جلال دويدار نغمة غريبة وأسلوب متجاوز متخبط يتبناه أعضاء جماعة الإخوان هذه الأيام ان دل علي شئ فإنما يدل علي حالة الافلاس الفكري والسياسي التي يعانون منها. ليس خافيا ان هذا السلوك قد جاء بتعليمات من قيادة الجماعة مما يؤكد عدم مصداقية الأقوال والمواقف وهو الأمر الذي أصاب قطاعات هائلة من الشعب بصدمة وشكوك بشأن ما يخططون له. واحد من مشاهد هذا العرض المأساوي كان مسرحه برنامج »مصر تقرر« الذي يقدمه الزميل الصحفي محمود مسلم علي قناة الحياة والذي جمع فيه بين أحد الإخوانجية وبين أحد المحللين الاستراتيجيين. كان محور النقاش بين هاتين الشخصيتين ما شهده ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع من أعمال غير مسئولة ومتجاوزة أدت إلي تداعيات مأساوية. ولأن هذه القضية قد أخذت حقها اعلاميا سواء بالحق أو الباطل فإن محصلة ما حدث يعود إلي بروز علامة استفهام كبيرة حول ملابساتها. لا أحد ينكر وجود اتفاق عام بأن المسئولية الاساسية تقع علي من خطط وروج لعملية التظاهر والاعتصام في هذه المنطقة وهو الأمر الذي يعكس سوء النية ليس تجاه وزارة الدفاع بقيمتها السيادية وما تمثله للأمن القومي إنما وبشكل لا يحمل أي تقويل. كان الهدف الاساسي عدم السماح أبدا باستقرار أوضاع الوطن والإصرار علي استمرار الفوضي والمعاناة. ولقد أدهشني حديث المشارك الإخوانجي في البرنامج عن قدسية حرية التظاهر الذي نتفق جميعا علي أنه حق مكفول ولكنه تجاهل أن ممارسة هذا الحق لابد ان يخضع لمتطلبات مبدأ الحقوق والواجبات وللشروط التي يقضي بها القانون -أي قانون مطبق - في دول أعتي الديمقراطيات وهي تتلخص فيما يلي: سلمية هذه التظاهرات وان لا تؤدي إلي تعطيل أي من أوجه الحياة العامة. عدم المساس أو التعرض للمنشآت العامة أو الخاصة وبشكل اساسي ذات الطبيعة السيادية التي تتصل مسئولياتها بالامن القومي الداخلي والخارجي. أن يتم مسبقا تحديد وقت القيام بهذه المظاهرات وفترتها ومساراتها. من يُجادل في هذا الامر عن جهل او عدم القبول المتعمد للحقائق عليه ان يراجع ما يحدث في بريطانيا والولايات المتحدة باعتبارهما من الدول التي تجسد الديموقراطية في رأيهم ورأي الخبراء الا اذا كان لهم رأي آخر بالطبع ومن خلال متابعة ما صاحب هذه المظاهرات فإنها لم تكن سلمية والدليل علي ذلك ما كان يحمله بعض المشاركين المندسين من أسلحة تم استخدامها لقتل واصابة بعض ابناء القوات المسلحة الذين كانوا يتولون حماية مبني وزارة الدفاع. في نفس الوقت تعمد القائمون بهذه المظاهرات تعطيل وسائل المواصلات وإغلاق الطرق وإغلاق المحلات في منطقة العباسية وهو ما يعد عملا عدائيا هوجائياً فوضوياً ضد مصلحة جموع المواطنين . هنا وأمام مخالفة القانون كان لابد من التصدي لهذه الخروقات وهو ما أدي الي ما حدث من تداعيات مأساوية ودموية . ان الامانة تستوجب اخضاع هذه التجاوزات بالحسم والجزم اللازمين لما تنص عليه القوانين دون هوادة ودون الجنوح الي التراخي تحت اي ضغط .. الالتزام بهذا الطريق هو السبيل الوحيد لتأكيد الرغبة المخلصة في حماية مصالح هذا الوطن التي اصبحت في مهب الريح . وللحديث بقية.