كما كان يتوقع لفيف كبير من الخبراء.. بدأت العملة الاوروبية »اليورو« تستعيد الانفاس من جديد بعد ان فقدت حوالي 31٪ من قيمتها تجاه الدولار نتيجة ازمة ديون اليونان عضو الاتحاد الاوروبي. كانت الاجراءات المالية الصارمة التي اتخذتها دول الاتحاد بقيادة المانيا وفرنسا وراء وقف التراجع ثم الاتجاه إلي الصعود الطبيعي لاستعادة القيمة المفقودة. شملت هذه الاجراءات ضبط الانفاق والالتزام بقواعد التقشف وهو ما ادي إلي التحسن الملحوظ في قيمة اليورو في مقابل الدولار الذي كانت قيمته قد شهدت تحسنا واضحا. تجسد ذلك محليا في نسبة زيادة وصلت إلي31٪ في مقابل الجنيه المصري حيث ارتفع سعره في سوق العملات من 535 قرشا للدولار الي حوالي 5 جنيهات و07 قرشا. ويؤكد الخبراء ان انخفاض قيمة اليورو إلي واحد دولار و51 سنتا بعد ان كان قد وصل إلي 5.1 دولار لكل يورو كان امرا غير طبيعي. اضافوا أنه علي ضوء عمليات الاصلاح الاقتصادي التي فرضتها مفوضية الاتحاد لمواجهة مشاكل ديون بعض الدول الاعضاء الاخري التي كان يمكن ان تنضم اليونان.. فإن السعر العادل لليورو يتراوح ما بين 3.1 و4.1 من الدولار. استبعدوا ان تعود العملة الاوروبية الي الانخفاض الحاد. وقد أتاحت عمليات المضاربة أرباحا هائلة لبعض المضاربين نتيجة فروق الأسعار. قضية اليورو سبق لي أن تناولتها من واقع متابعتي للتطورات الاقتصادية العالمية في مقال نشر يوم 52/6 الماضي تحت عنوان »اوروبا تلملم جراح اليورو«. كانت وجهة نظري المنشورة مؤيدة للرأي الذي يقول ان اليورو سوف يتعافي ويستعيد مكانته وقيمته وهو ما حدث بالفعل بعد اقل من اربعة اسابيع من النشر. كان وراء هذه التوقعات ما تم تداوله عن تحرك دول الاتحاد نحو اتمام اتفاق توافقي علي حزمة من الاصلاحات المالية. يأتي ضمن خطوات هذا الاصلاح فرض الرقابة علي قطاع المال الذي تأثر سلبا باحداث الازمة المالية العالمية. من ناحية اخري فقد كان الالتزام الاوروبي بتقديم القروض التي تقررت لمساعدة اليونان علي مواجهة ازمتها المالية عاملا مهما في دعم منطقة اليورو واعادة الثقة من جديد إلي عملتها واقتصادياتها. كما اعطي الانخفاض في معدلات التضخم بمنطقة اليورو مؤشرات علي تحسن الاوضاع الاقتصادية وهو ما ساهم في ان يسود جو من التفاؤل علي الساحة الاقتصادية. واضافة إلي ذلك تشير احصاءات الاتحاد الاوروبي المعلنة ان الضغوط التضخمية آخذة في الانحسار. وهو ما سوف ينعكس ايجابا علي اسعار المنتجات والسلع لصالح المستهلكين. وفيما يتعلق بالتأثير المحلي للتجاوزات في الانخفاض أو الزيادة في اليورو فلا جدال ان التعامل بسعر معقول ومتزن لهذه العملة هو لصالح الاقتصاد الوطني خاصة فيما يتعلق بارصدتنا من العملات الاجنبية. يعود ذلك إلي استخدام البنك المركزي لسلة من العملات العالمية في مقدمتها الدولار واليورو للحفاظ علي قيمة هذه الارصدة. وعلي الجانب الاخر فانه ليس في صالح المستوردين المصريين للسلع الاوروبية ان يتصاعد سعر العملة الاوروبية حتي لا يترتب علي ذلك زيادة في اسعار وارداتهم.. في نفس الوقت فإن المصدرين المصريين إلي منطقة اليورو سيتأثرون بشكل ملحوظ اذا ما تعرض اليورو إلي انخفاض حاد في سعره، وباعتبار ان السياحة المصرية سلعة تصديرية وحيث ان النسبة الكبيرة من السياح الذين تستقبلهم مصر من الدول الاوروبية اي من منطقة اليورو فإن ذلك يؤكد انضمامها إلي قائمة الخاسرين. هذه الخسارة سوف تتحقق من الانحسار في عدد السياح الاوروبيين الذين سوف تزيد عليهم تكلفة برامجهم إلي مصر. البديل لذلك هو تحمل منظمي الرحلات ومنشآت السياحة المصرية هذه الفروق في الاسعار. إذن وكما سبق وذكرت فان وصول اليورو إلي سعر عادل ومعقول ومتوازن هو لصالح الاقتصاد العالمي والاقتصاد المصري. علي هذا الاساس فإننا نرجو ان يستقر سعر اليورو علي المستوي الذي يحقق هذه الامنيات.