يعتقد رجل الإخوان خيرت الشاطر انه يحتكر الذكاء، وأنه ملك الدهاء.ويرسم الإخوان خططهم فى سرية تامة كأنهم يعيشون فى الدنيا وحدهم.. ولذلك يصاب الإخوان بالارتباك والصدمة عندما يهتك ستار خططهم السرية أو يكشف البعض لعبتهم أو بالأحرى حيلهم لتحقيق أهدافهم.. وتتضاعف صدمة الإخوان وغضبهم حين يباغتون بأن هناك من رصد حيلهم من اللحظة الأولى ومن عرى خططهم وهى لا تزال تتولد وقبل اكتمال الخطة..ولذلك ثار الشاطر وجماعته عندما كشفت الفجر مبكرا جدا خطتهم لرهن قناة السويس للشقيقة المقربة قطر.. فمنذ أكثر من عام التقط زميلى محمد الباز رحلة لخيرت الشاطر لقطر وانه ناقش مشروعًا قطريًا بتطوير مشروعات مناطق حرة على جانبى قناة السويس بامتياز 99 عاما.. وأن قطر ستشرك شركات عالمية معها فى المشروع العملاق.. نفى الشاطر وسخرت جماعته من الفكرة وسمعنا كلامًا من نوع (الحديث عن رهن القناة تخريف) (مفيش حد عاقل أو حتى مجنون يصدق الكلام الفارغ ده) بعد ذلك بأشهر كتبت أن الطريق لرهن قناة السويس سيمر عبر مشروع قانون الصكوك الاسلامية.. وكان القيادى الإخوانى حسن مالك قد بدأ الترويج لمشروعات تطوير جانبى قناة السويس فى جمعيته ابدأ.. وفضحنا مرة اخرى ان الحكومة الإخوانية سترهن قناة السويس بطرح مشروعات التطوير فى شكل صكوك اسلامية.
لمن لا يعرف فإن التمويل بنظام الصكوك الاسلامية يقوم على رهن الأصل.. فحين تطرح مشروعات لتطوير قناة السويس بنظام الصكوك فأنت تقوم برهن الأصل وهو قناة السويس لكل ملاك الصكوك. الرهن يتم بأكثر من شكل أو طريقة حسب نظام الصكوك.ولكن كل طرق الصكوك.. تؤدى الى تعريض الاصل للضياع فى حالة تعثر المشروع.. فكل صاحب صك له حصة فى قناة السويس على الشيوع..مرت الأشهر واضطر الإخوان للكشف عن قانون الصكوك والدفع به الى مجمع البحوث الإسلامية.. تمهيدا لإقراره.وانكشف المستور. قامت الدنيا ولم تقعد مجمع البحوث أكد ما كتبته الفجر وكررته المرة تلو الأخرى. القانون يهدد بضياع اصول الدولة.. وقوى سياسية وخبراء اقتصاد يصرخون ان القانون يؤدى إلى ضياع الأصول.
الآن نحن لا نكتب احتفالا بانفرادنا، ولكننا نواصل كشف النقاب عن كوارث الصكوك الاسلامية، ونفضح الأوهام التى يروجها الإخوان حول الصكوك الاسلامية، وكأنها المنقذ لأزمة الاقتصاد. حين تنتهى من قراءة هذا الموضوع ستكتشف أننا أمام الكفر بكل أنواعة السياسى والاقتصادى والاجتماعى.
ضياع أموالك بما يخالف شرع الله
يتحدث الإخوان كثيرا عن الصكوك الإسلامية، يفتون كثيرا، ويروج للصكوك فى الفضائيات وعلى صفحات الجرائد. من اللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة روج الدكتور محمد جودة وزملاؤه للصكوك. واستضاف الاخوان فى مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى خبراء للصكوك الاسلامية. وفى كل هذه الحالات يتحدثون فقط عن حالة الربح. فالربح قليل مقارنة بفوائد البنوك ولكنه حلال. ولكن لا أحد منهم يتحدث عن الجانب المظلم فى الصكوك الاسلامية. لا احد يجرؤ على الاقتراب من حالة الخسارة.
