الأحرار الاشتراكيين ل صدى البلد: الحركة المدنية تتخذ اتجاها معاكسا لمفهوم استقرار الدولة    معركة موازية على «السوشيال ميديا» بعد القصف الذي تعرضت له مدينة رفح    الأوقاف: افتتاح 21 مسجدًا الجمعة المقبلة    غدا، محافظة القاهرة تبدأ فتح باب تلقى طلبات التصالح في مخالفات البناء    وزارة السياحة والآثار تشارك في سوق السفر العربي بالإمارات    بعد غد.. انطلاق مؤتمر "إعلام القاهرة" حول التغيرات المناخية    شبكة القطار السريع.. كيف تغطي جميع أنحاء الجمهورية؟    المقاومة تطلق رشقات صاروخية على مستوطنات إسرائيلية فى غلاف غزة    المقاومة في العراق تستهدف بالطيران المسيّر قاعدة "يوهنتن" الإسرائيلية    مدينة برازيلية تغرق تحت مياه الفيضان    كريم شحاتة: تقدمت باستقالتي من البنك الأهلي حفاظا على كرامتي    بيان رسمي من نادي الزمالك بشأن أخطاء الحكام ضد الأبيض في الدوري الممتاز    تعرف على أسباب خروج «ديانج» من حسابات «كولر»    أخبار مصر اليوم: السيسي يدعو كل الأطراف للوصول إلى اتفاق هدنة بغزة.. قرار جديد بشأن طلبات التصالح في مخالفات البناء    الخميس.. إيزيس الدولي لمسرح المرأة يعلن تفاصيل دورته الثانية    اهم عادات أبناء الإسماعيلية في شم النسيم حرق "اللمبي" وقضاء اليوم في الحدائق    ليلى علوي تحتفل بشم النسيم مع إبنها خالد | صورة    محمد عدوية: أشكر الشركة المتحدة لرعايتها حفلات «ليالي مصر» ودعمها للفن    هل يجب تغطية قَدَم المرأة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    أدعية استقبال شهر ذي القعدة.. رددها عند رؤية الهلال    لذيذة وطعمها هايل.. تورتة الفانيليا    إزالة 164 إعلاناً مخالفاً خلال حملة مكبرة في كفر الشيخ    تفاصيل التجهيز للدورة الثانية لمهرجان الغردقة.. وعرض فيلمين لأول مرة ل "عمر الشريف"    التيار الإصلاحى الحر: اقتحام الاحتلال ل"رفح الفلسطينية" جريمة حرب    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    قدم تعازيه لأسرة غريق.. محافظ أسوان يناشد الأهالي عدم السباحة بالمناطق الخطرة    تناولها بعد الفسيخ والرنج، أفضل مشروبات عشبية لراحة معدتك    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    أرخص موبايل في السوق الفئة المتوسطة.. مواصفات حلوة وسعر كويس    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    مائدة إفطار البابا تواضروس    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    عضو ب«الشيوخ» يحذر من اجتياح رفح الفلسطينية: مصر جاهزة لكل السيناريوهات    رفع الرايات الحمراء.. إنقاذ 10 حالات من الغرق بشاطئ بورسعيد    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    برلماني يحذر من اجتياح جيش الاحتلال لرفح: تهديد بجريمة إبادة جماعية جديدة    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    طارق السيد: لا أتوقع انتقال فتوح وزيزو للأهلي    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجريف البنية التحتية للمجتمع‏..‏ والألاعيب الفجة لتأمين الفساد
نشر في أخبار مصر يوم 09 - 04 - 2011

لم يترك رأس النظام البائد وتشكيله العصابي شيئا في مصر إلا وأفسده وهدم أركانه وقوض دعائمه‏‏
وعلي الرغم من الذيوع الرهيب للفساد ووصوله إلي مراتب عليا غير مسبوقة وما أشاعه من فوضي انسانية وأخلاقية زلزلت ضمائر المصريين وعمقت بينهم الجفوة الزائفة والريبة المصطنعة علي الرغم من كل ذلك فقد قام المصريون يتقدمهم الشباب بثورة عارمة اكتسحت أمامها جبالا راسخة من القمع والاستبداد والطغيان, معلنة القدرة الفريدة والفائقة للشعب المصري علي اليقظة والإفاقة وقدرتهم علي التطهير والتطهر في لمح البصر وكل هذه المعاني العميقة الدلالة المرتبطة بثورة الخامس والعشرين من يناير تستلزم وتستوجب سياسات وقرارات بقدر هامة الثورة ويقظة الثوار وسطوة روحها علي ضمير كل المصريين, ويعني ذلك حتمية مواجهة الفساد بجميع صوره وأشكاله وعدم قصره فقط لاغير علي لصوصيه ونهب التشكيل العصابي الاجرامي وتفريعاته, ويستوجب ذلك ألا تقتصر الملاحقة والمطاردة علي الفساد المالي المروع بل تمتد إلي حلقات الدعم والمساندة المرتبطة بالفساد السياسي, خاصة مع إجماع فقهاء القانون علي أن الجرائم السياسية يترتب عليها بالضرورة مسئوليات جنائية يخضع من ارتكبها ومارسها لعقوبات قانونية رادعة إذا تم استدعاء القانون والنظام العام من الاجازة الاجبارية التي فرضت علي امتداد العقود الثلاثة الماضية.
