فى محاولة يائسة للبقاء فرض مشرف بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة الباكستانية حالة الطوارئ.. خاصة بعد أن فرضت حليفته ( أمريكا ) بنود صفقة عودة بنازير بوتو الممهدة لإقصائه. وقد حاصرت القوات الباكستانية مقر المحكمة العليا بعد اعتصام قضاتها احتجاجا على فرض حالة الطوارئ.وقد هاجم مشرف بشدة المحكمة العليا، واتهمها بالتسبب في شلل الأجهزة الحكومية، وتدخلها في السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيرا إلى أن السلطة القضائية تدخلت في أكثر من مائة قضية تتعلق بالسلطة التنفيذية وأن "المحاكم تهين كل الموظفين الحكوميين، لذا فهم عاجزون عن اتخاذ القرارات". وأوضح مشرف أن الأزمة مع القضاء لم تحل رغم أنه أبدى استعدادا لحلها، بينما قام بإقالة رئيس المحكمة العليا القاضي افتخار تشودري في مارس الماضي،إلا أنه أضطر لاحقا إلى القبول بقرار القضاء بإعادة تشودري لمنصبه. اعتقالات واسعة شملت القادة وجميع فئات المجتمع
شوكت عزيز رئيس وزراء مشرف قال إن عدد من "أوقفوا احترازيا" منذ فرض الطوارئ مساء السبت بلغ ما بين أربعمائة إلى خمسمائة شخص.
وتزامنت حملة الاعتقالات مع انتشار الشرطة ووحدات شبه عسكرية حول الطرق المؤدية إلى البرلمان والقصر الرئاسي والمحكمة العليا ومحطات الإذاعة والتلفزيون والفنادق في العاصمة إسلام آباد.
وفي هذا السياق قال مراسل الجزيرة في إسلام آباد إن حملة الاعتقالات اليوم شملت مدير المخابرات العسكرية السابق الجنرال المتقاعد حميد غول، وجويد هاشمي القائم بأعمال رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية جناح نواز شريف. كما نقل المراسل أيضا عن مصادر باكستانية أن المعارض البارز زعيم حركة الإنصاف ونجم الكريكت السابق عمران خان هرب من منزله الذي كانت السلطات فرضت عليه الإقامة الجبرية فيه بلاهور اليوم إثر حثه الباكستانيين على الخروج إلى الشوارع للتعبير عن معارضتهم لقرار مشرف. كما اقتحمت القوات الباكستانية اليوم مقر لجنة حقوق الإنسان في لاهور عاصمة إقليم البنجاب واعتقلت جميع أفراد طاقم اللجنة. وقالت رئيسة اللجنة أسما جاهانجير إنها أبلغت بفرض الإقامة الجيرية عليها في منزلها لمدة 90 يوما.
المعارضة تصعد تحركاتها وتتوعد باقتلاع مشرف
ولم تمنع قسوة الإجراءات الأمنية المعارضة من الاستمرار في تحدي قرار الرئيس الباكستاني، فقد نظمت الجماعة الإسلامية مظاهرة ضخمة في لاهور. وقال قاضي حسين أحمد زعيم مجلس العمل المتحد وهو تحالف لأحزاب إسلامية "سينطلق الناس الآن للشوارع وسيطيحون بالدكتاتور العسكري". وأفاد مراسل الجزيرة بأن الجماعة هددت بمظاهرة أخرى في إسلام آباد بالتعاون مع حزبي رئيسي الوزراء السابقين نواز شريف وبينظير بوتو. وأفاد المراسل أيضا بأن الحزبين لم يبديا موافقة على اقتراح الجماعة الإسلامية التي قد تضطر لتنفيذ المظاهرة بالتعاون مع المحامين.
من جانبهم أعلن المحامون تنفيذ إضراب شامل غدا احتجاجا على إجراءات مشرف. وقال الرئيس السابق لنقابة محامي المحكمة العليا حامد علي خان "سنبدأ نضالنا اعتبارا من الغد.. المحامون سيقومون بإضراب.. سننظم احتجاجات ونقاطع المحاكم". وكان الرئيس الباكستاني قرر تعيين عبد الحميد دوغر رئيسا جديدا للمحكمة العليا بعد عزل افتخار تشودري الذي رفض حالة الطوارئ وأعلن بطلانها. وقالت صحف باكستانية اليوم إنه من أصل قضاة المحكمة العليا ال17، لم يوافق على أداء القسم على حالة الطوارئ إلا خمسة.
