من الناحية العلمية والهيدروجية والخاصة بعلوم أحواض الأنهار لا يوجد أي رابط بين النيل الأزرق والنيل الأبيض سوي انهما يلتقيان في العاصمة الخرطوم ليبدأ النيل الموحد والذي ينضم إليه بعد ذلك نهر عطبرة القادم من الحدود الإثيوبية الإرترية. وعلميا أيضا لا توجد أي روافد نهرية من النيل الأزرق تتجه إلي دول منابع النيل الأبيض ولا العكس أيضا فلا روافد للنيل الأبيض تذهب إلي دول منابع النيل الأزرق وحتي نهر أومو الذي يتجه من إثيوبيا إلي كينيا يصنف علي أنه نهرها مستقل خارج حوض النيل واستأثرت به إثيوبيا وحدهاوحرمت جارتها كينيا منه وأقامت عليه ثلاثة سدود منعت المياه تماما عن شمال كينيا بسكانه البالغ نصف مليون نسمة. ومادام أننا علميا ومائيا نتعامل مع حوضين منعزلين تماما وغير متصلين فإن مبادرة حوض النيل ينبغي أن تُقسم إلي دول النيل الأزرق وتضم إرتريا وإثيوبيا والسودان ومصر وهي تختص بكل ما يخص إدارة شئون المياه في النيل الأزرق ونهر عطبرة وبالتالي ينبغي أن تُبحث أي إنشاءات تقام علي هذين النهرين بين الدول الأربع الذي يجري في أراضيها فقط وبعيدا تماما عن باقي دول النيل الأبيض حيث إن أي إنشاءات أو إدارة لموارد مياه هذا الجزء لن تفيد ولن تضر أيا من دول النيل الأبيض وبالتالي فإن مبدأ تبادل المنافع أو تلاشي الأضرار غير متواجد كليا ولذا ينبغي التصويت علي كل ما يخص شئون النيل الأزرق ونهر عطبرة بين مصر والسودان وإثيوبيا وإرتريا فقط ووقتها يمكن الموافقة علي أن تكون إقامة السدود في هذا الجزء بالأغلبية المطلقة وتنازل مصر عن حق الفيتو. وبالمثل أيضا فلا يوجد أي رابط أو رافد بين دول النيل الأبيض وإثيوبيا وإرتريا وبالتالي فإن أي إنشاءات تقام علي النيل الأبيض وروافده لن تضر ولن تفيد أيا من إثيوبيا وإرتريا ولذا يختفي تماما مبدأ تبادل المنافع وتلافي الأضرار فلا جفاف النيل الأبيض يؤثر علي إثيوبيا فتقوم معه بتحويل مجري أي من النيل الأزرق أو عطبرة إلي دول النيل الأبيض فضلا عن أن هذا ضد الطبيعة والانحدار التي يستحيل معها هذا الفعل، ولا يمكن لدول النيل الأبيض أن تحول مجراه وروافده إلي إثيوبيا وإرتريا لتلافي ظروف الجفاف والقحط كما سبق وأن تكرر في شرق كينيا وجنوب شرق إثيوبيا في إقليم أوجادين المتنازع عليه بين الصومال وإثيوبيا، وبالتالي فإن شئون مياه النيل الأبيض ينبغي أن تناقش من حيث تبادل المنافع وتلافي الأضرار بين دولة فقط التي يجري بينها وهي كينيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وبروندي والكونغو والسودان ومصر ويتم فيها بحث سبل إدارة المياه واستقطاب الفواقد ومنع الإهدار وإقامة سدود توليد الكهرباء أو تخزين المياه للري بين هذه الدول فقط وبعيدا عن إثيوبيا والتي ليس لها شأن مطلق مع النيل الأبيض سوي البحث عن دور في القارة الأفريقية مستغلة نهرا يتحد خارج أراضيها مع النهر الآخر القادم من الدول الاستوائية لتكوين النيل الموحد والذي قدر الله وحده فقط أن يجتمعا في الخرطوم. بدلا من التلويح بالحروب واستغلال إثيوبيا لدول منابع النيل الأبيض دون أن يكون لها فيها ناقة ولا جمل بل أن تحرشها بجارتها كينيا أساء كثيرا لمبدأ تبادل المنافع وتلافي الأضرار بين دول الأنهار المشتركة، وأيضا للتغلب علي مبدأ حق الفيتو لمصر أو التصويت بالأغلبية المطلقة أو الإجماع أو التوافق فإنه ينبغي لمصر أن تتبني مبدأ فصل إدارة مياه النيل الأزرق ونهر عطبرة عن النيل الأبيض لعدم تواصل الأحواض النهرية لهما ولحصر المشاكل التي يمكن أن تتولد بين عدد أقل من الدول وستكون أربع دول فقط فيما يخص النيل الأزرق وثماني دول فقط فيما يخص النيل الأبيض وتظل السودان ومصر مشتركة في كلا الحوضين للظروف الجغرافية التي رسمها الخالق لها لكي تتواجد في هذا الجزء من العالم.