وعلي الرغم من الأهمية الشديدة للعقاب الجنائي الرادع للفساد المالي والاقتصادي, وكذلك للفساد السياسي, فإن الفساد الذي ارتبط بتخريب المجتمع والأسرة المصرية بالتلاعب في المناهة الدراسية وهدم التعليم كمؤسسة للبناء والتقدم مع تنفيذ مخطط اعلامي شيطاني لتفريغ حضارة الامة وعقائد الوطن من مضمونها الحقيقي اضافة لسيناريو كارثي استهدف تفكيك أوصال الاسرة والمجتمع بالقانون حتي يتم القضاء علي البنية التحتية للوطن بتشريعات مستحدثة ومستجدة تستهدف في المقام الأول اشاعة الفوضي والاضطراب في البنيان الاجتماعي والأسري وصناعة البغضاء المقيتة بين الآباء والأمهات تحت مقصلة قانون الأسرة والطفل الشاذ والمريب, وبالتوازي مع ذلك ارتكزت المؤمراة الشيطانية التي تديرها قوي الشر العالمية وينفذها النظام العميل علي اشاعة الفساد الاجتماعي الممنهج للقضاء علي قيم وتقاليد الأسرة المصرية الراسخة وغرس بذور التفسخ العائلي باستخدام جميع الأساليب والوسائل السياسية والاقتصادية والاعلامية والثقافية مع التركيز علي زرع القيم الوافدة والدخيلة بأسوأ ما انتجته ترسانة الحضارة الغربية والأمريكية من سلوكيات فاسدة ومنحرفة, ووصل الأمر إلي حدود استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للسكان والتنمية في عاصمة المعز لدين الله الفاطمي منذ أكثر من عقدين من الزمن لتكون مركز الانطلاق والمنصة الكبري لاطلاق الحملة الدولية الغربية الأمريكية الداعمة لحقوق الشواذ والمؤكدة علي ضرورة التزام الدول بالاعتراف بحقهم في الزواج وحقوقهم في الميراث, اضافة لحقوقهم السياسية الكاملة وتجريم التعرض لهم بأي صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال, ووصل الحال بتنفيذ المخطط الخارجي إلي حدود السماح بتوليهم أعلي المناصب في الدول المصرية بغير حياء وبدون خجل لإعطائهم صك الشرعية والتواجد الفعال في الحياة السياسية والتنفيذية ومنحهم حق تصدير سلوكياتهم المنحرفة إلي المجتمع علي أوسع نطاق ومدي.
