تتوقع دوائر الأعمال المصرية أن تشهد المرحلة المقبلة نموا وتطورا في حجم وطبيعة الاستثمارات الأوروبية بمصر، لاسيما الاستثمارات اليونانية والفرنسية والايطالية على ضوء خطط وتحركات وزارة الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية وتقديم حوافز اضافية لهذه الشركات للعمل في مصر . وتهدف هذه الخطط للاستفادة من تجارب بعض الدول الأوروبية في تنشيط الاقتصاد خاصة تجربة الشركات لايطالية في مجال دعم وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر سواء عبر ابتكار آليات غير تقليدية للتمويل أو ايجاد قنوات للتسويق وتصريف منتجات هذه المشاريع، بربطها بشركات ايطالية تستورد هذه المنتجات بهدف اعادة ادخالها في منتجات أخرى. وأشارت جريدة الاتحاد الإماراتية فى مقال لها الى أن الفترة الحالية تشهد سباقا بين شركات أوروبية متنوعة النشاط تنتمي لثلاث دول تقع في شمال البحر المتوسط هي فرنسا وايطاليا واليونان على فرص الاستثمار في السوق المصرية. و أن هذا السباق يأخذ اشكالا عدة في مقدمتها التوغل والتركيز داخل قطاعات استثمارية محددة بهدف الاستحواذ على أصول أو حصص مؤثرة في بعض هذه القطاعات، وابرام تحالفات استراتيجية مع شركاء محليين سواء كانوا شخصيات اعتبارية مثل الشركات القابضة أو شركاء أفرادا. و أشارت الصحيفة الى الشركات المنتمية الى الدول الثلاث تسعى لخلق تواجد قوي في السوق المصرية على خلفية توجه أوروبي لزيادة التعاون مع دول جنوب المتوسط، وخطط لتعزيز اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية ومساندة برامج التحرر الاقتصادي في اسواق دول الجنوب. هذا وتمثل مصر سوقا واعدة للشركات الأوروبية من هذه البلدان لما توفره من فرص استثمارية جيدة، تتوزع على قطاعات عديدة في مقدمتها قطاع الخدمات المالية وقطاع الصناعات التحويلية ثم قطاع تمويل عمليات التبادل التجاري المتنامية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، وهو النمو الذي جعل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر. وتجسد السباق الأوروبي في تنافس العديد من الشركات الفرنسية والايطالية واليونانية على الفوز بصفقات مهمة في صناعات حيوية أو في دخول مشروعات البنية الأساسية التي يتم انشاؤها بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمعروفة باسم PPP. وحسب أرقام الهيئة العامة المصرية للاستثمار فإن ايطاليا تأتى في مقدمة البلدان الأوروبية من حيث حجم الاستثمار في مصر سواء كاستثمار مباشر أو عبر تبادل تجاري، تليها فرنسا ثم تأتي الشركات اليونانية في المرتبة الثالثة وتبلغ القيمة الاستثمارية للشركات من الدول الثلاث في السوق المصرية 12 مليار يورو، تتوزع بواقع 5 مليارات يورو للشركات الايطالية و4 مليارات للفرنسية وثلاثة مليارات لليونانية. وتتسم الاستثمارات الايطالية في مصر وكذلك الفرنسية بالتنوع وتتوزع على العديد من القطاعات، في مقدمتها قطاع الخدمات المالية حيث تتواجد الاستثمارات الايطالية في القطاع المصرفي عبر استحواذ مجموعة “انتسا سان باولو” على بنك الاسكندرية في صفقة بلغت قيمتها ملياري دولار مقابل 85 بالمئة من رأسمال البنك، انخفضت لاحقا الى 75 بالمئة بعد بيع نسبة 10 بالمئة لهيئة التمويل الدولية ذراع البنك