بوتو البديل الأمريكى تستعد للاستلام وعقب إعلان الطوارئ وصلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة إلى كراتشي قادمة من دبي. ووصفت بينظير بوتو إعلان مشرف بأنه "أحكام عرفية مصغرة" وتعهدت باحتجاج حزب الشعب الذي تتزعمه عليها. كما قالت في وقت سابق لتلفزيون سكاي نيوز إنها تعتزم الاجتماع مع زعماء سياسيين آخرين بغية التوصل إلى إستراتيجية لإلغاء قرار مشرف تعليق الدستور. من جانبه وصف رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف قرار مشرف بأنه صورة من صور الأحكام العرفية، وفي مقابلة مع قناة تلفزيونية هندية قال شريف "نحن في طريقنا إلى وضع فوضوي". أما زعيم الجماعة الإسلامية قاضي حسين أحمد فقال إن مشرف ارتكب الخيانة العظمى. وقال في برنامج ما وراء الخبر للجزيرة إن كل من يتعاون معه سيعامل أيضا على أنه خائن. وفي تطور متصل وضعت الشرطة الباكستانية زعيم حزب الإنصاف المعارض والقائد السابق لمنتخب الكركيت عمران خان رهن الإقامة الجبرية.
أميركا تتخلى عن عميلها وتراجع معوناتها المالية لباكستان
قررت الولاياتالمتحدة الأميركية مراجعة معوناتها المالية لباكستان، بعد قرار الرئيس برويز مشرف فرض حالة الطوارئ في البلاد لليوم الثاني على التوالي واحتمالية تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عام على الأقل، فيما تواصلت ردود الفعل الدولية المعبرة عن قلقها جراء استمرار حالة الطوارئ واعتقال المئات من المعارضة والمحامين والصحفيين.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس إن الولاياتالمتحدة ستراجع معوناتها المالية لباكستان بسبب إعلان حالة الطوارئ فيها، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الجزء الأكبر من المساعدات المخصص لمكافحة الإرهاب لن يمس.
وقالت رايس التي تقوم حاليا بزيارة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية للصحفيين "من البدهي أنه سيتعين علينا مراجعة الوضع فيما يتعلق بالمعونة، فيما يرجع جزئيا لرغبتنا في معرفة ما الذي يمكن تفعيله بناء على تشريعات معينة". وأكدت رايس أن الولاياتالمتحدة ما تزال تريد التعاون مع باكستان في القضايا الخاصة بمكافحة الإرهاب، واعتبرت أن فرض حالة الطوارئ يشكل انتكاسة للديمقراطية، وناشدت كل الأطراف في باكستان التحلي بضبط النفس، وشددت على أن الرئيس مشرف لا بد أن يؤكد أن الانتخابات ستجري لفرز برلمان جديد. وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جف موريل صرح بأن الولاياتالمتحدة لا تنوي على الفور تعليق مساعدتها العسكرية لباكستان بعد فرض الأخيرة حالة الطوارئ، وأضاف أنه تجري متابعة تطور الأوضاع في باكستان عن كثب طيلة الأسبوع، وأن حالة كبيرة من خيبة الأمل أصابت أعضاء الحكومة الأميركية جراء إعلان حالة الطوارئ.
ردود الفعل العالمية تضع مشرف فى موقف حرج وأعرب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن قلقه من حالة الطوارئ في باكستان، وشدد على أن ترك العملية الديمقراطية ليس السبيل الوحيد لمكافحة الإرهاب، على حد قوله. وقال سولانا في بيان له "أنا قلق من إعلان حالة الطوارئ في باكستان، وأدرك الصعوبات التي تواجهها باكستان حاليا في مجال وضعها السياسي والأمني الداخلي"، وأضاف "على أي حال، أعتقد أن أي انحراف عن المسار الديمقراطي العام لا يمكن اعتباره حلا"، وطالب السلطات الباكستانية بمواصلة التحضيرات لعقد الانتخابات البرلمانية في موعدها. كما أعربت أفغانستان اليوم عن قلقها، داعية إلى عودة الأوضاع "إلى طبيعتها" سريعا لضمان استقرار المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سلطان أحمد بهين إن "أمن واستقرار باكستان يؤثران مباشرة على الوضع في أفغانستان والعكس صحيح". وأعربت الصين كذلك عن قلقها وعن أملها بأن يسود الاستقرار باكستان، وقال المتحدث باسم وزارة خارجيتها ليو جيانشاو في تصريح نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة "نشعر بالقلق حيال الوضع في باكستان، ونعتقد أن الحكومة والشعب قادران على إيجاد حل لمشاكلهما". وكانت ردود الفعل توالت أمس عقب إعلان حالة الطوارئ في باكستان، حيث أبدت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا والسويد والهند قلقا عميقا جراء إعلان حالة الطوارئ في باكستان، ودعت إلى إلغائها وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها.
تأجيل الانتخابات مناورة أخرى فاشلة لمحت الحكومة الباكستانية إلى احتمال تأجيل موعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل، وسط تصاعد المعارضة السياسية والقانونية لإعلان الرئيس الباكستاني برويز مشرف فرض حالة الطوارئ في البلاد. وقال رئيس الوزراء شوكت عزيز في مؤتمر صحفي إن حكومته تجري مشاورات لاتخاذ قرار نهائي بشأن تأجيل موعد الانتخابات لمدة عام إضافي. وأوضح عزيز "نحن ملتزمون بضمان إجراء الانتخابات وازدهار الديمقراطية في باكستان نتيجة لما حدث قد يكون هناك اختلاف في التوقيت ولكن لم يتخذ قرار" بعد.