«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عام 2009.. أوروبا تتجه نحو اليمين
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 12 - 2009

شهد عام 2009 العديد من التطورات البارزة التي حفلت بها القارة الأوروبية والتي أحدثت تحولا مشهودا على مختلف الأصعدة، وكان من أبرز تلك التطورات اجتياز عقبة التصديق على معاهدة لشبونة ودخولها حيز التنفيذ، وما ترتب على ذلك من تعيين رئيس للاتحاد الأوروبي ووزير للسياسة الخارجية للاتحاد، وعودة فرنسا إلى القيادة العسكرية لحلف الناتو بعد غياب دام أكثر من 44 عاما.
كما اتسم هذا العام بصعود ملحوظ للأحزاب اليمينية في معظم الانتخابات التي أجريت بالقارة الأوروبية، والتي كان من بينها انتخابات البرلمان الأوروبي وألمانيا وبلغاريا.فضلا عن انعقاد مجموعة من القمم المهمة التي ساهمت بفاعلية في توطيد أواصر التعاون سواء بين دول الاتحاد الأوروبي وشركائه من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.أما فيما يتعلق باقتصاديات أوروبا،فلا تزال الأزمة المالية تلقي بتداعياتها على كثير من الأسواق الأوروبية رغم النمو النسبي الذي شهدته بعض الدول في نهاية العام الحالي.
ويعد التصديق على معاهدة لشبونة ودخولها حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر 2009 من أبرز الأحداث التي شهدتها القارة الأوروبية خلال العام, فقد اعُتبرت هذه الخطوة بمثابة نقطة فاصلة في تاريخ أوروبا،حيث تعد معاهدة لشبونة تعديلا لاتفاقيات الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية الحالية دون استبدالها، وجاءت بالأساس لتحل محل الدستور الأوروبي الذي رفضه الفرنسيون والهولنديون في استفتاءين عامين.
وكان قد تم التوقيع على الاتفاقية في العاصمة البرتغالية لشبونة في 13 ديسمبر2007، على أن تنتهي إجراءات إقرار المعاهدة في الدول الأعضاء، إلا أن الاتفاقية قد واجهت عقبات جادة كان أهمها الرفض الأيرلندي للمصادقة عليها في الاستفتاء الذي أجري في يونيو 2008، فضلا عن عدم التصديق رؤساء كل من بولندا والتشيك عليها، وقد أدى ذلك إلى إدخال الاتحاد الأوروبي في طريق مسدود.
وأخذ بريان كوين رئيس الوزراء الأيرلندي يحذر من أن التصويت ب"لا" على المعاهدة للمرة الثانية من شأنه تهميش أيرلندا وعزلها داخل أوروبا وهروب الاستثمارات الأجنبية في الوقت الذي تكافح فيه الدولة أسوأ حالة ركود في الغرب.
وسادت أجواء التفاؤل دول الاتحاد الأوروبي بعد مصادقة أيرلندا في 3 أكتوبر الماضي على المعاهدة، حيث صوت الايرلنديون في استفتاء بغالبية 67.13% لمصلحة معاهدة لشبونة.
ولاقى هذا الأمر ترحيبا أوروبيا واسع النطاق، لاسيما بعدما قام كل من الرئيس البولندي ليخ كاتشنيسكي في 10 أكتوبر 2009، والرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس، في 4 نوفمبر 2009، بالتصديق على المعاهدة لتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ في1 ديسمبر 2009.
وقد أعتبر هذا القرار بمثابة خطوة فاصلة في مسيرة الاتحاد الأوروبي حيث ينظر إلى معاهدة لشبونة باعتبارها خطوة مهمة بهدف جعل آلية اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي أكثر سهولة، وتمنح القادة الأوروبيين فرصة ممارسة أدوار أكثر فاعلية في القضايا العالمية بعد أن بلغ عدد أعضائه 27 دولة.
