الإعلان بوقف فوري لإطلاق النار وكل العمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة مستهدفة مقار حركة "حماس" هو الإعلان الأحدث لمجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. إلا أن هذا الإعلان - الصادر في 28 ديسمبر 2008 – لا يرقى إلى مستوى القرار، حيث إنه غير ملزم لأي من الأطراف المعنية، خلافا لما يفترض أن تكون عليه قرارات المجلس. ويعد "القرار رقم 1850" الصادر في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2008 الأحدث ضمن سلسلة من القرارات الصادرة عن المجلس بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على مدى 60 عاما دون أن تعيرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي اهتمام. وفي كل مرة يصدر فيها المجلس قرارا جديدا يشير إلى قراراته السابقة وأشهرها القرارين 242 و338. وبعد أن أشار إليهما القرار الأخير "1850"، أعلن تأييده لمفاوضات "أنابوليس" – التي جرت في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 – ولما اتفق عليه الطرفان في مفاوضاتهما الثنائية، داعيا الطرفين إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب خريطة الطريق، والامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تقوض الثقة أو تخل بنتيجة المفاوضات. وحث على تكثيف الجهود الدبلوماسية التي تعزز التقدم في سياق تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، مرحبا بنظر المجموعة الرباعية - بالتشاور مع الطرفين - في عقد اجتماع دولي في موسكو في 2009. ومن أهم القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والمتعلقة بهذه القضية منذ عام النكبة 1948، القرار رقم 57 الصادر في 18 سبتمبر/ أيلول 1948، والذي أعرب فيه المجلس عن الصدمة العنيفة لاغتيال وسيط الأممالمتحدة في فلسطين الكونت "فولك برنادو". ثم القرار 59 الصادر في 19 أكتوبر 1948، الذي أبدى فيه المجلس قلقه لعدم تقديم إسرائيل تقريراً عن اغتيال "برنادو" وإقرار واجب الحكومات في التعاون مع موظفي هيئة الرقابة. وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1953 أصدر المجلس القرار "101"، حيث أدان مجلس الأمن هجوم إسرائيل على منطقة "قبية" – الهجوم الشهير بمذبحة قبية - في 14و15 أكتوبر/ تشرين الأول 1953. وإثر نكسة 1967، وعقب احتلال إسرائيل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وغزة وسيناء أصدر مجلس الأمن قراره الشهير "242"، حث فيه ضرورة انسحاب القوات المحتلة من الأراضي التي احتلت في حرب 1967. وفي 14 يونيو/ حزيران من العام نفسه أصدر المجلس القرار "237"، دعا فيه إسرائيل إلى احترام حقوق الإنسان في المناطق التي تأثرت بصراع الشرق الأوسط، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة الملحة إلى رفع المزيد من الآلام عن السكان المدنيين وأسرى الحرب في منطقة النزاع. وفي 15 سبتمبر/ أيلول 1969 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار "271"، ليدين خلاله حرق إسرائيل للمسجد الأقصى في 21 أغسطس/ آب 1969. ودعا القرار إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس. ومن أشهر قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد، القرار "338" الصادر في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، الذي دعا جميع الأطراف المشتركة في (حرب أكتوبر) إلى وقف إطلاق النار بصورة كاملة، وإنهاء جميع الأعمال العسكرية فوراً في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار وفي المواقع التي تحتلها. كما دعا القرار جميع الأطراف المعنية إلى البدء فوراً، بعد وقف إطلاق النار، بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 لعام 1967 بجميع أجزائه. وقرر أن تبدأ - فور وقف إطلاق النار وخلاله - مفاوضات بين الأطراف المعنية بإشراف ملائم لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. كما طالب المجلس في قراره "468" الصادر في 8 مايو/ أيار 1980 إسرائيل - بصفتها القوة المحتلة – بإلغاء الإجراءات غير القانونية والإبعاد التي اتخذتها ضد رئيسي بلديتي "الخليل" و"حلحول" وقاضي الخليل الشرعي. وفي 20 من الشهر نفسه، صدر عن المجلس الدولي القرار رقم "469"، والذي طالب إسرائيل مجدداً بإلغاء الإجراءات المتخذة ضد القادة