في بدء أعمال القمة الإفريقية، اعتلت خشبة المسرح فرقة موسيقية من زيمبابوي، وغنت أغنية جميلة عن طموح الإفارقة في حياة أفضل بعيدا عن الحروب والصراعات وعلى صوتها: "شعب إفريقي واحد، صوت واحد، أمة واحدة، هدف واحد، ولا للحرب ولا للتطرف ولا للتقسيم". تخطو مصر خطوات واثقة نحو استعادة العلاقة التاريخية مع القارة السمراء زخمها بعد عقود من الإهمال، وترك العلاقات في مهب الريح حتى وصلنا إلى مرحلة من العلاقات الباردة التي لا تليق بماض طويل بين بلد يحمل تاريخا عريضاً والبلدان الإفريقية التي نحرص عليها، لأنها تقع في القلب من دوائر الأمن القومي والسياسة الخارجية المصرية، وجاءت ثورة 30 يونيو في مصر لتصحح مسار العلاقة مع الأشقاء الأفارقة، وبعد جفوة عابرة بين الطرفين بسبب مواقف غير موفقة سعت إلى عزل مصر، عادت العلاقات إلى سيرتها الأولى بعد معارك مرحلة الاستقلال التي ساندتها مصر بشجاعة ودفعت أثماناً لوقوفها إلى جانب القارة المظلومة في سنوات الخمسينيات والستينيات، ومازال المخزون العظيم للموقف المصري في سنوات التحرر الوطني يقف شاهداً على ما لا يمكن إنكاره، وما لا يجب التفريط في ميراثه. في الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا كانت صور الماضي تطل برأسها في مقر القمة الإفريقية، حيث كان الحضور يرون حرص القيادة المصرية على إستعادة الدور والانخراط مجددا في هموم السياسة والأمن والاقتصاد والمشكلات الاجتماعية والصحية والبيئية التي تثقل كاهل الأفارقة على مدى عقود دون حلول حقيقية، اليوم تمد مصر ورغم كل مشكلاتها يدها إلى الأشقاء وتتبنى مبادرات تنموية مهمة لتعميق العلاقات وللمشاركة في إيجاد بدائل لأزمات القارة السمراء، وبعد أسبوعين تستضيف مدينة شرم الشيخ مؤتمر الاستثمار في إفريقيا (20 و21 فبراير) بحضور رؤساء دول، ورؤساء حكومات، حيث ستوفر مصر منبراً مفتوحا لدول القارة من أجل الالتقاء بالمستثمرين والممولين والمنظمات الدولية بغرض جذب الاستثمارات وتعويض أزمنة الفرص الضائعة وهو جهد توليه الدول الإفريقية امتناناً كبيرا، وتمنحه اهتماما حقيقياً، ويرون أن الدور الرائد لمصر، الذي كاد ينساه الأفارقة، قد عاد مجددا في عهد قيادة ورئيس على وعي كامل بقيمة ووشائج العلاقات الثنائية والقارية التي تضيف إلى مصر ولا تخصم أبداً من رصيدها الإقليمي والدولي. في أديس أبابا، جاءت صورة المشاركة المصرية في القمة الأخيرة أكثر دفئاً ووضوحا واتساقا مع الإهتمام بالأشقاء.. وقد مهدت مواقف واضحة للرئيس السيسي والدبلوماسية المصرية الطريق للوصول إلى منطقة أكثر دفئا، مثلما قلت، ولو استعرضنا ما جرى في العامين الماضيين سنجد محطات عديدة ومواقف مخططا لها في المستقبل تعلن عن مواقف الرئيس من العلاقة مع الأشقاء الأفارقة بوضوح وعن استراتيجية مصرية تجاه إفريقيا وانخراط مصري في قضايا القارة. المشاركة في أول قمة إفريقية بعد انتخابه مباشرة في مالابو بدولة غينيا الإستوائية التي دشن خلالها السيسي الإستراتيجية المصرية للعلاقات مع دول القارة. دعوة القادة الأفارقة إلى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015 للتأكيد على أن هموم مصر هي هموم إفريقيا أيضاً ومن ثم دعوته أن يكون مؤتمر شرم الشيخ معنياً بالتنمية والاستثمار في الدول النامية والفقيرة. دعوة القارة