وقد استحدثت المعاهدة منصب رئيس للاتحاد الأوروبي لمدة سنتين ونصف بدلا من التناوب على الرئاسة بين الدول الأعضاء لستة أشهر، وتم اختيار هيرمان فان رومبوي رئيس الوزراء البلجيكي السابق ليكون أول رئيس للاتحاد الأوروبي اعتبارا من بداية عام 2010، كما استحدثت الاتفاقية منصب وزير خارجية الاتحاد والذي ستشغله البريطانية كاترين آشتون.
ومنصب وزير خارجية أوروبا هو دمج لمنصبي: الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الذي يشغله منذ عشر سنوات خافيير سولانا، ومنصب منسق العلاقات الدولية، الذي تشغله بينيتا فيريرو فالدنر، مع صلاحيات موسعة وهيئة دبلوماسية أوروبية مستقلة.
وكان قرار عودة فرنسا إلى القيادة العسكرية لحلف الناتو من أهم القرارات التي شهدتها أوروبا هذا العام.وجاء هذا القرار بعد 43 عاما من قرار الرئيس الأسبق شارل ديجول بسحب بلاده من قيادة الحلف، وقد صوت البرلمان الفرنسي في 17 مارس لصالح قرار الرئيس نيكولا ساركوزي بعودة فرنسا للقيادة العسكرية لحلف الناتو حيث أكد الرئيس الفرنسي أن هذا القرار من شأنه أن يدفع بعملية إنشاء دفاع أوروبي إلى الأمام ويعطي لفرنسا فرصة جديدة للعب دور في تحديد إستراتيجية حلف الناتو.
ولاقى القرار ترحيبا كبيرا من مختلف أعضاء الحلف حيث أنهم رأوا أن انضمام فرنسا من جديد للقيادة العسكرية للحلف من شأنه أن يمنح أوروبا ثقلا سياسيا متميزا.وقد أعلن ساركوزي عودة فرنسا للقيادة العسكرية للناتو رسميا خلال القمة التي استضافتها مدينتي ستراسبورج وكيهل الألمانية في 3 ابريل بمناسبة مرور ستين عاما على تأسيس حلف الأطلنطي.
وسيطرت قضايا الاقتصاد والمناخ على القمم الأوروبية التي عقدت هذا العام، وكان من أهمها القمة الاستثنائية للاتحاد الأوروبي حول المناخ التي عقدت في بروكسل في 13 ديسمبر 2009، والتي تعهد خلالها قادة الاتحاد بتقديم 2.7 مليار يورو لمساعدة البلدان النامية لمجابهة الآثار المترتبة عن التغييرات المناخية على مدى السنوات الثلاث المقبلة. ويعتبر هذا التعهد من قبل الدول الأوروبية يشكل دفعة قوية إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في قمة كوبنهاجن. كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن حكومتيهما سوف تتعهدان بتقديم مبلغ يقدر ب-1ر7 مليار يورو موزعة على السنوات الثلاث المقبلة.
واتجهت أوروبا عام 2009 نحو يمين الوسط (التيار المحافظ) وأقصى اليمين بسبب سلسلة من اللطمات والصدمات السياسية الموجعة التي شهدتها أحزاب اليسار الأوروبية خاصة في الدول الأوروبية الكبرى, ومن المؤكد أن الاقتصاد لعب دوره بإحكام في صعود نجم اليمين.
وكانت الانتخابات لطمة لأحزاب اليسار في معظم أنحاء دول الاتحاد في ظل تقدم اليمين المتطرف .وسجلت انتخابات البرلمان الأوروبي - التي أجريت في الفترة من 4 إلى 7 يونيو 2009 - تصاعد الحركات اليمينية المتطرفة والمعارضة في الوقت الذي حافظ فيه تكتل يمين الوسط الذي يضم الأحزاب الشعبية على تفوقه وأحكم قبضته على البرلمان الأوروبي.بينما خسرت الأحزاب المعارضة للتوسع الأوروبي والقومية الرئيسية في البرلمان،وتراجع عدد الأصوات المؤيدة للاتحاد الأوروبي من 41% في انتخابات عام 2004 إلى 34%.
