يعمل الاتحاد الأوروبي بقيادة الدول الفاعلة اقتصاديا وسياسيا وفي مقدمتها المانيا ومعها فرنسا علي عودة الانضباط الي اقتصاديات الدول الأعضاء سعيا الي وقف التدهور الاقتصادي الذي ادت اليه وفتحت أبوابه مشكلة الديون التي هددت بافلاس اليونان عضو هذا الاتحاد ويبدو ان الدعوة لهذه الاجراءات وتصاعد موجة التصريحات التي اتسمت بالجدية والحدة كان لها دورها الايجابي في وقف عملية الانحدار الي عمق الاخطار المحدقة بتجربة الوحدة الاوروبية، ان ما يؤكد هذا الاتجاه حالة الثبات في الاسواق للعملة الأوروبية الموحدة »اليورو« التي تعد العنوان الأهم لهذا الاتحاد حيث توقف مسلسل انخفاضها بل انها وعلي ضوء المواقف الأوروبية بدأت تستعيد بعض خسائرها في اسواق العملة، من ناحية اخري فإنه يمكن القول ان الدول الأوروبية الكبري التي يعتمد اقتصادها علي التصدير قد لا ترحب بعودة »اليورو« الي ما كان عليه من قوة ترفع من قيمته بالشكل الكبير الذي كان سائدا قبل الأزمة اليونانية عندما بلغ 4.1 دولار (حوالي 058 قرشا بالجنيه المصري). انها تري في تحقيق سعر معقول لليورو عاملا مهما لصالح منافسة منتجاتها للصادرات الامريكية والصينية واليابانية وهو الأمر الذي يساهم في ازدهارها اقتصاديا واجتماعيا. لهذا السبب ووفقا لهذه المنظومة فإن ذلك لابد وان يؤدي الي مشاركة كل دول الاقتصاديات الكبيرة في ضمان انضباط اسعار العملات تطلعا الي استقرار اقتصادياتها. انطلاقا من هذه الحقيقة فإن الدول المنافسة للصادرات الاوروبية لا يمكن ان تكون سعيدة بارتفاع قيمة عملتها وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالامريكية اكبر هذه الاقتصاديات حيث يري خبراؤها ان انخفاض قيمة الدولار عامل مهم في مساعدتها علي اصلاح الخلل في موازين تجارتها والتشجيع علي زيادة الانتاج التصديري وبالتالي اتاحة المزيد من فرص العمل للحد من البطالة، وبالنسبة للأزمة الاوروبية فلا جدال ان اجتماع وزراء مالية دول الاتحاد الاوروبي وما تم اتخاذه من قرارات واجراءات والتي كان أهمها بدء تقديم المساعدات المالية بالفعل لليونان.. كان له اليد الطولي في وقف حالة التدهور واحتواء حالة التشاؤم التي وصلت الي حد الحديث عن انفكاك عقد الاتحاد الاوروبي، وتجاوبا مع هذه القرارات هددت مفوضية هذا الاتحاد باتخاذ اجراءات عقابية ضد الاعضاء الذين لا يلتزمون بضوابط الحد من الانفاق والعمل علي اصلاح العجز في الموازنات، هذه الرسالة موجهة بشكل أساسي الي عدد من الدول الأوربية التي تتعرض لنفس الظروف التي ادت الي الأزمة اليونانية مثل اسبانيا والبرتغال وبعض دول اوروبا الشرقية. تشمل العقوبات التي لوحت بها المفوضية وقف المعونات التي تقدم من الاتحاد لهذه الدول. ورغبة في احتواء الموقف المتأزم علي المدي الطويل وإيمانا بأن الخلل في عمل البنوك كان له دور في الأزمة الأوروبية والعالمية فقد قررت دول الاتحاد الأوروبي فرض ضريبة علي انشطة هذه البنوك للمساهمة في اعباء هذه الأزمات. ولا يقتصر هذا التحرك تجاه العمل المصرفي علي فرض هذه الضريبة بل ان هناك اتجاها لفرض مزيد من الرقابة علي اعمال هذه البنوك خاصة فيما يتعلق بعمليات الانفاق الداخلي لضمان عدم الانهيار كما حدث للعديد من البنوك الامريكية عام 9002. لا جدال ان الأزمة اليونانية كان لها انعكاساتها السلبية علي تطلعات الأوروبيين لاحتلال المركز الاول في قيادة الاقتصاد العالمي. وتمسكا بهذا الهدف فإن كل الاجراءات والقرارات والسياسات مازالت تدور في فلك تحقيق هذا الأمل.