أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية رفضها القرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب- الذي انتهى في الساعات الأولى من اليوم السبت بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الأحداث التي شهدها قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة في خطوةٍ ذات دلالةٍ على طبيعة المخطط الذي تحمله بعض الأطراف داخل المنظمة بمحاولة فصل القضية الفلسطينية عن بُعدها العربي. واتهم ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأنه مندوب سامٍ في إشارةٍ إلى عدم النزاهة في التعامل مع القضية الفلسطينية مما يوضح وجود ذلك المخطط الرامي إلى تفريغ القضية الفلسطينية من بُعدها العربي وفتح الباب أمام التدخلات الصهيونية والأمريكية. وفي دلالةٍ على هذه العلاقة فيما بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة لتقى القنصل الأمريكي في القدس جاكوب واليس مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية وأعلن واليس أن الإدارة الأمريكية سوف ترفع العقوبات المفروضة على الحكومة الفلسطينية من خلال التعامل مع حكومة الطوارئ التي كلَّف عباس وزير المالية سلام فياض بتشكيلها. ويحمل ذلك الأمر العديدَ من الدلالات وفي مقدمتها أنه دليل صحة ما أوردته وسائل الإعلام الأمريكية من أن الإدارة الأمريكية سوف ترفع العقوبات عن حكومة الطوارئ؛ لأنها لا تضم حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى جانب أن ذلك يعبر عن توجهات حكومة الطوارئ بأنها سوف تمضي قدمًا في نفس طريق الحكومات السابقة التي شكَّلتها فتح وهي الحكومات التي أدخلت البُعد الأمريكي والصهيوني في الملف الفلسطيني مما أوصل الأوضاع إلى ما هي عليه الآن على يد التيار الانقلابي في فتح. وعلى الجانب الصهيوني نقلت وسائل الإعلام الصهيونية عن بعض المصادر داخل حكومة إيهود أولمرت قولها إنهم قد يعترفون بحكومة الطوارئ في حالة اعترافها بالكيان وفي محاولةٍ صهيونيةٍ لإغراء تلك الحكومة قررت السلطات الصهيونية الإفراج عن عائدات الضرائب التي تقوم بجمعها نيابةً عن السلطة الفلسطينية لكنهم كانوا يحتجزونها في إطار الحصار المفروض على الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس لإجبارها على الاعتراف بالكيان. وفي وقت سابق عبرت المجموعة الرباعية والاتحاد الأوروبي عن دعمهما لقرار عباس إقالة حكومة الوحدة وتشكيل حكومة طوارئ كما دعت إيران إلى وقف الاقتتال الفلسطيني واحترام نتائج الانتخابات الفلسطينية. بينما حثت الأممالمتحدة تل أبيب على فتح معابر قطاع غزة. وفي هذا السياق تفردت مصر عن بقية الدول العربية بإعلان تأييدها لرئيس السلطة محمود عباس وأدانت استيلاء حماس على مؤسسات السلطة". وسحبت القاهرة وفد الوساطة من غزة على اعتبار أن حكومة الوحدة هناك فاقدة للشرعية. وتشير الأنباء إلى أن هناك نوايا صهيونيةً بقطع الكهرباء عن قطاع غزة، في محاولةٍ لحصار حركة حماس والحكومة الفلسطينية المنتخبة من الشعب، بالإضافة إلى وجود مخططات صهيونية للقيام بعملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة مصحوبة بغطاءٍ جوي مكثف للهجوم على المقرات الأمنية التي تسيطر عليها حاليًا كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس إلى جانب ضرب البنية التحتية