دخلت الأزمة السياسية في الأراضي الفلسطينية مرحلة جديدة، بعد ان قدم رئيس الوزراء سلام فياض استقالة حكومة الطوارئ ، بعد انتهاء حال الطوارئ التي يحددها القانون الأساسي للسلطة بثلاثين يوماً. وانتهت حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس منتصف الشهر الماضي إثر فرض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سيطرتها على قطاع غزة، استنادا إلى القانون الأساسي الفلسطيني والذى يقضى بالا تمدد حالة الطوارئ لأكثر من شهر إلا بموافقة المجلس التشريعي والذى قاطعه نواب حركة حماس فأصبح مشلولا ومن ثم تعذر تمديد حالة الطوارىء . الرئيس الفلسطيني اعاد تكليف فياض، الذي كان وزيرا للمالية في حكومة الوحدة الوطنية التي كانت تقودها حماس، بتشكيل حكومة جديدة لتسيير الأعمال. جدير بالذكر أن حكومة تسيير الأعمال تستطيع البقاء في الحكم لمدة عام أو اثنين، بخلاف حكومة الطوارىء التي تستطيع البقاء لمدة شهر واحد، مع امكانية التجديد لها لمدة شهر آخر فقط. وكان محمود عباس قد اصدر مرسوما رئاسيا قبل أن تقدم الحكومة استقالتها، يقضى بتعيين ثلاثة وزراء جدد أدوا اليمين الدستورية أمامه وأمام فياض بمقر الرئاسة في رام الله. والوزراء الثلاثة الجدد هم إبراهيم أبراش للثقافة، وعلي خشان للعدل، وتهاني أبو دقة للشباب والرياضة. وباتت الحكومة تضم 16 وزيرا مع رئيسها فياض. وحسب قانونيين وبرلمانيين من خارج اطار "فتح" و"حماس"، فان إضافة ثلاثة وزراء انما كان القصد منها تقوية الحكومة لتتمكن من العمل بشكل دستوري، وتخفيف العبء عن وزراء يحملون اكثر من حقيبة، اضافة الى تمهيد الطريق امام الحكومة للعمل كحكومة تسيير أعمال، على اعتبار ان الحكومة العادية التي كلف فياض بتشكيلها، ستقف فترة طويلة في انتظار المجلس التشريعي، الذي يعاني من ازمات، ليعقد جلسة لمنح الحكومة الثقة. أمين عام مجلس الوزراء الفلسطينى اعلن أن الدكتور سلام فياض رئيس حكومة تسيير الأعمال بدأ امس السبت مشاورات مكثفة لتشكيل حكومته الجديدة بصفته رئيس الوزراء المكلف. ووفقا للقانون الأساسي فإن رئيس الوزراء المكلف وفور الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة خلال المدة القانونية عليه ان يتقدم بطلب عقد جلسة خاصة للمجلس التشريعي لعرض حكومته الثالثة عشرة لنيل الثقة في موعد أقصاه أسبوع من تاريخ تقديم الطلب.
موقف حماس .. من جهتها ما زالت حماس تعتبر الحكومة المقالة التي يقودها اسماعيل هنية هي الشرعية ،معتبرة حكومة تسييرالاعمال خطوة خطيرة وتمثل عملية انقلابية جديدة على القانون والشرعية. وأكد الدكتور سامى أبو زهرى الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الحركة لا تعترف بالمجلس المركزي الفلسطيني ولا بقراراته مضيفا انه غير مخول باتخاذ أى قرارات تخص المجلس التشريعي أو الحكومة الفلسطينية، ومشيرا الى ان الرئيس عباس يهيئ الأجواء للوصول إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة وهذا أمر غير وارد بالنسبة لحماس لأنه إجراء غير قانوني ولا يستند إلى القانون على حد قوله ..
يُذكر أن حكومة الطوارئ التي رأسها فياض ، تشكلت بعد أن أقال عباس حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية يونيو الماضي. وكانت حركة حماس قد أعلنت في 15 الشهر الماضي سيطرتها على قطاع غزة، إثر معارك طاحنة قتل فيها عشرات الفلسطينيين ونزح المئات إلى مصر ومناطق أخرى داخل الأراضي الفلسطينية، فيما تغلبت حماس خلالها على قوات الأمن الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية وحركة فتح ،مما دعا عباس الى اتخاذ قراراً بحل حكومة الوحدة الوطنية، التي كانت تضم فتح وحماس، وإنشاء حكومة طوارئ برئاسة وزير المالية السابق سلام فياض.
لاحوار مع حماس من جهته جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه إجراء أي حوار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما لم تعُدْ عما فعلته على حد قوله في إشارة منه إلى سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو الماضي.، كما أكد عدم وجود أي نية لدى السلطة الفلسطينية لحل المجلس التشريعي. فيما اشار رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون إلى أن تعطل المجلس التشريعي بسبب قوة قاهرة قد يدفع نحو اعتماد المجلس الوطني أو المجلس المركزي بديلا عنه.
المشروع الوطنى الفلسطينى في مهب الريح .. على صعيد آخر حذر رئيس دائرة شئون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات من كارثة اقتصادية وسياسية محققة للشعب الفلسطيني في حال تواصلت مظاهر "انقلاب حماس بقطاع غزة". واوضح عريقات إن المشروع الوطني الفلسطيني برمته بات في مهب الريح في ظل التهديد الذي حمله انقلاب حركة حماس وسعي الاحتلال الإسرائيلي إلى استغلاله لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة. وأضاف عريقات إن بوادر انهيار اقتصادي كامل بدأت تظهر في قطاع غزة وتتجلى في نقص المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية وإن أحدا لن يساعدنا على التخلص من محنتنا مالم نساعد أنفسنا فهناك أطراف تحاول استغلال الانقلاب لتحقيق مصالح لها بالأراضي الفلسطينية على حد قوله .
ويرى المراقبون أن الأزمة الدستورية ستتواصل وتتفاقم إلى أن تصل فتح و حماس إلى مخرج سياسي.. الكرة الآن باتت في ملعب المجلس التشريعي، فالرئيس عباس سار حرفاً بحرف وفقاً للقانون، وعلى المجلس التشريعي ان يقول كلمته، وهو إما بأن يتمكن من الاجتماع في غضون فترة الشهرين من أجل التصويت على الحكومة، او انه يكون غير قادر على ذلك وعندها فان الرئيس سيكون حراً طليق اليدين لاتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة .. 15/7/2007