المخطط الشيطاني لتدمير الأسرة والمجتمع وتمزيق النسيج الاجتماعي
وقد قام النظام الاجرامي الفاسد بتنفيذ مخطط شيطاني لاشاعة الفتنة والفرقة في المجتمع بين المسلمين والأقباط هو مسئول عنها مسئولية كاملة علي الأقل بتقاعسه في اتخاذ السياسات والاجراءات الفاعلة التي يمكن من خلالها أن تتم السيطرة علي الفتنة الطائفية ونزع فتيل الاشتعال منها وهي قائمة طويلة تضم كل الأدوات والامكانيات التي تستطيع الدول أن تسخرها وتستخدمها لضمان وصيانة السلم الاجتماعي والتوافق بين المواطنين مهما اختلفت عقائدهم ومعتقداتهم ومهما تعارضت مصالحهم وتوجهاتهم, ولكن ومع تحول النظام إلي تشكيل عصابي وإلي مافيا للجريمة المنظمة كان ألف باء السطوة والسيطرة علي مقاليد الأمور لابد أن يرتكز علي إثارة الفوضي في المجتمع وتأجيج نيران العنف بجميع صوره وأشكاله وفي مقدمته بالطبع لابد أن يأتي العنف الطائفي لسهولة استدعائه علي مسرح الأحداث بالسخونة اللازمة والاشتعال المطلوب, وهو ماتؤكده الكثير من الشواهد التي لم تدفق بعد بالقدر الكافي من الأهمية والجدية وهو ما تثبته الأحاديث والروايات التي انطلقت عن مسئولية وزير داخلية الفساد حبيب العادلي عن حادث كنيسة القديسين بالاسكندرية وتنفيذها عن طريق فرق خاصة تتبعه مباشرة مسئولة عن المهام القذرة والشيطانية وهي نفس الفرق التي لابد أن يثبت الزمن مسئوليتها عن مجزرة ميدان التحرير باستخدام بنادق الليزر المتطورة وغير الموجودة بشكل رسمي لقتل شهداء الثورة من فوق أسطح المنازل العالية بالميدان والتي مازال تحديد المسئولية عنها لغزا غير قابل للحل حتي الآن.
وقد عمل النظام البائد علي تنفيذ مخطط متكامل لتمزيق النسيج الاجتماعي المصري تحت اشراف سيدته الأولي التي تعيد إلي الأذهان سلوكيات وممارسات ايفا بيرون زوجة ديكتاتور الأرجنتين بيرون, وماكانت تتمتع به من درجة عالية للغاية من الطمع والجشع واستغلال الأعمال الخيرية والتطوعية لتجميل صورة نظام زوجها الفاسد مع استغلالها البشع للواجهات والشعارات الوطنية والانسانية لتجميع الأموال رهبة وقسرا بالملايين للاستيلاء الشخصي عليها, وكذلك الطمع الشديد في المجوهرات الغالية والنفيسة والسعي للحصول عليها بجميع الطرق والوسائل, وكانت ايفا سببا رئيسيا من أسباب الثورة علي بيرون ونفيه إلي خارج الأرجنتين لفترة زمنية طويلة في اسبانيا, وقد سمح بقاء التشكيل العصابي الاجرامي وعدم تفكيكه ان تتم اعادته للحكم مرة أخري مع زوجة جديدة شابة هي ايزابيلا بيرون التي نصبتها العصابة رئيسة لجمهورية الأرجنتين بعد وفاة زوجها استغلالا لطيبة الشعوب وذاكرتها الوطنية والقومية الضعيفة مع سيادة عادة نسيان الماضي مهما كان بشعا ومؤلما مما يحتم علي الثورة المصرية الاصرار الشديد في القضاء علي كامل التشكيل العصابي من الجذور العميقة حتي لا ينبت شجرة لئيمة مع الزمن تغتال الأمل الجميل للثورة.