السمراء إلى مؤتمر شرم الشيخ في فبراير الحالي ودعوة رجال الأعمال ومنظمات اقتصادية وغرف التجارة والصناعة المصرية والعربية والإفريقية لعرض فرص الاستثمار لمصلحة شعوب المنطقة وهو مؤتمر بمثابة عمل مصري خالص لصالح دول القارة. وكان الرئيس السيسي قد أجرى مقابلات مع رؤساء عدد كبير من الدول الإفريقية ورئيس البنك الإفريقي للتنمية في أديس أبابا وفي اللقاء مع اكينومي أديسينا رئيس البنك بحث الرئيس تمويل مشروعات في إفريقيا تخدم دول القارة إلى جانب مصر من خلال تصورات عن المشروعات الصغيره والمتوسطة. تطرق الرئيس في عدد من اللقاءات الثنائية إلى قضايا متنوعة منها ما هو متعلق بالإرهاب، ففي اللقاء مع الرئيس النيجيري محمد بخاري تطرق الرئيسان إلى جهود مكافحة الإرهاب، ومواجهة الحكومة النيجيرية لجماعة بوكوحرام، وأشاد الرئيس بنجاحات حكومة نيجيريا في الوقوف في وجه الجماعات الدموية، كما تطرق اللقاء إلى قضية تجديد الخطاب الديني، حيث باتت هذه المسألة قضية إفريقية وليست مصرية فقط انطلاقا من كون عدد كبير من الدول الإفريقية أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وتطرقت المناقشات إلى دور العمل الإفريقي الموحد في المعالجة الثقافية والفكرية، والتصدي للأفكار الهدامة والأصولية المنحرفة عن صحيح الدين إلى جانب التعاون الأمني. استضافة مصر لاجتماع وزراء الدفاع من 28 دولة إفريقية هي الدول الأعضاء في تجمع الساحل والصحراء لبحث ظاهرة الإرهاب التي تتصاعد في غرب ووسط القارة (بوكوحرام.. القاعدة.. داعش.. إلخ) وتتفاقم بصورة مقلقة، ودعت مصر إلى تعاون إفريقي جماعي في مواجهة الظاهرة. عقد مؤتمر وزراء البيئة الإفارقة في مصر خلال أبريل المقبل لمتابعة قضية المتغيرات المناخية بعد مشاركة مصر باسم القارة أمام الدورة ال21 لمؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ بفرنسا في نهاية نوفمبر الماضي، حيث أكد في كلمته أمام العالم: "لعبت مصر ولا تزال، دورًا بناءً في مختلف الجولات التفاوضية حول تغير المناخ، وصولًا إلى مؤتمرنا هذا اضطلاعًا بمسئولياتها في تمثيل القارة الإفريقية، وتعبيرًا عن وحدة الصف الإفريقي، حيث تتحدث جميع الدول الإفريقية بصوت واحد؛ للدفاع عن مصالح القارة وتحقيق الرخاء لشعوبها، فإفريقيا هي الأقل إسهامًا في إجمالي الانبعاثات الضارة، والأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ، ولذلك ينبغي أن تشمل أي تدابير للمرونة في الاتفاق الدول الإفريقية إلى جانب الدول الأقل نموًا والدول النامية المكونة من جزر صغيرة"… وفي الجلسات المغلقة للقمة الإفريقية، حسبما قال لي وزير البيئة خالد فهمي فقد حصل الرئيس السيسي على تأييد واسع لما جاء في تقرير المناخ وأشاد الزعماء بإدارة الرئيس السيسي للملف، حيث تم إقرار المبادرتين الخاصتين بالطاقة المتجددة، وأخرى خاصة بإطلاق مشروعات تمولها الدول الصناعية المتقدمة في إفريقيا في إطار التمسك بضرورة توازن الالتزامات. مشاركة مصرية فعالة في وضع خطة التنمية في إفريقيا 2015 وتوقع مشاركة أوسع في قمة كيجالي برواندا في يونيو المقبل. مبادرة الشراكة من أجل التنمية في إفريقيا والتركيز على تنمية الموارد البشرية لدعم التنمية والاستثمار والتعاون. حصول مصر على عضوية مجلس الأمن الدولى غير الدائمة في يناير 2016 وعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي بدءا من أبريل القادم، مما يعني أن مصر ستكون منوطة بالتعامل المباشر والمسئولية الواضحة أمام المجتمع الدولي عن قضايا الأمن الإفريقي من خلال التنسيق مع الإتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن وهي مواقع يمكن استثمارها للترويج للرؤى المصرية التي أثبتت صحتها في مواجهة التهديدات الآنية (ومن الأمثلة الدالة مشاركة السفير عمرو أبوالعطا مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة في وفد مجلس الأمن الدولي إلى بوروندي وإيفاد الرئيس السيسي السفير حمدي لوزا مبعوثا إلى بوروندي) بما يؤكد أن مصر اليوم حاضرة وفاعلة بقوة في إفريقيا. خطاب جديد إلى القارة السمراء في أروقة القمة الإفريقية، جاء الخطاب السياسي المصري تجاه قضايا القارة شاملا وصادقا ويتجاوز المصلحة الوطنية ليؤكد للأفارقة أن المصير المشترك الذي يجمعنا من ساحل البحر المتوسط شمالا إلى كيب تاون جنوباً، ومن سواحل البحر الأحمر شرقا إلى المدن المطلة على المحيط الأطلنطي غرباً لا يمكن أن تحده المصالح المنفردة ولا التصرفات الأنانية.. كانت أحاديث الردهات في أديس أبابا، مع الدبلوماسيين والسياسيين الأفارقة، تؤكد أن الروح الجديدة للسياسة المصرية تؤتي ثمارها وتحدث تغييراً في انطباعات وآراء تكونت في غيبة الحضور المصري في العقود القليلة التي سبقت ثورة يناير. وقد وسعت الرئاسة المصرية من دائرة الحديث، ولم تعد مناقشات الرئيس مع القادة الأفارقة تقتصر على قضايا تهم مصر وحدها مثل مياه النيل، مثلما كان الحال في فترات سابقة، بل امتدت دائرة التواصل حاملة رسائل عديدة للأفارقة منها أن مصر معنية بهمومكم وطموحاتكم، ونحن جزء أصيل من تلك القارة ولسنا ضيوفا عليها، ولن نترك أخطاء الماضي تلاحقنا اليوم أو تفسد علينا قيمة التقارب.. وفي اللقاءات الثنائية على المستوى الرئاسي كان الزعماء الأفارقة يبدون إعجابا وتقديراً للتوجه المصري المنفتح على القارة السوداء، ويرونها خطوة لابد أن تتبعها خطوات واسعة وسريعة لإعلاء قيمة التعاون والتفاهم المشترك.. ولم يعد إهتمام الرئيس المصري هو اللقاء مع رؤساء دول حوض النيل فقط بل الحرص في القمم الإفريقية على الاجتماع بقادة دول يمثلون كل أقاليم القارة بغرض الإطلاع على مشكلاتهم ومحاولة تقديم يد العون قدر المستطاع.. ومن نتائج التوجه الجديد أن الدول الإفريقية وجدت في عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الإفريقي منفعة قيمة، فكان التأييد الكبير لحصول مصر على المقعد في الليلة التي سبقت إنعقاد القمة.. نماذج للانخراط في قضايا القارة تتبنى مصر مفاهيم واضحة خاصة بالأمن والاستقرار وجدت طريقها إلى الواقع في صورة مواقف في الشهور الأخيرة. قضية بوروندي: ففي حالة التدخل في أزمة دولة بوروندي وجدت مصر أن استبعاد خيار إيفاد قوة عسكرية للتدخل بسبب الخلاف بين الحكومة والمعارضة وهو خيار كان مطروحا من مجلس السلم والأمن الإفريقي، ومن ثم كانت الدعوة إلى إعطاء فرصة للحل السلمي والتفاهم والحوار.. قضية النزاع في جنوب السودان: تدعو مصر الأطراف المعنية إلى احترام اتفاق السلام الموقع في أغسطس من العام الماضي، والتحرك المصري يقوم على عدم تطور أي نزاع إلى صراع عرقي أو طائفي أو مذهبي، حتى لا يتحول إلى