مازلت مع ذكرياتي التي انطلقت مع بدايات التليفزيون العربي أشتاق فيها إلي حوار رصين ونغم رائع وصوت يشجيني وبرنامج يستفز ملكات العقل والوجدان للمشاركة الايجابية والبعد عن السلبيات.. أعود إلي بعض المنوعات التي كانت بالأمس تسري عن النفس من خلال الاسكتشات التي تعالج مشاكل بعينها وظواهر سلبية تغزو المجتمع، أما عن برامج المسابقات فيكفي ان أذكر برنامج »فكر واربح« برنامج فيه السباق في مجالات العلوم والفنون والآداب والرياضيات والألغاز وليس المسابقات التافهة. التليفزيون قدم شخصيات عملاقة من خلال برامجه في جميع أنواع المعرفة الحياتية مثل طه حسين ونجيب محفوظ والشعراوي وغيرهم من الأساطين في كل مجال وعظم قيم التعليم والعلم. أما الآن فالتليفزيون ينقب عن الشخصيات المشهورة ذات الصفة العالمية فقط وعن الحوار في برامج »التوك شو« المفترض فيها ان تقدم وجبة دسمة تفيد المشاهد فيما يجري حوله من أحداث وأخبار بالتحليل والتعليق المنطقي إلا اننا نجد تسابقا شديدا في جذب الإعلانات علي حساب حق المشاهد في المعرفة المنطقية وذلك من خلال تسخين زائد عن الحد للموضوعات السياسية والجنسية لجذب الناس ورفع نسبة المشاهدة وتحقيق أكبر هامش ربح من الإعلانات. وعن المذيعين والمذيعات أشعر بافتقاد شديد لهذه الكوكبة الجادة الناضجة التي لا تبحث عن شهرة أو حديث الناس عنهم أكثر من الفقرات التي يقدمونها مثل طارق حبيب وليلي رستم وسلوي حجازي وأماني ناشد وملك اسماعيل ومحمود سلطان وغيرهم ممن اثروا مفهوم المذيع. السطور قليلة ولا تفي حق هذه المرحلة الطويلة من الإبداع والمشاركة الجادة، أما الآن ومع مناخ الحرية الذي كان من المفروض ان يخطو بنا خطوات رائدة في حياتنا نجد ان التفاهة هي التي تغلب علي معظم ما يقدم.. والآن هل ستخبو ذكرياتي أم ستستمر لتعيدني إلي الحياة الجميلة؟