الفلسطينيين الثلاثة، وتسهيل عودتهم فوراً، بحيث يمكنهم استئناف الوظائف التي جرى انتخابهم لها وتعينهم فيها. كما جاء القرار "592" الصادر عن مجلس الأمن في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1986، ليشجب فيه المجلس إطلاق الجيش الإسرائيلي النار ضد المدنيين، ما أدى إلى وفاة وإصابة عدد من طلاب جامعة "بيرزيت". ثم قرار مجلس الأمن الدولي رقم "605" في 22 ديسمبر/ كانون الأول 1987، ليشجب فيه المجلس الممارسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ويطلب من إسرائيل أن تتقيد فوراً وبدقة باتفاقية "جنيف" المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب. وفي 5 يناير/ كانون الثاني 1988 طالب مجلس الأمن في قراريه "607" و"608" أن تمتنع إسرائيل عن ترحيل مدنيين فلسطينيين عن الأراضي المحتلة، وإلغاء أمر الترحيل، وكفالة عودة من تم ترحيلهم فعلاً. وطالب مجلس الأمن الدولي إسرائيل - في قراره رقم "636" الصادر في 6 يوليو/ تموز 1989 - أن تكفل العودة إلى الأراضي المحتلة لمن تم إبعادهم (8 مدنيين فلسطينيين في 29 يونيو/ حزيران 1989) وأن تكف إسرائيل عن إبعاد أي فلسطينيين مدنيين آخرين. كما شجب القرار "641" الصادر عن المجلس في 30 أغسطس/ آب 1989 استمرار إسرائيل في إبعاد المدنيين الفلسطينيين (إبعاد 5 مدنيين فلسطينيين في 27 أغسطس/ آب 1989) وطالب إسرائيل أن تكفل العودة الآنية والفورية لمن تم إبعادهم. وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1990 أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم "672"، الذي أدان أعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه في الحرم القدسي الشريف، ما أسفر عن مقتل ما يزيد على 20 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 150 شخصاً - بينهم مصلون أبرياء – كما شجب المجلس في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1990 في القرار الصادر عنه برقم "673" رفض الحكومة الإسرائيلية لاستقبال بعثة الأمين العام، وحث القرار إسرائيل على أن تمتثل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم "672". ثم شجب المجلس في قراره "681" في 20 ديسمبر/ كانون الأول للعام نفسه قرار إسرائيل استئناف إبعاد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وفي 24 مايو/ أيار 1991 شجب مجلس الأمن في قراره "694" إبعاد إسرائيل للفلسطينيين الذي يمثل انتهاكاً لاتفاقية "جنيف" المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب. وطلب مجلس الأمن الدولي من إسرائيل تحاشي قرارات الإبعاد، وذلك في قرار المجلس رقم "726" الصادر في 6 يناير/ كانون الثاني 1992. وفي 19 من الشهر نفسه، أصدر مجلس الأمن القرار "799"، أدان فيه إبعاد إسرائيل 418 فلسطينياً إلى جنوب لبنان، منتهكة التزاماتها بموجب اتفاقية "جنيف الرابعة لعام 1948"، وطالب إسرائيل بأن تكفل عودة جميع المبعدين الفورية والمأمونة إلى الأراضي المحتلة. وفي قراره رقم "904" الصادر في 18 مارس/ آذار 1994، أدان مجلس الأمن بشدة المذبحة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل في 25 فبراير/ شباط والأحداث التي أعقبتها، ما أودى بحياة ما يزيد على 50 مدنيا فلسطينيا وأصاب مئات آخرين. وطالب القرار إسرائيل – السلطة القائمة بالاحتلال – مواصلة اتخاذ وتنفيذ تدابير، من بينها مصادرة الأسلحة بهدف منع أعمال العنف غير المشروع من جانب المستوطنين الإسرائيليين. وطلب من راعيي عملية السلام – الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي – مواصلة جهودهما من أجل إنعاش عملية السلام. كما أكد المجلس الدولي مجددا دعمه لعملية السلام، داعيا إلى تنفيذ إعلان المبادئ الذي وقعت عليه حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في 13 سبتمبر/ أيلول 1993 دون تأخير. وبعد دراسة مجلس الأمن الدولي للرسالة الموجهة إليه في 26 سبتمبر/ أيلول 1996 من ممثل المملكة العربية السعودية نيابة عن الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، والتي تشير إلى الإجراء المتخذ من قبل حكومة إسرائيل بفتح مدخل لنفق بجوار المسجد الأقصى وما ترتب عليه من نتائج، دعا مجلس الأمن في قراره "1073" الصادر في 28 سبتمبر/ أيلول إلى التوقف والتراجع فورا عن جميع الأعمال التي