في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى السعي نحو تثبيت السلام الداخلى الفلسطينى، تجدد القتال بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة من اجل تحقيق مكاسب على الأرض، ومصالح شخصية، ضاربين بعرض الحائط كل اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة ،مع تبادل الأطراف التهم فكل فريق يلقي باللآئمة على الفريق الآخر! ففى صباح اليوم الخميس 7/6 أطل الفلتان الأمني بوجه القبيح مجددا على قطاع غزة حيث شهد جنوبه فصل آخر من الاقتتال الداخلي بين مسلحي حركتي فتح وحماس ، أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل،وأصابة تسعة آخرون بينهم ثلاثة أطفال في تجدد للاشتباكات بين عناصر من فتح وحماس في منطقة تل السلطان في رفح جنوب القطاع. وأرجعت مصادر من حركة فتح سبب الإشتباكات الى أن عددا من مسلحي حركة حماس، قاموا بمحاصرة عدد من منازل لعناصر من الجناح العسكري لحركة فتح، بجنوبغزة، ثم أطلقوا النار على من بداخلها. تأتي هذه الاشتباكات بعد أقل من يومين من اندلاع معركة بين مسلحين من الجانبين الثلاثاء الماضى، استمرت لنحو ساعتين ونصف، بالقرب من معبر "كارني" الذي يفصل بين قطاع غزة والمناطق الإسرائيلية.وكان نفس المعبر قد تعرض قبل نحو ثلاثة أسابيع لهجوم من قبل مسلحي حركة حماس، أسفر عن مقتل سبعة من أفراد الحرس الرئاسي بحركة فتح.
و جدير بالذكر أن حركتا حماس وفتح كانتا قد توصلتا إلى وقف لإطلاق النار في 19 مايو الماضي برعاية الوفد الأمني المصري في غزة بعد قتال مستعر بينهما أسفر عن مقتل حوالي 50 شخصا على الأقل.وقد بدء سريان وقف إطلاق النار بين حركتي "فتح" و"حماس" فعلياً في 19 مايو الماضي،فى خامس اتفاق لإنهاء الاقتتال بين كبرى الفصائل الفلسطينية،تم التوصل إليه خلال نفس الإسبوع . وكان قد تم التوصل إلى هذا الاتفاق ،إثر اتصالات هاتفية بين عباس ِِورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل المقيم في دمشق، والرئيس حسني مبارك، وبدأ التنفيذ الفعلي للاتفاق، بحضور وفد أمني مصري، برئاسة اللواء برهان حماد، وبحضور ممثلين عن حركتي حماس وفتح والفصائل الأخرى، من بينها حركة "الجهاد الإسلامي"، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين.ومع بدء تطبيق الاتفاق، قام نحو 20 مسلحاً بإخلاء ثلاثة مباني كانوا يتمركزون فيها، بشارعي عمر المختار والجلاء اللذين شهدا أعنف المواجهات المسلحة بين عناصر الحركتين، بوسط مدينة غزة. وجدير بالذكر أنه يشار الى المواجهات العنيفة التى حدثت اليوم الخميس، بين مسلحي فتح وحماس بأنها الأولى منذ توقيع اتفاق الهدنة بينهما في التاسع عشر من مايو الماضي،كما تأتي الاشتباكات في وقت تحتضن فيه القاهرة منذ أكثر من اسبوعين محادثات بين فصائل المقاومة وتهدف إلى تثبيت التهدئة الداخلية ووقف النار بين الفلسطينيين. استمرار محادثات الفصائل بالقاهرة ************************* وفى نفس الوقت تواصلت بالقاهرة اليوم، المحادثات بين فصائل المقاومة الفلسطينية الخمسة (فتح وحماس والجهاد والجبهتين الديموقراطية والشعبية) ومسئولين مصريين بهدف التوصل إلى اتفاق شامل بين كل الفصائل لوقف الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني، وبحث تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ومسألة التهدئة مع الجانب الإسرائيلي. وتستكمل المحادثات اليوم الخميس بين مسؤولين مصريين ووفد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بمشاركة ممثل الجبهة في الخارج ماهر الطاهر والقيادي في الجبهة جميل مجدلاوي. وكانت مفاوضات المسؤولين المصريين مع وفد الجبهة الديموقراطية برئاسة الأمين العام للجبهة نايف حواتمة وعضوية أعضاء سكرتارية اللجنة المركزية صالح زيدان وصالح ناصر وخالد عطا قد أختتمت أمس.وحمل حواتمة القيادة السياسية لكل من حماس وفتح مسؤولية الاشتباكات الدامية بين الجانبين، داعيا الحركتين الى وقف كل الصراعات على مراكز السلطة. وكان حواتمة قد أكد فى تصريحات صحفية لجريدة "الحياة" اللندنية إن "هذه المحادثات تمهد للحوار الوطني الفلسطيني الشامل الذي سيعقد خلال الأسابيع المقبلة"، موضحاً أن "وقف الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني ووضع آلية تنفيذ جادة لإنهاء الأوضاع المتوترة على الأرض لضمان عدم تجدد الاقتتال".
