نتيجة للازمة السياسية الحالية فى مصرخاصة مع سقوط نظام الرئيس محمد مرسى و الاخوان المسلمين وجدت حركة حماس نفسها فى مهب الريح تعانى من غلق الحدود مع مصر و نقص فى الاموال و الامدادات و مع هذه التطورات بدات المجموعة الفلسطينية تتطلع حديثا لإصلاح العلاقات المتضررة مع الحلفاء التقليديين في الشرق الأوسط وهم "إيران وحزب الله اللبناني" و الذين ابتعدت عنهم فور وصول الاخوان المسلمين لسدة الحكم فى مصر ، حيث اعتبرت حركة حماس انتخاب الرئيس محمد مرسى رئيسا للبلاد هو بمثابة تعزيز لمكانتها الدولية الخاصة واحكام لقبضتها على قطاع غزة المعزول و المحصار . وفي هذه الأثناء اعلنت حركة حماس غضبها ازاء الحرب الاهلية الدامية في سوريا، وإنهت الحركة وجودها الذى دام عقود فى سوريا و نقلت مقرها بعيدا عن دمشق، و اعلنت عصيانها و خروجها من "محور المقاومة" الذي طالما كانت تقوده إيران ضد إسرائيل والغرب في المنطقة المضطربة. لقد ظلت حماس لسنوات على علاقة بالنظام الشيعى فى إيران، الذي زود حماس بالاموال والسلاح، ولكن خروج حماس المفاجىء من محور المقاومة جعل طهران تشعر بالغضب بسبب ما اعتبرته خيانة من الحركة الفلسطينية للصديق الوثيق الرئيس السوري بشار الأسد، مما جعلها تحجم بشكل كبير عن دعمها المستمر لحماس . ولكن بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي ، وجدت حماس الجيش المصرى يغلق الحدود و يزيد من وتيرة غلق و هدم الانفاق و هى شريان حيوي للامدادات القادمة لغزة و عنصر حياة او موت بالنسبة لسكانها .. المصادر السياسية تشير الى ان حماس بدات بالفعل فى اجراء اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع كل من ايران وحزب الله ، حريصة على إحياء التحالفات القديمة واستعادة التمويل الذى توقف وقد صرح مسؤول فلسطيني مطلع على المناقشات، لوكالة رويترز للانباء " انه قد جرت عدة اجتماعات لتنقية الاجواء بين الجانبين ، وليس هناك مقاطعة ضد (حماس) ولكن في نفس الوقت لم تعود الامور حتى الآن إلى طبيعتها". ولقد التقى "موسى أبو مرزوق" نائب الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس مع اعضاء من حزب الله ومسؤولين ايرانيين في لبنان الشهر الماضي، كما جرت غيرها من الاجتماعات خلال الفترة الماضية و يرى هاني حبيب وهو محلل سياسي في قطاع غزة ان من مصلحة حماس اليوم مراجعة علاقتها مع إيران وحزب الله لأسباب كثيرة، مشيرا الى ان جميع الأطراف لهم مصلحة في هذه الشراكة التى يجب ان تعود لمسارها الطبيعى . كانت حركة حماس قد تمكنت من تنحيه منافسيها العلمانيين و طردت قوات فتح التابعة للسلطة الفلسطنية فى الضفة الغربية ، و انفردت بحكم قطاع غزة الصغير المكتظ بالسكان منذ عام 2007 ، ومع بدء الإخوان المسلمين فى مصر، شعرت حماس انها لم يكن لديك ما يدعو للقلق كثيرا حول علاقاتها مع ايران.. و قام زعيم حماس في المنفى، خالد مشعل بالتخلي عن قاعدته لفترة طويلة في دمشق العام الماضي بسبب الحرب الأهلية التي تدور بين قوات الرئيس الأسد المدعومة من إيران وحزب الله، ضد المتمردين وأغلبهم من السنة. وقال أحد زعماء مخضرمين في حماس، محمود الزهار، بانه لم يكن هناك أبدا تعليق للعلاقات مع طهران او مع حزب الله، مشيرا إلى أن الاتصالات قد تباطأت