قدمت لى ولبعض الزملاء مشكورة شركة «فودافون» الراعى الرسمى للمنتخب الأوليمبى الدعوة للسفر إلى بريطانيا لمتابعة مباريات المنتخب هناك والتعليق عليها كلٌّ فى مقاله أو جريدته وأسعدنى أن أرى رفقة السفر أسماء احترمها مثل الدكتور ياسر أيوب أو الأستاذ حسن المستكاوى الذى اعتذر مبكرا عن عدم السفر فأصابنا اعتذاره ببعض الإحباط. كان يُفترض أن نسافر بعد يوم لكن ارتباكا ما سيطر على الفكرة بعد الإعلان التجارى الذى بدأ بثه مع بداية رمضان الذى يظهر فيه حجازى قلب دفاع المنتخب وهو يواجه عاصفة من أوراق الصحف ولكى ينتصر عليها كان لا بد من أن يضع الصحف تحت حذائه ويجرى عليها، امتعضتُ الصراحة من المشهد، ثم تذكرت أننى سأسافر أصلا على نفقة «فودافون»، فأصبح الموقف بلا طعم وأصبح الاعتذار عن السفر واجبا على الأقل حتى لا أصبح فى نظر نفسى قد سافرت على حساب الإساءة إلى المهنة بصالحيها وفاسديها، كان الأمر غير مريح وعندما اتصلت بمن هم أكبر منى فى المهنة أستشيرهم إن كان ما سأفعله هو الصح أم أنها مبالغة ليست فى محلها؟ وجدت أن الامتعاض واحد لدى الجميع فاعتذرت عن عدم السفر. وبعد مناقشات تفضَّل المسؤولون بعدها فى «فودافون» بتقديم توضيح لموقفهم عبر بيان أرسلوا إلىّ منه نسخة يقول «بالإشارة إلى إعلان الشركة الخاص بالمنتخب الأوليمبى والذى اعتبر بعض السادة الصحفيين أن به ما يشير إلى إساءة للصحافة، تؤكد فودافون احترامها الكامل للسادة الصحفيين والإعلاميين ومعرفتها وتقديرها لدور الإعلام فى بناء وتقدم المجتمع المصرى. ونؤكد أن ما تقدمت به شركة الإعلانات الخاصة بفودافون وتم عرضه على الشركة كانت فكرته هو دعوة اللاعبين لعدم الالتفات للشائعات من خلال الصحافة الصفراء التى تسىء للسادة الإعلاميين والمجتمع على حد سواء والتركيز على تحقيق هدفهم فى المشاركة المشرفة فى الأوليمبياد القادمة. وحرصا من إدارة الشركة على علاقتها الطيبة مع السادة الصحفيين والإعلاميين وتقديرنا لرسالتهم الهامة واحتراما لعملائنا جميعا، كان لزاما علينا التوضيح وقد توجهت فودافون للشركة الإعلانية الخاصة بها لاتخاذ اللازم فى هذا الأمر. وأخيرا نتوجه على وجه الخصوص بالشكر والتقدير للإعلام الرياضى ودوره المتميز فى دعم وتشجيع منتخباتنا الوطنية». أما اتخاذ اللازم فقد قصد به المسؤولون حذف أو تعديل الجزء المسىء فى الإعلان، فشكرا لهم. بقى أن نلفت النظر إلى موضة تحويل الصحافة إلى «حيطة مايلة» يعلِّق عليها الجميع فشلهم، بمن فيهم المنتخب الأوليمبى الذى وصل للتصفيات بدعوات الوالدين وفضائح وصلت مكتب النائب العام، وبدلا من السير المعتدل الذى يحير عدوك فيك تزرع فى وجدان لعّيب أقل من عشرين سنة هو وجيله أن «دوس على الجرايد بالجزمة وانت ربنا هيكرمك»، طب ده كلام؟ لا يوجد مكان فى مصر خالٍ من الفاسدين أو الذين يمكن اعتبارهم عبئا على المهنة -بما فيها الصحافة بالطبع- ولكن التعبير عن اعتراضك على مشكلات مهنة ما يجب أن يكون به قدر من الذكاء بحيث لا تخرج من دائرة نقد محدد إلى إساءة فى العموم، فما أسهل الأحكام المطلقة على أى كيان فى مصر بما فيها «فودافون» أو اتحاد الكرة. أنا شخصيا أعرف عيوب مهنتى ومع ذلك امتعضت من الإعلان الذى جعلنى أتحمق «لشغلانتى» ولو حتى بالمنطق الشعبى الشهير «أدعى على ابنى وأكره اللى يقول آمين» ، لكن بالمنطق نفسه وللأمانة يجب دائما أن نذكِّر أنا وزملائى بعضنا البعض كل فترة بأن «العيل الوحش بيجيب لأهله الشتيمة». كل التوفيق لكل من يحمل اسم مصر فى الأوليميباد، سعيد بأننى لن أسافر إلى لندن فقد أصبح لدىّ متسعا لأن أسافر إلى أمى فى البلد.