ظم مركز وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في أبوظبي، وبالتزامن مع احتفال العالم باليوم العالمي للغة العربية، وجائزة القراءة ثقافة وإبداع، ندوة حوارية بعنوان «شخصيات ملهمة»، استضاف خلالها رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للأمراض الجينية في دبي، الدكتورة مريم مطر، وحاورها سامح كعوش، بحضور عدد كبير من الكتاب والمهتمين، ورواد المركز الثقافي. وتحدثت مطر عن تجربتها مع القراءة، وأثرها في تكوينها الشخصي، وحضورها في حياتها اليومية والعملية، وتأثيرها في تفكيرها، كما تناولت دور القراءة في بناء وصقل الموهبة، وتطوير الذات، وتنشئة الأجيال تنشئة صحيحة. وقالت مطر إن «شغفي باللغة العربية، وتفوقي فيها، يعودان إلى مرحلة الدراسة، حيث كانت مدرّستي «خديجة» تحفّزني على تعلّم اللغة العربية والتفوّق فيها، حتى أصبحت زميلاتي في الصف يحسبن أنني مصرية لتميّزي في اللغة العربية، مضيفةً أن الأطفال يحتاجون في تنشئتهم وتكوينهم إلى قدوة في عملية القراءة وتحصيل المعرفة يحذون حذوها، وهذا ما تحقّق مع ابنتها سارة، التي اتخذت من أمها وجدتها قدوة لها في تحصيل المعرفة، حتى أصبحت متمكنة في اللغة العربية واللهجة الإماراتية القديمة، مع اكتساب لغات أخرى أجنبية. وأكدت مطر أن القراءة هي الوسيلة المثلى والطريق الأسلم لتطوير الذات، والارتقاء بالذائقة، وتحقيق الآمال والطموحات، والوصول إلى عوالم فسيحة، والاطلاع على تجاربها، على الرغم من بعدها المكاني، لافتة إلى أن اهتمامها بدول أميركا الجنوبية، ورغبتها في زيارة هذه الدول لم يروهما إلا القراءة، خصوصاً وسط مشاغلها الكثيرة التي تحول دون السفر إليها. كما أن الإنسان بالقراءة والمطالعة بإمكانه أن يطلع على تجارب الآخرين، ويستفيد منها في تطوير ذاته وذائقته ورؤيته ونظرته للحياة. وأوضحت أن أهم الكتب التي شغلت اهتمامها في الصغر، وأسهمت في إثراء تجربتها وصقل شخصيتها روايات عبير، حيث منحتها مخزوناً من اللغة، وأضافت إليها الكثير على مستوى التجربة الحياتية، لكونها قارئة تفضّل قراءة الجانب العاطفي في الأعمال السردية، دون الجانب التراجيدي، مشيرة إلى أن القراءة هي الإطار الأمثل الذي يمنح الإنسان القدرة على اختيار نوع الفكر ونمط التفكير المناسب له، وأداة لتنمية مدارك الإنسان وتطوير قدراته وصقل مواهبه. ولفتت إلى أنه من بين المصادر التي استفادت منها، وأسهمت في تطوير تجربتها العلمية والعملية، واستقت منها الكثير، وجود شخصيات عربية كان لها دورها في بناء الدولة والوطن، وأطباء من مدارس مختلفة واتجاهات متنوعة، من الهند، وبريطانيا وغيرهما، حيث وفّر عليها وجود هؤلاء الجهد والوقت والمال، وأسهموا في تنمية وعيها وإدراكها، وتطوير مشروعها حول الوقاية من الأمراض الفتاكة. وأكدت أن العلم الحديث أثبت أن أي سلوك إنساني له طفرة جينية وأثر وراثي، يذكيان جذوة الرغبة في القراءة والمعرفة، وهذا ما يجعل الشغف بالقراءة وراثياً، كما قد يكون مكتسباً في الوقت نفسه، بحسب الحالة والميول والرغبة لدى الشخص نفسه. وأشارت إلى أنها على الرغم من كونها متخصّصة في مجال العلوم والجينات ومتلازمات الأمراض، فإنها تحب قراءة الشعر، خصوصاًة الشعر النبطي، الذي تشعر بأنه يلامس ذاتها ووجدانها، ويعبّر عن هويتها الثقافية، مؤكدة أن الكتاب بشكل عام هو سرّها الذي تحافظ عليه، ولا تسمح لأي كائن بالاقتراب منه. وأكدت أنها كانت تكتب مجموعة من الأفكار والخواطر، وكتبت يوم تخرّجها مذكرة من 50 صفحة، تناولت فيها خططها وطموحاتها التي تأمل تحقيقها إلى عام 2050، ومن تلك الطموحات أن تحصل على جائزة نوبل، وأن تكون وزيرة للصحة في دولة الإمارات عام 2032. واعتبرت أن القراءة في الإمارات فقيرة، بالمقارنة مع بعض الدول، مثل اليابان التي يوجد في كل مكان منها مكتبة، لكن ذلك لا يعني عدم وجود مبادرات تعنى بالقراءة، بل على العكس من ذلك فهناك العديد من المبادرات القيمة، التي أطلقتها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والتي تركز على القراءة واللغة العربية والتي تستحق كل التقدير، وهناك معارض الكتب التي تنظم في الدولة على مدار العام، لكن يبقى المزيد من التحفيز على القراءة، واكتساب أدوات المعرفة، وتشجيع الشباب على اقتناء الكتب. وسردت مريم مطر قصة صديقتها اليابانية، التي كانت تحفّز ابنتها على القراءة، حيث اصطحبتها ذات مرة إلى المكتبة، واشترت لها مجموعة قصصية، ووعدتها بتقديم هدية لها فور اكتمال قراءتها لتلك القصص، مؤكدة أن هذه الطريقة التشجيعية، التي اتبعتها صديقتها اليابانية مناسبة جداً لتحفيز الأطفال على القراءة واقتناء الكتب.