وقد ارتكز تمزيق النسيج الاجتماعي علي اثارة فتنة سياسية واعلامية بين الرجل والمرأة وصلت في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة المزورة والمزيفة إلي اطلاق بدعة كوتة المرأة لاستكمال فتنة تقسيم المجتمع إلي50% من العمال والفلاحين والي50% لمن هم خلافهم وليس معهم وضدهم وتم صك شعار مخادع يتحدث عن تمكين المرأة بصورة بعيدة تماما عن المعني الحقيقي الذي يحتاجه المجتمع بكل الشدة والعنف والمرتبط بالتمكين الاقتصادي والانساني للمرأة ومساندتها للخروج بأسرتها ومجتمعها من دوائر الفقر المهينة والمقيته ومن دوائر التهميش التي تعاني منها قاعدة عريضة للغاية من الشعب المصري الذي فرض عليه الفقر وفرض عليه التهميش والانزواء وتحول شعار التمكين الي أداة سياسية فاعلة في يد عصابة الجريمة المنظمة لاصطناع المزيد من السطوة والسيطرة علي الحياة السياسية وتحويل المرأة بشكل مؤثر إلي جزء من الديكور السياسي للحزب الفاسد استكمالا لجهود سيدة النظام الأولي في المجلس القومي للمرأة لتحويل المرأة التي هي نصف المجتمع إلي رصيد النظام بديلا عن أن تكون رصيدا حقيقيا لتطوير المجتمع وتحديثه وتنميته كما هو الحال تماما مع نسبة العمال والفلاحين التي استخدمت للانقضاض علي حقوق القاعدة العريضة من المواطنين وعاني في ظلها أهل العمل وأهل الزراعة أبشع صنوف الاستغلال والعبودية والقهر, وبدلا من أن تتصدر قضايا المرأة المعيلة مقدمة أولويات تمكين المرأة لحياة أفضل تصدر المشهد قضية ختان الاناث في تلاعب فج وحقير بالأولويات الانسانية والتنموية.
الاحتكارات الغاشمة وسطوتها علي القوت الضروري وتحجيم الاستثمار
ولم تقتصر الفتنة علي التقسيم المنظم للمجتمع حتي يقف الجميع في مواجهة بعضهم بعضا, بل امتدت الفتنة المخططة إلي توزيع النفوذ والسلطان علي مقادير المجتمع وأحواله المعيشية وأوضاعه الوظيفية وفقا لقواعد الاحتكار سيئة السمعة والرديئة, ومع تطبيق سياسات الخصخصة وتفكيك شركات قطاع الأعمال العام وبيعها بأبخس الأثمان وتقاضي العمولات الباهظة والمرتفعة من قبل القائمين علي أمورها وشئونها بعد دفع المعلوم إلي زعماء العصابة أصحاب الاختصاص والأمر والنهي أصبح الاحتكار بأبشع صوره وأشكاله هو المتحكم في الاقتصاد والمال والأعمال والمعاملات, وكان محورا رئيسيا من محاور تخصيص الأراضي الصحراوية والزراعية والسياحية بالأمر المباشر يصب في خانة مساندة الاحتكارات التي تم الاتفاق علي توليها المسئولية المباشرة للاحتكار في تجارة معينة أو في صناعة محددة أو في نشاط خدمي محدد بما يمكن زعيم المافيا أمس واليوم وغدا من جني العوائد والأرباح بأيسرالطرق وأسهلها.
وييسر الاحتكار في كل شئ التعامل مع رؤوس محصورة وقليلة يتحكم كل منها في ابعديه محددة وكأنها عودة لنظام الالتزام والملتزم في عهود المماليك وهو نظام يعهد للمملوك بالمسئولية الكاملة عن مديرية من مديريات مصر أو عن نشاط محدد ثم يحدد مبلغا من المال يحصل عليه زعيم المماليك ورئيسهم مقابل هذا الالتزام بما يجعلها من خلال نظام الاحتكار الكريه والبشع عودة لنظم القرون الوسطي البغيضة وهو نظام لا يستهدف فقط تنظيم جميع الأموال الحرام بل يستهدف أيضا قيام جماعات منظمة للولاء كما كان كل مملوك يملك جنده وأتباعه ويقوم بمساندة الزعيم لحظة الحاجة اليه لعلمه بارتباط كيانه السياسي والاقتصادي والمالي كتابع باستمرار رأس النظام المملوكي علي قمة هرم الفساد.
