ونحن نحاول العودة الي التقاليد البرلمانية الاصيلة وارساء دعائمها لصالح مستقبل هذا الوطن فانه لابد من التنقية من الشوائب التي تثير الشكوك حولها مثل هذا التحرك سوف يضمن الشفافية اللازمة لممارسة.. هذا العمل النيابي الذي من المفروض ان يسمو عن كل الصغائر ومظاهر الفساد.. لتحقيق ذلك يجب ان يكون هذا التوجه ضمن مسئوليات اجهزة الدولة علي اعلي المسئوليات. ان هذا يتطلب أن يكون منع الانحراف من المنبع اي من بداية الاختيار لتمثيل الشعب ثم بعد ذلك من خلال الرقابة والمتابعة سواء من جانب رئاسة المجلس التشريعي او من جانب القيادات التنفيذية . علي هؤلاء المسئولين الابلاغ عن اي فساد فور وقوعه وعدم اغماض العين بما يسمح باتخاذ الاجراءات القانونية في حينه. اقول هذا بمناسبة تقرير الرقابة الادارية الذي كانت له صولات وصولات في كشف الكثير من قضايا الفساد هذا التقرير يتعلق بمخلفات العلاج علي نفقة الدولة والذي نشرته »الاخبار« امس باجتهاد صحفي من الزميلة خديجة عفيفي. لقد هالتني الارقام التي تضمنها هذا التقرير والذي ان دل علي شيء فإنه يدل علي مدي الاهمال والتسيب الذي يسود الاجهزة الحكومية. اشار الي ان من يسمون انفسهم بنواب الشعب اي الذين من المفروض ان يدافعوا عن الشعب وامواله استصدروا 62676 قرارا لحالات علاج علي حساب الدولة .. معظمها لايستحق ولم يستوف الاجراءات كلفت الموازنة العامة 352 مليون جنيه خلال اربعة شهور.. تبين ايضا من واقع ممارسات الفساد واستغلال السلطة النيابية ان من بين هذه المبالغ 9.3 مليون جنيه تم صرفها لأحد المستشفيات الخاصة لاجراء عمليات تجميل عيون .. اي والله تجميل عيون وليس علاج عيون!! هل يمكن ان يحدث هذا في بلد تحارب ويعلو الصراخ فيها طلبا لتوفير الغذاء ورغيف الخبز للملايين من ابنائه والذي يعاني فيها التعليم احد ركائز الامن القومي من نقص الاعتمادات. ومن بين ما تضمنه هذا التقرير الخطير الفضيحة .. ان نائبين اثنين فقط استطاعا استصدار 21721 قرار علاج علي نفقة الدولة لغير المستحقين خلال اربعة شهور ايضا. وكشف التقرير علي ان هذه المهزلة قد تمت فصولها من خلال حلقات من الفساد الاداري الحكومي شاركت فيها عصابات من العاملين في اجهزة ومستشفيات الدولة يتولي ادارتها وسطاء منتفعون. لقد شملت قرارات العلاج الانحرافية ايضا شراء اجهزة تعويضية وموتوسكيلات معوقين لايوجد اي مستند يدل علي ان احدا قد تسلمها. الغريب ان الذين قاموا بهذا العمل الخسيس هم قلة من ممثلي الشعب في المجالس النيابية والذين يجب محاكمتهم علنا ليكونوا عبرة لغيرهم وحتي يدرك الفاسدون ان المال العام ليس نهيبة وان التخلي عن الضمير والامانة جريمة لايمكن التغاضي عنها. كل هذه الوقائع تشير إلي أن هؤلاء النواب غير أمناء علي القيام بالدفاع عن قضايا الشعب . ان ما حدث يقودنا الي اهمية ان تكون هناك دراسة عميقة لكل ابعاد القضية وحياة القائمين عليها لمعرفة الاسباب والدوافع والعمل علي تجنبها. ارجو ان يكون ضمن هذه الدراسة ملف كامل عن تاريخ حياة الذين ارتكبوا هذه الجرائم وكيفية وصولهم الي عضوية مجلس الشعب ومن كان وراء اختيارهم.. الهدف من وراء هذه الدراسة هو العمل علي تجنب الوقوع في نفس الخطأ خاصة ونحن علي ابواب انتخابات جديدة لمجلس الشعب. لقد حان الوقت لأن يتم هذا الاختيار وفق قواعد محددة يأتي في مقدمتها حسن السمعة والقدرة علي الاداء وخدمة المجتمع والامانة والشفافية وليس اي شيء آخر. ان هذه المهمة تدخل في اطار المسئولية الوطنية التي يجب ان يتسم بها سلوك وتصرفات الجميع.