فالمشروع اى مشروع قد يخسر وقد يربح. وفى حالة البنوك التجارية أو العادية فإن نظام العمل بها يضمن للبنوك ان تحمل خسارة بعض المشروعات على ارباح مشروعات اخرى. ويؤدى هذا النظام الى تقليل مخاطر ان يخسر المواطنون ودائعهم. ويمتاز النظام المصرفى فى مصر بضمان البنك المركزى لكل الودائع فى جميع البنوك العاملة على أرض مصر. فى مصر لا يسمح بضياع أموال المودعين. وقد أظهر النظام المصرفى المصرى قوة وصلابة فى هذه الضمانة. فافلس بنك تجارى فى العالم كله وخسر المودعون أموالهم. وتدخل البنك المركزى وضمن ودائع المصريين فى فرع البنك فى مصر. وحقق احد البنوك المشتركة خسائر فادحة فتدخل المركزى وحمى ودائع المصريين التى كونوها بشقى العمر وفى الغالب غربة احلى سنوات الشباب.
ترجع ضمانة البنك المركزى لودائع البنوك ليس للعمل الربوى كما يروج تجار الصكوك الاسلامية، ولكن لان البنك المركزى المصرى يبدى صرامة بالغة مع البنوك فيما يتعلق بنظام المخصصات. فكل بنك ملزم بتجنيب حصة من أرباحه للقروض المشكوك فى تحصيلها. ورقابة الجهاز المصرفى على البنوك فى هذه النقطة تعد من اقوى انظمة الرقابة المصرفية. ولذلك عندما يتعرض احد المشروعات الممولة من بنك للخسارة لا يخسر المودعون أموالهم.
وهذا النظام هو العدل بعينه، فالمودع لا يملك خبرة كافية لاختيار المشروع الذى يستثمر فيه أمواله، ولكنه يملك فقط الخبرة لاختيار البنك. أما نظام الصكوك فهو نظام مشاركة، أقرب نموذج له هو شركات توظيف الأموال التى عرفتها مصر فى الثمانينيات من القرن الماضى. فالمودع يتحول الى شريك فى الربح وفى الخسارة معا.
دور البنك المركزى فى حالة الصكوك الاسلامية هو مجرد رقيب على تنفيذ العقد المبرم بين اصحاب الصكوك وبين البنك أو بالاحرى الشركة التى سيتم تأسيسها للمشروع فقط، وإذا نحج المشروع فقد ربح أصحاب الصكوك، أما اذا خسر المشروع فان كل صاحب صك يخسر من أصل ماله بمقدار خسارة المشروع.
ومن الاوهام التى يروجها تجار وانصار الصكوك الإسلامية ان هذه الصكوك لا تعرف الخسارة، وانها مباركة ومضمونة اقتصاديًا. ولان بعض الدول والجماعات تبنت نشر ما يعرف بالصيرفة الاسلامية والترويج لها، وتضخيم نجاحتها. فقد تمت التغطية على حالات الخسارة التى لحقت ببعض المشروعات الممولة بنظام الصكوك الاسلامية. وكانت التغطية على حالات الخسارة تتم عبر اكثر من طريقة. عدم النشر فى وسائل الاعلام أو بالاحرى عدم التركيز على حالات الخسارة. ولكن الصحف الاقتصادية الاجنبية تتابع هذه الاخبار بدقة. بعض المشروعات الممولة بالصكوك لكبرى الشركات فى الإمارات تعرضت للخسارة المالية. وكانت ابرز الخسائر خلال الازمة المالية العالمية فى عام 2008. وكانت هذه المشروعات عقارية ومن النوع الفاخر جدا. وقد تدخلت الصناديق السيادية لمساندة الشركات. وعدم اعلان فشل الشركات أو بالاحرى افلاسها. وقد ادى هذا التدخل الى حفظ أموال اصحاب الصكوك فى هذه المشروعات العقارية.
ولكن الازمة تكررت بصورة أسوأ فى مشروع للطاقة بالسعودية ممول بنظام الصكوك. فقد لحق الخسارة بالمشروع وهدد الانتظار بخسائر أكبر، ولذلك كان القرار أو بالاحرى الحل هو توزيع نسبة 56% من قيمة الصك على اصحاب الصكوك. أو إعادة جدولة الصكوك لمدة عشر سنوات اخرى. لاتعرف البنوك العادية أو النظام المصرفى هذه الخيارات الصعبة. إما أن تحصل على نص أموالك أو تنتظر عشر سنوات اخرى.
