نعم تأخرت مصر كثيرا في الأخذ بقانون الصكوك الاسلامية, لكن بشرط أن يتوافق مع الشريعة الاسلامية.هكذا يقول المؤيدون للقانون الذي أثار جدلا واسعا ومثيرا داخل مؤسسات عديدة في الدولة من بينها مؤسسة الأزهر التي تصاعدت لديها المخاوف بأن تتعرض أصول مصر للبيع.. واحتدمت النقاشات داخل اللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة, لكنه وبعد دراسة مدققة لصحيح قانون الصكوك وليس هذا المنقوص والمعيب والذي تقدمت به وزارة المالية وشابه عوار كبير, خرج بعض خبراء التمويل الاسلامي ليؤكدوا أن الصكوك الاسلامية هي مشروع الخروج الآمن لمصر من أزمتها الاقتصادية الراهنة. للوقوف علي المزيد من التفاصيل فيما يتعلق بموضوع الصكوك الاسلامية وما تحمله من ايجابيات وسلبيات كان الحوار مع الدكتور عبد الاله المالكي رئيس مجلس ادارة بنك التنمية العامة البريطاني الذي يؤكد أن الصكوك مشروع وطني لانقاذ مصر من ازمتها الاقتصادية مشيرا الي أن هناك آلاف المشاريع تترقب تقنين الصكوك بقوة تمويلية تتجاوز200 مليار دولار حسبما ورد علي لسان الدكتور حسن وإليكم الحوار: البعض يري ضرورة استخدام الصكوك في مشروعات تنموية واستثمارية وليس في عملية سد عجز الموازنة العامة حتي تحقق الهدف المطلوب علي المدي البعيد؟ ان مشكلة فصل مساهمة الصكوك في تمويل عجز الموازنة وجعلها مقتصرة علي الاستثمار المباشر في مشاريع تنموية هو استنقاص رهيب لفائدة الصكوك وتعطيل مشروع الانقاذ السريع لعجز الموازنة وتعريض الاحتياطي النقدي في وضعه الحالي لمخاطر الفجوة التمويلية وحرمان مصر من الحل السريع لمشكلة عجز الموازنة وتراكم الديون التي تشملها آلية الصكوك. ومساهمة الصكوك في تمويل الواردات وتنشيط الصادرات التي ترفع الضغط عن الدفعات الخارجية. فكيف تحرم مصر من هذه المزايا الهامة جدا في انقاذ الاقتصاد المصري الذي يحتاج الي انقاذ سريع, لأن عامل الوقت ليس في صالح منظومة الاصلاح العام. فكلما تأخر الاصلاح, تفاقمت الأزمة. والتوجه بالصكوك الاسلامية نحو تمويل المشاريع التنموية فقط, يتطلب ما لا يقل عن3 سنوات لبدء الاستفادة من هذه المشاريع التي تصل ذروة الاستفادة منها الي6 أو7 سنوات. في حين أن الاستفادة من الصكوك في عجز الموازنة وما يتبعها من آليات تتم في ظرف شهور قليلة تتمكن فيها ميزانية الدولة من استقبال أموال مباشرة مقابل تأجير مشروط بعقود تخارج لمؤسسات منتجة أو مؤسسات تصديرية وقد يصل الأمر بآلية الصكوك الي دفع مقدم لخمس سنوات انتاج. لكن هناك أصوات تحذر من الاقتراب من الممتلكات السيادية كقناة السويس مثلا حال تطبيق الصكوك الاسلامية تجنبا لتعرض أصول الدولة وممتلكاتها لمخاطر كثيرة كالبيع والاكتفاء بطرح الأماكن الصحراوية للاستثمار؟. بالدراسة المتدققة والمقارنة العملية لما تم تنفيذه في هذا الشأن من طرف بعض الدول مثل تركيا, ماليزيا, السودان, الامارات, السعودية, الكويت, البحرين وغيرها يلغي هذه المخاوف والأوهام من أن الصكوك