نزاع إقليمي يحمل عواقب وخيمة للإقليم، وترى القاهرة أن الخلافات بين الأطراف يجب أن تبقى في حدود الخلاف السياسي وهي رؤية إستراتيجية في المقام الأول، هدفها الحيلولة دون تفجر النزاعات.. التعاون الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب والمشاركة في القوة الإفريقية، حيث تولت مصر في نوفمبر الماضي رئاسة إقليم شمال إفريقيا (قدرة إقليم الشمال الإفريقي) حيث هناك خمسة أقاليم وهو ما شكل مظهرا واضحا على عودة مصر بقوة إلى الإتحاد الإفريقي، والتعاون في مكافحة الإرهاب يشمل التعاون الأمني في مكافحة جرائم الاتجار في البشر والمخدرات وتجارة السلاح. ميزانية المنظمة والتزامات مصر: تلتزم الدولة المصرية بدفع 12 % من تمويل الإتحاد الإفريقي من الحصة أي حوالي 20 مليون دولار، رغم أن مصر يوجد بها 90 مليون نسمة ودولة من بين 54 دولة إفريقية، بينما تعداد سكانها 90 مليونا من أصل مليار إفريقي تقريبا. تعزيز دور الشباب: تشارك مصر بفاعلية في الاجتماعات الخاصة بدور الشباب الإفريقي وترى أن هناك منافع كثيرة من وراء دمج الشباب في الحياة العامة وتمكينهم حتى لا ينزلقوا إلى التطرف والإرهاب، كما يبدو الدور المصري ملحوظا في المناقشات والاجتماعات الخاصة بحقوق الإنسان وتمكين المرأة وتوسيع دورها في عملية صنع القرار. قضية إصلاح الأممالمتحدة، حيث قضية توسيع مجلس الأمن من القضايا المهمة في علاقة مصر بالمنظمة العالمية ورغم الضغوط التي تمارس من دول غربية على الجميع، فإن القارة السمراء متمسكة بشأن أن تتضمن التوسعة حصول أفريقيا على مقعدين دائمين يتم شغلهما بالتناوب، ولهما حق النقض "الفيتو" لو تم الإبقاء عليه. قضايا الصحة: تولي مصر أهمية لجهود التعاون في مجال مكافحة الأمراض والأوبئة ووضع خبرات المراكز البحثية والعلمية والدوائية المصرية في خدمة أبناء القارة. أما فيما يتعلق بسد النهضة فإن القاعدة التي ينطلق منها الرئيس السيسي ومؤسسة الدبلوماسية المصرية اليوم بشأن العلاقات مع إثيوبيا تشير إلى رغبة قوية في توسيع نطاق العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة، وقد كان رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين مرحبا ومؤكدا حضوره منتدى شرم الشيخ للاستثمار في إفريقيا.. كما ترغب مصر في تفعيل مسارات العلاقات الثنائية، دون أن يتعارض ذلك مع تأكيد حقنا في مياه النيل بوصفه من الأنهار الدولية وليس نهر إثيوبي فقط وعدم إغفال حق إثيوبيا في التنمية.. فلا يوجد تعارض بينهما.. فمصر تسعى لبناء علاقة استراتيجية مع إثيوبيا في جميع المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية تخدم مصالح الشعبين في المقام الأول. لقد كان لقاء الرئيس السيسي وديسالين في أديس أبابا الأسبوع الماضي الثامن بينهما خلال 19 شهرا، حيث تسهم العلاقات الشخصية واللقاءات المتكررة في محو الشكوك وتأكيد حسن النوايا، والمسار الفني في مفاوضات سد النهضة يسير في طريقه بصرف النظر عن النتائج المقبولة سلفا بموجب اتفاق الإطار (إعلان الخرطوم)، وقد أسفرت لقاءات أديس أبابا عن التشاور المستمر لعقد اللجان العليا المشتركة المصرية – الإثيوبية، والمصرية – السودانية، والمصرية – الإثيوبية – السودانية. وهناك تكليفات للوزراء المعنيين بمجالات التعاون للإعداد الجيد لبناء علاقة