حوار: رحمة ضياء الدراسة المفصلة التى أعدتها المحامية والحقوقية منى ذو الفقار عن المواد المفخخة فى مسودة الدستور، ونشرتها «الدستور الأصلي» قبل أيام كانت مدخلًا لحوارنا المطول معها حول أزمة الجمعية التأسيسية للدستور والمسودة الملغمة التى خرجت عنها، والتى أكدت ذو الفقار أن جميع فئات الشعب ستتضرر من ورائها. منى هى ابنة الفنان صلاح ذو الفقار، حيث حصلت على درجة البكالوريوس فى العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وليسانس الحقوق من جامعة المنصورة، وشغلت بعدها عديدًا من الوظائف. أسست مكتب ذو الفقار للمحاماة، وهو أحد أكبر مكاتب المحاماة فى القاهرة، وهى أيضا عضوة مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، اختارتها مجلة «تايم» الأمريكية عام 1994 كواحدة من مئة شخصية قيادية صغيرة السن فى القرن العشرين على مستوى العالم، وحصلت على عدد من الجوائز التقديرية لدورها المتميز فى إصدار قانون الخلع والدفاع عن حقوق المرأة، والتى تحاول التيارات الإسلامية الردة عنها. الحديث عنها يطول، لكن الحديث معها مثمر. «الدستور الأصلي» التقتها فكان هذا الحوار. ■ هل تعتقدين أن الأزمة الحقيقية فى المسوّدة أم فى تشكيل الجمعية التأسيسية؟ - تشكيل الجمعية لا يسمح فى الأحوال الطبيعية بالوصول إلى توافق، لأنه لا يعبر عن المعايير التقليدية والمتعارف عليها فى تشكيل الجمعيات التأسيسية فى العالم أو حتى فى مصر، فتاريخنا يقول إن تشكيل الجمعيات التأسيسية للدساتير المتعاقبة كانت الغالبية فيه للمتخصصين والعلماء المستقلين، الذين لا يعبِّرون عن تيارات سياسية حتى يكون دافعًا لدستور توافقى، لكن هنا الوضع معكوس، فالأغلبية الكاسحة لتيارات وأحزاب سياسية أو متعاطفين معهم، وبالتالى أصبحت الجمعية تعبر عن أغلبية لتيار معين ولا تعبر بشكل عادل عن الكفاءات والخبرات، ولهذا طُعن عليها مرتان، ولو ترك الأمر للقضاء أكيد سيحلّ هذه الجمعية سواءً القضاء الإدارى أو حكم «الدستورية»، فمن المؤكد فى رأيى أنه سيُحكم بعدم دستورية القانون الصادر بالمعايير، وبهذا يعود للقضاء الإدارى اختصاصه الأصيل بالنظر فى الطعن على تشكيل الجمعية، ودون شك سيحكم ببطلانها. ■ اختيار التشكيل الجديد سيصبح فى يد الرئيس وفقًا للإعلان الدستورى المعدل.. فكيف ترى ذلك؟ - هذه هى المشكلة، إن التشكيل الجديد سيصبح فى يد الرئيس، ونتمنى أن تتم إعادة تشكيلها بشكل ديمقراطى، ودون شك الخطأ جاء فى الأصل من الإعلان الدستورى الأول والمادة «60» التى أعطت للأغلبية البرلمانية حق تشكيل الجمعية فخرجت جمعية مغالبة لا مشاركة. وفى الوقت الحالى هناك أساليب كثيرة لتشكيل الجمعية بشكل ديمقراطى، فمن الممكن أن تشكل من خبراء بحكم موقعهم المنتخب أو بحكم وظيفتهم كالقضاة وأساتذة الجامعات وممثلى النقابات المهنية وغيرهم أو من الممكن أن يترك للجهة المنتخبة ترشيح من يمثلها كأن يختار نقيب المحامين اثنين أو ثلاثة محامين، وبالمثل اتحاد النقابات المهنية المنتخب يُعين ممثلين عنه وهكذا، فهناك وسائل ديمقراطية تمنع الرجوع إلى الشعب لانتخاب جمعية جديدة، لأن ذلك سيُنتقد بأنه ضياع للوقت والجهد فمن الممكن للمعايير أن تضمن الخبرة المتخصصة والكفاءة وعدالة التمثيل فى آن واحد. ■ ما تعليقك على ما تردد على لسان بعض المنتمين إلى جماعة الإخوان بأن الرئيس سيختار الجمعية بنفس التشكيل الحالى فى حال الحكم ببطلانها؟ - سيكون ذلك اختبارًا مهمًا جدًا وفارقا لرئيس الجمهورية، ولا أتوقع أن يعيدها بنفس التشكيل، لأن التشكيل أثبت فشله فى الوصول إلى دستور توافقى يعبر عن المصريين جميعًا، وبالتالى لو أعاد اختيار نفس التشكيل سيعيد تكوين الأزمة ويعيد تحضير العفريت، ولا أتوقع أن يفعل ذلك، خصوصًا أن الشعب منتظر منه أن يكسب ثقته، ويثبت أنه رئيس كل المصريين وليس رئيسًا للبعض دون الآخر. ■ هناك ارتباك فى موقف القوى السياسية بشأن التعامل مع الأزمة، فهناك من يرى ضرورة الحوار حول المواد الخلافية فى المسوّدة والبعض الآخر يدعو إلى مقاطعة الجمعية «الباطلة».. فما التصرف الأوقع بالنسبة إليك وأنت كنت طرفًا فى اجتماعات القوى الوطنية التى تزعمها البرادعى وصباحى؟ - هناك عدة أشكال من الضغط، فالشخصيات المدنية والمستقلة التى لا تمثل تيار الإسلام السياسى داخل الجمعية التأسيسية تقول إنها ستناضل حتى النهاية حتى تشعر أنها وصلت إلى نقطة اللا عودة فى سبيل الوصول إلى نوع من التوافق إذا لم يحدث ستعلن انسحابها، والتيارات المدنية خارج الجمعية تضغط أيضا سواء لإثبات أن تشكيل الجمعية باطل، وهذا حقيقى أو على مستوى المنتج الذى خرج عنها والذى لا يعبر عن الحد الأدنى لمطالب المصريين، وفى الحالين من حيث التشكيل أو المضمون لا يعد الدستور توافقيًّا. ■ هل تعتقدين أن عموم الشعب يشارك ويتابع ما يجرى فى كتابة الدستور من خلال الموقع الذى خصصته الجمعية لتفاعل الجماهير معها؟ - البعض فقط، وهم شرائح قليلة من المجتمع، لكن بالطبع المشاركة المجتمعية زادت بعد الثورة، وأصبح هناك عدد أكبر معنىّ بالدستور ولديه وعى، لكن الأزمة الاقتصادية الطاحنة جعلت كثيرًا من المواطنين يجرى على أكل عيشه طول اليوم، وينام من غير عشاء وأولوياته لقمة العيش وأنبوبة البوتاجاز، وبعدهما يأتى الدستور، لكنّ المجتمع المدنى والشباب مهتمون بأن يعرفوا ويفهموا ويشاركوا. ■ هل من المتوقع تكرار الاستقطاب الدينى الذى حدث فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية حين يُجرى الاستفتاء على الدستور الجديد؟ - متأكدة أن الاستفتاء المقبل سيكون فيه استغلال سيئ للدين، وبدءًا من الآن، ودون انتظار الاستفتاء، هناك موقع إخبارى نشر أخبارًا عن أن الإخوان يقولون إن التصويت فى الاستفتاء واجب وحلال شرعًا فى حين أن السلفيين يقولون التصويت فى الاستفتاء حرام شرعًا، وهى مسألة غير مقبولة والأمل كان أن تسعى التجربة الديمقراطية بعد الثورة إلى بناء الإنسان لا تزييف وعيه والتلاعب بإرادته. ■ ما أكثر الفئات تهديدًا فى مسودة الدستور الحالية؟ - الشعب المصرى كله سيتضرر من المسودة الحالية للدستور، فالحرية لا تتجزأ وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق المواطنة، فلا يمكن أن يُعطى حق المواطنة لجميع فئات المجتمع، وتحرم منه المرأة لتبقى مواطنتها منقوصة، فالمسألة ستختل، ولن يتحقق الاستقرار والديمقراطية لأن الحرية هى مصدر الشعور بالمسؤولية والإبداع والبناء، وإذا لم تتحقق الحرية والمساواة والعدالة فلماذا قمنا بالثورة؟! وهناك خطورة أخرى كامنة فى المادة الخاصة بإعطاء مؤسسة الأزهر بكل قامتها ومكانتها العالية سلطة الوصاية على السلطة التشريعية والقضائية والنص على وجوبية أخذ رأى هيئة كبار العلماء وكل الفقهاء من أكثرهم تطرفًا إلى أكثرهم تحررًا وما ينطوى على ذلك من مسائل خلافية، وغير متفق عليها ويكون هذا الرأى نهائىًّا وواجب الاتباع، فمن يجرؤ على أخذ رأى هيئة كبار العلماء ولا يلتزم به؟! ■ ما النتائج التى ستترتب على ذلك من وجهة نظرك؟ - النتيجة أن المؤسسة المنارة التى تعمل منذ أكثر من ألف سنة على تطوير المعارف والعلوم الإسلامية ونشر السماحة والوسطية فى العالم الإسلامى كله ستتحول لتصبح جزءًا من صراعات سياسية وتصبح مؤسسة لها سلطة، فتصبح محل صراع وسعى لها، ونصبح أقرب إلى دولة ولاية الفقيه من دولة القانون وسنفقد كثيرًا من مكانة الأزهر، لأنه سيدخل فى صراعات سياسية، وهذا غير مطلوب فدور الأزهر ومكانته أكبر من ذلك بكثير. ■ هل تتفقين مع القول بأن الصلاحيات الممنوحة للرئيس فى الدستور تجعله بمثابة إله أو فرعون؟ - قيل لنا إن النظام المقبل سيكون مختلطًا «رئاسى – برلمانى»، والحقيقة وجدنا أن هناك خللًا فى التوازن بين السلطات، فرئيس الجمهورية يعين ويقيل رئيس الوزراء والوزراء، ويستطيع أن يحل البرلمان، فتتحول الوزارة لتصبح سكرتارية للرئيس فى حين أن الرئيس لا يُساءل سياسيًّا أمام مجلس النواب ومن يتحمل المسؤولية السياسية أمام مجلس النواب هى الوزارة، وبالتالى لا يوجد تلازم بين المسؤولية السياسية وصلاحية الحكم، فالمسؤول سياسيًّا الوزارة ومن الممكن أن تُسحب منها الثقة، ومسؤولة أمام مجلس النواب ممكن يسحب الثقة منها، ولا يسحب الثقة من الرئيس. إضافة إلى ذلك أنه يجمع بين سلطات لم تجتمع لأى حاكم فى مصر منذ أيام الفراعنة، لأن لديه السلطة التشريعية والتنفيذية وانتزع السلطة التأسيسية لأنه أعطى لنفسه الحق بعد الانتخابات، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية أن يُعدل إعلان دستورى ويجمع بين سلطات خطيرة جدًا ونتمنى أن لا تستخدم التشريعية إلا فى أضيق الحدود، ولا تستخدم السلطة التأسيسية إطلاقا. ■ ما أسوأ قرار للرئيس محمد مرسى منذ توليه السلطة من وجهة نظرك؟ - القرار الصادم بالنسبة لى كان الصدام مع سيادة القانون، فأحد واجبات الرئيس أن يكون الحكم بين السلطات ويحافظ على استقلالها، ويقسم أن يحترم الدستور والقانون، ومع ذلك كان أول قرار له مخالفة حكم «الدستورية العليا» بإعادة البرلمان، ثم الصدام مع السلطة القضائية بشكل عامّ، ثم إقالة النائب العام، وأى اعتداء على استقلال القضاء وسيادة القانون بالنسبة للمحامين خصوصًا، يهدم بنيان دولة القانون. أيام مبارك أصدرت المحكمة الإدارية أحكامًا مماثلة بحل البرلمان واحترمها مبارك، فكان صادما أن يصدر بعد الثورة حكم لنفس الأسباب ولا يحترمه مرسى. ■ وما القرار الذى يشفع له برأيك؟ - القرار الذى صدر سواء بالاتفاق مع الجيش أو كان انقلابا ناعمًا بتوحيد سلطة الحكم، وفى كل الأحوال كان تأكيدًا أن المجلس العسكرى انسحب فعليا وسلم السلطة. كان قرارًا سليمًا، وإن ترتب عليه جمع الرئيس بين السلطة التشريعية والتنفيذية. ■ ما تقييمك لتعامل الحكومة مع أزمات المواطن من الخبز والبنزين والمياه والكهرباء وغيرها؟ - مؤكد أن أزمات المواطن زادت لكن ثلاثة أشهر غير كافية لتقييم أداء الحكومة بحكم الأزمة والظروف الاقتصادية الطاحنة التى نواجهها. ■ عملتِ فى «القومى لحقوق الإنسان» لمدة سبع سنوات قبل وبعد الثورة فما مراحل التحول التى مر بها المجلس؟ - المجلس مر بمراحل كثيرة، لكن كان له دائما دور فى وضع قضايا حقوق الإنسان على الخريطة بالنسبة للحكومة والضغط لإصدار تشريعات، لكن المشكلة لم تكن فى إصدار تقارير شجاعة، لكن النتائج قبل الثورة كانت معلقة على الإرادة السياسية، وهناك كثير من التشريعات التى طالب بها المجلس ولم تصدر، فعلى سبيل المثال طالب المجلس عام 2004 بتعديل القوانين التى تُعرّف التعذيب لنصبح متوافقين مع التزاماتنا الدولية التى وقّعت عليها مصر، وحتى الآن لم يحدث ذلك، وبعد الثورة قدمنا أيضا عديدًا من التشريعات والتقارير والبيانات، لكن القليل منها تم الاستجابة له، وطالبنا بعد الثورة بتعديل قانون المجلس أكثر من مرة وذهبت إلى لجنة حقوق الإنسان فى برلمان الثورة لمناقشة التعديلات التى تعطى المجلس صلاحيات تمنحه القدرة على أن يكون أكثر تأثيرًا. فى حين أن أغلب التشريعات التى اقترحها المجلس لم يصدرها البرلمان وعلى رأسها مشروع قانون موحد لدور العبادة، وتعديل نصوص قانون العقوبات فى ما يخص التعذيب، وقانون لحظر التمييز بين المواطنين، لأن مصدر الفساد والاستبداد فى مصر هو المحسوبية والواسطة وعدم احترام الكفاءة كمعيار وحيد للتمييز بين المواطنين بما يعد مصدر ظلم شديد للمواطنين، فلو الكفاءة هى الحاكمة لن يزعل أحد حتى لو الوظائف قليلة، لأنك ستشعر أن من حصل عليها هو الجدير بها، وكل ما نجحنا فيه هو أن يتم تعديل قانون العقوبات ليصبح التمييز على أساس النوع أو الدين أو السن جريمة فكل ما فعلوه أخذ هذا الجزء وترك باقى القانون. والأمر اللافت أن تقرير المتابعة الدورية الشاملة الذى أعده المجلس عام 2009، وقدم انتقادات شجاعة للسياسة المصرية قبل الثورة، ووضع أجندة للمواطنة والديمقراطية ما زالت هى نفسها الأجندة لم يتم تنفيذها حتى الآن بعد الثورة. ■ لا شك أن المجلس أعد تقارير تقصى حقائق مهمة فى قضايا قتل الثوار ولكنها لم تفعل شيئًا فى النهاية وتم تبرئة أغلب المتهمين فى تلك القضايا.. فما السبب فى رأيك؟ - تقارير تقصى الحقائق التى أعدها المجلس ما زالت تُستخدم كأدلة فى القضايا المنظورة وفى المطالبة بالتعويضات، وتبرئة المتهمين فى قضايا قتل الثوار مسألة كارثية، وسببها أن جهات الأمن التى كانت غير موجودة فى تلك الفترة هى التى طلب منها أن تقدم أدلة إدانة فى وقت هى متهمة فيه، وفى ظل وضع صعب وبالتالى لم تقدم أدلة إدانة أو طُمست. وما زلنا نحاول معرفة حقيقة هذه القصة، فالطرف الثالث ما زال مجهولًا ونشيطًا وشغال الله أكبر فى سيناء، وكل شوية يظهر فى مكان جديد، والملف ما زال مفتوحًا. تقارير المجلس كانت مفيدة فى الإثبات بشهادات حية، وعلى سبيل المثال كنت مسؤولة عن تقرير ماسبيرو، وحدثت إدانة لمن دَهسوا بالسيارات المدرعة عددًا من المواطنين المسالمين، وأثبتنا ذلك وحصلت إدانة على قدر علمى، لكن باقى الأحداث لم تحدث فيها إدانة، وما زالت القضايا مفتوحة وأعتقد أن المسألة لم تنته، وبعد ظهور أدلة جديدة ستعاد محاكمة المتهمين الحقيقيين. ■ ألم تقدم تقارير المجلس إدانة لأشخاص أو مسؤولين بعينهم؟ - لا يمكن أن تفعل ذلك، لأننا نثبت حقائق على أساس شهادات، لكن ليس عن طريق أدلة جنائية فهو واجب مؤسسات الدولة التى لديها صلاحيات وسلطات لتحصل على الأدلة، بينما يعتمد عملنا بالأساس على المتطوعين لتقديم شهادتهم، وهذا من عيوب قانون المجلس، أنه ليس لديك صلاحيات للحصول على أدلة من الجهات المختصة كحق غير قابل للنقاش، أو حق وزيارات أماكن الاحتجاز والسجون، رغم أن المجالس الحقوقية فى العالم كله لديها هذا الحق. ■ إذن أنت تُرجعين مهرجان البراءة للجميع إلى غياب الأدلة وليس لفساد فى منظومة القضاء حسب اتهامات البعض لها؟ - النظام القضائى المصرى يستند إلى الأدلة التى تقدمها جهات الأمن، والقاضى يحكم بما يُقدم إليه من أدلة وشهادات، خصوصا فى الشق الجنائى، والشك يُفسر فى صالح المتهم، وعليه فلا بد أن تكون الأدلة قاطعة، وأتفهم لماذا صدرت هذه الأحكام، وأرى أن الفساد ليس فى القضاء، لكن لفساد أو قصور فى التحريات وهى مسؤولية جهات الأمن. كان لا بد من وضع تنظيم خاص للتحريات فى الوقت الذى كان الأمن منسحبًا، وبدأ يعود تدريجيا وكان من الصعب فى وقت واجه عديدًا من الاتهامات أن يقوم بجمع الأدلة ضد نفسه، وكان لا بد من حل آخر كتعيين جهات تحقيق واستدلال وتحريات أخرى غير الشرطة، من خلال تعديل تشريعى يصدره المجلس العسكرى فى ذلك الوقت لإبعاد التحريات عن جهاز الشرطة المعطل. ■ حوادث الفتنة الطائفية لم تتوقف بعد الثورة.. فهل تغيرت أسبابها فى رأيك؟ - درست تاريخ كل الأحداث الطائفية التى حدثت منذ السبعينيات وتأكدت أن المسألة مستمرة منذ ذلك الوقت ولم تتوقف، لأنه لم تتم معالجة أسبابها إلى الآن فنسبة كبيرة من الأحداث تقع بسبب عدم الترخيص لبناء الكنائس والأديرة أو إصلاحها وترميمها، والحوادث تتكرر بشكل مستمر كحادثة قرية البدرشين فى الجيزة وهى نفس الحادثة فى محافظة أسوان، التى بسببها خرجت مسيرة ماسبيرو وبعدها وقعت الكارثة وكل ذلك بسبب عدم صدور قانون دور العبادة الذى ينظم وييسر هذه المسألة ويعطى التراخيص لبناء الكنائس. ■ لماذا لا يُصدر الرئيس تشريعًا بذلك رغم امتلاكه الصلاحيات برأيك؟ - الرئيس وعد بعدم استخدام السلطة التشريعية إلا فى أضيق الحدود وهو اُنتخب رئيسا للسلطة التنفيذية وليس التشريعية، لكن على القومى لحقوق الإنسان أن يعيد تقديم هذه المشروعات لينظر فى إصدارها فهناك قوانين مطلوبة ومدروسة وجاهزة كقانون مناهضة التعذيب الذى درس فى البرلمان وجاهز للإصدار، وأنا كمواطن سأرحب وأؤيد إصدار قانون لمناهضة التعذيب أو قانون منع التحرش الذى تقدمت به المنظمات الحقوقية بعد مناقشته مجتمعيا. ■ بصفتك نائبة لرئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.. هل ترين أن الدستور يفى بالتزامات مصر الدولية فى ما يخص حقوق الطفل؟ - المادة الخاصة بالطفل فى مسودة الدستور مقصورة ولم تحترم الإجماع العالمى على اتفاقية حماية حقوق الطفل التى وقّعت عليها مصر، والتزمت بها من خلال إصدار قانون الطفل، وكان يفترض أن يكون نص المادة سندًا دستوريًّا لما ورد فى الاتفاقية لا أن يتعارض معها، وهناك قصور شديد فى ما يتعلق بعدم تشغيل الأطفال وعدم التمييز ضدهم، وعلى رعاية مصلحتهم، وعدم مساءلتهم جنائيا إلا وفقا للمدة المحددة وهى حقوق لا بد أن تكون مقننة دستوريا حتى تكون سندًا لحماية حقوقهم، وأهمها حظر تشغيل الأطفال وحظر زواجهم، فالطفل يستمر طفلا حتى عمر 18 عامًا بالإجماع العالمى بناء على الاتفاقية التى صدّق عليها مجلس الشعب المصرى. ■ هل أرضى الرئيس مرسى طموحات الشعب من وجهة نظرك؟ - حتى الآن لا، ودائما أتمنى فى كل اختبار يأتى أن ينجح نظام الحكم الحالى، ويثبت أنه يعمل لمصلحة كل المصريين، وأنه رئيس لكل المصريين، وعندما يحدث ذلك سيكسب كثيرًا من الدعم من الشعب المصرى.