كل العالم وليس أوروبا وحدها تابع بكل الاهتمام سياسيا واقتصاديا الاستفتاء الذي تم اجراؤه بالأمس في الدولة البريطانية حول بقائها أو عدم بقائها عضوا بالاتحاد الاوروبي. لا أحد حتي اللحظة التي اكتب فيها هذه السطور يمكن أن يتنبأ بما سوف يقرره الشعب البريطاني. الذي تعد بلاده ثاني أقوي اقتصاد بين دول هذا الاتحاد الاوروبي الذي تأسس عام 1992 بعد 40 سنة من البحث والدراسة ويضم 28 دولة موزعة في كل اتجاهات القارة العجوز. حول هذه الخطوة التي اضطر رئيس الوزراء كاميرون علي الاقدام عليها رغم تأييده للبقاء عضوا بالاتحاد. سوف تعد فيصلا في تاريخ أعتي الدول الاستعمارية في العالم والتي كانت توزع نفوذها وسطوة امبراطوريتها في كل قارات العالم. كانوا يطلقون عليها استنادا إلي هذا الواقع الاستعماري الامبراطورية التي لا تغرب الشمس عن مستعمراتها في كل قارات العالم. وفقا للدراسات والأبحاث والتحليلات فقد تصاعد الجدل في السنوات الأخيرة في الداخل البريطاني بين المؤيدين والمعارضين لاستمرار عضوية بلدهم بالاتحاد الاوروبي. الشيء المؤكد ان محور الخلاف بين الفريقين استند إلي الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية وليس أي شيء آخر. المعارضون المتساوون في أعدادهم حتي آخر استقصاء مع المؤيدين يرون أن هذه العضوية تكلف البريطانيين نفقات واعباء مالية لا يحصلون علي المقابل لها. انهم يرون أن الدولة البريطانية ونتيجة عمليات الاندماج الاوروبي كانت هدفا لتدفق أعداد هائلة من رعايا الدول الاوروبية خاصة الفقيرة منها للعيش والعمل في بلادهم. من الناحية الاخري فإن المؤيدين للاحتفاظ بالعضوية الاوروبية يلوحون بالعزلة التي ستعاني منها بريطانيا والتداعيات الاقتصادية نتيجة لعملية فك الارتباط الاقتصادي. أشاروا إلي ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيؤدي إلي انخفاض في مستوي المعيشة وهبوط في سعر الاسترليني الذين يعتزون به كعملة وطنية.. وهو الأمر الذي جعلهم يرفضون استبداله في التعامل بعملة «اليورو». المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما متوافقة حول خطورة تأثير هذه المخاوف اقتصاديا وسياسيا. إنهم يحذرون من حالة الكساد الاقتصادي الذي يمكن أن يمتد إلي كل دول العالم. ليس من توصيف للساعات القادمة وحتي اعلان نتيجة هذا الاستفتاء سوي ان العالم سوف يحبس أنفاسه حتي يعرف ما سوف يكون عليه رأي الشعب البريطاني. وكما هو معروف فقد تعرضت هذه الدولة ذات الماضي الأسود في تاريخ الاستعمار الاقتصادي والسياسي في العالم لعدة صدمات في السنوات الأخيرة. تمثل ذلك في نزعة الانفصال والاستقلال التي هددت تفككها وكانت بدايتها ايرلندا الشمالية التي تحولت إلي دولة مستقلة. ورغم ان استفتاء اسكتلندا قد انتهي إلي البقاء ضمن الدولة البريطانية إلا أن ومع ازدياد المطالبين بالانفصال مازال خطرا يؤذن بتقزيم مساحتها.