لحماس في القطاع مع استقدام فِرقٍ من أفراد الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة السلطة الفلسطينية من رام الله لكي تتولى المسئولية الأمنية في القطاع بعد التخلص من حماس. وعلى الرغم من أن تلك المخططات لا تزال قيد الدراسة فإن بعض المصادر الصهيونية – بحسب فلسطين اليوم التابع لحركة الجهاد الإسلامي - أكدت أن ذلك المخطط يحظى بالموافقة الأمريكية. وفي الداخل الفلسطيني تواصلت في الضفة الغربية الممارسات التي يقوم بها التيار الانقلابي في حركة فتح ضد المؤسسات البرلمانية والحكومية الفلسطينية فقد قال شهود عيان إن بعض المسلحين من حركة فتح اقتحموا المقرات الحكومية في مدينة رام الله وسيطروا عليها، بالإضافة إلى استمرار الاعتداءات على المقرات البرلمانية التابعة لحركة حماس في الضفة. وأضاف الشهود أن أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية طلبوا من أعضاء حركة حماس تسليم أسلحتهم إلى جانب تواصل حملة الاعتقالات في صفوف أنصار الحركة فيما يمثل تكرارًا لنفس تحركات الانقلابيين والتي أدَّت إلى اندلاع المواجهات الأخيرة في قطاع غزة. ومن جانبه بدأ رئيس الحكومة إسماعيل هنية ترتيب الوضع الأمني في قطاع غزة حيث أمر بتشكيل مجلس أعلى للشرطة من أجل ضبط الأمن ومنع أية عمليات سلب ونهب وإنهاء الانفلات الأمني في القطاع؛ ردًّا على الأوامر التي صدرت من رئاسة الشرطة الفلسطينية التابعة لحركة فتح لعناصرها بعدم التوجه لأعمالهم. وفيما يتعلق بحكومة الطوارئ التي قام محمود عباس بتكليف وزير المالية في حكومة الوحدة سلام فياض بتشكيلها أفادت الأنباء أن كلاًّ من الناشطة الفلسطينية حنان عشراوي ووزير الإعلام في حكومة الوحدة الدكتور مصطفى البرغوثي قد رفضا المشاركة في حكومة الطوارئ مما وضع عباس في حرجٍ شديدٍ حيث عجز عن توفير شخصياتٍ من حركة فتح للمشاركة في حكومة الطوارئ؛ وهو الأمر الذي يريده عباس لإعطاء الشرعية المفقودة للحكومة. وفي هذا الإطار أكد أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن القرارات التي اتخذها محمود عباس بإقالة حكومة الوحدة وإعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة طوارئ لتنفيذها هي قرارات تفتقر إلى الشرعية. وقال بحر إنه لا يوجد أي نص سواء في الباب السابع أو في جميع مواد القانون الأساسي الفلسطيني ما يحتوي على ما يسمى حكومة إنفاذ حالة الطوارئ مشيرًا إلى أن المادة (67) من القانون الأساسي الفلسطيني تؤكد أن حصول أية حكومة جديدة على ثقة المجلس التشريعي هو شرط دستوري يجب أن يسبق تأدية الحكومة الجديدة اليمين الدستوري أمام الرئيس. وأكد أن المادة (79) فقرة (4) تؤكد بكل وضوحٍ أنه لا يجوز لرئيس الوزراء أو لأي من الوزراء ممارسة مهام منصبه إلا بعد الحصول على الثقة به من المجلس التشريعي مشيرًا إلى أن ذلك يعني أن الحكومة ال11 برئاسة هنية هي الحكومة الدستورية الشرعية وتبقى بصفة حكومة تسيير أعمال لحين تشكيل حكومة تحظى بموافقة المجلس التشريعي الفلسطيني وفق قواعد القانون الأساسي الفلسطيني. ميدانيا فإنه وبعد يوم واحد من استكمال حماس سيطرتها على قطاع غزة خرج الفلسطينيون إلى الأسواق للتبضع خوفا من استمرار حالة الحصار الصهيونية. فيما شهدت الأوضاع هدوءا نسبيا باستثناء اشتباكات مع عناصر عائلة فلسطينية رفضت تسليم أسلحتها.