د. نادر فرجانى أثناء حواره مع »الأخبار« الفوضي الحالية مصنوعة ..والبلطجية بقايا النظام السابق من حق الشعب أن يعرف من هو الطرف الثالث ومن يحرضه ويموله حرب الشوارع تستنزف قدرتنا والشعب المصري لن يموت ما يقال عن استئجار قطر للأهرمات خبل إجرامي تاريخيا وقانونيا تريليون جنيه معونات وقروض دخلت مصر خلال 03 عاما وتم نهبها د. نادر فرجاني المفكر الكبير والمؤلف الرئيسي لتقرير التنمية الإنسانية العربية صاحب رؤي تحليلية للواقع والمستقبل من خلال خبرته الواسعة في المجالين الاقتصادي والسياسي.. ولهذا أجرت »الأخبار« حوارا صريحا معه حول أحوال مصر أكد فيه أن المعارك المنفصلة التي تدور في الشوارع يمكن أن تتحول الي حرب أهلية إذا استمرت وهذا لا نتمناه لمصر أبدا، وأن الطرف الثالث الذي يندس في أي تظاهرة ليحولها من سلمية الي دموية لابد من الكشف عمن يحرضهم ويمولهم وأن الفوضي الحالية مصنوعة لتؤكد نظرية الرئيس السابق (أنا أو الفوضي). شدد د. فرجاني علي أن البشر هم ثروة مصر الحقيقية وقوتها الناعمة شرط أن يكونوا أحرارا مبدعين ولكن النظام السابق إهدار هذه الثروة بالفقر والبطالة وإهمال الصحة والتعليم وقال إن حوالي ألف مليار جنيه من المعونات والقروض دخلت مصر في عهد النظام السابق ونهبتها العصابة الحاكمة بالإضافة إلي تريليون و003 مليون جنيه دين داخلي للشعب المصري وأن عجلة الانتاج لن تعود للدوران إلا باستقرار الأمن وإعادة هيكلته..والعديد من الآراء الهامة في الحوار التالي: كان لابد أن أبدأ حواري معه عن المشهد السياسي الذي نحتار فيه ؟ أخطر ما في المشهد السياسي أن يستمر ما نحن فيه من معارك واقتتال في الشوارع ويتطور أكثر لأن هناك فرقا بين أن تكون هناك معارك متباعدة يحدث فيها عنف غير مقبول ينتهي بسقوط الضحايا وبين أن تستمر هذه المعارك وتتحول الي حلقات دموية متصلة وهو ما نخشاه علي مستقبل البلد.وحتي الآن هي معارك منفصلة ولكن الخوف أن تتحول الي سلسلة من المعارك علي مدي فترة زمنية تنتهي باستمرار مئات من المصابين وربما القتلي وهذه بداية حرب أهلية. لماذا يبدو الأمر ملتبسا وغامضا في حرب الشوارع عندما يختلط الحابل بالنابل ولا نعرف من يضرب من ؟ وما الهدف من تلك المعارك ؟ جزء من انهيار الدولة الذي حرصت عليه السلطة الانتقالية بعد الثورة هو ألا نعرف أبدا حقائق الأمور فكل طرف يتنصل ويدعي أن هناك طرفا ثالثا ولم نعرف أبدا ماذا يحدث؟ ومن المسئول ؟ ولماذا لا يعاقب؟ وعندما يعاقب أحد فهو أحد الذيول بينما رؤوس الافاعي تترك لتتحرك بحرية مما يؤدي إلي مواصلة هذه المعارك المنفردة التي إذا استمرت ستتحول الي حرب أهلية. وما تبريرك لما حدث أخيرا في موقعة المقطم ؟ المعلومات غير متاحة بالكامل لكن للأسف أصبحنا نستخدم لغة الحروب وليس من تفسير لهذا في تقديري إلا أن غضب وسخط الفئات غير الراضية علي حكم تيار الاسلام السياسي قد زاد الي حدود تتجاوز قدرة الشرطة وتيار الاسلام السياسي علي ردع المتظاهرين. ألا يوجد للمتظاهرين قيادات توجههم وتستطيع أن تمنعهم من التظاهر في مكان معين أم يتحركون من تلقاء أنفسهم ؟ بعضهم يتحرك من تلقاء نفسه بكل تأكيد لكن هناك آخرين يندسون بينهم وهذا ما عبت علي السلطات الحالية أنها لا تكشف عنه وهو فشل وتقصير في آداء واجبهم..