استراتيجية حقيقية والأطراف الثلاثة حريصة على بدء أعمال اللجان قريبا.. أيضا… العلاقات مع دولة جنوب إفريقيا وصلت إلى محطة مستقرة بعد اللقاء الإيجابي بين الرئيسين جاكوب زوما والسيسي في أديس أبابا، وقدم زوما التهنئة للرئيس على استكمال خريطة الطريق، وانتخاب مجلس النواب، وانتخاب مصر في عضوية مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي. وقد بدد اللقاء بين الرئيسين التكهنات حول وجود خلافات بدعوى غضب زوما من عدم حضور الرئيس السيسي القمة الإفريقية في جنوب إفريقيا في يونيو 2015، وأن اللقاء بينهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي لم يٌعقد لهذا السبب!! الاستراتيجية الجديدة للتقارب أسفرت عن عودة قوية لمحيطنا الإفريقي بكل ما يشكله من إضافة للعلاقات، وفي منح الوجود المصري على الساحة الدولية عمقاً خاصاً، ولا يزال هناك الكثير في الطريق لتعويض ما فات من تباعد إستثمره البعض للوقيعة بين مصر بكل ما تملكه من رصيد في القارة السمراء وبين اشقائها، فقد حاول البعض القفز على المكانة في سيناريو شبيه بما حدث أثناء المقاطعة العربية لمصر بعد زيارة الرئيس أنور السادات للقدس واتفاقيات كامب ديفيد ثم عاد العرب وصححوا الأوضاع من تلقاء أنفسهم في قمة الوفاق والاتفاق بعمان عام 1987 بعد عشر سنوات من المقاطعة. لقد كان هناك من حاول تضليل الرأي العام الإفريقي بالحديث عن الثورة الشعبية بطريقة لا يقبلها المنطق، ومتجاهلا 30 مليونا نزلوا للخلاص من رئيس تم انتخابه لكنه انحرف عن الإرادة الشعبية وعن أسس الأمن القومي المصري هو وجماعته، فجاء القرار المتسرع في الخامس من يوليو 2013 بتعليق عضوية مصر لكن الأمر لم يطل وعادت مصر بقوة إلى إفريقيا باستناد قياداتها على صلابة شعبها وقوة الحق في جانبه رغم كل ما جرى من الأصوات المجاهرة بالعداء لبلدنا. مصر تنظر إلى إفريقيا اليوم بمنطق التكامل والمصلحة المشتركة، ولا تنظر إلى الحديث التقليدي عن الزعامة السياسية، فلكل زمن ظروفه ولا يعني عودة مصر إلى القارة أن يكون الأمر ارتدادا إلى مصر الناصرية أيضا التي يتذكرها كل مسئول إفريقي نلتقيه .. لكن الحديث عن مصر في إفريقيا اليوم يعني الكثير للهوية المشتركة التي تجمع أبناء القارة، ومصر تجدد اعتزازها بتلك الهوية وبالحلم المشترك في إعادة بناء المجتمعات على أسس الحق والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية. المصريون في وظائف الإتحاد الإفريقي تضخ مصر قرابة 20 مليون دولار في موازنة الإتحاد الإفريقي سنويا، وهي مساهمة ليست قليلة لدعم الكيان الموحد، إلا أن تواجد المصريين في وظائف الإتحاد يشكل جزءا يسيرا، ولا أبالغ لو قلت إنه "ضئيل جدا" لا يتناسب مع مكانة مصر وعودتها بقوة للعمل الإفريقي، وقد أشار السفير سامح شكري وزير الخارجية إلى أن مصر حريصة على الوجود في الإتحاد وتقدم مرشحين للوظائف.. ولكن هناك وظائف يعلن عنها الإتحاد الإفريقي على موقع الوظائف الخاص به، ولا يتقدم مصريون لشغل وظائف أو المنافسة على شغلها.. بدعوى أن الوظائف "سياسية" بترشيح حكومي.. فهناك وظائف يعلن عنها على موقع الإتحاد الإفريقي، والأهرام ينشر عنوان الموقع ويدعو كل المصريين من مختلف التخصصات إلى زيارته، والتقدم للوظائف الملائمة وهو: http://aucareers.org/ نقلا عن جريدة الأهرام