تهدد الأصول وتؤثر علي السيادة فحقيقة الأمر أن الصكوك الاسلامية في كل مادة من موادها لها عقد تخارج يفرض حدا زمنيا معينا لاسترجاع رأس المال وانهاء الشراكة والعلاقة بالأصول وغيرها بصفة عامة.. تداخل العامل الاقتصادي مع العامل الديني في موضوع الصكوك يجعلنا نتساءل ما الخط الفاصل والي أي حد تعد الصكوك حلا اقتصاديا أم دينيا ذا منهجية اسلامية,اذا أخذنا في الاعتبار أن دولا غربية تلجأ اليها في تمويل مشروعاتها؟ وما الفرق بين الصكوك وقانون الاستثمار؟ انني أتعجب حقا واتساءل: لماذا لم يعارض من عارضوا الصكوك الاسلامية قانون الاستثمار الذي يعطي حق الملكية الصريحة بالكامل, وحق الانتفاع لمدة طويلة بالأصول للأجانب؟!. وقد تملك أصول مصر عن طريق هذا القانون شخصيات معادية بارزة في السياسة الدولية, في حين أن الصكوك الاسلامية تخضع لضوابط ومعايير وشروط ورقابة شرعية وادارية وفنية, كلها تصب في حماية المنظومة الاقتصادية وأصول الدولة. وما علي المعارضين الا أن يطلعوا علي عقود المشاريع التي نفذت في البلدان الآنفة الذكر ويدرسوا تفاصيل هذه العقود ليقتنعوا أنه لا ضرر ولا ضرار من وراء الصكوك وهي في ردي المخرج الوحيد لانقاذ مصر, وهو الأمر الذي لم ينظر اليه المعارضون لتمويل خطة الدولة وعجز الموازنة بالصكوك, وأن الصكوك سوف تساهم في رفع كفاءة المؤسسات الانتاجية التابعة للدولة واعادة هيكلتها ورفع رؤيتها الربحية وتنقيتها من الفساد وارجاعها بهذه الخصائص الي الدولة عند انتهاء مدة التأجير وبعد رجوع رأس المال..وخاصة أن المؤسسات الانتاجية للدولة في وضع حرج. ما الفرق بين السند والصك الاسلامي ولماذا لا نطلق عليه سندا اسلاميا يشتريه الأفراد باعتبارهم مانحي قروض للدولة, واذا كان الأمر كذلك فأين الفائدة أو الربح الذي سيعود علي المواطن, وما الفرق بين عائد الصك الاسلامي والسند الذي تصدره الدولة؟ السندات ربوية, وهو ما يجعل الشعب المصري يشارك بنسبة ضئيلة في المعاملات البنكية لحرصه علي البعد عما يخالف الشريعة الاسلامية, أما تطبيق قانون الصكوك سيضمن مشاركة أوسع لقطاع كبير من الناس وهو ما يدفع بارتفاع نسبة الادخار والمعاملات الشعبية في شراء الصكوك خاصة بعد تقنينها بما يتوافق مع الشريعة الاسلامية. هل لديكم برنامج واضح ومحدد لتمويل خطة الدولة التنموية عبر الصكوك الاسلامية حال تقنينها ووفق جدول زمني محدد وبما لا يعرض أصول الدولة المصرية للرهن أو البيع كما يري البعض؟ البداية تكون باستصدار صكوك تسييل لصالح الدولة لتغطية عجز الميزانية مقابل أصول ذات مردود ما تملكها الدولة, ثم تأجير هذه الأصول الي الدولة لاستئناف نشاطها السابق, وتسترجع الدولة ملكيتها للأصول وتنهي عقد التأجير الذي كان مردوده لحاملي الصكوك, الأمر الذي سيمكن آليات حاملي الصكوك من اعادة هيكلة أصول الدولة ورفع مردودها وقيمتها والقضاء علي كل مظاهر الفساد وسوء التصرف فيها, كذلك يكون المقابل آليات انتاجية وغيرها. كذلك هناك