دينا الشرقاوي منذ بداية الربع الأخير من القرن الماضي حدث تقدم غير مسبوق في مجال الاتصالات ، واستمر التطور التكنولوجي في طريقه مما أدى إلى حدوث طفرة تكنولوجية هائلة في مجال الاتصالات والمعلومات . وقد أفرزت هذه الطفرة التكنولوجية الإنترنت، وذاع استخدام الشبكة مما أدي إلي تدفق المعلومات عبر الحدود ، وسهل الحصول عليها دون أن تقف الحدود الجغرافية للدول عائقا أمام تبادل المعلومات والمصنفات ، وإتاحتها عبر الشبكة من وفي أي مكان في العالم . والجرائم المعلوماتية تعد إفرازا ً ونتاجا ً لتقنية المعلومات ، فهي ترتبط بها وتقوم عليها. ولا تحتاج جرائم المعلومات إلى أي عنف، أو سفك للدماء، وإنما هي أرقام وبيانات تتغير أو تمحى تماما من السجلات المخزونة في ذاكرة الحاسبات الآلية. ولأن هذه الجرائم في أغلب الأحيان لا تترك أى أثر خارجي مرئي لها فإنها تكون صعبة في الإثبات. ومما يزيد من صعوبة إثبات هذه الجرائم أيضاً ارتكابها عادة في الخفاء، وعدم وجود أي أثر كتابي لما يجرى خلال تنفيذها من عمليات أو أفعال إجرامية، حيث يتم بالنبضات الالكترونية نقل المعلومات، أضف إلى ذلك إحجام مجتمع الأعمال عن الإبلاغ عنها تجنبا للإساءة إلى السمعة وهز الثقة في كفاءة المنظمات والمؤسسات المجني عليها، فضلاً عن إمكانية تدمير المعلومات التي يمكن أن تستخدم كدليل في الإثبات في مدة قد تقل عن الثانية الزمنية . وفي هذا الصدد عقد مؤخرا بالقاهرة المؤتمر الدولي الأول لحماية أمن المعلومات والخصوصية في قانون الإنترنت بالتعاون بين الجمعية الدولية لمكافحة الإجرام السيبيري بفرنسا التي يرأسها د./ محمد شوقي والجمعية المصرية لمكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنت. وقد صرح د./ محمد شوقي المستشار بمجلس الدولة لموقع أخبار مصر على الإنترنت egynews.net أن المؤتمر بمشاركة أكثر من 450 خبيرا عالميا و20 خبيرا مصريا ناقش عدة محاور أهمها: تنظيم قانون الفضاء الإلكتروني على شبكة الإنترنت ، والتوقيع الإلكتروني ، والاستغلال الجنسي للأطفال ، والاتجار بالبشر والdomain names والجريمة الإلكترونية ، والإرهاب الالكتروني ، والملكية الفكرية. وعلى صعيد رئاسته للجمعية الدولية لمكافحة الإجرام السيبيري أكد د./شوقي أن عددا من الدول الأوربية حرصت على سن قوانين تجرم الأعمال الغير مشروعة على الإنترنت منها فرنسا وبلجيكا وإنجلترا وسويسرا وهولندا والسويد وغيرها. وأضاف أنه على الرغم من الاختلافات في تفاصيل تلك التشريعات تبعا لكل بلد إلا أنها اتفقت في تجريم أفعال رئيسية عامة مثل الدخول غير المشروع على منظومة كمبيوتر أو الاستعمال السيئ لمنظومة كمبيوتر في الاتجار في صور دعارة الأطفال. القوانين الحالية وذكر أن لدينا الآن بمصر بعض القوانين والتشريعات يعاقب المتهم بها تبعا للفعل الذي يرتكب كل على حدة مثل قانون الملكية الفكرية ، وقانون التوقيع الإلكتروني ، وقانون تنظيم الاتصالات ، وقانون حماية الطفل . وتحاول النيابة العامة تبعا للفعل