أسامة عجاج " كيد النساء" أخف وطأة من "كيد السياسيين". فالأول يتسم بالسذاجة، في أغلب الأحيان. وتأثيراته تقتصر علي مجموعة من الأفراد المحيطين. بينما النوع الثاني، قد يدفع ثمنه الشعوب، والدول، من استقرارها السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وحتي الأمني. وبعض السياسيين في مصر أنواع . منهم لم يعبر بعد مرحلة " المراهقة السياسية". رغم تاريخه الطويل في العمل الحزبي. وآخرون أعمتهم بصائرهم، وعداواتهم، ضد تيارات بعينها، عن البحث عن المصالح القومية للوطن. يغيب عنهم أن الخلاف السياسي، جزء من منظومة الديمقراطية، وهو أمر متعارف عليه. والنوع الثالث، يمارس السياسة بمفهوم لعب الأطفال. وشعاره، ما كنا نردده ونحن صغار " فيها لاخفيها". ونظرة سريعة علي أحداث الأيام الماضية، والخلاف السياسي حول تشكيل الجمعية التأسيسية، الخاصة بوضع الدستور، يؤكد تلك النظرية. وقبل تحليل المواقف، والكشف عن أسباب مقاطعة البعض. نود أن نتوقف عند حقيقة، قد تكون غائبة عن بعض السياسيين، والنخب. الذين يصدعون رؤوسنا ليل نهار. وهي أن قضية الدستور، تخص فقط تلك النخب. وتمثل لهم مادة للنقاش، والخلاف، والجدل، وأحيانا للاسترزاق المالي والسياسي. وهي في الأغلب والأعم .لا تحظي بأي اهتمام من رجل الشارع، في الكفور، والنجوع، وحتي الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المدن الصغيرة. هل يعني كل هؤلاء في شيء طبيعة الدولة. هل هي "دينية"؟ مثلما يروج البعض، كجزء من الصراع مع التيار الإسلامي. أو" مدنية" مثلما يطالب آخرون. هل يهمهم في شيء، صلاحيات رئيس الجمهورية؟ وهل يكون نظام الحكم "رئاسيا أم برلمانيا" قضايا الجماهير الحقيقية، اليوم، وغدا، وحتي ماقبل الثورة. هي لقمة العيش الصعبة. فرصة العمل الشحيحة. الدخول المتدنية. الاستقرار المفقود. والحالة الوحيدة التي ستحظي فيها قضية الدستور باهتمام الجماهير. إذا تم المساس بالمادة الثانية من الدستور. رغم أنه ينص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية، هي المصدر الرئيسي للتشريع. فلم يتم تطبيقها علي الإطلاق في العهد السابق. ومع ذلك، يستطيع أي مقيم شعائر في اصغر جامع، أو شيخ في مسجد. أن يجمع الناس في مظاهرة حاشدة، إذا أقنع رواده، بان المادة الثانية تم تغييرها. أو تعديلها. بعد أن تم التوافق لسنوات طويلة عليها. ونأتي إلي الأزمة التي افتعلها البعض. وكانت سببا في التأثير بالسلب علي الإجماع الذي تم. حول أسس اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية .والتي استمر الخلاف حولها، أسابيع من عمر الوطن، واستقراره، وسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية. ودون تجن علي أحد، لم اقتنع بتلك المبررات، التي تحدث بها البعض، سوي انها نوع من المراهقة السياسية، خاصة أن الجمعية بتشكيلها الجديد، تضم كل ألوان الطيف السياسي، وكل مكونات المجتمع المصري، من ثمانية أحزاب، وفقهاء دستور، وعدد من الهيئات القضائية، ومن الأزهر الشريف، وممثلي الكنائس المصرية، من النقابات المهنية، من الفلاحين والعمال، وأعضاء في السلطة التنفيذية. وعدد كبير من الشخصيات العامة، والشباب. والجميع يدرك أن العدد المطلوب فقط مائة. مما يعني أن هناك العشرات، بل المئات، قد لايحظون بشرف عضوية الجمعية، دون أن يمثل ذلك إقصاء للبعض، أو تصفية حسابات مع البعض الآخر. ولابد أن نعترف، ان هناك كفاءات خارج اللجنة. ولكن دورهم قد يكون في اللجان النوعية. التي سيتم تشكيلها، وفي تقديم المقترحات، والرؤي المناسبة، وفقا لقدرتهم وتخصصاتهم. وكانت مواقف البعض من المنسحبين، من جلسة اختيار أعضاء اللجنة، مفاجأة غير سارة. مثل أبو العز الحريري، وكلنا نقدر وطنيته، وإسهاماته في صفوف اليسار. ولكني لم استوعب بعض مواقفها الأخيرة .من ذلك انه من قام بالطعن في قانون انتخاب مجلس الشعب .رغم انه خاض الانتخابات علي أساسه .ونجح فيها. ويكفي أن قبول الطعن في شرعية القانون الذي أجريت عليه الانتخابات، قد يعود بنا إلي الوراء، للمربع رقم واحد. فهل هذا ما يسعي إليه شخص بقيمة الحريري؟ لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد وصلت المكايدة السياسية للبعض، انه تعامل مع القضية، بشكل انتهازي. "ولسان حاله" يقول لماذا أقدم تسهيلات لحزب الحرية والعدالة .والمجلس كله أمام حكم بعدم الدستورية . أما "المناضل السابق" رفعت السعيد!! " فحدث ولاحرج". فهو علي استعداد للتحالف مع الشيطان. إذا كان الهدف مواجهة تيار الإسلام السياسي. وماذا نتوقع من رئيس حزب للمعارضة. يتقاضي" المكافآت السياسية" من الوطني المنحل .وآخرها عضوية مجلس الشوري بالتعيين، قبل الثورة. وهو أول من يدرك انه جاء بانتخابات مزورة. حتي أصبح الحزب في عهده، فرعا من امن الدولة. والآن من الأمن الوطني. أما بقية الأحزاب التي انسحبت. فهي تمارس" ديكتاتورية الأقلية" بعد أن تراجعت عن اتفاقها السابق التوصل إليه .قبل إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية بساعات. وهم ينتمون إلي أحزاب بعضها كرتوني لا قيمة له. والآخر مثل الوفد، افتقد الالتزام الحزبي .ونصيحة للجميع: كفي ما ضاع منذ مارس الماضي، في مهاترات، وكيد سياسي.. مصر فقط هي من تدفع ثمنه.