تمويل خطة شراء الانتاج التصديري ودفع ثمنه مسبقا لمدة5 سنوات مع الابقاء علي الالتزامات التعاقدية وابدال اسم المستفيد لصالح أصحاب الصكوك بالكامل مدة الخمس سنوات مع مراعاة حركة الأسعار في السوق العالمية, الأمر الذي يوفر للدولة سيولة جديدة بدلا مما كانت ستجمعه لمدة5 سنوات, ويمكنها من التوسع بالمشاريع التنموية الجديدة والتي قد تشملها منظومة الصكوك الاسلامية. كما سيجري تمويل خطة الواردات وتسديد ثمنها علي أقساط مريحة ويمكن للأصول التي تملكها الدولة وجزء من صادراتها تمويل جزء من نفقات الواردات وكذلك من المشاريع الجديدة التي تحدثها الدولة عندما تتوافر لها السيولة التي كانت تدفعها في تمويل خطة الواردات. اذا كان حجم المشروعات التنموية التي سيجري تنفيذها علي أرض مصر سيتجاوز آلاف المشروعات برأس مال تجاوز المائتي مليار دولار حسبما ورد علي لسان الدكتور حسين حامد فما هي اذا مواطن الضعف ومعوقات التنمية علي أرض مصر؟ القوانين الاقتصادية الحالية هي أكبر معوق للاستثمار, علي الرغم من أن الدستور الجديد فتح الباب لاصلاح المنظومة الاقتصادية التنموية, لكن الأمر يتطلب جهود المتخصصين في الجهات المسئولة, كالحكومة بوزاراتها المختلفة والهيئات التشريعية والادارية وخاصة منظومة قوانين البنك المركزي والنظام المصرفي.. وهناك معوقات أخري حسبما صرح مسئولون في البنك المركزي بأنه لا توجد بنية تحتية فنية لادارة الحركة المالية في المشاريع المتوسطة والصغيرة التي تمثل أكثر من80% من المشاريع الاقتصادية وهذا أمر كان متعمدا لابعاد سيولة النظام المصرفي من الودائع وغيرها حتي لا تدخل في المشاريع التنموية وتحويلها الي اذون الخزينة قصيرة الأجل حتي تبقي هذه السيولة محصورة بين البنك المركزي والنظام المصرفي, أما التنمية فلها الله. الأمر الذي يحتم علي الدولة أن تعيد هيكلة المنظومة الفنية في النظام المصرفي لتتخلص من هذه الاعاقة القاتلة للاقتصاد. واذا كانت مصر تريد أن تنهض, لابد أن تتضافر جهود كل المصريين لاحداث الاستقرار, لأنه لا تنمية بدون استقرار, الذي هو مسئولية كل المصريين, فمن يريد لمصر أن تنهض لا بد أن يقف عن كل ما من شأنه تعليق الاستقرار العام..ولا بد أيضا أن تفكر الدولة مليا في اعداد أرضية فنية وقانونية لمسألة جلب التكنولوجيا وتوطينها والاعتماد علي نتائج البحث العلمي في عملية التنمية ولنا مشاريع في هذا المجال, ولا بد للمصريين أن يعرفوا أن النهضة الحضارية لانقاذ البشرية مما هي متردية فيه سوف ينطلق مشروعها الحضاري والانساني من مصر وعلي أيدي المصريين الذين يتحتم عليهم أن تناطح هممهم الثرية, سيما وأن البشرية متخمة بالجراح وتحتاج الي منقذ..ومصر بما لديها من مخزون ثقافي وبعد استراتيجي وتاريخي وما تحتوي عليه من موارد طبيعية وبشرية تؤهلها لقيادة العالم, فمصر هي الثانية بعد أمريكا من حيث عدد الحاصلين علي أعلي الدرجات العلمية كالدكتوراه والماجستير في مجال الزراعة والثروة الحيوانية.