فقط بسبب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران و ظروف الحرب فى سوريا. وقال الزهار " نحن لا نعرف حتى الآن طبيعة السياسة الايرانية الجديدة، ولكن المعلومات التي تلقيناها، والتي ليست مباشرة، توحي بأن السياسة القديمة سيتم أقرارها من قبل الإدارة الجديدة فى طهران". وقال الزهار، وهو من المتشددين في مقابلة مع وكالة رويترز للانباء ، ان حماس تامل فى ان يعاود الرئيس الايرانى حسن روحاني فتح الصنابير المالية مرة أخرى لتتدفق على قطاع غزة المحاصر من سنوات طويلة و يقدر دبلوماسيون أن إيران تقدم لحماس نحو 250 مليون دولار سنويا، ولكن مسؤول فلسطيني يؤكد أن 20 في المئة فقط من هذا المبلغ هو ما يصل الى حماس فى الوقت الحالى. وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط من إسرائيل ان وضع حماس اصبح صعبا جدا مع غلق انفاق التهريب إلى غزة ، حيث اصبح يمر اقل القليل من المواد أو الأسلحة أو غيرها من المهربات في الوقت الحاضر من خلال أنفاق التهريب على الحدود الصحراوية بين مصر وقطاع غزة، كما ان الحكام الجدد في القاهرة أمروا بتكثيف حملة هدم الانفاق بعد خلع الرئيس مرسي ، متهمين حماس بالتدخل في الشؤون المصرية، بدعمهم المتشددين الاسلاميين النشيطين الان في شبه جزيرة سيناء. ويقدر وزير الاقتصاد فى حكومة حماس "علاء الرفاتي" الخسائر الناجمة عن غلق و تقييد التهريب عبر الانفاق من مصر لغزة بما يساوى نحو 230 مليون دولار على الأقل في شهر يوليو فقط لكنه رفض أي حديث عن وجود أزمة مالية، قائلا " ان هناك بعض المشاكل، ويجري التغلب عليها" مشيرا الى ان تجارة الأنفاق، التي تسمح بها حماس تعد مصدر رئيسى لضريبة الدخل المفروضة فى قطاع غزة ، و قد انخفضت نحو 60 في المئة منذ الاطاحة بالرئيس مرسي. موقف حماس المتعثر بسب احداث مصر ، تزامن ايضا مع ضربة إضافية، حيث تشهد علاقتها بدولة قطر تراجع محسوس هذا الصيف.. أمير الدولة الخليجية الغنية بالنفط زار غزة في أكتوبر الماضي و وعد بتقديم الملايين من الدولارات من المساعدات، لكنه تنازل في يونيو الماضى عن مقاليد السلطة الى ولى عهده الذى أظهرت اهتماما أقل كثيرا من والده بمنظمة حماس و بالوضع فى قطاع غزة . الأولويات الان امام حركة حماس تتمثل في الوصول مرة أخرى إلى إيران وحزب الله، ومعضلة حماس الحالية هى معضلة أيديولوجية اكثر منها سياسية ، اذ كيف يمكن لها تحقيق التوازن بين جذورها الإخوانية السنيه مع مصالحها الحيوية لإقامة شراكات مع رفقاء المقاومة الشيعية أعداء إسرائيل. و يقول ايهود يعاري، الخبير الاسرائيلى في شؤون الشرق الأوسط ، ان ايران سوف تثمن و ترحب بقرار حماس للعودة إلى حظيرتها و لكن سيتطلب هذا من حماس التوقف عن معارضة الأسد ووقف أي انتقاد لتدخل حزب الله (في سوريا) اوللدعم الإيراني للأسد. من جانبه حرص رئيس حكومة حماس في غزة، اسماعيل هنية، على التاكيد على ان حرب حماس مع إسرائيل لها الأسبقية .. حيث قال " نحن نفهم أن الأولوية لمقاومتنا من اجل تحرير الأرض، واستعادة الحقوق وتحقيق العودة للشعب الفلسطيني الى الأرض التي اضطر للخروج منها " .. وشدد هنية عل ان حماس ليس لها أي دور عسكري فى أمن مصر أو في سيناء ، و ان دورها ينحصر فقط على أرض فلسطين وضد العدو "الصهيوني