دخلت معاهدة لشبونة حيز التطبيق، أمس، مع تسلم أول رئيس للاتحاد الأوروبى البلجيكى هرمن فان رومبوى، ووزيرة خارجية الاتحاد البريطانية كاثرين أشتون مهامها، وأصبحت الأخيرة بدورها الممثلة العليا للشؤون الخارجية خلفا للإسبانى خافيير سولانا، فيما اتفق خبراء ودبلوماسيون على أن استحداث منصب وزير خارجية لدول الاتحاد يعتبر تحقيقا نسبيا للوحدة الأوروبية على المستوى السياسى بعد أن كانت الوحدة مقتصرة على الشق الاقتصادى، لكنهم ذكروا أن الاتحاد بعد تعيين وزيرة لخارجيته سيواجه مشكلة فى توزيع الاختصاصات داخله. وأكد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو فى بيان أن هذه المعاهدة التى يفترض أن تحسن عمل الاتحاد الاوروبى،ستؤمن له الأدوات الضرورية لمواجهة التحديات المستقبلية واستجابة مطالب المواطنين . وأضاف باروسو أن «الاتحاد الاوروبى سيكون أكثر استعدادا لاستجابة التوقعات فى مجالات الطاقة والاحتباس الحرارى والجريمة العابرة للحدود والهجرة، وسيكون قادرا على التحدث بصوت واحد على المسرح الدولى». وصرح مصدر دبلوماسى بالقاهرة بأن وفد المفوضية الاوروبية بمصر سيتغير اسمه إلى وفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، وأن رئاسته ستصبح دائمة ولن تنتقل بين الدول الأعضاء كل ستة أشهر. فى سياق متصل، أوضح الدكتور سعيد اللاوندى خبير الشؤون الأوروبية ب«الأهرام»، أن الاتحاد الأوروبى منذ قيامه فى منتصف القرن الماضى كان يتنامى كقوة اقتصادية على حساب القوى السياسية. وقال: «إن العجز الوحيد لتلك القوة الاقتصادية كان عدم وجود قوة سياسية فعالة، حيث لم يكن لها أى تأثير، حتى انه فى كثير من المرات لم يكن بوسعنا تحديد سياسة خارجية أوروبية موحدة تجاه العديد من القضايا مثل العراق وعملية السلام». وأضاف: «أن الطموح الأوروبى منذ بداية إنشاء اتفاقية «ماسترخت» أن يكون قوة اقتصادية أولاً، ثم يلى ذلك قوى سياسية، وكان الحلم وجود سياسة خارجية موحدة تضم الولاياتالمتحدة الأوروبية على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية».وتابع: «عندما جاء ساركوزى رأى أن الشباب الأوروبى لا يؤمن بذلك، فقام بتفكيك هذه الاتفاقية، وأصبحت تأخذ شكل معاهدة لشبونة وتحقق الحلم إلى حد ما بحيث كان خافيير سولانا آخر ما يسمى المنسق الأعلى للسياسة الخارجية وخلفته الوزيرة البريطانية كاثرين أشتون». ووصف اللاوندى تلك الفكرة الجديدة بأنها «خيالية»، معرباً عن اعتقاده بأنها ستؤدى إلى إحداث خلافات كثيرة بين منصب رئيس المفوضية الأوروبية ومنصب سولانا، متسائلاً:هل منصب رئيس المفوضية الأوروبية سيتعارض مع رئيس الاتحاد الاوروبى. وأشار إلى أن ذلك سيخلف مشكلة عسيرة، ألا وهى توزيع الاختصاصات، موضحاً أنه بهذه الخطوة ستصبح أوروبا قوة سياسية بنفس القوة الاقتصادية، وعاد لللتساؤل: هل ستنجح أوروبا فى ذلك أم لا؟ وحول تداعيات هذا الأمر على العلاقات الدولية، قال الدكتور أحمد أبوالوفا، رئيس قسم القانون الدولى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة: «بالتأكيد هذا القرار أثار العديد من الأمور أهمها أولا التنسيق بين سياسات الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وعددها 27 دولة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية مع الدول والتكتلات الدولية الأخرى». وأضاف: «إن هذا سيؤدى إلى أن يكون هناك حديث بصوت واحد بخصوص المسائل الدولية التى قد تثار مع الدول والهيئات الدولية الأخرى»، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يدفع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى إلى ضرورة التوصل إلى موقف مشترك قبل الدخول فى مفاوضات مع الدول والهيئات الأخرى وذلك لتوحيد مواقفها بخصوص المسائل التى قد تثار.