وكانت انتخابات غير موفقة للأحزاب الاشتراكية ولمن يؤمنون بأوروبا الفيدرالية بلا حدود وعلى رأس قائمة الفائزين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحزبها المسيحي الديمقراطي والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وحزبه الاتحاد من أجل الحركة الشعبية رغم قسوة الإجراءات التفتيشية التي نفذاها من أجل علاج الأزمة. وعلى رأس قائمة الخاسرين كان حزب العمال البريطاني بزعامة رئيس الوزراء جوردن براون الذي حصل على 13 مقعدا فقط بخسارة مقاعد من البرلمان السابق وترتيبه كان الثالث بين الأحزاب البريطانية. وكانت الانتخابات التشريعية التي أجريت في ألمانيا في 27 سبتمبر بمثابة هزة للاشتراكيين في أوروبا.
فقد أطاحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالديمقراطيين والاشتراكيين بعد 11 عاما من الحكم، وحصل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي على 33.9% من الأصوات بينما حصل الحزب الاشتراكي، بزعامة فرانك فالترشتاينماير، على 23\% وكانت أسوأ نتيجة يحصل عليها الحزب منذ الحرب العالمية الثانية وبذلك تم إنهاء الشراكة بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي لتحل محله شراكة جديدة ومريحة بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر بعد حصول الأخير على حوالي 14.5% من الأصوات.
ومن المتوقع أن تقود ميركل أوروبا تجاه اليمين بعد أن تخلصت من شريكها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأن يقوى التحالف بينها وبين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وسيلفيو بيرلسكوني وغيرهما من الأحزاب الديمقراطية المسيحية بعد أن ظلت لعدة سنوات مجبرة على التحالف مع أحزاب اشتراكية وتبني برامجها في الرخاء الاجتماعي. غير أن أحدا لا يتوقع للحكومات اليمينية أن تتغلب على الصعوبات الاقتصادية الراهنة، فمازالت مشكلة ارتفاع نسبة البطالة وحالة الركود التي يتعرض لها كثير من المشروعات الصناعية الرئيسية تمثل عقبة.
وقد يكون من المتوقع مع استرداد الاقتصاد العالمي عافيته أن تستفيد قوى اليمين سيطرتها على السياسات الأوروبية، وما يترتب على ذلك من انتهاج سياسات يمينية أكثر تشددا مع إيران وأقل استعدادا للحوار والتعاون في التعامل مع مشكلات العالم الثالث.
وفي بريطانيا وفي ظل الاتجاه نحو اليمين في أوروبا،من المتوقع أن يفقد حزب العمال البريطاني أغلبيته بعد أن تزايدت الأزمات التي واجهها رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون. ولم يفلح التعديل الوزاري الموسع الذي أجراه براون، في 5 يونيو على ثلث أعضاء حكومته في أعقاب سلسلة غير مسبوقة من الاستقالات (بدءا من منتصف مايو حتى 5 يونيو) شملت ثمانية وزراء، من امتصاص موجة الغضب التي اندلعت بين البريطانيين بعد كشف الستار عن فضيحة النفقات التي تتعلق بحصول أعضاء البرلمان على مبالغ كبيرة دون حق من أموال دافعي الضرائب.
وأصبح براون في مأزق بعدما أدت فضيحة النفقات إلى تراجع شعبية الحزب الحاكم وخسارة حزب العمال في انتخابات المجالس المحلية التي أجريت في 4 يونيو،مما قد يمهد الطريق أمام عودة المحافظين في الانتخابات القادمة المقرر أجراؤها في موعد أقصاه يونيو القادم خاصة بعدما تزايدت شعبية رئيس حزب المحافظين، دافيد كاميرون.
