مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب التي من المفروض ان تجري في نهاية هذا العام حان الوقت لارساء تقاليد راسخة تدعم الدور المنوط بالنواب لخدمة قضايا الشعب والرقابة الأمينة علي اداء السلطة التنفيذية بعيدا عن أي مؤثرات تمس الشفافية والمصداقية. يأتي في مقدمة هذه التقاليد.. عدم السماح بالتمتع بعضوية مجلس الشعب لمن يشغلون وظائف حكومية أو شبه حكومية وعلي اساس ان اي مرشح ينجح في الانتخابات وكان يشغل واحدة من هذه الوظائف عليه ان يستقيل أو ان يأخذ اجازة من عمله طوال فترة النيابة كي يتفرغ تماما للمهمة الوطنية المكلف بها من قبل الشعب الذي انتخبه وحتي لا يضار ماديا فليس هناك ما يمنع من تعويضه عما كان يتقاضاه يضاف الي مكافآته من مجلس الشعب طوال فترة عضويته بالمجلس. اعتقد ان هذا النظام وهذه التقاليد معمول بها في كل برلمانات العالم الا في مصر. لا يعقل بأي حال ان يتمكن النائب من ممارسة مهمته التشريعية والرقابية تجاه المسئول عن الجهاز الذي يعمل به. في نفس الوقت فانه وكإنسان لن يكون قادرا علي استبعاد ما يتطلع اليه من امتيازات وظيفية من خلال استغلال موقعه النيابي انه في هذه الحالة اما ان يحرص علي ارضاء رؤسائه أو أن يلجأ الي عمليات الابتزاز ضدهم في حالة عدم تجاوبهم مع مطالبه.. وهو ما يعني ان الضحية في كلتا الحالتين هي المصلحة العامة. لقد كان اعتزال الوظيفة الحكومية أو العامة لاعضاء مجلس الشعب تقليدا معمولا به في مصر قبل الثورة.. ولكنه ونتيجة لما تعرضت له الديمقراطية من عدوان وامتهان ولضمان ان تكون هذه البرلمانات خاضعة تماما للسلطة التنفيذية الي جانب الاخذ بمباديء المجاملة لجماعات اهل الثقة فقد تم التجميد. نتيجة لذلك فقد رأينا نوابا يشغلون مناصب قيادية وغير قيادية وتم اقرار عضويتهم بالبرلمان وقد احسن مجلس الدولة عملا عندما قام بتفعيل قانون التفرغ للمسئولية النيابية عندما اصدر احكاما اخيرة بضرورة تخلي بعض كبار المسئولين عن وظائفهم في الشركات التابعة لقطاع الاعمال العام ورغم ذلك فمازال هناك في مجلس الشعب وحتي الآن نواب يتولون مناصب من هذا النوع تنتظر البت في امرها بما يتفق والقوانين والتقاليد. انني لا أجد ضررا يمكن ان يتعرض له هذا النائب شاغل الوظيفة الحكومية مادام سوف يتم تعويضه ماديا عن تجميد نشاطه الوظيفي. الا اذا كان هدفه هو تحقيق مصالح ومكاسب شخصية أخري وليس خدمة الشعب. ان الاقدام علي خطوة الفصل بين المسئولية النيابية والعمل العام اصبح امرا ضروريا اذا كنا جادين حقا في اثراء التجربة الديمقراطية ودعم الدور المنوط باعضاء مجلس الشعب. في هذا الاطار فإنه لا يسعني سوي ان ارحب بما اتخذته ادارة الفتوي بمجلس الدولة فيما يتعلق بوزارات التجارة والصناعة والكهرباء والبترول بإبطال تعيين بعض اعضاء مجلس الشعب كرؤساء بمؤسساتها وأجهزتها. استند القرار الي المادة 73 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب التي تحظر علي النواب الجمع بين العضوية ورئاسة مجالس ادارات هذه الشركات وهو اجراء هدفه درء الشبهة. والسؤال الذي يحتاج الي اجابة هو: هل هذا الاجراء القانوني وقف علي مناصب رؤساء الشركات ام انه يشمل كل الوظائف الحكومية.. من المفروض علي حد تفكيري انه لابد ان يشمل كل الوظائف وبلا استثناء وعلي اساس ان المسئولية واحدة والتداعيات واحدة. جلال دويدار [email protected]