الذي يرتكب أن تدرج الواقعة حسب القانون الموجود لدينا حتى لايفلت الجاني من العقاب لكن ليس لدينا تشريع متخصص يجرم تلك الأعمال أسوة بالعديد من الدول الأوربية. وأشار د./ شوقي أنه لا توجد في أوربا تشريعات ضد استخدام الإنترنت كوسيلة للنصب واستخدام بيانات بطاقات الائتمان لكن يمكن إدراج تلك الأفعال تحت الجريمة التقليدية للنصب، ولكن في الولاياتالمتحدة توجد تشريعات متخصصة في هذا الصدد ، وهي تقوم بتعديل تشريعاتها بصورة دورية لملاحقة التطورات السريعة في الشبكة المعلوماتية. وأوضح المستشار الإعلامى للمؤتمر المستشار عمرو الحسيني رئيس محكمه النقض أن الجريمة الإلكترونية جريمة عالمية عابرة للقارات، تؤثر على كل جوانب الحياة مثل جريمة الإرهاب الإلكتروني ، وسرقة المعلومات المهمة وسرقة أموال البنوك والتشهير بالفتيات والسيدات. مؤكدا أنه يجب أن يكون هناك تشريع إلكترونى ليواكب تطور هذه الجريمة ويجب تكاتف المجتمع الدولي لسن قانون دولي لمحاربة هذه الظاهرة التي تتطور بسرعة صاروخية، فإذا فرض أنه جاءتنا جريمة من الخارج فلا يمكن أن نستخدم معها القانون الحالي بل يجب أن يكون هناك تعاون دولي في هذا المجال . وأضاف المستشار الحسيني أن جرائم الإنترنت تتنوع بين سرقة العلامات التجارية ، والتشهير بالفتيات ، وسرقة بطاقات الائتمان . وأكد المستشار على ضرورة توعية مستخدمي الإنترنت من أخطار الجريمة الإلكترونية. ويعتبر الإنترنت خطرا ثقافيا لتقديمه الأفلام الإباحيه للشباب. سرية البيانات ومن أهم ما ناقشه المؤتمر هو تطبيق معايير الخصوصية والأمن على الإنترنت وهو ما تهدف أليه الحكومة الإلكترونية ،وفي ذلك أكد الدكتور سامح بدير وكيل أول وزارة التنمية الإدارية على أهميه وضع تشريع لحماية مستخدمي الإنترنت ومكافحة الجرائم الإلكترونية بالإضافة إلى تفعيل دور الحكومة الإلكترونية لإيصال الخدمات إلى المواطنين والتسهيل عليهم. وفي الوقت نفسه طالب أن تكون أرقام السيارات سرية لتجنب سرقة المعلومات. وحول المعوقات التي تقف في وجه تفعيل الخدمات المقدمة من الحكومة للمواطنين عن طريق الإنترنت قال للدكتور مدحت رمضان رئيس قسم القانون الجنائي بجامعه القاهرة إن الموظف المصري غير المدرب والذي تعود على البيروقراطية وتطويل الوقت فيجب أولا إصلاح الجهاز الإدارى قبل استخدام الخدمات على الكمبيوتر. مضيفا أن مشروع قانون أمن المعلومات مطروح أمام مجلس الشعب ومن المقرر أن تتم مناقشته خلال الأيام القادمة. مسئولية مقهى الإنترنت وينادي اللواء فؤاد جمال الدين من إدارة التوثيق والمعلومات التابعة لوزارة الداخلية ورئيس اللجنة القومية للإصلاح التشريعي بسن قانون لمكافحة الجريمة المعلوماتية. مؤكدا أن التشريع الجديد سوف يكون رادعا نظرا إلى صعوبة إثبات هذه الجرائم. وأكد أن العقوبة سوف تطول أيضا المكان الذي يقدم الخدمة التي تمت فيها الجريمة فإذا حدثت الجريمة مثلا في أحد مقاهي الإنترنت يكون صاحب المقهى مسئولا. وأكد اللواء جمال في الوقت نفسه