لم تعد الحسابات السياسية وموازين القوي تحكمها المعايير العسكرية وامتلاك الموارد الاقتصادية التقليدية بل اصبح يحكمها التفوق في العلم والتكنولوجيا، في عصر يسمي بعصرالانترنت وثورة المعلومات الامر الذي جعل البعد التكنولوجي احد محددات السياسة الخارجية في مصر الآن وجعل ايضا عملية استيعاب التكنولوجيا الحديثة من اولويات العمل الوطني في المرحلة الراهنة بما يتواءم مع متغيرات العصر وتطوراته. هذا ما اكده الرئيس مبارك عند بلورة خطة عام 2006-2007 من برنامجه الانتخابي والتي تستهدف استثمارات كلية تقدر ب 135 مليار جنيه وتقوم علي تحقيق نمو اقتصادي مرتفع في حدود 6.9% وزيادة متوسط دخل الفرد بمعدل 5% بالاضافة الي تنمية القدرة الاستيعابية لسوق العمل لتوفير ما يقرب من 650 الف فرصة عمل جديدة في مختلف النشاطات الاقتصادية وخفض معدل البطالة الي 9.3% من القوي العاملة. واكد مبارك ايضا الي ان هذة الخطة يمكن تحقيقها بما يسمي بالتنمية التكنولوجية للعمل الوطني مشيرا الي انها تعني زيادة الكفاءة الانتاجية لقاعدة الصناعة المصرية والتوظيف الامثل للطاقات والموارد الطبيعية وخفض تكاليف الانتاج وتقليل فاقده بالاضافة الي تحقيق الجودة والاتقان والذي يمكن من خلالهما ان يدخل الانتاج في منافسة مع السوق العالمي لذلك تلعب التنمية التكنولوجية دورا حيويا في توفير فرص عمل جديدة ذات دخول مرتفعة وذات قيمة مضافة للشباب اي انها تحقق للاقتصاد المصري انطلاقة جديدة تجعله اكثر قدرة علي التوافق مع متغيرات العصر واكثر قدرة علي الصمود في سوق المنافسة الدولية خاصة وان استيعاب التكنولوجيا هو الوسيلة المثلي لتحسين نوعية الحياة واحداث طفرة في دخول جميع افراد المجتمع. ويرجع اهتمام الرئيس بمشروعات البنية التكنولوجية الي سنوات عدة ففي يوم 13 سبتمبر عام 2000 تقدم بمشروع النهضة التكنولوجية هادفا تعبئة جهود المجتمع في توظيف وتوطين وانتاج التكنولوجيا للعمل علي تطبيقها في جميع قطاعات الانتاج وجميع مجالات الحياة وكانت نقطة البدء في هذا المشروع هي اعداد مجتمع مصري ابتداء من تلاميذ المدارس وحتي شباب الجامعات وما بعدهم للتاهيل في الدخول الي عصر التكنولوجيا المتطورة وايضا تشجيع مؤسسات المجتمع المدني في التوسع من اقامة مراكز تدريبية. ويرتكز هذا المشروع علي عدة محاور اهمها تنمية الطلب الوطني علي المعلومات للتوجه الي الاسواق العالمية سعيا للحصول علي نصيب من الطلب العالمي والذي قد يصل الي مئات الملايين سنويا وتكثيف الجهود لتعميم استخدام الحاسبات في نوادي الاطفال والمراكز الثقافية والجامعات وايضا التوسع في اقامة برامج تدريبية لإيفاد الخبراء الي المؤسسات في مجال التعليم واقامة تحالفات بين صناع المعلومات في مصر واقرانهم في الدول التي حقت انجازات ضخمة في هذا المجال فضلا عن تدفق الاستثمارات العامة والخاصة لتحديث البنية الاساسية خاصة فيما يتعلق بشبكة الاتصالات واخيرا مراجعة التشريعات القائمة حتي يتوافر للمنتجين في هذه الصناعة ومن خلال القانون حماية كاملة لابتكاراتهم. اما عن قضية نقل التكنولوجيا فقد تصدرت جولات الرئيس مبارك لدول اسيا واوروبا والولايات المتحدة، ففي عام 1999 استطاع خلال زيارتة لليابان وكوريا والصين ان يعمق تعاون وتبادل الخبرات معهم في مجال التحول التكنولوجي حيث اسفرت هذة الزيارة عن التوقيع علي 42 اتفاقية مع الصين و12 اتفاقية مع كوريا الجنوبية و8 اتفاقيات مع اليابان في هذا المجال وايضا الاتفاق علي اقامة بعض المشروعات مع الصين لانشاء منطقة اقتصادية في خليج السويس ومع كوريا الجنوبية لزيادة التعاون في مجال الاليكترونيات فضلا عن الاتفاق مع اليابان علي تاسيس مجلس ياباني مشترك لتقوية آليات التفاعل الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين. كذلك كان من بين اهداف