ويشير المراقبون إلى أن أجواء بريطانيا حاليا تشابه مراسم الاستعداد لتتويج كاميرون رسميا ولم يعد السؤال الآن هو إن كان سيفوز لكن كيف ستكون سياسته عند الفوز، كاميرون، كزعيم لبريطانيا مستقبلا، كان نجم مجلة الإيكونومست في عددها الصادر 22 أغسطس في تأكيد أنها مجرد مسألة وقت لبراون وحزبه. وأجريت انتخابات برلمانية في بلغاريا في 6 يوليو 2009، هي الأولى منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي عام 2007 والسابعة منذ سقوط النظام الشيوعي في 10 نوفمبر 1989، فاز فيها حزب غيرب أو المواطنون من أجل التطور الأوروبي لبلغاريا، بقيادة الزعيم اليميني بويكو بوريسوف، بنسبة 42% من إجمالي الأصوات بينما حصل الحزب الاشتراكي الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء سيرغي ستانيشيف، على 17% من الأصوات.
وجاء في المرتبة الثالثة حزب "حركة الحقوق والحريات" الذي يمثل الأقلية التركية المسلمة في بلغاريا وحصل على 11.6% من الأصوات.وبعد تأجيل دام خمسة أشهر بسبب اندلاع أزمة سياسية بين السلطة والمعارضة، أجريت في ألبانيا انتخابات تشريعية في يونيو 2009 أسفرت عن فوز الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة صالح بريشا ب 47.5% من إجمالي الأصوات يليه الحزب الاشتراكي المعارض الذي يقوده عمدة تيرانا، أدي راما، وحصل على 38.8% من الأصوات.واكتسبت الانتخابات هذه المرة أهمية كبيرة لما لها من دور في انضمام ألبانيا للاتحاد الأوروبي بعد أن اشترط الاتحاد ضرورة أن تفي الانتخابات بالمعايير الأوروبية من أجل قبول عضوية ألبانيا في الاتحاد الأوروبي بعد أن ترشحت للعضوية في نهاية ابريل الماضي، ويرى الغرب أن تلك الانتخابات اختبار للديمقراطية في
وفي 22 نوفمبر 2009،أجريت انتخابات رئاسية في رومانيا لم ينجح خلالها أي من المرشحين في حسم المعركة لصالحه حيث حصل الرئيس المنتهية ولايته ترايان باسيسكو، وهو من تيار يمين الوسط على 33.34% من الأصوات مقابل 31.32% للمرشح الاشتراكي الديمقراطي ميرسا جيوانا وهو وزير سابق للخارجية.
وجاءت هذه الانتخابات على خلفية أزمة سياسية مهدت لانهيار الائتلاف الحاكم في أول أكتوبر واستقالة 9 وزراء من الحزب الاشتراكي الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم احتجاجا على إقالة وزير الداخلية لأنه حذر من احتمالات تزوير الانتخابات الرئاسية القادمة. وحدثت الأزمة في أسوأ وقت تمر به رومانيا حيث يعاني الاقتصاد من كساد حاد، وفي بداية العام وافقت رومانيا على قبول شروط صندوق النقد الدولي مقابل قيمة 20 مليار يورو لعلاج مشكلة العجز في الميزانية .أما إقليم أبخازيا، الذي اعترفت روسيا باستقلاله في 26 أغسطس 2008، فقد شهد أول انتخابات رئاسية ينظمها هذا الإقليم الانفصالي في 12 ديسمبر 2009 .
وأظهرت النتائج فوز الرئيس الأبخازي المنتهية ولايته سرجي باجبش بعد حصوله على 59.4% من الأصوات مقابل 15.4% لمنافسه المعارض راؤول خاجيمبا نائب الرئيس سابقا.وقد اعترفت بعثة المراقبين الدوليين بمطابقة انتخابات الرئاسة التي جرت في أبخازيا للمواصفات الديمقراطية الدولية،ومن المنتظر أن تجرى مراسم تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب الجديد في 12 فبراير عام 2010.وكان هناك مشهدان يمثلان ما يمكن أن نسميه فرصة أخيرة لليسار في أوروبا بعد فوز الاشتراكيين في الانتخابات العامة في البرتغال واليونان.
