فى وقت يواجه فيه الرئيس الباكستانى برويز مشرف وضعا صعبا بانخفاض شعبيته في بلاده من جهة ، فيما يواجه انتقادات في الخارج بدعوى أنه لا يفعل ما يكفي لمحاربة المنظمات الإرهابية من جهة اخرى .. تظهر بشكل دراماتيكى على المسرح السياسى عودة رئيس وزراء باكستان الأسبق نوازشريف المحتملة إلى باكستان ..وذلك عقب قرار المحكمة العليا الذي سمح له بذلك من غير معوقات بعد سبع سنوات قضاها في منفاه بين الرياض ولندن، وكان قد اطيح به في انقلاب عسكري في 1999 قاده الرئيس الحالي برويز مشرف .. وفور صدور القرار شدد شريف على أنه سيعود إلى باكستان في أقرب وقت ممكن بعد التشاور مع قادة حزبه، واصفا هذا القرار بأنه نصر للديمقراطية في باكستان. فعودة شريف التي طالما تخوف منها الرئيس برويز مشرف ووصفها بأنها ستحدث نوعا من الفوضى السياسية في البلاد، تأتى وسط تساؤلات تموج بها الساحة السياسية في باكستان حول تبعاتها على مستقبل نظام الجنرال مشرف وحكمه للبلاد. وقد قوبل قرار شريف بالعودة بترحيب كبير من جميع أحزاب المعارضة وحزب الشعب الذي تتزعمه بينظير بوتو وهو ما سيقوي من شوكة المعارضة في مواجهة رغبة الجنرال مشرف في الاحتفاظ بالسلطة حتى عام 2012، في وقت أقر فيه مشرف بأن شعبيته تراجعت في السنوات الأخيرة عما كانت عليه في بداية حكمه. ويرى المراقبون انه فى حال قرر شريف خوض الانتخابات المقبلة ،فانه من المتوقع ان يفوز حزبه ، ومن ثم لن يبقى امام مشرف من الخيارات سوى الاستقالة أو اللجوء إلى فرض الأحكام العرفية.وفي ظل محاولات بوتو إبرام اتفاق مع مشرف -وهو ما يعارضه الكثير من أعضاء حزبها- فإن عودة شريف قد تدفع المعارضين من حزب الشعب إلى التصويت لصالحه. ويبدو أن قرار المحكمة العليا الذي اتخذه كبير القضاة افتخار تشودري دفع بالجنرال مشرف نحو زاوية ضيقة وجعله في موقف لا يحسد عليه،لا سيما عقب إطلاق المحكمة العليا بداية الشهر الجاري سراح جاويد هاشمي العضو المعارض البارز في حزب نواز شريف، الأمر الذي يضاعف من قدرة حزب شريف على المنافسة بقوة في الانتخابات العامة المقبلة. ويرى محللون سياسيون أن الجنرال مشرف يمر بأصعب أوقات حكمه، حيث ان عودة شريف قد تشجع أعضاء برلمانيين من الحزب الحاكم على التصويت ضد مشرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة . ومن جانبها، تسابق بوتو الزمن لتوقيع اتفاق مع مشرف لخوض الانتخابات المقبلة بعدما تخلت عن إجماع أحزاب المعارضة، وهي تطالب مشرف بتحديد موقفه من تقاسم السلطة بينهما قبيل انتهاء الشهر الجاري. وبموازاة ذلك اتخذ حزب الرابطة –جناح قائد أعظم- الموالي لمشرف قرارا بعقد الانتخابات الرئاسية المقبلة قبل العشرين من سبتمبر المقبل لضمان إعادة انتخاب مشرف من البرلمان الحالي، وهو ما ترفضه أغلبية أحزاب المعارضة التي هددت باللجوء إلى المحكمة العليا في حال تنفيذ هذا الأمر. وتسود باكستان هذه الأيام حالة الارتباك السياسي أدخلت الجنرال مشرف في دوامة من الحسابات المعقدة التي قد تضطره في النهاية إلى اتخاذ قرار غير عادي في حال عدم قبوله بخيار الاستقالة وعزمه الاستمرار في لعبة الحكم. كان نواز شريف قد تولى الحكم في باكستان مرتين من 1990 إلى 1993 ثم من 1997 إلى 1999.وكان رئيسا سابقا للحكومة الباكستانية .. وفى 12 أكتوبر 1999 قام الرئيس الحالي الجنرال برويز مشرف بالاطاحة به فى انقلاب عسكري بدون اراقة دماء وحكم على نواز شريف حينها بالسجن المؤبد بتهم الخيانة والتهرب الضريبي. وبعد ان امضى شريف عدة اشهر في السجن قبل بالتوقيع على اتفاق يتم بموجبه الغاء الحكم مقابل مغادرته البلاد لعشر سنوات فى تسوية مع نظام الجنرال مشرف اجبرته وشقيقه شهبازعلى الاقامة في المنفى بالسعودية. وفى الاونة الاخيرة دعا نواز شريف (58 عاما) إلى عودة الجيش إلى ثكناته في إطار إجراءات اقترحها للخروج مما وصفه بالمأزق السياسي الراهن في باكستان ،وشدد على ضرورة عودة الدستور إلى ما كان عليه عام 1973 وإلغاء كل التعديلات التي أدخلت عليه في ظل حكم الجنرال برويز مشرف. تأتي تصريحات نواز شريف مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في البلاد في أكتوبر القادم ، وعقب إعلان رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو المقيمة في المنفى عزمها العودة هذا العام إلى باكستان للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة. وكانت السلطات الباكستانية أطلقت قبل أيام سراح جاويد هاشمي وهو من كبار القادة السياسيين المؤيدين لنواز شريف بعد قرار من المحكمة العليا.