أؤيد بقوة قانون تنظيم المظاهرات.. ولكني اعارض الازدواجية المنطقية والعقلية والنفسية لمن هم في السلطة اليوم.. قلت مرارا وتكرارا وخاصة بعد الثورة اننا في حاجة لقانون ينظم المظاهرات مثل كل الدول الديمقراطية المتحضرة.. حق المواطنين في التظاهر والتعبير عن رأيهم بكل حرية ولكن في الاطار السلمي والوقت والمكان المحددين للمظاهرة.. فالهدف اولا واخيرا من اي مظاهرة لابلاغ رأي المتظاهرين بقوة وعلي اوسع نطاق اعلامي وفي الشارع، كوسيلة ضغط علي صاحب القرار، ايا كان هدف المظاهرة سياسي او مطالب فئوية او اعتراض علي اجراء او قرار ضد مصلحة المتظاهرين. هذا حق مكفول للمواطنين في كل بلاد الدنيا وتحميه المواثيق والمعاهدات الدولية.. ولكننا في مصر نتلاعب بحق المظاهرات حسب الاهواء سواء كانت تحقق رغبة من في السلطة او تحركها جماعة او حركة، وليس هناك مانع من التصعيد في المظاهرة الي حد القتل والتخريب والاشتباك مع الشرطة، مع ارتفاع سقف المطالب المستحيلة والشعارات الهدامة باهانة فئة من المجتمع او اسقاط هيبة الدولة. كنت دائما ضد هذه النوعية من المظاهرات والتعبير عن الرأي بالعنف.. ولكن من يتقدمون اليوم بقانون لتنظيم المظاهرات من اهل الحكم كثيرا مالعنوا من يطالب بذلك وكان رأيهم ان مواجهة اي مظاهرة فيها خروج عن القانون المألوف، يعد نوعا من الاستبداد والطغيان وكتم الانفاس، ولما استراحوا علي مقاعد السلطة نجدهم اول المتحمسين لاصدار القانون وان المظاهرات فوضي وبلطجة وخروج عن الشرعية.. سبحان مغير الاحوال ومقلب القلوب ومبدل المنطق والعقول.. ورغم تبدل موقفهم هذا.. لابد من اصدار قانون تنظيم المظاهرات، ولكن الاعتراض علي تقييد حرية التظاهر والتشدد في البنود والشروط.. لو كان نظام مبارك وضعها، لكانت هذه الشروط كافية لقيام ثورة.. اغرب ما جاء في مشروع القانون ان يتم تقديم طلب بالمظاهرة الي وزير الداخلية موقع من ثلاث »حسني النية«.. فمن الذي يفتش في نفوس المتقدمين من ذوي حسن النية.. اذا مرت هذه الصياغة في مشروع القانون.. معناها.. لا مظاهرات ولا يحزنون.. لا سلمية ولا غيرها؟!.