فى وقت تتصاعد فيه احتمالات توجيه ضربة أمريكية لايران ،برزت اليوم الأربعاء 29/8 بوادرأزمة دبلوماسية أمريكية ايرانية جديدة بسبب اعتقال القوات الأمريكية وفد إيراني من عدة أشخاص لساعات في فندق "شيراتون عشتار" بوسط بغداد ، من بينهم موظف بالسفارة وستة من أعضاء وفد وزارة الطاقة الإيرانية ، دعتهم وزارة الطاقة العراقية لبناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء إلا أن القوات الأمريكية أطلقت سراحهم فى وقت لاحق فجراليوم نفسه بعد مشاورات مع الحكومة العراقية . وتأتي هذه العملية بينما يطالب الرئيس الاميركي جورج بوش ايران بوقف أي دعم تقدمه للمسلحين الذين يستهدفون القوات التي تقودها في العراق "فورا". .داعيا النظام الإيراني أن يكف عن ذلك. فى حين تنكر إيران رسمياً تورطها بتشجيع المسلحين،كما أنها تقول إن الحدود الطويلة مع العراق يمكن اختراقها بسهولة. وجاءت هذه التطورات عقب ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال كلمته أمس الثلاثاء في خطاب ألقاه أمام قدامي المحاربين بولاية نيفادا تفويض القيادات العسكرية في العراق بمواجهة "أنشطة طهران المهلكة" هناك. واضاف بوش في حديثه ان "انشطة ايران تهدد أمن الدول في كل مكان،والولاياتالمتحدة تدعو اصدقائها الى عزل النظام الايراني من خلال فرض عقوبات اقتصادية مؤكدا مواجهة هذه الخطر قبل فوات الاوان. وحذر الرئيس "بوش" الإيرانيين الذين يهربون العبوات الناسفة شديدة الانفجار إلى العراق من أنهم سيواجهون "نتائج وخيمة" إذا استمروا في هذا النشاط. كما تطرق بوش في خطابه إلى المشروع النووي الإيراني، الذي تصر إيران على أنه مخصص لأغراض سلمية فقط، فيما ترى الولاياتالمتحدة إنه ربما يكون مخصصاً لتطوير أسلحة ذرية. واعتبر بوش أن حيازة إيران لسلاح نووي تهدد مصادر النفط وتجعل شبح" هولوكوست نووي" يخيم على منطقة الشرق الأوسط.. وجاء هجوم بوش على ايران بعد ساعات من تصريح الرئيس الايرانى بان قوة الولاياتالمتحدة تنهار سريعا فى العراق ورداً على ذلك،أعلن الرئيس الأمريكي إن قوات التحالف حققت"أهداف عظيمة" في العراق على الرغم من الخطر الماثل في تهديد الهجمات المسلحة. وفى هذا الاطار، كشف مسئول عسكري أمريكي رفيع المستوى الأربعاء عن تفاصيل جديدة بشأن تواصل الجدل الأمريكي حول التورط الإيراني في تقويض الاستقرار الأمني في العراق، وبخاصة ما يتعلق بزيادة الهجمات باستخدام العبوات الناسفة شديدة الانفجار، الإيرانية الصنع حيث أوضح أن عدد الهجمات باستخدام العبوات الناسفة شديدة الانفجار EEP، القادرة على اختراق الدروع، بلغ في يوليوالماضي 99 هجوماً في العراق ، وهو الأعلى منذ بدأ إحصاء هذه الهجمات، في ديسمبرالماضي.وأضاف أن نوعية المتفجرات المستخدمة مسئولة عن ثلث عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في الشهر نفسه. ولا تستطيع الولاياتالمتحدة إثبات تورط الحكومة المركزية في طهران بتزويد المسلحين بالأسلحة، لكنها تزعم منذ شهور عديدة أن مثل هذا النشاط يتم عبر قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني والتى وضعتها امريكا بقائمة المنظمات الارهابية. وقد ألقت مؤخراً القوات الأمريكية الأحد القبض على مسلحين شرقي العاصمة بغداد يعتقد أن لهما صلات مع قوة القدس، التي تعتبر من قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني ،وأكد قائد عسكري أمريكي رفيع أن القوات الأمريكية رصدت مؤخراً نحو 50 خبيراً عسكرياً من قوات الحرس الثوري الإيراني،أثناء قيامهم بتدريب ميليشيات شيعية، على تنفيذ هجمات بجنوب العراق. وفي طهران أعلن مصدر في الخارجية الإيرانية لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن إعلان واشنطن نيتها تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، يندرج في إطار حملة دعائية "لا قيمة لها." وكان قائد الحرس الثوري قد هدد في وقت سابق بأن الصواريخ الإيرانية بمقدورها ضرب السفن الحربية التي تعمل في أي مكان في الخليج وخليج عمان. وحذر الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، الثلاثاء من حدوث أي "فراغ في السلطة" بالعراق، وعبر عن استعداد إيران لملء هذا الفراغ، مشيراً إلى أن التدهور الأمني في الدولة المجاورة يشكل ذريعة لمواصلة الاحتلال،الذي وصفه بأنه "أساس جميع المشاكل في العراق." وأكد أن القوة السياسية لمحتلي العراق قد تحطمت اليوم ،ولا سبيل أمامهم سوى