بالطبع فان احدا لا يملك في اطار الحرص علي مصالح الوطن الاقتصادية سوي ان يرحب باي تحرك نحو تعظيم الاستثمار الصناعي باعتباره الركيزة الاساسية للتقدم والنهوض في كل المجالات التي تحقق الرخاء.. من هذا المنطلق فان اي موافقات علي تشجيع هذا الاتجاه لابد وان تضع في الاعتبار القواعد المتعارف عليها في مثل هذه الامور والتي من المفروض انها تخدم الاقتصاد الوطني وتراعي مصالح المستهلك . اساس هذه القواعد هي اطلاق المنافسة في الحدود التي تحفظ الحقوق لجميع الاطراف سواء كان مستهلكا وهو الاساس أو صاحب مشروع بما يضمن العدالة في تحديد الاسعار بعيدا عن الاحتكار والاستغلال مع توافر القدرة اللازمة علي المنافسة داخليا وخارجيا . وعلي ضوء المعاناة وعمليات الاستغلال التي تدعمها مظاهر الاحتكار. كانت صناعة حديد التسليح وعلي مدي السنوات الاخيرة احدي الساحات لممارسة هذه السلوكيات. من هنا فقد كان ضروريا ولتجنب الازمات الناجمة عن ذلك .. التخطيط لفتح الباب امام التوسع في هذه الصناعة الاستراتيجية بما يضمن توفير الكم الكافي من المنتج للاستهلاك الداخلي مع فائض مناسب للتصدير الخارجي من اجل الحصول علي العملات الاجنبية اللازمة لسد الاحتياجات المالية لاستيراد مسلتزمات الانتاج بالاضافة إلي دعم الارصدة الوطنية للعملات الاجنبية. وكما هو معروف فإن التوسع في صناعة الحديد وبكل انواعه يعني مساهمة قوية في الكثير من الصناعات الاخري التي تُعظم من الرواج الاقتصادي وبالتالي دعم المسيرة الاجتماعية والسياسية. واذا كانت وزارة الصناعة وجهاز التنمية الصناعية قد اقدمت علي خطوة الاعلان عن طرح رخص جديدة لانشاء مصانع جديدة لانتاج الحديد.. فانه كان مفهوما ان الهدف هو ان يدخل هذا السوق مستثمرون جدد بما يؤدي إلي توسيع قاعدة المنتجين المستثمرين في هذه الصناعة وليس فتح الباب امام المنتجين الحاليين لتضخيم احتكاراتهم من خلال حصولهم علي هذه الرخص. وفي هذا المجال صُدمت بما نشرته احدي الصحف المتخصصة في الشئون المالية »السوق العربية« بأن هناك شكوي تقدم بها احد الذين شاركوا في التقدم للحصول علي الرخصة يتهم فيها هيئة التنمية الصناعية بالتواطؤ مع المنتجين الحاليين من خلال الشروط التي تم وضعها . وتقول الشكوي: ان احد هذه الشروط التي تدعم هذا التواطؤ ان يكون للمتقدم سابقة اعمال وخصص لهذا الشرط ثلث الدرجات اللازمة للموافقة وهو ما يعني تفصيل الرخصة علي السادة المنتجين الحاليين الذين سوف يحصلون علي اعلي النقاط بعد ضمان الحصول علي هذه النسبة!! لا معني لهذا الشرط المجحف للمستثمرين الجدد سوي ان هناك نية مبيتة ليحصل المنتجون القدامي علي هذه الرخص »وكأنك يا ابوزيد ما غزيت« باعتبار ان الحال في السوق سوف يبقي كما هو عليه احتكارا واستغلالا. لا تفسير لهذا الذي حدث سوي الوقوع تحت تأثير النفوذ الطاغي لاصحاب المصانع الحالية والذي جعل الذين وضعوا هذه الشروط يرتعدون خوفا منهم وهو ما دفعهم الي ممارسة الرياء لصالحهم حتي دون ان يطلبوا. ليس هناك ما يقال في هذا الامر سوي المطالبة بالشفافية الكاملة وان يتقي الجميع الله فيما يفعلون لصالح هذا الوطن الذي يئن ويضج من فساد الذمم.