ومن ناحيتها أكدت المصادر مصرية، أن هناك تطابقاً في وجهات النظر بين مختلف الفصائل الفلسطينية، موضحاً أن الجميع أبدوا حرصهم على وقف الاقتتال واستجابوا لكل المطالب المصرية التي تسعى لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة".وأعلنت المصادر أن مصر ستستضيف حواراً موسعاً للفصائل الفلسطينية كافة في منتصف يونية الجاري لبحث ما توصلت له الفصائل من تفاهمات مشتركة لوضع أجندة ملزمة للجميع، موضحا أن مصر تسعى أيضاً لدعم حكومة الوحدة الفلسطينية. و كانت فتح وحماس قد شكلتا حكومة وحدة وطنية في مارس الماضى، لكن القتال بين الحركتين استمر. وحذر عباس يوم الثلاثاء الماضى، إن الفلسطينيين على شفا حرب أهلية.
و بينما يرى كثير من الفلسطينيين أن الإقتتال الداخلي الفلسطيني ألحق دمارا جسيما بالملف الفلسطيني على الساحة الدولية، و شوه صورة الفلسطينيين في عيون العالم، يتساءل جميع العرب: لماذا يتقاتل هؤلاء؟ ولماذا تشهر فصائل حماس السلاح في وجه أبناء فتح أو العكس ؟ ويفترض الجميع أن حماس التى فى موقع الحكم ينبغى أن تصدق في مسألة الاتفاقيات الداعية إلى وقف الاقتتال ثم تقوم فتح بنفس الأمر ، وذلك إنطلاقاً من عدة مبادئ منها مبدأ حرمة قتال ابناء الدين والوطن، الى جانب مبدأ آخر وهو مبدأ وضع الوطن في قائمة الأولويات وليس المصالح والمكاسب على الأرض.فالشعب الفلسطيني لا يهمه من يتولى السلطة.. ولكن يهمه إقامة دولة يتمتع فيها بالأمن و السلام،ويحيا فيها بكرامة..ولتحقيق ذلك لابد أولاً للعالم أن يقف مع القضية، وأن تعمل السلطة الفلسطينية على كسب الرأى العالمى فى صفها ،وذلك لن يأتى عن طريق الإقتتال الداخلى وإزهاق الأرواح، وجعل القضية الرئيسية آخر اهتماماتهم.
وحتى يكون بالإمكان وقف الاقتتال الفلسطيني فإنه لا مفر من القضاء على الأسباب. أما العلاج بمجرد توقيع اتفاق يعالج مسألة إطلاق النار، وترك المسببات التى تؤدى الى إشعال الفتنة بدون علاج واضح.. فمن المؤكد أن الإتفاقات لن تؤدى الى استمرار الهدوء طويلاً ،وستؤول الى سابقتها، ولذلك يجب على قادة الفصائل لإلتزام بالهدوء و الاتزان المطلوب لتحقيق التعاون فى القضية الرئيسية، وهى تحقيق السلام فى الأراضى الفلسطينية وليس الصراع على اشياء غير ذات جدوى. 7/6/07