اكد خبراء الاقتصاد والمالية ان مشروع الموازنة العامة الذي عرضه وزير المالية أول أمس بمجلس الشوري لايبعث علي التفاؤل وقالوا ان الارقام مرعبة حيث تشير الي ان العجز المتوقع يقترب من 200 مليار جنيه والدعم سوف يتخطي 205 مليارات كما ارتفعت اعباء خدمة الدين بشكل مخيف. واشاروا الي ان تقديرات الايرادات الضريبية مبالغ فيها خاصة ان مصلحة الضرائب لم تحقق حتي الان الربط المستهدف في الموازنة الحالية وتساءلوا كيف يمكن تحقيق نمو في الايرادات الضريبية بنسبة 33٪ في ظل الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.. وحذر الخبراء من عدم تطبيق وسائل غير تقليدية للسيطرة علي عجز الموازنة والارتفاع الكبير في الدين العام. في البداية يؤكد الدكتورصلاح جودة المستشار الاقتصادي لمفوضية العلاقات الاوروبية ان ماتم اعلانه من ارقام حول مشروع الموازنة الجديدة يؤكد انه موازنة فقر حيث تخلو من اي ابداع للخروج من المازق الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد وكنا نأمل ان تكون هذه الموازنه مختلفه وخاصه انها تعد "أول موازنه بعد الثوره" وبعد الانتخابات الجديده واختيار رئيس مدني للبلاد .. واشار ان هذة الموازنة لا تختلف عن الموازنة الصادرة من اكثر من 30 عاما.. واكد انه من المفترض وفقا للدستور أن يتم مناقشة الموازنة العامة للدولة قبل العمل بها بمدة 3 أشهر اي يتم تقديم الموازنه العامه للدولة من جانب الحكومه ممثله في وزارة المالية ويتم عرضها علي السلطه التشريعيه المختصة وهي مجلس الشوري حاليا لمناقشتها وإقرارها قبل بدء العمل بها بمدة 3 أشهر أي يكون كل ذلك قد تم في موعد أقصاه 31/3/2013 وهذا لم يحدث وبذلك يكون هناك مخالفة دستورية .. وعن النظرة المبدئية علي "الموازنة العامة للدولة " نجد انها تحمل نفس سمات الموازنة العامة للدولة خلال الثلاثه عقود الماضية وهي موازنات " الاربعة اجزاء" أي ان الانفاقات بالموازنة العامة للدولة عبارة عن نسبة تدور حول كل من للدعم وللاجور ولفوائد القروض و لباقي الانفاقات 25 ٪ ولم نر اي حلول للمشاكل المتوارثة سواء العجز الكبير والدين والدعم. اما د. يمن الحماقي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فتري ان الموازنة الجديدة محزنة جدا وتعكس الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به مصر ، موضحة ان هناك تحديات كثيرة في مشروع موازنة 2013-2014 علي راسها الخلل الكبير بين النفقات والايرادات ، بسبب ارتفاع مخصصات الاجور بشكل مرعب ، نتيجة لتثبيت العمالة المؤقتة ورفع الحد الادني ، مضيفة ان موازنة الاجور قفزت من 95 مليار الي اكثر من 170 مليار اي الضعف، وهذا رقم مخيف ، يمثل ضغطا كبيرا خاصة انه لا يقابله انتاجية اضافية وبالتالي سوف يتسبب في زيادة معدل التضخم.. اما التحدي الثاني فهو يتعلق بارتفاع نفقات الدعم ، علي الرغم من ان هناك جهودا تتم لترشيده .. وقالت ان التحدي الثالث هو الدين العام ، والمتمثل في اذون الخزانة ، والقروض الخارجية وقد تجلت خطورة الدين في ارتفاع اعتمادات الفوائد في مشروع الموازنة بنسبة 31٪ وهي نسبة مخيفة في عام واحد. ويري ياسر محارم امين عام جمعية الضرائب المصرية ان الوضع العام صعب لعدم وجود تنوع في ايرادات الموازنة حيث تمثل الضرائب المورد الرئيسي ، وهذا لا يكفي ، موضحا انه يتعين علي الحكومة ان تستعين بموارد جديدة غير الضرائب مع زيادة الاستثمارات العامة وتطوير مرافق الدولة مثل مرفق السكةا لحديد ليتحول الي مصدر اضافي للايرادات . ويوضح د. محمد جودة - استاذ الاقتصاد - ان هناك التزامات اجتماعية حتمية علي الحكومة علي راسها الاجور والدعم واعباء خدمة الدين مما ادي الي زيادة المصروفات بنسبة تقارب 20٪ مما وضع الحكومة امام امرين كلاهما مر الاول تخفيض الانفاق الحتمي وهو امر شبه مستحيل والثاني زيادة الايرادات خاصة الضريبية وهو ما يمكن ان يواجه بمعارضة شعبية اذا تجاوز الحدود المعقولة . وطالب جودة بإعادة هيكلة الدين العام، وكذا اعادة هيكلة الضرائب ووضع تعديلات تشريعية لرفع كفاءة تحصيلها ،اما عن عجز الموازنة الذي يتوقع ان يصل 9.5 ٪ . ويشير د. احمد ابو النور استاذ الاقتصاديات الحرجة والازمات بالجامعة الامريكية الي ان عجز الموازنة المتوقع في الموازنة الجديدة يمكن تغطيته- رغم استفحاله بشكل واضح - باستغلال الموارد وادارتها بشكل افضل ودمج موازنات قطاعات وهيئات عديدة في المجتمع مثل الهيئات المنظمة لقانون 61 لسنة 63 والتي اصبح متوسط ايرادتها لا يقل عن 350 مليار جنيه سنويا في الموازنة العامة مما يلعب دورا كبيرا في تغطية العجز وتقريب الفارق بين الايرادات والمصروفات . ويقول د. رشاد عبده رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية ان زيادة نسبة العجز بهذا الشكل الملحوظ يرجع الي قلة نسبة الايرادات وهو ما يوضح عدم الاستثمار الصحيح لموارد المجتمع والحل يكمن في استخدام جميع الموارد مثل السياحة و الاستثمار الاجنبي وليس التركيز علي الجمارك والضرائب فقط.