ولذلك فإن من حق المواطن المصرى أن يعرف قبل أن يقدم على شراء صك أنه قد يخسر أمواله أو بعضًا منها. او يضطر لانتظار سنوات اخرى للحصول على أموالهم. ومن حق المواطن المصرى ألا يواجه هذه الصكوك الا وهو يعرف ان البنك المركزى لم ولن يضمن أمواله أو استثماراته فى هذه الصكوك. وانه سيكون ضامنا فقط لتنفيذ الاتفاق. وعلى تجار وانصار الصكوك ان يوضحوا مصير أموال الناس. وان يقولوا لهم إن أموالهم قد تضيع بمالا يخالف شرع الله.
■ من الأوهام التى يروجها تجار وأنصار الصكوك الإسلامية ان هذه الصكوك لا تعرف الخسارة وأنها مباركة ومضمونة اقتصاديًا
غسيل الأموال على طريقة مكتب الإرشاد
تجاهل مخاطر الصكوك الإسلامية كان ولا يزال سمة الإخوان فى التعامل أو بالأحرى الترويج للصكوك الإسلامية. وفى هذه القضية انضمت معظم القوى السلفية للإخوان فى الترويج للصكوك. وثمة أسباب سياسية تاريخية وراء هذا الموقف السلفى من الصكوك الإسلامية. بالطبع هناك أسباب ودوافع دينية وراء الانبهار بالصكوك. ولكن هذا الإيمان والانبهار لاينفى وجود دواع أخرى. فكل البنوك العادية تشترط الكشف عن مصدر الأموال أو الودائع، وذلك تحقيقا لقواعد قانون غسيل الأموال فى مصر. لا يستطيع أى مواطن فى مصر أن يأخذ شنطة بها مليون جنيه أو حتى ربع أرنب أو ربع مليون جنيه. فيجب أن يثبت مصدر حصوله على الأموال أو تكون هذه الأموال محولة من بنك آخر. سواء كان هذا البنك مصريًا أو أجنبيًا.
وقد شكلت هذه القاعدة معضلة أمام بعض الأموال السياسية. سواء الأموال القادمة من الخارج فى شكل منح أو تبرعات من افراد. أو تلك الأموال التى تبرع بها مواطنون مصريون من أموال أو الصدقات.
بالإضافة لهذه الوسائل السياسية فإن بعض السلفيين حققوا ثروات من الاقتصاد الخفى أو السرى. وذلك من خلال مشروعات تجارية غير مسجلة فى أوراق الضرائب أو الجهات الحكومية. خاصة أن بعض القوى السلفية كانت تسيطر على الأنشطة الاقتصادية فى المناطق العشوائية. وهذه المناطق لا تخضع إلى رقابة حكومية أو تدخل فى إطار الاقتصاد غير الرسمى. ومن الإنصاف القول بأن انتماء هذه المشروعات للاقتصاد غير الرسمى لا يعنى أنها تشمل تجارة مخدرات. فهذه قضية أخرى. ولكن المعضلة أن كل الحالات السابقة لتكوين ثروات بعض كبار السلفيين لا يمكن أن تدخل البنوك المصرية، بما فى ذلك البنوك الإسلامية العاملة فى مصر مثل بنك فيصل أو الفروع الإسلامية للبنوك العادية. وتبرر تلك القضية عدم تحمس الكثير من السلفيين والإخوان للتعامل مع البنوك الإسلامية فى مصر. سواء كانت بنوكاً إسلامية خالصة أم خدمات الصيرفة الإسلامية التى تقدمها بعض البنوك العاملة فى مصر.
وما ينطبق على البنوك ينطبق أيضا على البورصة فى مصر. فأموال سوق المال المصرى تخضع أيضا لقواعد محاربة غسيل الأموال. ولذلك لا يستطيع مواطن شراء أسهم بمليون جنيه مثلا دون أن يفصح عن مصدر المال المستخدم فى شراء الأسهم. ولذلك فإن الصكوك الإسلامية تعد حلا مناسبا لبعض الأموال فى مصر. أو بالأحرى لادماج هذه الأموال فى الاقتصاد الرسمى. وتقدر هذه الأموال بعدة مليارات من الجنيهات.