فقد أسفرت الانتخابات التشريعية التي أجريت في البرتغال يوم 27 سبتمبر عن فوز الحزب الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء جوزيه سوكريتش بعد أن حصل على 36.6% من إجمالي الأصوات، بينما حصل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، بزعامة مانويلا فيريرا، على 29.1% من الأصوات. وتمكن اليسار الراديكالي خلال هذه الانتخابات من تحقيق نتائج جيدة بحصوله على 16 مقعدا في البرلمان الجديد.
ورغم الفوز النسبي للاشتراكيين في هذه الانتخابات إلا أنهم فقدوا هذه المرة الأغلبية المطلقة في البرلمان. وتعتبر البرتغال واحدة من أوائل دول الاتحاد الأوروبي التي بدأت تتعافي من الأزمة الاقتصادية العالمية على الرغم من أنها من أفقر دول أوروبا اقتصاديا ولا يزال معدل البطالة فيها عند مستوى 9%.
وفي اليونان فاز الحزب الاشتراكي اليوناني المعارض باسوك برئاسة جورج باباندريو في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في 4 أكتوبر وحصل على الغالبية المطلقة في البرلمان منهيا بذلك خمس سنوات من حكم المحافظين. ويتبنى باباندريو نظام اشتراكي ليبرالي ترافقه سياسة بيئية .ومع عودة الباسوك للسلطة تعهد بابانديرو ببداية نشطة لحكمه مع الاقتصاد وقدم برنامج تحفيز قيمته 3 مليارات يورو..
ولم تكن هذه الانتخابات أول انتخابات سياسية مبكرة تراها اليونان لكنها كانت أول مرة يدعو لإجرائها رئيس الوزراء السابق،زعيم حزب الديمقراطية الجديدة، كوستاس كرامنليس،وهو يعلم أنه سيلقى هزيمة سياسية على يد خصومه.
الموقف في اليونان مهد لهذه الانتخابات بعد تورط أحد الوزراء ومساعديه في فضيحة فساد فضلا عن رد فعل الحكومة البطيء على الحرائق التي اشتعلت في الغابات المحيطة بالعاصمة أثينا، وأسفرت عن تدمير أكثر من 21 ألف هكتار في منطقة أثينا. وقبل ذلك كله فاقتصاد اليونان هو الأضعف في دول منطقة اليورو ويمر الآن بأول كساد له منذ 16 عاما مع ارتفاع الدين الوطني.
وعلى الصعيد الخارجي، شهد عام 2009 بداية جديدة للعلاقات الأوروأطلسية، قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 2 أبريل بأول زيارة لأوروبا حيث شارك في قمة العشرين في لندن، كما زار ألمانيا وفرنسا للمشاركة في الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس حلف شمال الأطلنطي.
وشارك أيضا في أعمال القمة الأوروبية الأمريكية التي استضافتها العاصمة التشيكية براغ ،وأعادت هذه الزيارة ترسيخ المشاركو عبر الأطلنطي وفق أسس جديدة من خلال الاعتراف بعدم قدرة الولايات المتحدة على قيادة العالم منفردة والعمل المشترك مع أوروبا للخروج من دوامة الأزمات بدءا من أفغانستان مرورا بالأزمة المالية وانتهاء بالملف الإيراني .
وفي إطار الاهتمام بدعم العلاقات عبر الأطلنطي عقدت في واشنطن في 3 نوفمبر القمة الأوروبية الثانية لبحث أهم الملفات التي يواجهها العالم في أفغانستان وباكستان وإيران فضلا عن الاقتصاد ومكافحة التغيرات المناخي.