أدت إلى تفاقم الحالة والتي تترتب عليها آثار سلبية بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط. ودعا القرار أيضا إلى ضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم، وكذلك إلى الاستئناف الفوري للمفاوضات في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط على أساسها المتفق عليه وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها. وإثر وقوع أعداد كبيرة من حالات الموت والدمار في مخيم "جنين"، دعا مجلس الأمن الدولي في قراره "1405" في 19 أبريل/ نيسان 2002 إلى رفع القيود المفروضة – خاصة في جنين – على عمليات المنظمات الإنسانية، بما فيها لجنة الصليب الأحمر ووكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا الحاجة الماسة إلى ضمان وصول المنظمات الطبية والإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين. وفي 12 مارس/ آذار من العام نفسه، طالب القرار "1397" الصادر عن مجلس الأمن الدولي بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف و الإرهاب والاستفزاز والتحريض والتدمير. ودعا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وقادتهما إلى التعاون في تنفيذ خطة عمل "تينت" وتوصيات تقرير "ميتشل" بهدف استئناف المفاوضات بشأن التوصل إلى تسوية سياسية. وفي 30 من نفس الشهر أصدر مجلس الأمن قراره رقم "1402"، داعيا الطرفين إلى أن يقدما فورا على تنفيذ وقف فعلي لإطلاق النار، وداعيا كذلك إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية، بما فيها رام الله، وإلى أن يتعاونا مع المبعوث الخاص وغيره لتنفيذ خطة عمل "تينت" الأمنية كخطوة أولى نحو تنفيذ توصيات لجنة "ميتشل" لاستئناف التفاوض على تسوية سلمية. وأكد مجددا طلبه الوارد في القرار "1397" بوقف العنف. ووفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم "1435" الصادر في 24 سبتمبر/ أيلول 2002 طالب المجلس مجددا بوقف جميع أعمال العنف وقفا تاما، بما فيها جميع أعمال الإرهاب والاستفزاز والتحريض والتدمير. وطالب القرار إسرائيل بأن توقف على الفور التدابير التي تتخذها في رام الله وفي المناطق المحيطة بها، بما في ذلك تدمير الهياكل الأساسية المدنية والأمنية الفلسطينية. كما طالب بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية على وجه السرعة من المدن الفلسطينية بهدف العودة إلى المواقع التي كانت ترابط فيها قبل سبتمبر/ أيلول 2000. وعلى الجانب الآخر، أهاب القرار بالسلطة الفلسطينية أن تفي بالتزامها الصريح بكفالة تقديمها المسئولين عن ارتكاب الأعمال الإرهابية إلى العدالة، معربا عن دعمه الكامل لجهود المجموعة الرباعية، وداعيا حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية وجميع دول المنطقة إلى التعاون مع هذه الجهود، معترفا بأهمية مبادرة السلام العربية التي أقرها مؤتمر القمة الذي عقدته الجامعة العربية في بيروت. وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003، أصدر مجلس الأمن القرار "1515"، مؤيدا لخريطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية، القائمة على الأداء والمفضية إلى حل دائم للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يقوم على أساس وجود دولتين. وأهاب المجلس في قراره بالأطراف أن تفي بالتزاماتها الواردة في خريطة الطريق بالتعاون مع اللجنة الرباعية، وأن تعمل على تحقيق الرؤية المتمثلة في وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن. وطالب مجلس الأمن الدولي إسرائيل في قراره "1544" الصادر في 19 مايو/ أيار 2004 باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، مصرا بوجه خاص على ضرورة التزامها بعدم هدم المنازل في مخالفة لذلك القانون. وأعرب مجلس الأمن عن بالغ القلق إزاء الحالة الإنسانية للفلسطينيين الذين أصبحوا بلا مأوى في رفح، داعيا إلى مدهم بالمساعدة العاجلة. كما دعا القرار الطرفين إلى تنفيذ الالتزامات المنوطة بهما بموجب خريطة الطريق فورا، والتي صادق عليها المجلس في قراره "1515" لعام 2003. ورغم هذا الكم من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بما لهذه المنظمة الدولية من مكانة، تبقى هذه القرارات مجرد حبر على ورق تتجاهلها دولة احتلال لا تعرف سوى القتل والدمار تدعى "إسرائيل".