السياسة في المفهوم العلمي هي: السعي لتحقيق المصالح. وعلم السياسة هو فن تحقيق المصالح في إطار من التوازن، من هذا المنطلق نتناول السياسة الهندية بين العرب وإسرائيل ولقد سارت تلك السياسة في ثلاث مراحل، الأولي: الاقتراب من العرب والابتعاد عن إسرائيل وهي من استقلال الهند ونشأة إسرائيل حتي عام 2991م واتسمت تلك المرحلة بالسمات التالية: الأولي: الاعتراف الرسمي بإسرائيل وإقامة علاقات قنصلية معها مع الحرص علي علاقات قوية مع الدول العربية اعتماداً علي المصالح الاقتصادية والمشاركة التاريخية في مواجهة الاستعمار وتحت تأثير المسلمين الهنود في السياسة الهندية بوجه عام. الثانية: تبلور علاقات عسكرية وثقافية تطورت بوجه خاص بعد هزيمة يونيو 7691م وتراجع القوة العربية الشاملة. الثالثة: تباطؤ ومحدودية التعامل الدبلوماسي الهندي مع إسرائيل خاصة منذ حرب 3791م وبروز القوة العربية النفطية وحاجة الهند للنفط العربي. الرابعة: اهتمام الهند بعلاقاتها الخليجية بعد الفورة النفطية الأولي وتراجع اهتمامها بالعلاقات مع مصر خاصة بعد عقد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. كان محور علاقات الهند العربية في تلك المرحلة يدور حول عدة قضايا في حقوقها: 1- قضية باكستان وكشمير حيث سعت الهند للحد من تطور العلاقات العربية الباكستانية وعدم مساندة العرب للموقف الباكستاني في كشمير. 2- قضية فلسطين حيث أعربت الهند عن مساندتها لهذه القضية بقوة منذ نشأتها وحتي أوائل الثمانينات من القرن العشرين ثم أخذت تلك المساندة في التراجع تدريجيا فأبدت الهند قرار إلغاء مساواة الصهيونية بالعنصرية وتزايد تطور العلاقات الهندية الاسرائيلية حتي وصلت لمرحلة الاعتراف الكامل. 3- حركة عدم الانحياز والدور الهندي الدولي وقد برز ذلك في عقد الخمسينات والستينات ثم بدأت الحركة في التراجع. 4- التعاون الدولي من اجل التنمية وذلك في إطار مجموعة ال 77 وفي اجتماعات الأممالمتحدة ومنظماتها بهدف الحصول علي دعم لمواقف الدول النامية وفي مقدمتها الهند. أما المرحلة الثانية فبدأت عملياً منذ منتصف الثمانينات وإن كانت رسمياً بدأت في عام 2991م حيث تم إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الهند وإسرائيل واتسمت تلك المرحلة بالسمات التالية: 1- اتجاه الهند للتوازن في علاقاتها ومواقفها الرسمية السياسية بين العرب وإسرائيل مع الميل نحو الحياد. 2- تزايد نمو العلاقات الهندية الإسرائيلية في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والعسكرية والاستخبارات. 3- تراجع العلاقات الهندية العربية خاصة مع مصر وسوريا، وظلت علاقات الهند قوية مع دول الخليج بما في ذلك العراق. 4- حدوث تطور كبير في العلاقات الهندية الإيرانية اقتصادياً وسياسياً ارتبط بعدة عوامل أولها النفط، الحركة الوطنية الايرانية وخاصة في عهد مصدق في أوائل الخمسينات من القرن العشرين ثم الثورة الاسلامية الإيرانية في عهد الخميني عام 9791م وأخيراً التطورات في أفغانستان. وكانت محاور الحركة لعلاقات الهند الدولية في تلك المرحلة هي: -التقارب الهندي الامريكي والتقارب الهندي الاسرائيلي والعسكري بين الهند وإسرائيل. -الحفاظ علي العلاقات الودية التاريخية الهندية مع دول رئيسة مثل مصر وسوريا والعراق مع برودة في أنشطتها السياسية ولقد برز ذلك بوجه خاص في العلاقات المصرية الهندية مع تركيز العلاقات الهندية الخليجية علي الاقتصاد والتجارة والاستثمارات والعمالة الهندية. والمرحلة الثالثة هي المرحلة الراهنة وبخاصة منذ الحرب الامريكية (الكونية) ضد الارهاب وقد اتسمت هذه المرحلة بالآتي: 1- توافق هندي شبه كامل مع الموقف الامريكي والمفهوم الامريكي 2- السعي لتنشيط العلاقات الهندية مع كل من باكستان وإيران في اتجاه وتوجهات مختلفة.