واستأنف الناتو وروسيا رسميا التعاون بينهما في المجالين الأمني والعسكري في 28 يونيو 2009، وذلك في أول محادثات عالية المستوى بينهما منذ الحرب التي اندلعت في القوقاز في أغسطس 2008. وكانت العلاقات قد تدهورت مؤخرا بين روسيا والناتو عقب اندلاع الصراع العسكري بين روسيا وجورجيا العام الماضي، إلا أن الحلف قرر إعادة التعاون مع روسيا نهاية العام الماضي بعد أن تيقن من ضرورة التعاون معها بشأن القضايا الأمنية الأساسية المتشابكة مثل أفغانستان، وضبط التسلح، والإرهاب.
وظهرت بوادر تحسن في العلاقات الروسية الأمريكية بعد القرار الذي اتخذه الرئيس أوباما في 17 سبتمبر بالتخلي عن نشر منظومة الدرع الصاروخية في بولندا وجمهورية التشيك, وقد أوضح أوباما أن سبب تراجع إدارته عن مشروع نشر الدرع الصاروخية الأمريكية في بولندا والتشيك يأتي في ضوء تقديرات وتقييمات تقنية وتكنولوجية للمشروع من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فضلاً عن ارتفاع مستوى التكلفة المالية للمشروع.
كما رأى أوباما أن الاستمرار في السير في اتجاه مشروع الدرع الصاروخية يجعل روسيا في حالة عداء تام، حيث كان هناك مخاوف روسية من أن هذا المشروع سيمثل تهديدا لأمنها واختراقا لمجالها الحيوي ومنطقة نفوذها الإقليمي.
واتضحت تلك المخاوف الروسية أكثر عندما ربط الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف في القمة الأمريكية الروسية في يوليو الماضي بين تمديد معاهدة تقليص الأسلحة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا وحسم أوباما لموقفه حول نشر الدرع الصاروخي الأمريكي في شرق أوروبا.
غير أن قرار الرئيس أوباما لا يعكس تراجعا عن مشروع نشر الدرع الصاروخي في أوروبا بقدر ما هو مراجعة للمشروع وفاعليته حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس أن برنامج الدفاع الصاروخي البديل سيعتمد على سفن مزودة بصواريخ اعتراضية تتواجد بصورة دائمة في جنوب البحر المتوسط وبحر الشمال في مرحلة أولى على أن يتم في مرحلة ثانية دراسة إمكانية نشر أنظمة دفاعية أرضية لن تجهز قبل عام 2015.
كما وقعت روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في 6 يوليو خلال زيارة أوباما لموسكو اتفاقية لتخفيض عدد الرؤوس النووية التي تنشرها البلدان إلى ما بين 1500-1675 وحدة خلال السبع سنوات القادمة لتكون بديلا عن اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية التي تنتهي هذا العام. واتجهت أوروبا لدعم علاقاتها مع روسيا بعد فترة التوتر التي أعقبت أزمة جورجيا العام الماضي وعقدت في مدينة خاباروفسك، الواقعة أقصى الشرق الروسي، في 21 مايو قمة بين روسيا والإتحاد الأوروبي تناولت الأزمةَ الاقتصادية العالمية والأمن الأوروبي والتعاون في مجال الطاقة..
وأكد الرئيس الروسي ميدفيديف في ختام القمة أن الشراكة بين روسيا والاتحاد الأوروبي تتسم بطابع استراتيجي،لذلك فهي تمكن من التصدي لأصعب التداعيات والقضايا بما فيها قضية الأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدا على مواصلة تطوير العلاقات الاقتصادية بينهما والمكافحة المشتركة للإرهاب والجريمة العابرة للقارات والتصدي للتداعيات العالمية الأخرى. كما عقد الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف قمة ثانية في 18 نوفمبر مع زعماء الاتحاد الأوروبي في ستوكهولم، قدم خلالها اقتراحه الهادف لخفض انبعاث الغازات بنسبة 25%، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا أوروبيا واسع النطاق..
