الزائر العربي لفرنسا المهتم بالشؤون الأوروبية - العربية بشكل عام والشؤون الفرنسية - العربية بشكل خاص يتابع باهتمام ما ستفسر عنه الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في الثاني والعشرين من * ابريل للدورة الأولى والسادس من مايو للدورة الثانية حيث تبدأ ولاية الرئيس الجديد والتي ستستمر لمدة 5أعوام. هذا الاهتمام يعود، ليس فقط لما تمثله فرنسا ودورها على الصعيد العالمي بل لما يمثله انتهاء ولاية الرئيس جاك شيراك آخر عمالقة الديجولية وما عرف عنها ب"سياسة فرنسا العربية" التي زاد من حرارتها وجود شيراك على رأس السلطة وإعطائه لها طابعاً شخصياً يتناسب مع ما عرف عنه من مواقف واضحة وقوية في الدفاع عن القضايا التي يؤمن بأحقيتها. هناك مرشحون كثر يتنافسون على مركز الرئاسة، أبرزهم نيكولا ساركوزي، وهو رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، سيجولان رويال عن الحزب الاشتراكي، فرانسوا بايرو عن اليمين الوسط، وجان ماري لو بن عن الجبهة الوطنية المتطرفة، بالطبع المعركة لم تحسم حتى الآن والحظوظ متقاربة وإن مالت قليلاً في الوقت الحاضر نحو نيكولا ساركوزي. وساركوزي هو أكثر المرشحين وضوحاً في خطابه السياسي والاقتصادي محلياً وخارجياً، وهو أيضاً من أنصار العولمة الاقتصادية والأمركة السياسية لدرجة وصفته الواشنطن بوست أثناء زيارته للولايات المتحدة وخطاب التملق الذي القاه في إحدى لقاءاته، بأنه خطاب (مرشح أميركي للرئاسة) ويأخذ عليه الكثيرون من الفرنسيين ليبراليته الزائدة وبعض توجهاته اليمينية المتطرفة بالإضافة إلى علاقاته القوية بإسرائيل. أما فرانسوا بايرو فليس لديه برنامجً واضحً بل خيوط عريضة لمشروع حكم يشارك فيه الاشتراكيون والوسط واليمين الجمهوري. فيما يتعلق بسيغولان رويال فبرنامجها هو برنامج الحزب الاشتراكي. من نافلة القول ان فرنسا ما بعد شيراك ستكون غير فرنسا أيام شيراك كائناً من كان الرئيس الجديد، خصوصاً ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبالطبع سيكون لرئيس الجمهورية الجديد استراتيجية جديدة في سياسته نحو العالم العربي والقضايا العربية خصوصاً القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى وغيرها من القضايا التي وقفت فرنسا دائماً بجانبها. وبالطبع، يفتقد العرب سياسة فرنسا الديغولية، ولكن هل ستعيد الدول العربية النظر في الطريقة التي تعاملت بها مع فرنسا وتقوم برسم استراتيجية جديدة لاحتواء السلبيات التي يمكن أن تنتج عن تبني الرئيس الفرنسي الجديد لسياسة لم يألفها العرب من قبل، خصوصاً، إذا كان المرشح نيكولا ساركوزي الذي تظهره الاحصاءات الأوفر حظاً للنجاح بين منافسيه هو الذي سيسكن قصر الأليزيه للسنوات الخمس المقبلة والذي يعطيه دستور الجمهورية الخامسة الحق في رسم سياسة البلاد الخارجية. أصدقاء العرب في الدوائر الفرنسية المختلفة قلقون، ولكنهم يؤكدون أن رؤية الأمور من الداخل، مختلفة عنها من الخارج ولابد للريئس لرئيسالجديد أن يأخذ بعين الاعتبار الكثير من الحقائق والأسرار المتراكمة عبر سنوات لم يكن على اطلاع عليها قبل وصوله إلى منصب الرئاسة، لكن كل هذا لا يعفي الدول العربية من النظر بجدية إلى المتغيرات التي ستطرأ على السياسة الفرنسية الجديدة، وعليهم العمل باندفاع دبلوماسي وتعاون اقتصادي أكبر من الماضي. لا يخفي هؤلاء الأصدقاء اعتقادهم أن الاقتصاد هو العامل الأهم في توطيد العلاقات بين الدول، خصوصاً في الحقول التي يتميز بها بلد عن آخر، واعتماد سياسة اقتصادية متوازنة من قبل الدول العربية وبالأخص دول الخليج، وتفضيلية في المجالات التي تعتبر فيها فرنسا الأولى في العالم، وعلى سبيل المثال، كتنقية المياه وبعض الصناعات الالكترونية الخاصة باستعمال البطاقات البلاستيكية في شتى المجالات، بالإضافة إلى صناعات فرنسية ذات تقدم تكنولوجي كبير، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، العمل على توطيد شراكة قتصاديةوثقافية فعالة مع فرنسا. كل هذه الأمور ستساعد على تفعيل دور أصدقاء العرب في شتى المجالات، خاصة في مجال السياستين الخارجية والدفاعية. والعمل على إرساء (سياسة فرنسية عربية) جديدة ولو بوجه آخر وطريقة جديدة يطبعها الرئيس العتيد بطابعه الخاص. ويتابع هؤلاء الأصدقاء تقييمهم للفترة الماضية من السياسة الفرنسية العربية ويخرجون بنتيجة انه كان هنالك الكثير من التجاهل للمصالح الفرنسية على مدى الأعوام الطويلة الماضية رغم مواقف فرنسا المساندة للقضايا العربية، ولكن هذا التجاهل لم يكن يقابل بأي رد فعل سلبي في المواقف الفرنسية مما زاد من قوة اللوبي الإسرائيلي في فرنسا، ومن هنا يرى أصدقاء العرب ضرورة التنبه للمستجدات على الساحة الفرنسية التي يعتقدون أنها ستكون مسرحاً لأولئك الذين لا يكنون كثيراً من الود لا للعرب ولا لقضاياهم وبالتالي سيخسر العرب سنداً قوياً لهم كان إلى جانب قضاياهم لنحو 40عاماً.