في 11 سبتمبر من كل عام تتذكر امريكا ويتذكر العالم الهجمات الارهابية التي تعرضت لها رموز القوة الاقتصادية والعسكرية الامريكية وهي الهجمات التي جاءت لكي تهز الاحساس الامريكي التقليدي بالامن واحتماءها وراء محيطين وبقاء ارضها بعيدة عن الاثار المدمرة لحربين عالميتين وحتي الهجوم الياباني علي بيرل هاربر التي تعرضت له مع نهاية الحرب الثانية الا انه وقع علي بعد الاف الاميال من عمقها الارضي وقد كان تأثير هجمات 11 سبتمبر علي الجسد والفكر الامريكي من العمق بحيث دفع ادارة بوش الي الاعلان عن " حرب عالمية " ضد الارهاب وشن حربين في افغانستان والعراق. وهما الحربان اللذان اعتبرا في العالم الاسلامي باعتبارهما حربا ضد الاسلام والمسلمين وكان من نتيجة ذلك تدهور صورة ومصداقية امريكا في العالم الاسلامي. ومنذ مجيء باراك اوباما الحكم وهوجعل من شعاراته واهدافه الرئيسية تصحيح علاقة امريكا بالعالم الاسلامي ومن اجل هذا المفهوم قام بزيارته لثلاثة بلدان اسلامية هي تركيا , والسعودية ثم خطابه الذي وصف بالتاريخي في القاهرة في يونيو 2009 وهو الخطاب الذي اكد به ان امريكا لن تكون علي عداء مع الاسلام وان الاسلام والمسلمين الامريكين هم جزء من الحضارة الامريكية وقد وصف رام امانويل رئيس موظفي البيت الابيض ان هذا الخطاب هو واحد من اهم ثلاثة اشياء فعلها اوباما في مكافحته للارهاب . غير ان مأزق اوباما لم يكن في نواياه تجاه العالم الاسلامي وتجاه تصحيح صورة امريكا فيه وانما النتائج المحددة التي تحققت منذ القائه لهذا الخطاب فحقا حقق اوباما وعده بسحب القوات الامريكية من العراق ولكنه ارسل المزيد من القوات الي افغانستان ورغم هذا كان عام 2010 اكثر الاعوام دموية للقوات الامريكية وتشير التوقعات الي مزيد من هجمات طالبان وتصاعد شراسة القتال . كما مد عملياته ودعمها في بلد اسلامي اخر هوباكستان وحقا فقد اعلن ان محنة الفلسطينيين هي امر لا يحتمل ولكن الفلسطينيين لا زالوا يعانون بلا دولة . وهكذا فان العرب والمسلمين لا زالوا ينتظرون ان يحقق اوباما وعوده , وخلال ذلك انخفضت استطلاعات الرأي عن اوباما في دول اسلامية مثل مصر وباكستان خلال عام من 42٪ الي 33 ٪ في مصر ومن 13٪ الي 8٪ في باكستان بل ان ثمة شعورا يسود بان اوباما يفعل كما فعل رءوساء أمريكيون وهوحماية والدفاع عن المصالح الامريكية غير ان مازاد الامر تعقيدا بالنسبة لاوباما في مكافحته للارهاب، والذي يفضل ان يسميه التطرف ما وقع خلال الشهور الاخيرة من احداث داخل الولاياتالمتحدة ومن اشخاص ذوي خلفيات اسلامية تربي بعضهم في امريكا مثل الرائد نضال مالك حسن الامريكي الجنسية الذي قتل 33 من زملائه في كلية فورت هوود وفي ليلة عيد الميلاد قام النيجيري عمر فاروق عبد المطلب بتفجير طائرة متجهة الي دتسرويت وفي مايوترك فيصل شاهراد الامريكي غير الشرعي naturalize لزرع قنبلة في سيارة في ميدان تايميز سكوير في نيويورك وقد دفعت هذه الظاهرة احد المراكز البحثية الي ان يصدر تقريرا تحدث فيه عن " امركة الارهاب " وان يرصد انجذاب امريكيين اثرياء وابناء مهاجرين الي الارهاب وان يصبحوا من الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة. وليس غريبا ان ينعكس هذا علي صورة اوباما داخليا بالنظر اليه بشكل اكثر كدخيل بالنسبة للامريكيين more exotics حيث اعتبر واحدا من كل خمسة انه مسلم يخفي اسلامه واعتبر ثلث الامريكيين فقط انه مسيحي ومنذ مارس 2009 ارتفع بشكل حاد نسبة من يرونه مسلما وانه ليس مسيحيا ويجيء مشروع بناء مسجد الي جوار موقع برجي التجارة لكي تثير المشاعر ضد الاسلام بما فيها ما كان يعتزمه راعي كنيسة صغيرة في فلوريدا من احراق نسخ من المصاحف توافقا مع تاريخ 11 سبتمبر. ومن الانصاف ان باراك اوباما قد عبر، وان كان متأخرا عن حق المسلمين في بناء مراكزهم الدينية مثل اي ديانة اخري الا ان هذه التطورات الاخيرة في تعامل اوباما مع الارهاب شأن قضايا اخري تثبت وكما عبرت مجلة الايكونومست ( 11 سبتمبر 2010 ) تثبت ان بحث اوباما البرجماتي عن حل وسط يتهدده عدم ارضاء احد وهو يتحول الي نمط متكرر وربما يصبح الدراما النهائية لرئاسته . كاتب المقال: سفير سابق