ولكني لا أستطيع ان أجزم بوجود قيادة للمتظاهرين فهي مهمة سلطات التحري والتحقيق ولمنظومة العدالة عن طريق القضاء نحن كشعب نعيش في جهل مطبق لأن الحكومة معتمة ولا تتميز بالشفافية اللازمة في مصارحة الشعب بما يحدث. استنزاف قدراتنا هذه المعارك المتكررة وحروب الشوارع المتتالية كم تستنزف من قدراتنا كشعب يمر بهذه الفترة الحرجة سياسيا واقتصاديا؟ في حال استمرار هذه المعارك فالمسألة ليست قاصرة علي استنزاف قدراتنا لكنها مؤذنة بخراب البلاد اذا تحولت الي حالة من الحرب الأهلية فنحن مقبلون علي خراب لا نتمناه لمصر أبدا. أين ذهبت ثروات مصر حتي نجد خزانتنا فجأة علي وشك الافلاس؟ في عهد النظام السابق دخل مصر ما يزيد علي تريليون جنيه مصري أي حوالي ألف مليار جنيه من المعونات والقروض خلال الثلاثين عاما الماضية.. هذه المليارات نهبت ودخلت في حسابات أجنبية باسم عصابة النظام وليس هذا كل المال الذي أهدر في العقود الثلاثة الأخيرة لأنه بالاضافة للقروض والمعونات فقد اقترضت الحكومة من الشعب المصري المسكين ما يزيد علي هذا المبلغ حوالي تريليون و003 مليون جنيه حتي الآن وهو الدين الداخلي إذن الحكومة السفيهة أهدرت في المتوسط006 مليار جنيه سنويا وغالبية هذه الأموال تم نهبها وتهريبا خارج البلد لحساب العصابة الحاكمة بينما عاني الشعب من البطالة والفقر والظلم الاجتماعي إذن فتوفر الأموال في خزانة مصر ليس المشكلة في ظل حكومة غير رشيدة تؤدي الي انهيار اقتصادي واجتماعي كما شهدنا في نهايات الحكم السابق.. مصر ثروتها الوحيدة والأساسية والتي تحتاج إلي الحكم صاحب الرؤية النهضوية الحقيقية هذه الثروة الحقيقية هي البشر. من الطبيعي أن يكون هذا رأيك كخبير في التنمية الانسانية تقدر قيمة البشر في بناء الاقتصاد؟ ليسوا أي بشر.. انهم البشر الاحرار المبدعون القادرون علي اعادة بناء المجد الذي تميزت به مصر دائما فيما يسمي بالقوة الناعمة في البحث العلمي والابتكار والابداع الادبي والفني ولكن أنظمة الحكم التسلطية الرديئة تقتل هذه الصفات في الشعب المصري لأنها تهدر قدرات الشعب علي الابداع بتقييد الحرية والقهر وتقتلها أكثر بالبطالة والفقر وسوء التعليم والصحة وكل هذه المنظومة التي خبرناها في الثلاثين سنة الماضية وما زالت للأسف مستمرة كما هي حتي الآن. المنطق الخاطيء ربما لأن الفقراء والأميين يسهل خداعهم وتجييشهم وتوجيههم لأي اتجاه؟ منطقهم أن افقار الناس واخضاعهم هوالطريق الذي سيؤدي إلي قهر الحس لديهم وتحويلهم إلي أنعام يسهل قيادهم ولكن هذا منطق خاطيء تاريخيا وثبت بالتجربة الحية القريبة في مصر أن تراكم الفقر والقهر عبر سنوات طويلة يؤدي الي انفجار حتمي وهذا ما حدث في يناير 1102 وسيحدث قريبا اذا لم تنصلح الاحوال. هل تتفق مع من يحذرون من ثورة جياع قادمة قريبا ؟ اعترض علي اصطلاح ثورة جياع ولا أحبه لأني أري أن أي ثورة شعبية هي ثورة مواطنين يريدون احقاق الحق واقامة العدل،المواطن الجائع هو مواطن مظلوم ومن حقه أن يثور من أجل الحرية والعدل والكرامة الانسانية فموجات تالية من الثورة الشعبية قادمة لا محالة لأن الظروف التي قامت من أجلها الموجة الأولي من الثورة الأولي التي لم تتغير بل بالعكس ازداد الفقر سوءا واشتدادا. ألا تعتقد أن مجموعات البلطجية المأجورين الذين يندسون في أي تظاهرة سلمية لتحويلها الي فوضي يسقط فيها المصابون والقتلي هم أحد أسباب فشل التحركات الشعبية فيما بعد الثورة ؟ من أين أتي هؤلاء البلطجية ؟ إنهم من بقايا النظام السابق وكانوا يعدونهم ضمن خطة منسقة قام عليها وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بأوامر من الرئيس السابق حتي تكون هناك قوة من الخارجين علي القانون تستطيع الداخلية توظيفها لصناعة الفوضي التي كان الرئيس السابق يقول دائما يقول: (إما أنا أو الفوضي) فكانت الفوضي مصنوعة وأعتقد أن هذه الكتائب الخارجة علي القانون والاجرامية في الأصل كانت تستخدم لتحقيق أغراضهم ولم يخرج علينا أي مسئول في الأمن أو القضاء ليقول لنا من هؤلاء وأين هم ؟ والمسألة ليست الامساك بهم ولكن من يحركهم..وفي النهاية عندما أمسك ببعضهم وصدرت عليهم أحكام بالاعدام في مجزرة بورسعيد إذا هم من حطام المواطنين ولكن أحدا لم يشر الي المحرضين وكيف تستطيع عصابات خارجة علي القانون أن تتحكم في الشارع ويحركها كبار الأثرياء من بقايا النظام السابق لابمجرد الانفاق عليهم ولكن الأهم بالتحريض علي الأفعال الاجرامية..إذن هناك جسم اجرامي ضخم يتحرك في المجتمع المصري من ذيول الأفاعي الفقيرة التي ربما ترتزق في ظل الضنك والفقر من هذه الافعال الاجرامية ولكن من ينفق عليها ويحركها هي رؤوس أفاعي تنتمي الي السلطة الساقطة. في ظل هذه الظروف غير المهيأة كيف يمكن أن نبدأ التنمية التي تنقذ اقتصادنا من عثراته بعد انخفاض تصنيفنا الدولي وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي ؟ الأهم من التصنيف الدولي هو احساس المواطن بالانتماء الي هذا البلد الذي يكاد ينقرض وهذا أمر طبيعي لأن العذاب الذي يتعرض له المواطن العادي الذي لا ينتمي الي الأثرياء أو الاقوياء في السلطة يشعر أن هذه ليست بلده وليس له مستقبل فيها.. فالاجابة بحزم شديد لن ينصلح حال البلد وينعكس هذا علي التصنيف الدولي- الذي لا أهتم به كثيرا- إلا بقيام الموجة التالية من الثورة الشعبية لتحقيق أهداف الموجة الأولي. مؤسسات الدولة كل التصريحات الحكومية تؤكد علي ضرورة استكمال مؤسسات الدولة قبل البداية في أي اصلاحات داخلية؟ هذه كلمة حق يراد بها باطل فلابد من استكمال مؤسسات الدولة بشرط أن تأتي علي أساس دستور عليه توافق مجتمعي وعلي أساس انتخابات نزيهة وحرة وهذا لم يحدث في مصر حتي الآن، مأساة النظام السابق الذي قامت الثورة لاسقاطه قبل قيام الثورة بشهور قليلة أنه كان قد حصل علي أعلي أغلبية في انتخابات مجلس الشعب و(من لا يتعلم دروس التاريخ محكوم عليه بتكرار مآسيه ) هذا الوضع الراهن يمكن أن يذيق الشعب عذابات مخاض طويل خاصة اذا انتقلت المعارك الي سلسلة متصلة من الاحتراب الأهلي. لو كف الشعب عن التظاهرات والاحتجاجات هل ستعود عجلة الانتاج للدوران من جديد ؟ الناس يحتاجون حرية وكرامة قبل اي شيء..عجلة انتاجهم لا تعني الفظاظة وانتهاك اكثر للحقوق والحريات وإفساد حتي بعض من كانوا أفضل الناس في هذه البلد.. رجال كنا نعتبرهم نماذج عليا في المباديء ولكن غيرتهم المناصب! الشعب الذي لا يتظاهر شعب ميت والشعب المصري ليس ميتا ولن يموت ومن يقرأ دروس التاريخ لعرف طبيعة هذا الشعب ففي تاريخنا درس مهم في عامي 4081 و5081هذا الشعب الذي يبدو مسالما ووديعا ومستكينا قضي علي اثنين من اكبر القوي فبعد القضاء علي الحملة الفرنسية ونابليون بونابرت وحكم مصر تحالف بين المماليك ثم الاتراك التابعين للسلطنة العثمانية ثار المصريون علي الوالي المملوكي عثمان بك البرديسي عام 4081 ومن المثير أن نعرف ان البرديسي كان يطبق نفس سياسة الحكم الساقط بالتكالب علي جمع المال الي درجة الجباية الجائرة من الشعب والاقتراض والاستدانة فعندما وصل الي حالة من الافلاس المالي فكر في أكبر وأقسي ضريبة يمكن أن يفرضها وهي ضريبة عقارية علي البيوت ففرضها علي كل مالك ومستأجر فثار الناس عليه وانتهي الأمر بعزله وانهاء حكم المماليك كلية في 5081 وجاء والي تركي وثار عليه الشعب وخلعه وتولي محمد علي الذي اختاره العلماء والتجار في مصر..