وقد شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين توسعا كبيرا في تنفيذ هذا المخطط الشيطاني وتمت اعادة ترتيب الأوراق بصورة عاصفة وحادة وصلت الي حالة الاحتياج في السنوات الأخيرة لضمان سيطرة مجموعة قليلة علي قطاع التنمية العقارية علي سبيل المثال باعتباره قطاعا واعدا يمكن ان يكون مصدرا كبيرا لتنمية الثروة وتوليد الارباح في المستقبل القريب والبعيد كما تمت خطوات مهمة لتأكيد سيطرة فرد واحد هو أحمد عز علي انتاج الحديد واستيراده كما بدأت ملامح سيطرة آل الجبلي علي نشاط المستشفيات والاسمدة إضافة الي سيطرة عدد محدود علي عمليات الاستيراد للسلع الحيوية والاستراتيجية والتي دخل فيها استيراد القمح ولعب سامح فهمي وزير البترول دورا محوريا شديد الفساد في صناعة احتكارات البتروكيماويات والمشتقات البترولية كما لعب علي مصيلحي وزير التضامن دورا حيويا لتمكين الاحتكارات من السيطرة علي استيراد وتجارة السلع الغذائية الاستراتيجية وحققت الاحتكارات الديناصورية ارباحا خيالية من دم الشعب المصري واستغلت قوت يومه بأبشع صور الاستغلال الفاحشة.
استحالة التصالح مع التشكيل العصابي للنظام البائد
وفي ظل هذه الممارسات الفاسدة والمخططة لضمان تحقيق أهداف سياسية واقتصادية اجرامية وارتكازها علي مفهوم التشكيل العصابي وعقلية المافيا والجريمة المنظمة فإن الأحاديث الجوفاء عن التصالح مع الفاسدين بحجة انه تصالح مع مجتمع الأعمال ورجال الأعمال حتي تدور عجلة الاقتصاد المصري ولا تتوقف, ما هو إلا حديث فاسد يرتبط هدفه الرئيسي بتأمين أركان النظام البائد ودعائمه وحمايتها من السقوط والأكثر خطورة ان بقاء هؤلاء الفاسدين طلقاء بكل جرائمهم المؤثمة جنائيا من المنظور السياسي والاقتصادي والمجتمعي يشكل جريمة خيانة عظمي للثورة وللدولة المصرية ويضع قيدا علي التغيير الجذري الحتمي المنشود الذي في غيابه لا تستقيم الأوضاع المصرية ولا يصح لها حال بحكم احتياجها الشديد والعاجل للقضاء علي عقلية العصابة والانهاء البات لممارسات مافيا الجريمة المنظمة المرتكزة علي البلطجة وهو ما يعني حتمية القضاء البات علي الاحتكارات المنظمة والممنهجة للتشكيل العصابي بكافة صورها وأشكالها لأنها تشكل خلايا النظام البائد وتشكل جسم الجريمة الذي تسبب في القضاء علي طموحات الانتقال الحقيقي الي اقتصاد السوق الذي يقوم أول ما يقوم علي اطلاق حرية المنافسة وتوسيع نطاقهاوهو ما يتعارض بالكامل مع سيادة الاحتكار ومع سطوة وسيطرة المحتكرين.
ويعتمد الداعون إلي فكرة التصالح والمصالحة علي منطق قائم علي الغش والتدليس بادعائهم أن اللصوص هم رجال اعمال وأن مافيا الجريمة المنظمة هم مجتمع الاعمال ولا يمكن الادعاء بأن فرض الانضباط القانوني علي قطاع الأعمال سيكون سببا كما يقول رعاة الفساد البائد لسقوط وانهيار الاقتصاد المصري وتعثره في القريب العاجل لأن العكس هو الصحيح فإن إزالة غمة احتكار العصابة فرض عين حتي يمكن إتاحة الفرصة الحقيقية لإدارة الأعمال وفقا لقواعد المنافسة القانونية العادلة والشريفة بين جميع الأطراف لابد أن يكون سببا رئيسيا من أسباب الانتعاش العاجل للاقتصاد المصري مع زوال غمة الفساد والاحتكار وتربيط السوق بالسطوة والنفوذ كما أن صدور أحكام رادعة جنائية علي التشكيل العصابي للمافيا الاجرامية سيطهر السوق والأعمال من الممارسات الفاسدة والمنحرفة ويعلن عن بداية عصر جديد للتنمية يتسابق فيه الجميع بقدر جهدهم وامكانياتهم وطاقاتهم في غياب أمنا الغولة المتسلطة الممسكة بتلابيب الأمور غصبا وعدوانا.