القبول بالهزيمة والاعتراف باستقلال وحقوق الشعب العراقي مشيرا الى أن الساحة العراقية تحولت إلى إحدى ساحات الإدارة المتغطرسة والمتعطشة للسلطة وغير الصالحة حيث إن هؤلاء يحاولون بث الفرقة بين أبناء الشعب العراقي، بين السنة والشيعة والأكراد من أجل السيطرة على آبار النفط وبسط هيمنتهم على منطقة الشرق الأوسط. وكانت القوات الأمريكية قد اعتقلت من قبل ستة إيرانيين في مدينة "اربيل" شمالي العراقي في ينايرالماضى للاشتباه في ارتباطهم الوثيق بأنشطة تستهدف قوات التحالف والقوات العراقية . ويرى عسكريون امريكيون ان ايران تسعى للتاثيرعلى مناقشات الحرب فى واشنطن عن طريق زيادة دعمها لميليشيات شيعية قبيل صدورتقريرعن الانجازات السياسية و العسكرية فى العراق من المقررعرضه على الكونجرس خلال اسبوعين. ورغم توتر العلاقات الأمريكيةالايرانية ، ازدادت في الشهور الماضية الاجتماعات الأمنية الأمريكيةالإيرانية المشتركة حول العراق حيث عقد دبلوماسيون أمريكيون وإيرانيون مؤخرا جولة ثالثة من المحادثات الأمنية بشأن العراق، وذلك في مكتب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي في المنطقة الخضراء بوسط بغداد. وقد اتفقت الولاياتالمتحدةوإيران على "دعم العملية الديمقراطية في العراق"، مع تأكيدهما أيضاً على دعم وحدة واستقلال العراق، واحترام سيادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتوفير كل الدعم الممكن لحكومة العراقية. يشارالى أن الولاياتالمتحدة دأبت على اتهام إيران بدعم هجمات المسلحين ضد قوات التحالف والقوات العراقية عن طريق تهريب الأشخاص والأسلحة والأموال، بما في ذلك العبوات الناسفة شديدة الانفجار،وسبق للولايات المتحدة أن اتهمت إيران بشن حرب بالوكالة في العراق.بينما نفت حكومة طهران مراراً الاتهامات الأمريكية بدعم الميليشيات العراقية وإمدادها بالأسلحة، وتحديداً القنابل المضادة للدروع، التي أودت بحياة الكثير من الجنود الأمريكيين. وقد قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد فترة وجيزة من قيام الثورة الاسلامية فى ايران عام 1979 ، وثمة مواجهة راهنة بينهما بسبب برنامج طهران النووى الذى يخشى الغرب ان يستهدف تصنيع قنابل ذرية بينما تنفى ايران هذا الاتهام . مما يذكر أن الولاية الثانية للرئيس بوش ستنتهي في يناير 2008 ،وقد أشارت عدة استطلاعات للرأى فى الأونة الأخيرة خاصة بعد غزو العراق عام 2003 الى تراجع شعبيته ،ومن ثم يرىبعض المراقبين أنه ربما يحاول التصدى للنفوذ الايرانى بالعراق فى مسعى لتحسين صورته وكسب تأييد الرأى العام لسياسته . وتوصى دراسة أمريكية حديثة لمجلة فورين أفيرز بعد عرضها جملة من المعطيات، ضرورة ترويض القوة الإيرانية المتنامية ونزع مخالبها النووية. ولن يتحقق ذلك الا اذا تخلت واشنطن عن التلويح بالقوة العسكرية وفرض شروط مسبقة للتفاوض.والأهم من ذلك ان تعترف بحقائق مريرة منها أن إيران قوة اقليمية لها نفوذها في محيطها، وأنه من غير الممكن اسقاط نظامها. وعسكرياً، فإن ما يجري على أرض الواقع يدحض امكانية تنفيذ ضربات عسكرية أمريكية لإيران، وذلك نظرا لوجود سلسلة من العقبات والمعوقات على الصعيد التقني. فعلى سبيل المثال، لا يملك سلاح الطيران الأمريكي معلومات دقيقة لمعرفة المواقع الحقيقية لمنشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، في الوقت الذي ثبت فيه عجز التجسس بالأقمار الصناعية عن القيام بهذه المهمة. كما يعي الخبراء الاستراتيجيون بالبنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية أن أي عمل عسكري ضد إيران سيسفرعن نتيجتين مباشرتين، تكمن الأولى في حشد وتعبئة كل الشعب الإيراني خلف الرئيس محمود أحمدي نجاد بالاضافة إلى استحالة حدوث أي امكانية لتغيير النظام الإيراني. وتكمن النتيجة الثانية المباشرة في حال شن هجوم أمريكي في انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، وطرد أو استبعاد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بل أن أغلب الخبراء العسكريين يرون عدم جدوى توجيه أي ضربة عسكرية أمريكية الى إيران في الوقت الحالي، اذ ان المواقع النووية الإيرانية متعددة ومتباعدة جغرافيا ومحصنة بالدفاعات الجوية. ولاتزال الاحتمالات والتكهنات مثارة حول زيادة الهوة بين البلدين مما يهدد بشبح حدوث مواجهة أو مناوشه عسكرية مع مايصاحب ذلك من تداعيات تلقى بظلالها على الأوضاع بالعراق . 29/8/2007