يأتى إعلان ما يُسمى بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى مسئوليته عن سلسلة الهجمات التفجيرية بولايتى " تيزى وزو " و " بومرداس " والتى استهدفت مبان رسمية ومراكز شرطة بمنطقة القبائل شرق العاصمة الجزائرية فى إطار سلسلة من الهجمات تبنتها الجماعة طوال العام الماضى 2006 ، حيث كانت هذه الجماعة تُسمى نفسها الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، ثم أعلنت عن تحالفها مع تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وغيّرت اسمها من خلال إعلان لها على شبكة الانترنت فى 24/1/2007 ليصبح " تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى " ، وقد سبق ذلك إعلان الجماعة فى سبتمبر 2006 ولاءها لأسامة بن لادن وتعهدت فى بيان لها على شبكة الانترنت بمواصلة الجهاد فى الجزائر ، وذلك بعدما أعلن المسئول الثانى فى تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى انضمامها رسمياً إلى القاعدة .. وقد رأى خبراء آنذاك أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تحاول إعادة تنظيم صفوفها فى المغرب العربى ودول الساحل بعد أن فقدت قوتها وتنظيمها نتيجة المطاردات الأمنية لها والانقسامات التى حدثت بداخلها ، ولكن قلل المسئولين الجزائريين فى هذا الوقت من أهمية وخطورة انضمام الجماعة السلفية للقاعدة سواء على الجزائر أو على دول المنطقة ، بينما اعتبرتها فرنسا أخطر تهديد أمنى لها وأخذت تهديداتها على محمل الجد ، بل وصفتها بأنها الخطر الأول عليها بعد إعلان الجماعة الجهاد ضد فرنسا والولايات المتحدة . وكانت الجماعة السلفية قد تبنت عدة أعمال عنف طوال العام الماضى ، خاصة خلال شهور أبريل ويوليو وأكتوبر وديسمبر .. وتركزت فى أغلبها على قتل عناصر من الحرس البلدى التابعين لوزارة الداخلية الجزائرية .. وقد رفضت الجماعة قبول خطة عفو تقدم بها الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة بهدف انهاء سنوات من العنف سادت البلاد منذ عام 1992 ، وكانت خطة العفو قد منحت للمسلحين مهلة ستة أشهر لتسليم أنفسهم والاستفادة من العفو شريطة عدم الضلوع فى مجازر أو عمليات اغتصاب أو تفجيرات بأماكن عامة وبموجب هذه الخطة قامت الحكومة بالإفراج عن 2200 من المتطرفين ، كما أدت الخطة إلى تخفيف وتيرة الهجمات التى تقوم بها الجماعات المتشددة المسلحة فى الأعوام الأخيرة ، وذلك بعد موجة عنف ضارية سادت البلاد منذ عام 1992 والتى خلفت 200 ألف قتيل ، وكانت موجة العنف قد بدأت بعد أن ألغت السلطات الجزائرية الانتخابات البرلمانية فى عام 1992 ، والتى كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الفوز بها ، ومنذ ذلك الوقت لا تزال الجبهة محظورة ولا تزال حالة الطوارئ سارية ، وحوادث العنف تحدث بين الحين والآخر لم تنقطع تماماً .وأشار المراقبين إلى تكتم السلطات على كثير من الهجمات بهدف إنجاح جهود التفاوض مع المسلحين لإقناعهم بالاستسلام وحرمانهم من الدعاية الإعلامية ، حيث كانت الجماعات المُسلحة تسعى إلى تخويف من قد يفكرون فى تسليم أنفسهم والاستفادة من العفو الحكومى .وكانت الجماعة السلفية قد دعت الشهر الماضى إلى مقاتلة من أسمتهم " أبناء فرنسا ، وأولياء الصليبيين المحتلين " ، ووصف أمير الجماعة المعروف بأبى مصعب عبد الودود فرنسا بأنها خرجت من الباب ورجعت من النافذة ، واتهم المسؤولين الجزائريين بالتواطؤ مع فرنسا وأمريكا و فتح الباب على مصراعيه للشركات الأجنبية لتنهب غاز ونفط الجزائر .. وسبق ذلك إعلان الجماعة مسئوليتها عن تفجير حافلة نقل عمال نفط أجانب قرب مدينة الجزائر فى ديسمبر الماضى ، وجُرح فى الهجوم بعض أشخاص منهم أربعة بريطانيين وأمريكى واحد .وكانت التفجيرات الأخيرة والتى حدثت نتيجة انفجارات سيارات مفخخة فى وقت واحد تقريباً وخلفت حوالى ستة قتلى وإصابة عشرة على الأقل فى ولاية بومرداس فى بلدتى سى مصطفى وسوق الحد ومدينة بومرداس فى المنطقة الواقعة بين منطقة القبائل والعاصمة التى تشكل هدفاً للمجموعات المسلحة التى تختبئ فى غابة سيدى على بوناب ، حيث استهدف التفجير مركز الدرك الوطنى فى سى مصطفى وهو مبنى من طابقين يعمل فيه العشرات ، وأصيب بأضرار جسيمة وسقط العديد من الضحايا ، والتفجير الآخر كان فى ولاية تيزى وزو المجاورة ، حيث ضربت التفجيرات منطقة صناعية قريبة من مدينة تيزى وزو وقريتى مقلع والولة القريبتين من قمة جبل جرجرة أعلى قمة فى منطقة القبائل ، وبالرغم من إعلان مجموعات مسلحة إلقاء السلاح مستفيدة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ، إلا أن السلطات الجزائرية تؤكد أن فرع القاعدة فى المغرب يضم حالياً مئات المقاتلين الذين يخططون لتصعيد الهجمات المسلحة بهدف زعزعة الاستقرار فى البلاد بعد فترة من الهدوء بتطبيق قانون الوئام والمصالحة . والتساؤل الى متى تستمر هذه الاضطرابات ولمصلحة من ؟