مر عام على مجزرة ماسبيرو.. والشعب لم ينسَ ذلك.. والثوار لن ينسوا ما جرى.. فقد خرج أمس الآلاف لإحياء ذكرى تلك المجزرة التى لن يغفرها الشعب لمن كانوا يديرون شؤون البلاد.. وجرت على أيديهم تلك المجزرة البشعة. وقد تساءلت هنا منذ عام بالضبط: من الفاعل فى تلك المجزرة؟ ولا مجيب. وإليكم ما كتبته يوم 11 أكتوبر 2011:
أسهل شىء.. هو الاتهام بأن أيدى خارجية وراء أحداث ماسبيرو، والتى سالت فيها دماء العشرات «البريئة»، وإصابة ما يقرب من مئتين من المواطنين بالرصاص الحى والمولوتوف والطوب والعصيان والسيوف.. وبالجنازير التى حملها شباب الموتوسيكلات، الذى لا تعرف من أين يأتون، وهم يظهرون بشكل دائم فى كل الأحداث المؤسفة الأخيرة. إن ما حدث أمام ماسبيرو كارثة يجب أن لا تمر بسهولة، ويجب محاسبة المسؤولين عنها، ومن ساعد فى المزيد من اشتعالها.. ومع هذا يقولون أياد خارجية، وهو ما يرددونه دائما فى جميع الأحداث.. ولعلنا نتذكر جميعا أنه فى أحداث الثورة وطوال ال18 يوما كانوا يرددون أيضا أن أيادى خارجية وراء الأحداث والثورة على النظام، وخرجت عصابة النظام السابق تروج لذلك وساعدتها مجموعة من الإعلاميين، غالبيتهم يتصدرون المشهد الآن بعد تلونهم، وادعائهم أنهم كانوا مع الثورة وفى الثورة، بل إنهم كانوا فى ميدان التحرير يحرضون الناس على النظام السابق وفساده واستبداده، حتى إن أحدهم كذب وقال إنه كان فى يوم 26 فى الميدان، مع أن الميدان فى ذلك اليوم لم يكن به أى شىء، لا مظاهرات ولا اعتصامات.. وكان الإعلام الرسمى وتليفزيون أنس الفقى وقودين لتلك الادعاءات وترويج الخرافات والأجندات والأيادى الخارجية وترويع الناس من المواطنين الذين تظاهروا سلميا ضد النظام الفاسد.. وهو نفس الأمر الذى سار عليه تليفزيون أسامة العسكرى -أقصد أسامة هيكل- فى تغطيته أحداث ماسبيرو مساء أول من أمس، واستفزازه للمواطنين أقباطا ومسلمين. وهو ما جعل المظاهرات تخرج فى محافظات مصر، وكادت تتكرر المأساة بين الأقباط والمسلمين فى تلك المحافظات نتيجة لمشاهدتهم الاستفزاز التليفزيونى «الهيكلي» ومذيعته رشا مجدى التى كانت تتحدث وكأنها فى موقعة حربية، قام بها مواطنون غلابة ضد الجيش المصرى الذى حمى الثورة ويحمى ماسبيرو.. مستعيدة أداءها فى تليفزيون أنس الفقى فى ترويع المواطنين فى البيوت من ثوار التحرير وميادين مصر.. لقد تركوا الفتنة تشتعل لما يزيد على عشرة أيام بعد أحداث كنيسة إدفو واعتداء المسلمين على الكنيسة هناك. وخرج المسؤول الأول فى المحافظة الذى يحظى برعاية الذين يديرون شؤون البلاد، سواء فى المجلس العسكرى أو حكومة شرف، ليستفز الأقباط بسخريته من أحداث الكنيسة، ولتشتعل الفتنة.
والكل صامت.. المجلس العسكرى صامت ولا يفعل شيئا.. وحكومة شرف «صامتة»، وكأنها ليس لها علاقة بالأمر.. ووزارة الداخلية ما زالت «تائهة» ولم تلق القبض على أى من الفاعلين، بل إنها ألقت القبض على مجموعة من الأقباط! وتليفزيون العسكرى ظل صامتا حتى جاءت أحداث ماسبيرو، أول من أمس، ليزيدها اشتعالا وفتنة.. ومع هذا يخرج علينا وزير الإعلام طالبا ضبط النفس.. إنها الأيادى الخارجية.. الحل السهل للفاشلين، لكن أين هى الأيادى الداخلية فى تلك الأحداث؟! أين أيدى المجلس العسكرى المرتبك وشرطته العسكرية التى أصبحت سيئة السمعة؟ أين حكومة شرف؟ أين محاسبة من يقوم بأعمال الفتنة الطائفية؟ تخيلوا أن هناك 12 حادثة فتنة واعتداء على الأقباط منذ فبراير الماضى، وبعد خلع مبارك وحتى الآن لم يتم القبض على أى من الفاعلين واكتفينا باتفاقات اللواء حسن الروينى والشيخ محمد حسان! بالله عليكم مسيرة خرجت من شبرا ومعلن عنها منذ أيام ومعروف اتجاهها، وتجمع شبابها وفتاياتها ورجالها ونساؤها فى مظاهرة احتجاجية إلى ماسبيرو، ولم يتعرضوا لأحد أو سيارة أو محلات أو عمارات أو بيوت فى طريقهم.. ولكن فجأة عند وصولهم إلى مبنى التليفزيون ينطلق الرصاص الحى والمدرعات تدهس المتظاهرين. إنها الأيادى الداخلية.. ودعكم والنبى من حكاية الأيادى الخارجية.. إن ما حدث ويحدث، ولا تنسوا أيضا أحداث السفارة الإسرائيلية، هو بفعل الأيادى الداخلية، ومسؤول عنها المجلس العسكرى وسياساته وقراراته وتباطئه ومراسيم قوانينه السيئة، والتفافه حول مطالب الثورة الخاصة بالتطهير ومحاكمة الفاسدين سياسيا، والحكومة الصامتة التى سلمت أمرها إلى العسكرى. ربنا ينجينا منهم. ويبقى السؤال مطروحا من الفاعل؟ ويبقى كذلك أن الذين أداروا البلاد خلال تلك الفترة لم يقدموا اعتذارا عما جرى.. وكذلك وزير اعلامهم ومذيعتهم التى كانت تحرض على الأقباط – التى تعمل الآن مع الإخوان – لم يقدموا أى اعتذار عن دورهم فى المجزرة. وكذلك الرئيس محمد مرسى بعد أن تسلم السلطة. فيا أيها الرئيس.. ويا أيها الذين فى الرئاسة أين اعتذاركم عن تلك المجزرة التى لن تنسى!