.. وكل إللي حصل لنا اننا في مصر تعداد السكان تزايد. ولم يقابله زيادة في التنمية والاصلاح الاقتصادي الذي كنا قد اتفقنا عليه مع الدول خاصة امريكا بعد الغاء الديون.
وهل كانت هذه السياسة القائمة علي عدم الرغبة في التغيير ترجع اليه ام لمن كانوا حوله؟!
انت عايز تدخلني في مناطق بعينها.. لكنني استطيع ان اقولك انه بطبيعته وكشخصية لم يكن يحب التغيير.. وقد شرحت ما يتعلق بموقفه من تخفيض الدعم عن الطاقة في كتابي الذي اشرت اليه منذ لحظات وتحدثت فيه عن مدي خوفه من الاقدام علي هذه الخطوة.
سير الاحداث
دعنا نقترب اكثر مما حدث في مصر في ثورة شباب التحرير.. وأسألك هل تنحي مبارك كان مفاجأة لك؟!
عندما علمت بأن الشباب يعتزمون الخروج في مظاهرات كبيرة وعلمت كذلك بأن هناك أحزاب سياسية وجماعات ستشارك، أيقنت انها ستكون حدثا كبيرا.. وقد عبرت عن ذلك لمن كانوا حولي في ذلك الوقت. واقدر اقولك لماذا؟! لانني كنت مقتنعا ومنذ فترة ان هذا النظام اولا اضاع علينا فرصا كثيرة. وتكالبت عليه 3 مصائب ادت إلي نهايته أو عجلت بنهايته وانهياره.. حتي اصبح لا مفر من ذلك.
وما هي المصائب؟
اولا: الرغبة في التأبيد بمعني الاستمرار في الحكم، مع ان مبارك قد اخبرني في عام 4991 بانه لن يجدد في منصب الرئاسة في الفترة القادمة حدث ذلك اثناء حديث لي معه.. ساعتها قال لي بالحرف الواحد: ان هذه اسوأ وظيفة في حياتي!! وبالتالي لا يمكن اجدد بعد هذه الفترة. ومع مرور الايام لم يفعل ذلك.. بل جدد رئاسته مرة ثانية وكان علي وشك ان يجدد الفترة الثالثة. ويرتبط بهذا التأييد رغبته في الاستمرارية من خلال التوريث! ولهذا السبب حدثت مشكلة كبيرة جدا تمثلت في تغيير الدستور وهذا موضوع غير سهل اضافة إلي تزوير الانتخابات الاخيرة! وثانيا: الفساد حيث اتضح لنا ان هناك فسادا كبيرا جدا، وقد تكشف كل ذلك. اما العامل الثالث فهو النفاق الذي وصل إلي درجة عالية جدا. هذه العوامل الثلاثة في تصوري هي التي سارعت في انهيار النظام.
اذن انت لم تفاجأ برحيل مبارك؟!
بعد خروج جموع ثورة الشباب بهذا الحجم الضخم والهائل.. قلت انه سوف يرحل.
وهل ان قرار رحيله قد تأخر؟!
اعتقد انه قد تأخر في قراره. ذلك لاعتقادي بان معظم ردود افعاله دائما تأتي متأخرة!
(اراد سيادة السفير بعد هذا السؤال ان ينهي هذا الحوار فاخبرته بأن هناك اسئلة اخري كثيرة ولكنني سوف اختصرها فورا ولذلك بادرته بنفس السؤال وقلت له مؤكدا اذن انت لم تفاجأ بقرار تنحي مبارك)؟!
عندئذ اعتدل في جلسته وقال: ان ثورة الشباب وتجمعاتهم يوم 52 يناير.. ثم قرأت ان الاخوان المسلمين سوف يشاركون في هذه المظاهرات فقلت ان هذا الموضوع سيكون خطيرا جدا وليس مجرد مظاهرة فقط!
وهل كنت طوال احداث الثورة داخل مصر أم خارجها؟
كنت بداخل مصر وفي اغلب احداثها كنت في الخارج واتابع هذه الاحداث من وسائل الاعلام.
وهل تحدثت مع احد من اصدقائك عما هو قادم من نتائج هذه الثورة؟!
النتيجة كانت معروفة وهي انهيار النظام. وكما قلت لك لقد توقعت وبعد تزايد زخم هذه الثورة وردود الفعل المتأخرة من جانب النظام السابق.. انها سوف تصل إلي ما وصلت اليه من نتائج.
وهل لو كنت في القاهرة وشاهدت المظاهرات لشباب الثورة هل كنت ستشارك فيها؟!
كان من الممكن ان اذهب لكي التقي بالناس وبالشباب.
وهل كان ذلك مصدره قناعتك الشخصية باقتراب انهيار النظام؟!
لأ مش بس علي قناعة بالانهيار.. بل لقد كنت اري هذا النظام.