على ضرورة متابعة التطور الدولي في مجال أمن المعلومات ورصد كل جديد لمكافحة الجرائم الإلكترونية. وأشار إلى اهتمام مصر بالانضمام إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الملكية الفكرية، ووضع تشريعات لحماية حقوق المؤلف استنادا إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة. وأكد هشام بشير المستشار الإعلامي للجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت على ضرورة التركيز على مجموعة من القضايا الاستغلال الجنسي للأطفال ودور الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة في زيادة هذا الخطر.، وفي الوقت نفسه أهمية النظر إلى احتياجات الطفل على شبكة الإنترنت. وحث مؤسسات التعليم الأولي على تجهيز ركن للمكتبة، بما يناسب الصغار واحتياجاتهم، بالإضافة إلى توفير أجهزة الكمبيوتر وإنشاء أجنحة خاصة بالأطفال بالمكتبات المنزلية وبدور الثقافة والشباب. تعاون عربي وقد حضر المؤتمر عدد كبير من المهتمين بمكافحة الجريمة الإلكترونية من مختلف دول العالم العربي والغربي، وطالب الدكتور عبد الله العجلان من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بالسعي إلي إنشاء منظمة عربية لتنسيق أعمال مكافحة الإرهاب عبر الشبكات المعلوماتية والأنظمة الإلكترونية وتشجيع قيام اتحادات عربية تسعي للتصدي لجرائم الإرهاب الإلكتروني. كما دعا د./عبد الله إلى زيادة التعاون على المستوى الوطني والثنائي والإقليمي للتنسيق بين الأجهزة المختصة بمكافحة الإرهاب الإلكتروني، لتبادل الخبرات والتجارب، بما في ذلك التدريب لضمان الفاعلية في محاربة الإرهابيين وصلاتهم بالجريمة المنظمة. ا./ هناء أبو جريش الحداد وقالت الأستاذة هناء أبو جريش الحداد أستاذة معلوماتية بالجامعة اللبنانية إن هناك عمليات نصب حدثت في لبنان مثل استغلال قراصنة الإنترنت المستخدمين وإيهامهم بفرص عمل وهمية أو شراء بعض السلع، ويستخدم هؤلاء القراصنة مواقع مشهورة مثل الهوت ميل والياهو للإيقاع بالضحايا وبعد فترة يكتشف الأمر. وأكدت الأستاذة هناء أن الشرطة اللبنانية قد تمكنت من ملاحقة بعض من هؤلاء القراصنة وإلقاء القبض عليهم عن طريق بعض بياناتهم. ومع أنها نفت وجود تشريع بلبنان خاص بالجريمة المعلوماتية إلا أن مركز المعلومات التابع للجيش اللبناني يقوم بمهمة تتبع عمليات القرصنة والكشف عنها وملاحقة مرتكبيها. ومن البرازيل حضر المؤتمر مسئول بوزارة الداخلية البرازيلية لواء شرطة "اوهناتسو بريو" أكد أن جرائم الإنترنت في البرازيل تمثل مشكلة كبيرة وبالأخص في مجال دعارة الأطفال، والمؤتمر فرصة جيدة لبحث المشكلة والتوصل إلى الحلول الممكنة لها. وقد اتفق الحاضرون على أهمية الإسراع بوضع تشريع دولي لمكافحة الجريمة الإلكترونية التي وضعها البعض في مصاف جرائم المخدرات أو جرائم الإرهاب الدولي ، لما لها من آثار مدمرة سواء كان ذلك اقتصاديا أو نفسيا. كما طالبوا بوضع تشريع عربي لحماية شبابنا وأطفالنا من أخطار تلك الشبكة العنكبوتية.