فى تطورات سريعة ومتلاحقة وبعد أيام من أعمال العنف والمواجهات فى الأراضى الفلسطينية بين حركتى حماس وفتح جاء قرار الرئيس الفلسطينى محمود عباس بإقالة حكومة إسماعيل هنية وتشكيل حكومة طوارئ فلسطينية أمس برئاسة سلام فياض وزير المالية، وذلك فى الوقت الذى سيطرت فيه حماس تماماً على قطاع غزة ورفض إسماعيل هنية قرار إقالته، مؤكداً استمرار حكومته فى العمل كالمعتاد على أكمل وجه ولن تتخلى عن مسئوليتها الوطنية والأدبية تجاه الشعب الفلسطينى، مشيراً أن القرارات التى اتخذها أبو مازن بشأن إقالة الحكومة متسرعة ولها عواقب لم يدركها بعض المحيطين بالرئيس محمود عباس ومشدداً على أن حكومته جاءت بإرادة شعبية وديمقراطية عبر صناديق الاقتراع وأنها ملتزمة بالنهج الديمقراطى . وقد أعلنت مصر دعمها للرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الصراع بين حركة فتح وحركة حماس قائلة إن على الفلسطينيين أن يلتفوا حول عباس قائداً، وأدان بيان صادر عن الحكومة المصرية حركة حماس لاستيلائها على السلطة فى قطاع غزة وتقويض ما أسمته المؤسسات الفلسطينية، ودعت مصر فى بيانها كافة الفصائل الفلسطينية إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عنها بقيادة محمود عباس، كما دعت مصر أيضاً الحكومات الأجنبية إلى إنهاء ما وصفته بسياسة الحصار للأراضى الفلسطينية . وقد سحبت مصر بعثتها من قطاع غزة احتجاجاً على إطاحة حركة المقاومة الإسلامية حماس بحركة فتح المنافسة بالقوة وذلك حسب ما ذكرته وكالة رويترز ، وأن رئيس البعثة اللواء برهان حماد غادر وبرفقته جميع أفراد البعثة المرافقة مع إعلان حماس سيطرتها على القطاع. ويرى المراقبون أن انسحاب البعثة المصرية من قطاع غزة ضربة لحماس التى طالما رحبت بها القاهرة رغم العزلة التى فرضتها عليها القوى الغربية، إلا أن مصر أوضحت أنها ستستمر فى مساعيها وجهودها لتحقيق استقرار الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية وتحقيق السلام العادل الذى يكفل للشعب الفلسطينى حقوقه وسيادته كاملة . كما أشار المراقبون إلى أن الفلسطينيين يخشون من أن يكون الانسحاب المصرى بداية لخطوات مماثلة من جانب قوى عربية وأجنبية أخرى فى غزة مما يعمق عزلة القطاع ، كما أن الصلة التى تربط بين قطاع غزة تحت إدارة حماس ومصر باتت موضع تحيرحالياً وأن الأمر يتطلب بعض الوقت لاتخاذ قرارات بشأن كيفية إدارة هذه الصلة ، وأعرب مسئولون مصريون عن خيبة أملهم إزاء عدم كبح زعماء حماس وفتح لأحدث جولة من العنف وأشدها حسماً فى قطاع غزة . واحتشدت القوى الغربية وراء محمود عباس وتأييده فى قراراته الأخيرة، كما توالت ردود الفعل فى مختلف عواصم العالم حول الأحداث الدامية التى يشهدها حالياً قطاع غزة، ففى إسرائيل ذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت أن أولمرت وعد خلال اتصاله الهاتفى مع الرئيس مبارك أمس باتخاذ خطوات لدعم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأن إسرائيل ستبذل كل ما فى وسعها لمساعدة المعتدلين فى السلطة الفلسطينية، وأشار مسئول إسرائيلى أن أولمرت سوف يبحث مع الرئيس الأمريكى جورج بوش فى واشنطن هذا الأسبوع تخفيف العقوبات على وجه السرعة فى الضفة الغربية لتعزيز حكومة الطوارئ الفلسطينية والتى قام محمود عباس بتشكيلها، ورأى المسئول الإسرائيلى أن الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز أبو مازن وحركة فتح والزعماء الفلسطينيين المعتدلين فى مواجهة حركة حماس . وفى واشنطن أعلنت " كونداليزا رايس " وزيرة الخارجية الأمريكية دعم واشنطن الكامل للرئيس محمود عباس فى إقالته لحكومة هنية وتشكيل حكومة الطوارئ، مُشيرة أن أبو مازن مارس صلاحياته القانونية بوصفه رئيساً للسلطة الفلسطينية وممثلاً للشعب الفلسطينى، كما أعربت فرنسا دعمها التام للرئيس محمود عباس ومعربة عن قلقها الشديد إزاء الوضع السائد فى قطاع غزة، وفى بروكسل أعلنت المفوضية الأوروبية تأييدها التام لمحمود عباس داعية إلى إجراء حوار لإنهاء الصراع الفلسطينى بعد سيطرة حماس على قطاع غزة وقالت متحدثة باسم المنسق الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية أن هناك رسالة دعم واضحة للرئيس عباس خاصة فى هذا الوقت . وقدم رباعى الوساطة للسلام فى الشرق الأوسط الذى يضم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة وروسيا برسالة دعم واضحة لعباس الذى عين سلام فياض رئيساً جديداً للوزراء بعد أن أقال حكومة هنية وأعلن حالة الطوارئ.. وفياض قد حاز احترام الغرب خلال فترة توليه وزارة المالية، وقد حل محل هنية بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية واستعدت واشنطن وأوروبا وإسرائيل لاستئناف المساعدات المالية لعباس التى قطعت قبل أكثر من عام عندما فازت حماس فى الانتخابات التشريعية مدعومة بشعبيتها فى قطاع غزة . 16/6/2007