يستحيل القبول بمنطق فاسد يقول بان مجتمع اعمال مصر هم مجموعة لصوص وافاقين كما تتبجح الأكاذيب الوقحة والفجة لأن رجل الأعمال يختلف تماما وبصورة كاملة عن هذه الطغمة الفاسدة التي ظهرت للوجود اعتمادا علي النفوذ وسيطرة العصابة واختياراتها للمماليك وفرضهم قهرا وقسرا علي مجتمع الأعمال بثمن فادح تمثل في حرمان مناخ الأعمال والاستثمارات من التنافسية وفرض علي المستثمر ورجل الأعمال الجاد المحترف الملاحقة والمطاردة إما وصولا للانكماش أو وصولا للخروج الكامل من السوق والافلاس وهو ما حرم مصر بالفعل من فرص استثمارية واسعة وضخمة ووصل الحال لفرض الاحتكار ان تم تقييد القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل حاد وتركيز القروض لعدد من الأشخاص بعينهم أطلق عليه كبار رجال الأعمال وكبارهم في غالبيتهم المتعثرون أصحاب الديون الرديئة وهم أصحاب الجدولة للديون والكثير من الفاقد والضائع في قيمتها.
تشهد ساحة الثورة المصرية محاولات دامية للانقضاض المكثف علي طموحاتها ومسيرتها تستهدف قص أجنحتها ومنعها من التحليق في سماء بناء مصر القوية الحديثة المتقدمة من خلال اثارة غضب وسخط شعبي علي الثورة عن طريق استغلال الفراغ الأمني وما يعنيه من فقدان الأمن والأمان وأيضا عن طريق الترويع الاقتصادي بتعليق جرس الانهيار الاقتصادي والمالي وتحميل الثائرين زورا وبهتانا المسئولية عن تردي الأوضاع المعيشية وافلاس الخزانة العامة والعجز عن توفير الاحتياجات الضرورية وتصاعدت حدة النصب والادعاء لتأمين اعداء مصر الفاسدين بالدعوة لاصدار قرار للتصالح معهم باعتبارهم عنصر الامان وليس عنصر الفساد في خلط مستفز وفاجر للأوراق والحقائق.
ومع اكتمال العقاب الجنائي للتشكيل العصابي بصدور أحكام بالمصادرة فان ذلك لا يعني علي الاطلاق توقف المنشآت والشركات التي نهبوها وسرقوها عن النشاط أو فقدان الثقة والاعتبار فيها ومن أبرز الأدلة علي فساد مخططات التخويف والترويع الاقتصادي الهادفة لتأمين وحماية الفساد والفاسدين ان البورصة عندما عادت للنشاط لم تقع فريسة للانهيار والسقوط والأكثر أهمية أن اسهم شركات بعض رموز الفساد السياسي والاقتصادي مثل شركات حديد عز التي هي أصلا مسروقة ومنهوبة من المال العام لم تنهار في معاملات البورصة بل استعادت توازنها واستقرارها بحكم أن الشركات الكبري كما في العالم أجمع لا ترتبط بوفاة أو حبس أو اعدام المالك الأكبر بل ترتبط بنظام ادارة قائم فعال لايدري ولا يعرف الرأس الفاسد شيئا عن تفاصيلة ودخائله.
بكافة المعايير المقاييس فإن تنفيذ حكم القانون واملاء سيادة القانون والاعلان عن حكم دولة القانون علي التشكيل العصابي ورموزه من اللصوص سيكون هو المفتاح السحري للانتعاش العاجل والسريع للاقتصاد والاعمال والمعاملات ولكن ذلك يتطلب درجة عالية من الحذر والحيطة في المرحلة الانتقالية لتحجيم دور احتكارات الجريمة المنظمة المسيطرة علي الاستيراد والتجارة الداخلية وقمع كافة مظاهر التلاعب اولا بأول مع تدخل واسع النطاق لبقايا القطاع العام واجهزة التعامل مع العالم الخارجي للمسارعة بسد الفجوات المصطنعة والمدبرة حتي لا يعلو كعب الانحراف وتصاب طموحات الثورة بالسكتة الدماغية المفاجئة ؟!
* نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.