أزمة جديدة يواجهها الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف، بعد إصدار المحكمة العليا فى باكستان مذكرة توقيف بحقه فى إطار التحقيق فى اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو، فيما أصدرت المحكمة لائحة اتهام ابتدائية بشأن حادث الاغتيال، وتضمنت اللائحة اسم مشرف. ويتهم الادعاء الباكستانى مشرف بأنه كان على علم بخطط طالبان استهداف بوتو ولم يطلع الجهات الأمنية، علاوة على تقصيره فى توفير الحماية اللازمة قبل وقت قصير من اغتيالها عقب مغادرتها تجمعا انتخابيا فى مدينة «روالبندي» فى 27 ديسمبر عام 2007، واعتبره مسئولا عن تسهيل ارتكاب الجريمة. وتشكل مذكرة الاعتقال ضربة قاصمة لطموحات مشرف بالعودة للحياة السياسية الباكستانية، والتى بدأها من منفاه فى لندن فى أكتوبر من العام الماضى عندما أطلق حزبا سياسيا جديدا، تمهيدا للانتخابات التشريعية التى تجرى فى البلاد عام 2013، ولن تقتصر تداعيات هذا الإجراء على التأثير على طموحه السياسى فقط، بل ستؤدى أيضا لتزايد الضغوط على الشرطة البريطانية التى تنفق الكثير على تأمين حياة مشرف، وربما تفتح الباب لخلاف بين بريطانيا وباكستان، حيث لا يوجد بين الدولتين اتفاق لتبادل المجرمين. وتحاول باكستان حاليا استعادة مشرف لمحاكمته، حيث وجهت وكالة التحقيقات الاتحادية الباكستانية رسالة إلى وزيرة الداخلية البريطانية تطلب فيها إجبار مشرف على العودة إلى إسلام آباد للمثول أمام المحكمة العليا، من جانبه أنكر مشرف هذه الاتهامات واصفا إياها بأنها جزء من الحملة السياسية التى يقوم بها الرئيس الباكستانى آصف على زردارى بهدف صرف الانتباه عن الانتقادات الكثيرة الموجهة لحكومته، كما اعتبر المتحدث باسم حزب الرابطة الإسلامية « جناح مشرف» هذا الأمر سخيفا تماما قائلا إن مشرف لن يعود إلى باكستان لكى يستمع إليه القضاء، وتابع، إن مشرف إذا قرر العودة إلى باكستان فستكون عودة سياسية، وهاجم المتحدث أيضا القضاة الباكستانيين متهمهم بأنهم تحولوا إلى حزب سياسي، وقال إن القضاء الباكستانى يحاول الآن تسييس هذه القضية ومهاجمة مشرف، كما اتهم الأمين العام للرابطة الحكومة بمخالفة القواعد عبر إصدار مذكرة توقيف بدون الاستماع إلى مشرف، وقال « لم يتم إرسال أى لائحة أسئلة إلى مشرف من قبل الحكومة التى تحاول تحويل انتباه الرأى العام عن عدم كفاءتها وفشلها عبر إقحام مشرف فى هذه القضية بدون وجه حق، متهما السلطة بمحاولة حماية القتلة الفعليين» وإذا كان رجال مشرف قد انتقدوا المحكمة، فإن معارضى الرئيس السابق أثنوا على هذا الإجراء، وطالبوا بريطانيا بتسليم مشرف، ومن أبرزهم المحامى الباكستانى الشهير « إعتزاز إحسان» الذى كان من كبار معارضى مشرف، وعاش فترة تحت الإقامة الجبرية بسبب هذه المعارضة، وقال إنه على بريطانيا احترام موقف باكستان من الرجل الذى قادها بشكل خاطيء طوال 9 سنوات، والذى شهد عهده الكثير من حالات الاعتقال والقتل والتنكيل وآخرها المزاعم حول اغتيال بوتو، وكلها أمور يجب أن تضعها الحكومة البريطانية فى حساباتها، وتقوم بتسليم مشرف إلى بلده لتتم محاسبته. يذكر أن قضية اغتيال بوتو تعد القضية الأكثر إثارة للجدل فى باكستان، وقد فتحت الأممالمتحدة تحقيقا فى القضية تم نشر نتائجه العام الماضي، وجاء فيها اتهام صريح لحكومة مشرف بعرقلة التحقيقات الأولية فى القضية بشكل كبير، وإبراز شكوك عن تورط أطراف من المؤسسة العسكرية والأمنية الباكستانية فى مؤامرة الاغتيال.