تعتبر المنظمات الإقتصادية الدولية كيانات عملاقة تقوم بدورهام فى دفع العلاقات الإقتصادية الدولية إلى النمو بصفة عامة،ولا تقتصر العضوية فى المنظمات الدولية على الحكومات،وإنما قد تكون لأطراف،أو لشركات عاملة فى حقل ما ،كماهو الحال فى منظمة الإتحاد الدولى للنقل الجوى (إياتا).وهناك أيضاً من المنظمات ، التى أنشئت لوظيفة تمويلية إلا أنها قد تتجاوز وظيفتها وتتحول إلىرسم سياسات معينة قد تكون ملزمة أحياناً للدول الأعضاء. وسنتناول هنا أضخم منظمتين من المنظمات ذات الطابع التمويلى وهما :
1-البنك الدولى World Bank
2-صندوق النقد الدولى International Monetary Fund
أولاً-البنك الدولى للإنشاء و التعمير
ترتبط تسمية البنك بظروف نشأته عقب الحرب العالمية الثانية وبالتحديد فى ديسمبر عام 1945 كنتيجة لاتفاقيات بريتون وودز عام 1944 حيث تبلورت فكرة صندوق النقد الدولي في يوليو 1944 أثناء مؤتمر للأمم المتحدة عقد في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير الأمريكية عندما اتفق ممثلو خمس وأربعين حكومة على إطار للتعاون الاقتصادي يستهدف تجنب تكرار كارثة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي أسهمت في حدوث الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن العشرين. وقد تم تسمية البنك ب "البنك الدولى لإعادة التعمير والتنمية ويرجع ذلك الى " ظروف المجتمع الدولى بعد الحرب والتى كانت قد أسفرت عن وجود مجموعة من الدول قد أصابها التدمير الشديد أثناءالحرب،ومجموعة أخرى فى أمريكا اللاتينية وأسيا وأفريقيا تعيش فى ظروف التخلف الإقتصادى ،وذلك فى ظل غياب مراكز تمويل عالميةتعنى بتقديم قروض أوتقوم بتمويل مشاريع للدول الفقيرة بهدف المساعدة فى تنمية هذه البلاد. هذا وقد بدأ البنك الدولى نشاطه الرسمى فى 25 يونيو عام 1946 وبلغ رأسماله عند إنشاؤه 10 مليار دولار ويتكون من حصص الدول الاعضاء حيث تحددلكل دولة حصة معينة فى ضوء الوزن النسبى للأرصدة الاحتياطية لدى الدولة العضو وفى ضوء المركز النسبى الذى تشكله هذه الدولة فى حركة التجارة الدولية.ويقوم البنك بعمليات الإقراض والتمويل الطويل الالجل فضلاً عن استعداده لتقديم الخبرة والمعونةالفنية ايضاً.
الهيكل التنظيمى للبنك الدولى البنك الدولي يشبه مؤسسة تعاونية، تعتبر البلدان هى الأعضاء فيها، وعددها 184 عضواً من المساهمين فيها. **ويُمثل المساهمون من خلال مجلس المحافظين، وهم كبار واضعي السياسات في البنك الدولي. وبصفة عامة، يكون المحافظون من وزراء المالية أو وزراء التنمية في البلدان الأعضاء. ويجتمعون مرة واحدة في السنة في الاجتماعات السنوية لمجالس محافظي مجموعة البنك الدولي، و صندوق النقد الدولي. ولأن المحافظين لا يجتمعون سوى مرة واحدة فقط في السنة، فإنهم يفوضون واجبات محددة إلى 24 مديراً تنفيذياً، يعملون في داخل البنك الدولي. - ويعين كل من أكبر خمسة مساهمين، وهي فرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، مديراً تنفيذياً، بينما تُمثل البلدان الأعضاء الأخرى بتسعة عشر مديراً تنفيذياً. - ويتولى رئيس البنك الدولي، بول وولفويتز، رئاسة اجتماعات مجلسي المديرين التنفيذيين وهو مسؤول عن إدارة البنك الدولي بصفة عامة. وقد جرت العادة أن يكون رئيس البنك من مواطني أكبر المساهمين في البنك الدولي، وهي الولاياتالمتحدة، وهي التي ترشحه. وينتخب مجلس المحافظين الرئيس لفترة مدتها خمس سنوات، قابلة للتجديد.ويذكر أن بول وولفويتز الرئيس الحالى للبنك الدولى قد تزايدت الانتقادات ضده مؤخراً من قبل الدول الاوروبية بعد تورطه في فضيحة محاباة لزيادة راتب صديقته شاها رضا.وكانت شاها رضا مسؤولة الاتصال سابقا في البنك الدولي. وقد اعرب كثير من المسؤولين الغربيين عن شكوكهم بشأن قدرة وولفوفيتز على اداء مهامه الوظيفية بنزاهة بعد إثارة هذه الأزمة. - المديرون التنفيذيون و يشكلون مجلسي المديرين التنفيذيين بالبنك الدولي. وعادة ما يجتمع المديرون التنفيذيون مرتين كل أسبوع على الأقل للإشراف على عمل البنك الدولي، بما في ذلك اعتماد القروض والضمانات، والسياسات الجديدة، والموازنة الإدارية، وإستراتيجيات المساعدة القطرية، وقرارات الإقراض والتمويل. - ويقوم البنك الدولي بأعماله اليومية تحت قيادة وتوجيه الرئيس، والإدارة، وكبار الموظفين، ونواب الرئيس المعنيين بشؤون المناطق والقطاعات والشبكات والوظائف. -ونواب الرئيس هم المديرون الرئيسيون في البنك الدولي.
