سبحان الله مغير الأحوال.. إنه حال هذه الدنيا وما فيها لا يبقي علي حاله وإنما لابد أن يطوله التغيير تماشياً مع دورة الحياة. هذا الواقع الذي نعيشه يتجسد حالياً فيما تواجهه عملة »اليورو« التي كانت ملء السمع والبصر باعتبارها صاحبة القوة والصولجان في ساحة التعامل بالنقد الأجنبي. لقد ظل سعرها يتصاعد علي مدي سنوات قليلة، كان »اليورو« يساوي في البداية عند ظهوره إلي الوجود عام 2002 كأحد ركائز الوحدة الاوروبية حوالي الثلاثة ارباع الدولار.. ولكن العملة الخضراء حصن الأمان لدول العالم أخذت تتهاوي أمام عملة الاتحاد الأوروبي لتصل إلي ما يزيد علي واحد ونصف.. لكل واحد يورو حتي اسابيع قليلة مضت. وبتأثير الأزمة المالية اليونانية والتي أوصلت هذا البلد عضو الاتحاد الأوروبي إلي حد الإفلاس أخذت قيمة »اليورو« تتراجع في أسواق النقد العالمية. حدث ذلك نتيجة سيطرة الخوف علي الساحة الاقتصادية من تفكك الاتحاد الأوروبي خاصة بعد الإعلان عن أن اسبانيا والبرتغال وبعض دول أوروبا الشرقية تسير علي نفس الطريق. جاءت هذه الأزمة في الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي في حالة نقاهة من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم مع نهاية 8002 وكل عام 9002. وكما يقولون فإن »خبطتين في الرأس توجع« وهو ما تمثل في انخفاض قيمة اليورو بفعل هذه الأزمة العالمية بنسبة بلغت حوالي ال01٪ لتأتي بعد ذلك أزمة اليونان وما سوف يتبعها لتنخفض هذه القيمة بنسبة 21٪.. أي أن »اليورو« هذه العملة المدللة فقدت حتي الآن حوالي 52٪ من قيمتها التي كانت عليها عام 7002. هذه الصورة القاتمة التي انحدر إليها »اليورو« دفعت الدول الأوروبية التي اتفقت علي خطة انتشال اليونان من أزمتها بتخصيص 011 مليارات »يورو« علي مدي ثلاث سنوات.. إلي سرعة تقديم الدفعة الأولي من هذه المليارات وتقدر ب5.41 مليار »يورو«. هذا التحرك السريع انعكست آثاره إيجاباً علي سعر العملة الأوروبية تجاه العملات الاجنبية الاخري بما في ذلك الجنيه المصري. من المتوقع أن يواصل »اليورو« عملية تعويض ما فقده مع ازدياد ثقة العالم وازدياد ضخ دول »اليورو« للمزيد من المليارات التي تدور في حدود ال057 مليارا لدعم ومساندة الاقتصاديات الأوروبية الضعيفة من أعضاء منطقة »اليورو«. ويعمل خبراء الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا أقوي وأغني دول هذا الاتحاد إلي وضع خريطة عمل لتصحيح المسار الاقتصادي من خلال الالتزام بخطة منسقة وحازمة لخفض العجز في ميزانيات هذه الدول. وتركز دول الاتحاد في الفترة القادمة علي العمل بكل الوسائل من أجل طمأنة الأسواق العالمية وهو إذا تم سوف ينعكس إيجاباً علي قيمة »اليورو«. إن خروج منطقة »اليورو« من هذا الوضع غير المستقر الذي فجرته أزمة اليونان أشاع الخوف في كل التجمعات الاقتصادية في العالم.. وهو ما دفعها إلي إبداء استعدادها للمساعدة. لا يمكن وصف هذه المبادرة الطيبة بانها تعبير عن حب جماعة »اليورو« لكنها ولا جدال انعكاس للخوف من امتداد المشكلة وآثارها السلبية اليهم.. بما يفتح الطريق إلي أزمة اقتصادية عالمية جديدة لا أحد يمكن أن يدرك مداها. جلال دويدار [email protected]