الدولي لتمويل القطاع الخاص حول العالم وكذلك في قطاع الطاقة حيث تتواجد شركات ايطالية في صناعة انتاج الكهرباء والتنقيب عن البترول ثم صناعة الأسمنت وتمتلك المجموعة الايطالية “ايتالسمنتي” نحو 35 بالمئة من الطاقة الانتاجية لصناعة الأسمنت المصرية وبنحو 12 مليون طن سنويا من أصل 45 مليون طن بعد استحواذها على شركات السويس للأسمنت وأسمنت حلوان . و تستعد الشركات الايطالية حاليا للدخول بقوة عبر بنك الاسكندرية في مشروعات انشاء للبنية الأساسية لا سيما الطرق والموانئ والمقرر أن تقوم شركات ايطالية يقودها بنك “يو بي اس” الايطالي ومعه بنك الاسكندرية بتنفيذ مشروع محور روض الفرج الجديد الذي يربط طريق القاهرة - الاسكندرية الصحراوي بمنطقة الدلتا عند القليوبية ، وكذلك انشاء ميناء بمنطقة سفاجا على البحر الأحمر. اما الاستثمارات الفرنسية فتتوزع على القطاع المصرفي وتتواجد في بنك “الأهلي سوسيتيه جنرال” حصة أغلبية وبنك “كريدي أجريكول” مع مجموعة المنصور والمغربي وبنك “بي ان بي باريبا”. وفي القطاع الصناعي تتركز أيضا في صناعة الأسمنت عبر مجموعة “لافارج” الفرنسية العملاقة التي تستحوذ على 30 بالمئة من اجمالي الطاقة الانتاجية لصناعة الأسمنت المصرية، بعد شرائها الشركة المصرية للأسمنت من مجموعة ساويرس وأسمنت العامرية. وتمتد الاستثمارات الفرنسية أيضا الى محطات انتاج الكهرباء وبعض المشروعات الكبيرة مثل مشروع تنفيذ مراحل الخطين الثالث والرابع لمترو أنفاق القاهرة، والاستعداد للدخول بقوة في مشروع بناء أول محطة نووية لانتاج الطاقة الكهربائية في مصر بمنطقة الضبعة. أما الاستثمارات اليونانية فتسير في نفس اتجاه الاستثمارات الفرنسية والايطالية وتتواجد في القطاع المصرفي عبر بنكي “بيريوس مصر والأهلي اليوناني”، ثم في قطاع الأسمنت عبر شركة “تيتان” التي تتحالف مع “لافارج” والمشاركة في مشروعات عديدة عبر 111 شركة مصرية تساهم في رؤوس أموالها استثمارات يونانية بحصص تتراوح بين 10 - 90 بالمئة. وأكد محمود عبداللطيف رئيس بنك الاسكندرية لجريدة الاتحاد الإماراتية ان الاستثمارات الايطالية قادمة بقوة للسوق المصرية في المرحلة المقبلة على ضوء ما يمكن اعتباره تحالفا مصريا ايطاليا، تدعمه علاقات سياسية قوية حيث إن هذا التحالف نجح في الفترة الماضية في خلق قاعدة قوية من المصالح المشتركة التي تؤمن للجانب المصري تحقيق استفادة كبرى من التجربة الاستثمارية الايطالية. وأضاف أنه تجري الاستفادة من التجربة الايطالية في مجال تنمية المشروعات الصغيرة، حيث أطلق البنك خلال الأسابيع الماضية عدة مبادرات في هذا المجال منها مبادرة بالتعاون مع هيئة التمويل الدولية، عبر توقيع تحالف استراتيجي لتوفير خدمات التمويل والتدريب والتسويق اللازمة لأصحاب هذه المشروعات. كما أكد محمد الديب العضو المنتدب للبنك الأهلي سوسيتيه جنرال أن الاستثمارات الفرنسية تسجل نموا متسارعا في السوق المصرية استنادا لجاذبية السوق والفرص الاستثمارية المتاحة بها، لاسيما في مجال انتاج الطاقة والتنقيب عن البترول والغاز الى جانب فرص واعدة في بعض الصناعات، منها صناعات الأسمدة والبتروكيماويات والأدوية والسيارات وغيرها حيث إن النمو يعزز الاستهلاك وبالتالي يزداد الطلب على مثل هذه المنتجات.