هذا الشعب تمكن من القضاء علي حكم المماليك الاستبدادي الباطش بسبب الجباية الجائرة وهي نفس الضريبة العقارية التي لجأ اليها مبارك في نهاية حكمه التي اخترعها يوسف بطرس غالي والآن يقترحون البديل الاسلامي وهو الصكوك فمنطق الوالي المملوكي هو نفس منطق النظام السابق التي ترهن وتبيع ممتلكات الشعب دون وجه حق. السياحة والأمن السياحة من أهم مصادر النقد الأجنبي..كيف تري وضعها الآن ؟ السياحة قتلت في مصر ولأسباب متعددة وكلها تعود للسلطة الحاكمة وللتيار السياسي الذي أتت منه..الأمن انعدم تماما في مصر وللأسف عاد الأمن الآن ليكون أمن السلطة بدلا من أن يكون أمن الوطن والمواطن وهذه جريرة وزير الداخلية الجديد والدليل علي هذا هو تفشي الجرائم التي ما كانت لتحدث في ظل أجهزة أمن هدفها وعقيدتها ليست خدمة الوطن والمواطن دعيني أذكر لك جرائم اختطاف السائحين مما يؤدي الي قتل السياحة والاعتداءات الآثمة والغاشمة علي المواقع الأثرية مثل دهشور والاعتداء علي نهر النيل فهناك مساحات ضخمة تقتطع من نهر النيل وخطط عصابات اجرامية بينما أجهزة الأمن مهتمة فقط بالأمن السياسي أو أمن الدولة كما كانت وهذا هو المثال الأوضح إن ما يعتبرونه البقرة الحلوب لموارد النقد الأجنبي مقتولة لغياب الأمن لفشل السلطة الراهنة في إعادة بنائه وتطهير قطاع الأمن بشقيه المدني والعسكري. بالنسبة لقناة السويس وهي أيضا أحد المصادر الأساسية للنقد الأجنبي هناك شائعات عن مشروع تنمية القناة وعن بيع حق استغلال المنطقة لمستثمرين قطريين كيف تري هذا الأمر كخبير في التنمية الانسانية العربية ؟ هذا تعبير آخر عن فشل الحكومة الحالية لأنها بعد أن وعدت المواطنين بالرخاء وانتخبت علي أساس هذا الوعد الذي اتضح أنه كان مجرد خدعة فقالوا إن لديهم مشروع نهضة سينقل البلاد في فترة قصيرة الي مصاف الدول المتقدمة وربما الي الدول الأهم في العالم اتضح ان كل هذا وهم انتخابي لا اساس له من الصحة هذه الأوهام اكتشفها المواطن المصري ولا استبعد أن الغضب الشديد والسخط المتزايد علي السلطة الراهنة وسط جموع الشعب له علاقة بانهيار هذا الوهم وهذا يناقض اي فكرة علمية رصينة عن مشروع نهضة مصر ليس لدي الحكومة مانع من بيع أو رهن أو تأجير أي أصل من أصول مصر وهذا ليس من حقهم ولا من حق أي من الأجيال الراهنة من الشعب لأن هذه الأصول ملك للشعب بأجياله الحالية والمستقبلية فمن يرهن أو يبيع أصلا الآن أيا كان هذا الأصل المملوك للشعب فهو في الواقع يجور ليس فقط علي حق الأجيال الحالية ولكنه يجور علي حق الأجيال القادمة الإجراء الوحيد المسموح لسلطة منتخبة من الشعب هو حسن إدارة الأصول لتحقيق الصالح العام للوطن والمواطن أما البيع أو الرهن فهذه أمور لا تليق ولا تصح وفي رأيي أنها مجرمة قانونا. هل سمعت عن شائعات عرض دولة عربية لاستئجار الأهرام والمعابد الفرعونية؟ كل هذا خبل إجرامي من المنظور التاريخي والقانوني ولن يحدث لأن من يعتبرونه المنقذ وهي قطر لن تستثمر في نظام حكم ديموقراطي حقيقي في مصر وبالطبع لن تستثمر في ظل الأمن الغائب الذي يقضي علي فرص السياحة والاستثمار وفرص قيام المشروعات والدليل علي هذا هو التفشي الكبير لشركات الحراسة الخاصة التي لوكان هناك أمن في البلد لما قامت تلك الشركات وتزايدت بهذه المعدلات السريعة وهي ليست منفصلة عن النظام بمجمله لأن من يدير شركات الحراسة معظمهم لواءات شرطة أو جيش سابقون اذن هناك سلطة تقول لنا إن من يحصل علي هذه الخدمة من يستطيع أن يدفع ويستحسن أن يقوم علي هذه الخدمات بعض رجالهم كمستثمرين رأسماليين ليربحوا منها اذن فهي سلطة فككت الدولة في جميع مناحيها وتركت الشعب ليدفع ثمن الخدمات التي يحصل عليها أو يحرم منها الفقراء. الصكوك والقروض وماذا عن الصكوك .. هل يمكن أن تساعد في إقالة اقتصادنا من عثرته ؟ الصكوك خدعة أخري تقترب من النكتة السخيفة.. هذا المشروع سوق لنا في البداية علي أنه إسلامي ولكن ارتد المشروع عن اسلاميته وأصبح قائما في جوهره علي بيع لأصول مصرية لا تمتلكها أي حكومة وليس من حقها شرعا ولا قانونا ولا تاريخا أن تتصرف فيها وهي موكلة فقط من الشعب بحسن إدارتها لضمان المصلحة العامة . إذن هل مشروع الصكوك يعني كم يشيع البعض رهن جزء من ممتلكات الشعب لطرف مصري أو عربي أو أجنبي؟ هي ممتلكات الشعب بأجياله الحالية والمستقبلية ومن يرهنها بهدف جمع المال وانفاقه انفاقا ترفيا وغير رشيد فهذا أشبه بالوارث السفيه الذي يضيع ما ورثه ويقترض فوقه لكي ينفقه ببذخ واسراف. وماذا عن قرض صندوق النقد الدولي المتعثر منذ شهور والذي تأمل الحكومة في الحصول عليه لإصلاح الموازنة العامة وكشهادة لمصر أمام العالم بأن اقتصادها في سبيله للتعافي؟ هذه أيضا أحلام لن تتحقق ما بقي الوضع السياسي والانفلات الأمني في مصر لأن كل الأطراف التي يمكن أن تقرض أو تعطي معونات لهذا النظام الآن يمكن أن تتراجع لأنها تري أننا غير قادرين علي تحقيق ما وعدنا به. كنت المسئول الرئيسي لتقرير التنمية الانسانية العربية لعدة سنوات.. من خلال خبرتك في مجال التنمية الاقتصادية كيف تري الخطوات التي يمكن أن تخرجنا من محنتنا الاقتصادية الراهنة؟ لابد أولا من تحول ديموقراطي سليم وليست صورة زائفة ويقوم علي تصحيح الوضع المغلوط في مشروع الدستور حتي وإن تم الاستفتاء عليه شعبيا ولكنه لايحظي باتفاق شعبي ومجتمعي كاملا يضمن له الاستمرار ويجب أن نأخذ العبرة من التاريخ فالملك فؤاد والانجليز ألغوا دستور 3291 والشعب أعاده عام 5291 فاختطاف دستور لا يرضي عنه الشعب وإذا لم يكن عليه توافق مجتمعي يجب ألا يسعد أحدا علي الاطلاق وهناك سوابق في التاريخ المصري فالتحول الديموقراطي السليم معناه دستور يصلح عيوب الدستور القائم حيث يحظي بتوافق مجتمعي كامل وشامل واعادة بناء منظمات الحكم علي أسس ديموقراطية سليمة وهذا يعني انتخابات شفافة لا يستخدم فيها رأس المال السياسي لمصلحة قوي سياسية معينة بدون أي ضغوط أو تدليس علي الناخبين ولا يكون هناك أي تلاعب في العملية الانتخابية بدءا من طبع البطاقات الانتخابية الي الاشراف داخل الدوائر أو التأثير علي رأي الناخبين بأي شكل، الجانب الآخر المهم جدا هو اصلاح منظومة الأمن والقرار بمعني التطهير وليس مجرد إعادة الهيكلة لأنه يعني الابقاء علي الشيء مع تغييرات طفيفة وانما أعني تطهير منظومة الأمن بشقيها المدني والعسكري وإعادة بنائها بحيث تكون في العقيدة والاداء مخصصة لهدف وحيد هو أمن الوطن والمواطنين وليس أمن السلطة،حتي ينصلح الحال في مصر ويحصلون علي المنح والقروض وان كنت اشك انها ستحدث نهضة حقيقية في مصر ولابد أيضا من تطهير واصلاح منظومة القضاء لكي يستقر أمر العدالة بشقيها الأمني والقضائي.