اليوم تشهد مصر فعاليات انتخابات مجلس الشعب التي صاحبت عمليات التمهيد لإجرائها موجات وموجات من الضجيج والمناورات السياسية. كما اتسمت فصولها حتي قبل 42 ساعة بالتصريحات النارية وانتشار الشائعات. ليس هناك ما نرجوه سوي ان تمر عملية إدلاء الناخبين بأصواتهم بالرقي والسلاسة والبعد عن العنف الذي لا يجني من ورائه الوطن الذي نعيش في ظله سوي عدم الاستقرار وتشويه الصورة وهو ما يمكن ان ينعكس سلبا علي مستقبل أبنائه من كل الأجيال. يجب ان يسود الإحساس بأن التصويت في كل اللجان سوف يكون محوره الأساسي النزاهة والشفافية وسرعة معالجة أي سلبيات. ان العنصر الأساسي الذي يتمحور حوله هذا الحدث هو ان يمر دون أي هزات أو معوقات وهو الشكل الذي نتمناه جميعا والذي لا يتمناه في نفس الوقت كل المتربصين الكارهين لاستكمال مسيرتنا الديمقراطية. وفي هذا المجال فإن جميع المرشحين ومؤيديهم مطالبون بأن يكونوا علي مستوي المسئولية الوطنية وأن تكون سلوكياتهم وتصرفاتهم تعبيرا عن مدي حبهم لبلدهم وحرصهم علي أمنها ونصاعة صورتها أمام العالم الذي يتابعنا بالاهتمام الذي يتفق وثقل ومكانة مصر إقليميا وعالميا. كم أتمني أن يكون ما يجري في هذه الانتخابات من كل الوجوه.. من البداية وحتي النهاية عاكسا أمينا لمدي حضارية مصر وشعبها ومقياسا صادقا للدور القيادي والرائد الذي قامت وتقوم به في منطقتنا العربية. من المؤكد ان إقبال المواطنين علي الإدلاء بأصواتهم ضروري لتفعيل المشاركة السياسية علي أوسع نطاق في صنع القرار من خلال الاختيار الحر النزيه لممثليهم في مجلس الشعب. أن عليهم أن يؤكدوا للعالم ومن خلال استخدامهم لحقهم الانتخابي أنهم يستحقون حياة سياسية تليق بتاريخهم وحضارتهم. مثل هذا التحرك الايجابي سيمثل في مضمونه شهادة للعالم كله بالرغبة الفعالة في ان يساهموا في صنع مستقبل وطنهم. وإذا كان التوجه إلي صناديق الانتخاب تأكيدا للتخلي عن السلبية في ممارسة العمل السياسي فلا جدال ان التزام الجميع وفي مقدمتهم أجهزة الدولة المختلفة المنوط بها إدارة هذه الانتخابات بالعمل الصادق من أجل توفير المناخ الآمن والهادئ والبعيد عن شبهة أي تدخل سوف يساهم في إتمام عملية التصويت دون أي مشاكل. في هذا الإطار لابد أن يدرك كل المرشحين وبلا استثناء ان هدفهم في النهاية سواء فازوا أو لم يحالفهم الحظ .. هو خدمة هذا الوطن وأن عليهم لإثبات ذلك تقبل نتيجة الاختيار الشعبي بنفس راضية. من ناحية أخري فليس جديدا القول ان وجود معارضة برلمانية هو عامل أساسي قوي لتحقيق الصالح العام وإرساء للديمقراطية التي تتطلع إلي تحقيقها جموع المواطنين. في هذا الإطار فإنه لا يجب ان يكون هناك اختلاف في توجهات النواب سواء كانوا ممثلين للأغلبية الحاكمة أو لأحزاب المعارضة فيما يتعلق بالمهمة الدستورية الموكولة اليهم والتي تتركز في ممارستهم الأمينة للرقابة علي الحكومة وأجهزة الدولة المختلفة والاطمئنان الموثق بأن ما تقوم به هو لصالح ازدهار هذا الوطن ورفاهية مواطنيه. وعلي الجانب الآخر فإن علي الحكومة وأجهزة الدولة أن تؤمن إذا كان هدفها هو الصالح العام أن وجود مجلس شعب قوي يعد عنصرا أساسيا في تحقيق هذا الهدف من خلال مساهمته بالرأي والمتابعة والرقابة. من هذا المنطلق فإن أحدا لا يمكنه ان ينكر علي الشعب حقه في أن يكون مجلس الشعب القادم نقلة نوعية لخدمة الحياة السياسية في مصرنا الغالية.