**و مجموعة البنك الدولي هي مجموعة مؤلفة من خمسة منظمات عالمية، مسؤولة عن تمويل البلدان بغرض التطوير وتقليل الفاقة، بالإضافة إلى تشجيع وحماية الاستثمار العالمي. وقد انشئ البنك الدولى مع صندوق النقد الدولي حسب مقررات مؤتمر بريتون وودز، ويشار لهما معا كمؤسسات بريتون وودز. وقد بدأ في ممارسة أعمالة في 27 يناير 1946. ويتكون البنك الدولي من خمس مؤسسات، هي:
- البنك الدولي للانشاء والتعمير(IBRD)
- المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)
- مؤسسة التمويل الدولي
- وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف
- المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية
**ويُعتبر البنك الدولي مصدراً مهمّاً لتقديم المساعدات المالية والفنية للبلدان النامية في جميع أنحاء العالم. وهو ليس بنكاً بالمعنى العادي الشائع لهذه الكلمة، حيث تلعب اكبر مؤسستين إنمائيتين أساسيتين والتى تملكهما 184 من البلدان الأعضاء - وهما البنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD) والمؤسسة الدولية للتنمية (IDA) دوراً كبيراً تجاه الدول النامية. وبالرغم أن لكل مؤسسة منهما دوراً مختلف ألا أنه مساند للرسالة المتمثلة في تخفيض أعداد الفقراء وتحسين مستويات المعيشة في العالم. فبينما يركز البنك الدولي للإنشاء والتعمير على البلدان المتوسطة الدخل والبلدان الفقيرة المتمتعة بالأهلية الائتمانية، فإن المؤسسة الدولية للتنمية تركز على البلدان الأشدّ فقراً في العالم. وتقدم المؤسستان معاً قروضاً بأسعار فائدة منخفضة واعتمادات بدون فوائد ومنحاً للبلدان النامية لأغراض التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية والاتصالات، فضلاً عن العديد من الأغراض الأخرى.
**وجدير بالذكر أن وجود البنك الدولى فى ساحة التمويل الدولى لم ينف وجود مصادر أخرى للتمويل الطويل الأجل حيث توجد مصادر رسمية أخرى تعمل على نسق البنك مع إختلاف فى الشروط وطبيعة الدول المنتمية إليها، مثل بنك التنمية الإفريقى، وبنك التنمية الآسيوى والصندوق العربى للإنماء الأقتصادى ،حيث تتميز هذه المصادر بطابع إقليمى يختلف عن الطابع العالمى الذى يتميز به البنك الدولى.
ثانياً:صندوق النقد الدولى
تلازم إنشاء صندوق النقد الدولى مع نشأة البنك الدولى حيث كلاً منهما كان نتيجة لاتفاقية بريتون وودز عام 1944 الخاصة بالتعاون الإقتصادى الدولى،فمع انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت بلدان الحلفاء الرئيسية النظر في خطط مختلفة لإعادة النظام إلى العلاقات النقدية الدولية،حين وضع ممثلو البلدان المشاركة الميثاق (أو اتفاقية التأسيس) لمؤسسة دولية تشرف على النظام النقدي الدولي وتعمل على إلغاء قيود الصرف المرتبطة بالتجارة في السلع والخدمات وتحقيق استقرار أسعار الصرف.وفي ديسمبر 1945، جاء صندوق النقد الدولي إلى حيز الوجود عند توقيع 29 بلداً على اتفاقية تأسيسه.
غير أن الوظائف و الأهداف التى نشأ الصندوق من أجلها تختلف عن الوظائف التى يقوم بها البنك الدولى ،وإن كان يكمل إحداها الأخر.
أهداف صندوق النقد الدولي وتتمثل أهداف ووظائف صندوق النقد الدولي فيما يلي:
1- تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي بواسطة هيئة دائمة تهيئ سبل التشاور والتآزر فيما يتعلق بالمشكلات النقدية الدولية.
2- تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية، وبالتالي الإسهام في تحقيق مستويات مرتفعة من العمالة والدخل الحقيقي والمحافظة عليها، وفي تنمية الموارد الإنتاجية لجميع البلدان الأعضاء، على أن يكون ذلك من الأهداف الأساسية لسياستها الاقتصادية.
3- العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف والمحافظة على ترتيبات صرف منتظمة بين البلدان الأعضاء، وتجنب التخفيض التنافسي في قيم العملات.
4- المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد الأطراف فيما يتعلق بالمعاملات الجارية بين البلدان الأعضاء، وعلى إلغاء القيود المفروضة على عمليات الصرف والمعرقلة نمو التجارة العالمية.
5- تدعيم الثقة لدى البلدان الأعضاء، متيحاً لها استخدام موارده العامة مؤقتاً بضمانات كافية، كي تتمكن من تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى إجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي.
6- العمل وفق الأهداف المذكورة آنفاً، على تقصير مدة الاختلال في ميزان مدفوعات البلد العضو والتخفيف من حدته.
**ويعتبرالمصدر الرئيسي لموارد صندوق النقد الدولي هو اشتراكات الحصص (أو رأس المال) التي تسددها البلدان عند الانضمام إلى عضوية الصندوق أو في أعقاب المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص.
ولكن كيف يخدم صندوق النقد الدولي أعضاءه؟
يساعد صندوق النقد الدولي أعضاءه عن طريق ما يلي:
- استعراض التطورات المالية والاقتصادية الوطنية والعالمية ومتابعتها، وتقديم المشورة للأعضاء بشأن سياساتهم الاقتصادية.
- إقراض الأعضاء بالعملات الصعبة لدعم سياساتهم المعنية بالتعديل والإصلاح التي تستهدف تصحيح مشكلات ميزان المدفوعات وتشجيع النمو القابل للاستمرار.
- تقديم مجموعة كبيرة ومتنوعة من أشكال المساعدة الفنية وتوفير التدريب للعاملين في الحكومات والبنوك المركزية، وذلك في مجالات اختصاص الصندوق وخبراته ومن أمثلة ذلك ما يلى:
** خلال الأزمة المالية الآسيوية في الفترة 1998-1997، سارع الصندوق بمساعدة كوريا على تعزيز ما تملكه من احتياطيات، فتعهد بتقديم 21 بليون دولار أمريكي لمعاونتها في إصلاح الاقتصاد، وإعادة هيكلة القطاع المالي وقطاع الشركات، والتعافي من حالة الكساد. وفي خلال أربع سنوات، كانت كوريا قد حققت قدراً من التعافي يسمح لها بسداد القروض مع القيام في نفس الوقت بإعادة بناء الاحتياطيات.
**وفي أكتوبر 2000، وافق الصندوق على قرض إضافي لكينيا قيمته 52 مليون دولار أمريكي لمساعدتها في مواجهة آثار الجفاف الشديد، وذلك كجزء من قرض يقدم على ثلاث سنوات بمقدار 193 مليون دولار أمريكي بموجب تسهيل النمو والحد من الفقر الذي يوفره الصندوق للبلدان الأعضاء، وهو برنامج إقراض ميسر أنشئ لخدمة البلدان منخفضة الدخل.
**في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، تدخل الصندوق لمساعدة دول البلطيق، وروسيا وغيرها من بلدان الاتحاد السوفييتي السابق في إنشاء نظم خزانة لبنوكها المركزية كجزء من عملية التحول من نظم التخطيط المركزي إلى نظم الاقتصاد القائم على السوق.
- ولما كان صندوق النقد الدولي هو الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة بأنشطة تنطوي على الدخول في حوار نشط عن السياسات الاقتصادية مع كل البلدان تقريباً، فإنه يعد المحفل الرئيسي ليس فقط لمناقشة السياسات الاقتصادية الوطنية في سياق عالمي وإنما أيضاً لمناقشة القضايا المهمة لاستقرار النظام النقدي المالي الدولي. وتضم هذه القضايا اختيار البلدان لترتيبات أسعار الصرف، وتجنب تدفقات رؤوس الأموال الدولية المخلة بالاستقرار، ووضع معايير وقواعد معترف بها دولياً للسياسات والمؤسسات.
- وقد ازدادت أهمية الأهداف التي يتوخاها صندوق النقد الدولي لسبب بسيط آخر، ألا وهو اتساع نطاق عضويته. ذلك أن عدد البلدان الأعضاء قد تجاوز أربعة أمثال عدد البلدان التي شاركت في إنشائه، وعددها 45 بلداً، مما يرجع بشكل خاص إلى حصول كثير من البلدان النامية على استقلالها ثم انهيار الكتلة السوفييتية مؤخراً.
والحق أن اتساع عضوية صندوق النقد الدولي، إلى جانب التغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي، قد تطلبت من الصندوق أن يتكيف مع المستجدات بسبل مختلفة حتى يتسنى له الاستمرار في خدمة أهدافه على نحو فعال