اختلف عدد من المراقبين والسياسيين الجزائريين في تحديد الجهة المستفيدة من التفجيرات التى وقعت خلال اليوميين الماضيين والتى تعد احد اكثر الاعتداءات دموية على الجزائر في الاشهر الاخيرة ، و استبقت احداها زيارة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى مدينة باتنة شرق الجزائر، وخلفت العشرات من القتلى والجرحى .. فمنهم من ذهب إلى تحميل الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤولية التفجير واعتباره حلقة من سلسلة حلقات تستهدف ضرب أمن واستقرار الجزائر تحديدا ومنطقة المغرب الإسلامي ثانيا، ومنهم من قلل من هذا التوجه وأرجع ذلك إلى صراع سياسي داخلي بين فريقين داخل الحكومة الجزائرية -أحدهما بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي اختار الوئام المدني كسياسة استراتيجية - وبين فريق آخر يرى في السماح لعودة الإسلاميين إلى المعادلة السياسية حتى ولو كانوا معتدلين أمرا غير مقبول. الا ان تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى حسم الخلاف ببيان نشره على شبكة الانترنت مساء امس السبت يعلن فيها مسئوليته عن التفجيرات ويؤكد استهدافهم الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة .. وقال البيان ان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤول عن تفجير شاحنة ملغومة في ثكنات خفر السواحل في دلس شرقي العاصمة الجزائر يوم السبت وعن هجوم في مدينة باتنة قبل اقل من 48 ساعة. وأوضح البيان ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان هو الهدف المقصود اصلا من الهجوم في باتنة الواقعة على بعد نحو430 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة الجزائر ولكن المهاجم اضطر لتفجير قنبلته وسط حشد كان ينتظر رؤية الرئيس الجزائرى قبل الاوان ،وذلك بعد اكتشافه قبيل فترة وجيزة من الزيارة المقررة لبوتفليقة. يذكر ان هذه الجماعة كانت تعرف باسم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" ثم غيرت اسمها بعد ان تحالفت مع تنظيم القاعدة في العام الماضي. ووفقا لرأى الخبراء الجزائريين في شؤون مكافحة الارهاب، فان هذه المجموعة شكلت فرقة انتحاريين في صفوف الشبان في المناطق الريفية وبينهم نجل علي بلحاج، الرجل الثاني سابقا في الجبهة الاسلامية للانقاذ ويدعى عبد القهار بلحاج ويبلغ عشرين عاما. كانت عمليتا التفجير قد استهدفت احدهما ثكنة عسكرية تابعة للبحرية الجزائرية بميناء " دلس" بولاية بومرداس امس السبت ،فى حين استهدف انفجار اخر فى "باتنة" حشودا كانت فى انتظار موكب الرئيس الجزائرى الخميس الماضى. وقد استخدمت شاحنة معبأة بثمانمائة كيلوجرام من المتفجرات في التفجير الذي وقع يوم السبت على ثكنات خفر السواحل في ميناء دلس الواقع على بعد 100 كيلومتر شرقي الجزائر العاصمة. وتعد دلس الواقعة في منطقة القبائل مسرحا لعدد من الهجمات المسلحة في السنوات الاخيرة، وتعتبر هذه المنطقة التي تقع على سفح جبل سيدي علي بوناب المعروف بغاباته الكثيفة، بمثابة معقل للاسلاميين منذ بداية اعمال العنف في الجزائر في 1990. إدانة دولية واسعة تفجيرات الجزائر لاقت إدانة دولية واسعة، فقد جدد مجلس الأمن الدولي أمس السبت إدانته الشديدة لتفجير دليس بعد إدانته في السابق لهجوم باتنة. وبدوره ندد الاتحاد الأوروبي بالاعتداء في دليس. ودعت الرئاسة البرتغالية للاتحاد، في بيان لها، إلى تقديم المسئولين عن هذا الهجوم "الجبان" إلى القضاء. وجدد الاتحاد دعمه لجهود السلطات الجزائرية لتجاوز معاناة "العقود السابقة" وبلوغ مصالحة وطنية شاملة. كما أدانت فرنسا الهجوم "البشع". وبدورها، نددت الحكومة الاسبانية بشدة بالاعتداء الانتحاري. وأعربت في بيان لها عن استيائها وتضامنها مع الحكومة والشعب الجزائري حيال هذا الاعتداء الجديد، مكررة التزامها دعم الجزائر في مكافحة الإرهاب. كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاعتداء الانتحاري ،موضحا أن تصاعد العنف الإرهابي في الجزائر صدمه وأحزنه، ومؤكدا ثقته في أن هذا العنف لن ينجح في إبعاد الشعب الجزائري عن طريق السلام والمصالحة الوطنية. وأعلن سفير فرنسا في الأممالمتحدة جان موريس ريبير ، أن أعضاء المجلس أدانوا كافة الأعمال الإرهابية ،وأوضح السفير الفرنسي في بيان أن هذه الإدانة يجب أن تكرر بحزم بعد الاعتداء الجديد الشنيع الذي وقع السبت في مدينة دليس. وأكد المجلس ضرورة جلب مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة هذا العمل الإرهابي ليمثلوا أمام القضاء، مذكرا الدول الأعضاء بان الإجراءات التي اتخذت لمكافحة الإرهاب يجب أن تطبق بموجب القانون الدولي.كما أدان عدد من الزعماء العرب هذه الاعتداء ات الاخيرة . جدير بالذكر ان الجزائر شهدت عدة اعتداءات انتحارية منذ إبريل الماضى عندما استهدف هجومان متزامنان بسيارة مفخخة القصر الحكومي في وسط العاصمة ومفوضية للشرطة مما أسفر عن 30 قتيلا على الأقل وأكثر من 200 جريح، بحسب احصائية رسمية. وفي الأخضرية التي تقع 70 كيلومترا شرق العاصمة الجزائرية، تعرضت ثكنة للجيش في يوليو الماضي لتفجير انتحاري بسيارة مفخخة ،وأدى الهجوم إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل وجرح 35 آخرين في صفوف العسكريين. وردا على التفجيرين، دعت السلطات الجزائرية المواطنين إلى الخروج في مسيرات من أجل السلام في جميع أنحاء البلاد اليوم الأحد. وفي السياق ذاته، دعا الاتحاد العام للعمال الجزائريين، في بيان له، إلى التمسك بالقيم الجمهورية والسلام والمصالحة الوطنية والمشاركة بكثافة في المظاهرات، معتبرا أن تفجيري دليس وقبله باتنة يستهدفان المصالحة الوطنية. ومن جانبه، اعتبر رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم أن الهجوم في دليس يعتبر محاولة للتشويش على سياسة المصالحة الوطنية التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال إنها أتاحت التوبة للعديد من الشبان الذين حملوا السلاح ضد شعبهم، مشددا على تصميم الدولة على مواصلة سياسة الوفاق الوطني. كما اعتبر بلخادم أن "الإرهاب" ينحسر في الجزائر لأن "الإرهابيين لم ينجحوا منذ 17 عاما، ولن ينجحوا أبدا في سعيهم اليائس لضرب الاستقرار في البلاد". 9/9/2007