(ولم يكمل الاجابة بل انتقل إلي اجابة اخري). شوف دعني احكي لك واقعة وهي انهم حاولوا اقناعي بترشيح نفسي خلال الانتخابات الاخيرة في دمياط، وذلك في حديثي مع شخيات مثل زكريا عزمي والدكتور فتحي سرور. وحتي محافظ دمياط آنذاك. وتصادف انني كنت وقتها في باريس. ولما سألت المحافظ وقتها: وهل ترضي ذلك لي؟! قال: طبعا لا ارضي لك ذلك!!.. فقلت له خلاص. وارجع واقولك مرة اخري الفساد والنفاق.
لو اخذنا نتحدث عن عنصر واحد واسألك.. لماذا نشأ الفساد في عهد مبارك؟! اذا كان لديك معلومات!
انا ليس عندي معلومات خاصة.. ولكن ما كان ينشر عن اغتصاب الاراضي واشياء كثيرة يتم الكشف عنها الآن!
وهل فوجئت بحجم هذا الفساد؟!
طبعا فوجئت جدا.. وخاصة ما ينشر عنه في الصحف كل يوم يمثل مفاجئة.
وماذا ما ينشر عن ثروة مبارك؟!
حتي الآن ما يقال هو مجرد كلام.. فليس هناك شيء ثابت.
لو عدنا للحديث عن سوزان مبارك ونسألك سؤالين احدهما يرتبط بالثقافة والاخر بالانسان؟! فماذا تقول؟
بالنسبة للمجال الثقافي ودورها في المكتبة فهو دور ايجابي.. وساعد في تنمية المكتبة بدون شك. كما اننا لا يجب ان ننسي انها قامت بادوار اخري في اماكن اخري مثل مكتبة الاسرة ومشروع القراءة للجميع.. ولكن لابد وان نتوقف هنا عند تأثير النفاق.
وما مصدر هذا النفاق؟!
والله لا اعرف.. ولكن اقدر اقولك انه مثلا في مكتبة الاسرة وضع صورتها بعد الغلاف هو نوع من النفاق.. ولا استطيع ان اضيف إلي ذلك لانها واسرتها الان في ازمة واخلاقي تمنعني من الحديث عنها وعن اسرة زوجها.
ودعني اقولك ايضا تعالي نترك الحكم للتاريخ.. ولا يجب ان ننسي في هذا السياق الحديث عن دورها الثقافي وما قامت به. وايضا دورها الاجتماعي.. ولكنني اعود واقولك ان المشكلة هي في النفاق الذي يتحول مع الوقت إلي حقيقة.. ولابد ان يلام في ذلك كل من كانوا حولها!
وبعيدا عن السيدة سوزان.. وهل الشخصية التي تقبل مثل هذا النفاق.. تتحمل جزءًا من تبعاته ؟! ام ماذا؟
الشخصية في الحالات العادية تتعود علي هذه الحالة مادام كل من كانوا حولها يقبلون علي ذلك. وضربت لك مثالا من قبل علي وضع صورتها الشخصية في صدر كل اصدار من مكتبة الاسرة وانا شخصيا لم اكن ارتاح لذلك. رغم ما كانت تقدمه مكتبة الاسرة من كتب جيدة.
في كل الاجتماعات التي كنت تحضرها مع مدام سوزان هل كنت تلاحظ اهتمامها اكثر بالثقافة ام بالنواحي الاجتماعية؟!
في كل الاجتماعات كانت متابعة جيدة للمناقشات وكانت تقدم المساعدات وهو بلاشك كان دورا ايجابيا.
وهل فكرت في دعوتها إلي اجتماعات مجلس ادارة مكتبة مبارك بعد انهيار النظام؟!
ازاي يعني.. انها الان تحت الاقامة الجبرية فكيف ادعوها. يخيل إليَّ السؤال غير معقول!!
هل كان يتم دعوتك لمناسبات خاصة مع مبارك وزوجته؟
كان يندر ذلك. واخر هذه المناسبات تكريم الدكتور محمد البرادعي حين حصل علي جائزة نوبل واعود اقولك.. انه بعد اخر مكالمة معي الذي قلت فيها البلد محتاجة هزة.. انقطعت كل الاتصالات وإلي الان.
فيما يخص كتابك الجديد.. متي صدر؟!
قبل ثورة الشباب بعشرة ايام؟!
وهل اشرت فيه إلي كل ما نعاني منه من مشاكل نعتبرها كانت مقدمات للثورة؟!
طبعا تحدثت فيه عن كل ذلك.. بل وكتبت ايضا في معظم مقالاتي عن انهيار البحث العلمي وتسطيح العقول كما قلت في الكتاب أيضا انني اشعر بقلق في الفترة القادمة اضافة الي ذلك فهو جزء من تاريخ مصر لأنني لم أكتب سيرة ذاتية بالمعني التقليدي ولكنني كتبت عن مسيرة الوطن وتاريخ مصر كما رأيته منذ الخمسينيات ومشواري الدبلوماسي كان جزء منه وخصوصا وأهم فصوله الذي اشرت فيه الي ان مشكلة مصر تكمن في غياب الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.