ومن ضمن القصص المثيرة والكاشفة والصادمة بعد الثورة. قصة بعض قيادات السلفيين الذين ذهبوا لقيادة مصرفية بارزة وطلبوا إنشاء بنك إسلامى يكون رأسماله مليار جنيه. وكنوع من تأكيد جدية الطلب قالوا للقيادة المصرفية إنهم مستعدون لتقديم المليار جنيه على الفور كرأسمال مدفوع للبنك الإسلامى. وحين سألهم الرجل عن البنك الذى سيقوم بتحويل المليار جنيه، فأسقط فى يديهم.
ولم يكرروا مرة أخرى حكاية البنك الإسلامى. هذه القصة تكشف أن الأموال السياسية الساخنة جدا ستلعب دورا مهمًا فى مسلسل الصكوك الإسلامية.
ولذلك يمكن تفهم تجاهل التركيز على ضرورة إخضاع الصكوك الإسلامية لقواعد مكافحة غسيل الأموال. وذلك سواء فى مناقشات مشروع القانون أو الترويج للفكرة. بدون اشتراط واضح صريح ومباشر بضرورة الكشف عن مصدر أموال الصكوك عند مستوى معين من شراء الصكوك فنحن سندخل الاقتصاد المصرى فى ورطة أو بالأحرى كارثة جديدة. وعلى مستويات متعددة. فهناك المخاوف التقليدية من استخدام أموال المخدرات أو الرشاوى فى الصكوك لغسلها وادماجها فى الاقتصاد الرسمى. ولكن هناك ما هو أخطر على الأمن القومى. فبدون اخضاع الصكوك لقواعد وقانون مكافحة غسيل الأموال. فقد تسلل أموال سياسية مصرية أو عربية أو حتى إسرائيلية لمشروعات الدولة الممولة من خلال الصكوك.
ولا يجب أن نغمض أعيننا عن هذه المخاطر على الامن القومى والاقتصاد المصرى لمجرد أن الإخوان ومكتب الإرشاد أو السلفيين يرغبون فى رهن أصول مصر بالصكوك الإسلامية وكمان بدون الكشف عن مصدر الأموال التى سيتم بها تمويل أو شراء الصكوك. لا يجب أن ننخدع أو نقع تحت تأثير أن الصكوك الإسلامية هى العصا السحرية التى ستنقذ مصر. أو أنها مصر ستصبح هبة الصكوك بدلا من أن تكون هبة النيل.
■ ثروات بعض كبار السلفيين لا يمكن أن تدخل البنوك المصرية بما فى ذلك البنوك الإسلامية العاملة فى مصر مثل بنك فيصل أو الفروع الإسلامية للبنوك العادية
أوهام الصكوك الإسلامية من ماليزيا للسودان
يتعامل الإخوان فى الترويج للصكوك على الطريقة الشهيرة (لا تقربوا الصلاة). معظم المعلومات التى يتم الترويج لها إما ناقصة أو قاصرة. ويفضل الإخوان وخبراؤهم عدم تحليل الارقام أو الحقائق. من اهم وسائل الترويج للصكوك الإسلامية انها حققت مائة أو مائتى مليار دولار فى السوق العالمى، وبالطبع فإن هذه المعلومات صحيحة، ولا اشكك فيها، ولكن الإخوان لا يقولون لنا أو بالاحرى للمواطنين إن حجم السوق المصرفى العادى على مستوى العالم. لايقولون للمواطنين إن حجم الصيرفة الإسلامية على مستوى العالم حتى الآن لم يتجاوز حتى ال10%. وبحسب آخر احصاء دولى (وعلى الرغم من تزايد نمو الصيرفة الإسلامية) بلغت نسبة الصيرفة الإسلامية 5% فقط من السوق المصرفى العالمى.
من وسائل الترويج للصكوك، قصة ماليزيا مع الصكوك. ماليزيا الآن هى اكبر واهم مركز للصكوك الإسلامية. ولكن لا يكشف الإخوان أن ماليزيا قدمت تسهيلات ضريبية وجمركية لاستقطاب أموال الصكوك الإسلامية. فهناك إعفاءات ضريبية عن عوائد الصكوك، كما أن السلع التى يتم استيرادها من خلال تمويل الصكوك تعفى من الجمارك. فنمو الصكوك الإسلامية فى ماليزيا كان مخططا ومدفوعا بخطة حكومية.