ووقع الاتحاد الأوروبي وروسيا خلال هذه القمة على بروتوكول اتفاق حول إنشاء آلية للإنذار المبكر تهدف إلى تفادي أزمات في مجال الطاقة، وشدد الطرفان الروسي والأوروبي على أن الحفاظ على أمن الطاقة أولوية مطلقة لعودة الدفء للعلاقات الثنائية بينهما.
واهتمت دول الاتحاد الأوروبي بدعم علاقاتها مع العملاق الأسيوي، وعقد زعماء الصين والاتحاد الأوروبي قمتهم الحادية عشر في براغ في 20 مايو 2009 والتي ركزت بالأساس على تناول العلاقات بين الصينية الأوروبية، والأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والتغير المناخي، وأمن الطاقة، وكذلك تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الأسيوية (شبه الجزيرة الكورية، وميانمار، وإيران، وسريلانكا، وأفغانستان، وباكستان).
وأعرب الزعماء عن تصميمهم على تدعيم التعاون، ومواصلة العمل معا من أجل معالجة التحديات العالمية مثل الأزمة المالية، والتغير المناخي، واستمرار الالتزام بنشاط في تعزيز التنسيق والتعاون في الشئون الدولية. وفي 30 نوفمبر 2009، انعقدت القمة الأوروبية الصينية الثانية عشر في مدينة نانكين الصينية والتي اتفق خلالها قادة الصين والاتحاد الأوروبي على العمل معا بصورة وثيقة في مجالات الشؤون المالية والتغير المناخي وغيرها من التحديات التي تواجه العالم، مؤكدين أن التعاون الدولي في هذه المجالات يحظى بأهمية متزايدة.
كذلك استضافت العاصمة السويدية ستوكهولم في 6 أكتوبر 2009 أحداث القمة الأوروبية البرازيلية، والتي التقى خلالها الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا رئيس الجهاز التنفيذي الأوروبي جوزيه مانويل باروزو ورئيس الوزراء السويدي فريديرك رينفيلدت. وتناولت القمة العديد من المسائل السياسية والاقتصادية المشتركة، لاسيما مسألة إدارة الأزمة المالية الراهنة وسبل التعافي، كما شددت على حتمية التعاون المشترك لمحاربة التغير المناخي..
وجاءت هذه القمة في إطار مساعي أوروبية إلى بناء شراكة إستراتيجية مع البرازيل التي باتت القوة الاقتصادية الأولى في أمريكا اللاتينية. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد شهدت القارة الأوروبية نموا اقتصاديا ملحوظا لاسيما خلال الربع الثالث من عام 2009، حيث انتهت موجات الركود الاقتصادي التي سادت على مدار العام في عدد من البلدان الأوروبية وسجلت دول منطقة اليورو، التي تضم 16 من الدول الأعضاء في الاتحاد، نموا اقتصاديا بمعدل 0.4%.
ومع ذلك، فإن شبح البطالة لازال يخيم على الأسواق الأوروبية، فقد أظهرت أحدث البيانات انضمام حوالي 134 ألف شخص إلى قوائم العاطلين في منطقة اليورو خلال أكتوبر الماضي، ليصل متوسط معدل البطالة في منطقة اليورو إلى 9.8%، وهو أعلى مستوى له منذ 11 عاما.ويمثل معدل البطالة المتزايد عقبة رئيسية أمام حدوث نمو ملموس في الاقتصاديات الأوروبية.
من ناحية أخرى، رأى بعض خبراء الاقتصاد أن ارتفاع قيمة العملة الأوروبية الموحدة اليورو أمام العملات الرئيسية الأخرى في العالم يمثل تهديدا للصادرات،حيث أنه يحد من القدرة التنافسية للمنتجات الأوروبية في أسواق العالم، كما أن سعر الفائدة الأوروبية قد انخفض إلى مستوى 1% وهو أدنى مستوى له على الإطلاق، وهو ما يؤكد أن الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم عام 2008 لا تزال تلقي بظلال كثيفة على أسواق العمل الأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.