الرئيس مبارك خلال زيارتة للولايات المتحدة بداية من عام 2000 وحتي عام 2006 السعي لإحداث طفرة في مجال التكنولوجيا الحديثة وسد الفجوة بيننا وبينهم مع مراعاة التكافؤ علي الصعيد التعليمي وتهيئة كافة الظروف لتفعيل النهضة التكنولوجية وتطويعها لخدمة الانسان ليس في كل دول العالم الثالث مؤكدا علي حاجتة الماسة للتكنولوجيا الحديثة وظهر ذلك واضحا في رسالته التي وجهها الي الشعب الامريكي عبر شبكة الانترنت والتي قال فيها ان هناك حاجة لتهيئة التكنولوجيا وتطويعها بما يخدم مسيرة العالم النامي فالدول التي كانت تسمي بالعالم الثالث لا تملك إمكانية اهدار فرصة دخول ما يعرف بالموجة الثالثة، مما يستوجب الاستفادة من كل التقنيات الحديثة واستثماراتها لدعم استراتيجية التنمية. وكان من بين نتائج زيارات مبارك للولايات المتحدة التوقيع علي العديد من الاتفاقيات مع كبري الشركات الامريكية العاملة في مجال الحاسب الالي والبرمجيات للتعاون مع مصر في مجال التدريب وتطوير صناعة المعلومات وتوفير منتجاتها للسوق المصرية بأسعار رمزية ،ومن بينها التوقيع علي اتفاقية مع شركة BIS NETلموافقة الوكالة المسئولة علي تسجيل أسماء النطاق Names DOMAIN في شبكة الانترنت عن تقديم الشركة المصرية للاتصالات لهذة الخدمة باللغة العربية لدعم امكانيات تحويل مصر الي مركز اقليمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الالكترونية والاتفاق مع شركة نت وورك سليو شانز عن انضمام المصرية للاتصالات لبرنامج خدمة مجال الدولي بالاضافة الي توقيع عقد مع شركة لوسنت بقيمة 51 مليون دولار مع الشركة المصرية للشبكات لتنفيذ المرحلة الثانية من شبكة نقل المعلومات للقطاع المصرفي والقطاعات الاخري. واسفرت زيارات مبارك ايضا عن العديد من المبادرات حيث اعلنت شركة بي اس نيت عن انشاء مركز خدمات كبير بالقاهرة بقيمة 50 مليون دولار لتقديم خدمات التجارة الالكترونية بالمنطقة العربية وافريقيا كما اعلنت شركة مايكروسوفت عن انشاء معهد اقليمي للتدريب وايضا شركة صن لانشاء مركز هندسي لتصميم نظم وبرامج محطات الحاسبات وتطويرهما بنظم اليونيكس هذا فضلا عن الاتفاق مع شركة انتل علي دراسة توفير الجهاز المعروف باسم الجهاز الفوقي وهو من الاجهزة التي تجعل التليفزيون قادرا علي استقبال خدمة الانترنت وتم الاتفاق معها ايضا علي دراسة مركز لتصميم الانظمة الالكترونية الخاصة باجهزة الشركة مع توفير التدريب اللازم للكوادر الفنية، وايضا من النتائج المثمرة لجولات مبارك بحثه مع مع نائب الرئيس الامريكي علي اهمية الدورالذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتفاق علي ادخال التجارة الالكترونية مصر وتشجيع انتشارها في اسرع وقت. وقد كان تعامل القيادة السياسية مع المؤسسات والشركات الامريكية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات مرتكزا علي استراتيجية واضحة المعالم تتمثل في وجود مشروع للنهضة التكنولوجية الي جانب وزارة الاتصالات والمعلومات التي تعني بتنفيذ البرامج الحديثة في هذا المجال المنوط بها الانتقال بالمجتمع المصري الي اعلي مستويات التطور التكنولوجي العالمي وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية الاخري وايضا بتوافر قاعدة معلوماتية تم تتويجها بانشاء القرية الذكية لتكون بمثابة مدينة تكنولوجية بتكلفة تقدر ب100 مليون جنيه يساهم فيها القطاع الخاص بنسبة 80 مليون جنيه وتشتمل اهم منشآتها علي مبني مركز الاتصالات ومركز خدمة رجال الاعمال ومركز للمؤتمرات ومبني الحضانات التكنولوجية لاستيعاب صغار المستثمرين بالمجال التكنولوجي وقد اثمرت سياسة مصر المشجعة للاستثمارات الخارجية بالقرية عن زيادة عدد الشركات العاملة بها من 20 الي 85 شركة بالاضافة الي توقيع 5 اتفاقيات مع كبري الشركات العالمية.