الاهرام 10/1/2009 أهم ما في المبادرة المصرية, التي أطلقها الرئيس حسني مبارك لوقف العدوان الإسرائيلي أنها تستهدف بوضوح تحقيق إنجاز سياسي لأهالينا الفلسطينيين وضمان حقوقهم المشروعة في المقاومة والتحرر من الاحتلال وتأكيد مبدأ ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة علي الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف. ويلاحظ أن مصر بادرت بذكاء شديد, في طرح مبادرتها قبل أن يشرع مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قراره حتي تكون حقوق الشعب الفلسطيني محفوظة وموضوعة في مركز جدول أعمال المجتمع الدولي ولتفويت الفرصة علي قيام مجلس الأمن مثلما يفعل دائما وفي مثل هذه الحالات بإصدار قرار لصالح إسرائيل بصورة تامة, مثلما فعل أخيرا في الحالة اللبنانية بقراره1701 الذي جاء في مجمله لصالح إسرائيل وعلي حساب لبنان وحزب الله ذاته. لقد نجحت مصر في تحقيق هدفها بنص قرار المجلس علي المبادرة المصرية كأحد البنود, فأصبحت حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال مصانة بقرار دولي جديد. وتم توجيه ضربة مبدئية للمخطط الإسرائيلي الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية بفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وتحميل تبعات الأخير لمصر, والأولي للأردن. تنص المبادرة المصرية بوضوح علي أن للفلسطينيين سلطة وطنية تخصهم والسلطة لا تكون إلا لكيان خاص يستحق الاستقلال بالخلاص من الاحتلال. أراد المخطط الإسرائيلي نفي سلطة الكيان الفلسطيني الواحد, فجاءت المبادرة المصرية المدعومة بقرار دولي, لتجبر إسرائيل علي الاعتراف من جديد بهذه السلطة وضرورة استئناف المفاوضات معها من أجل إنهاء المشكلة بتحقيق هدف الاستقلال والدولة. أراد المخطط الإسرائيلي بعدوانه تكريس التقسيم السياسي والجغرافي والوطني في إرجاء الكيان الفلسطيني, فجاءته نازلة المبادرة المصرية المدعومة دوليا بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. أراد المخطط الإسرائيلي بعدوانه خلط المقاومة المشروعة بالإرهاب المرفوض, فصرعته المبادرة المصرية المدعومة دوليا بنص يدعو إلي وقف إطلاق النار بين الجانبين دون قيد أو شرط, فلا تكون فصائل المقاومة مهزومة أو خارج المعادلات. الآن وبرغم هذه المبادئ الواضحة في المبادرة المصرية, نشهد للأسف محاولات للالتفاف عليها من جانب إيران وبعض الأطراف العربية بتحريض حماس ودفعها لعدم التجاوب معها والأخذ بهذه الفرصة السانحة فلا يبقي لنا سوي نصح حماس ذاتها بإخلاص.. حماس: لا تلتفتي إليهم.. اسمعي صوت شعبك ومصالحه.. تحملي مسئوليتك.. أوقفي نزيف الدم الفلسطيني.. وامتطي صهوة الفرصة السانحة.. فما يأتي اليوم ربما لا نجده غدا.