ولكن هذه الخطة أو بالاحرى الدعم للصكوك لا ينفى انها لها سوق رائجة. واذا كان من دواعى الانصاف والموضوعية ألا ننسى هذا الرواج، فإن من دواعى الأمن القومى ألا نتجاهل أن مهاتير محمد مؤسس ماليزيا الحديثة قد مهد لنمو الصكوك بدولة حديثة واقتصاد قوى ومتنوع ومتين. فالصكوك لوحدها لاتبنى مجدا ولا تصنع اقتصادا. ولكن العكس هو الصحيح فالاقتصاد القوى هو الذى يؤدى إلى انتشار أى نوع من التمويل سواء كان تمويلاً إسلاميًا أو يهوديًا أو حتى بلا دين. وهذه النقطة تحديدا هى اهم مدخل فى نقد الاوهام الإخوانية فى قضية الصكوك. فإذا كانت الدولة أى دولة لا تملك رؤية أو خطة اقتصادية، وتعانى من الجهل بقواعد الاقتصاد، فهذه الدولة لم ينقذها لا صكوك إسلامية، ولا غيرها من التمويل. لأن الصكوك الإسلامية لم تنحج أو حتى تتواجد فى دول تعانى أزمات اقتصادية حادة أو صراعات سياسية مزمنة. يتجاهل تجار الصكوك والتراسها أن حقيقة جغرافية وتاريخية فى تطور الصكوك الإسلامية. فخريطة نمو الصكوك تشكف انها تذهب إلى دول مستقرة وغنية فالدول التى حققت فيها الصكوك انتشارا ونموا كانت ماليزيا والامارات وقطر والسعودية وتركيا، ولم تكن أى من هذه الدول تمر بأزمة عنيفة وانقذتها الصكوك. لم يحظ السودان رغم النظام الإسلامى به سوى بمشروع واحد من المشروعات الممولة بالصكوك الإسلامية ولم يستمر هذا المشروع. وبالطبع لم تنعم الصومال قبل الحرب الأهلية بجنة الصكوك الإسلامية. ولكن الدول الغنية المستقرة عرفت بكثرة مشروعات التمويل الإسلامى.
الحقيقة الثانية التى يتجاهلها الإخوان وتجار الصكوك المشروعات الممولة بالصكوك فى منطقة الخليج هى مشروعات عقارية ومشروعات غاز طبيعى ومنتجات بترولية فى معظمها. فى كل انحاء العالم تتجه الصكوك الإسلامية إلى مشروعات استثمارية بطبيعة الحال، وتدر عائدا ولو كان أقل من عائد البنوك. فقد كانت التجارة فى الحبوب والدقيق والمعادن من أكثر أنواع النشاط التى اجتذبت الصكوك الإسلامية فى بنوك العالم. وكل هذه المشروعات من النوع الرابح، ولذلك فإن من أكبر أوهام الإخوان أن الصكوك الإسلامية ستحل أزمة تمويل الطرق والمستشفيات والمدارس وبقية مشروعات البنية الأساسية فى مصر. فهذا النوع من المشروعات هو مسئولية الحكومات وليس الشركات. وقد حاول وزير المالية السابق يوسف بطرس غالى من قبل فى قانون (مشاركة القطاع الخاص والحكومة) بى أو تى انشاء مشروعات من هذا النوع بالمشاركة مع القطاع الخاص وفشلت الفكرة. فدبى وقطر وأبوظبى اجتذبت تمويل الصكوك الإسلامية لانها تلعب فى مشروعات استثمارية عقارية ومشروعات بترول ومدن ملاهى وتطوير مطارات. وأسعار الخدمات فى هذه الدول نار، ولكنك لم تسمع عن مشروع تمويل بالصكوك لبناء مدرسة عامة أو مستشفى حكومى أو طريق يربط بين قرية نائية وعاصمة المحافظة فى صعيد مصر.
ولذلك فإن الإخوان يغامرون مرة ثانية وعاشرة بمستقبل مصر واقتصادها لأن الرهان على الصكوك الإسلامية أشبه بالرهان على مشروع النهضة الإخوانى ومثلما اكتشفنا أن طائر النهضة لا يلد ولا يبيض. فإننا لن نرى مشروعات التمويل الإسلامى فى قرى ونجوع مصر، ولكنها سنراها فى المشروعات العقارية والسياحية والأخطر أنها سنراها تهرول لتطوير قناة السويس أو على بلاطة لرهن قناة السويس.
■ لم يحظ السودان رغم النظام الإسلامى به سوى بمشروع واحد من المشروعات الممولة بالصكوك الإسلامية ولم يستمر هذا المشروع