محمد نور الدين لقد أصبح هذا هو السؤال الذى يتردد على كل ألسنة المصريين بعد كل هذا التخبط والغموض الذى نعيش فيه منذ فترة ليست بالقليلة فما تجد شخصاً إلا وسألك (هى مصر رايحة على فين) والإجابة على هذا السؤال تفتح الباب على مصراعيه لمزيد من سيل الأسئلة القلقة والتى لا تنتهى فى ظل ضبابية المشهد الذى أصبحنا نعيش فيه الآن وفى حين أن السادة الكبار لا يعيرون المواطن أية أهمية لطمأنتة إزاء ذلك القلق الرهيب الذى يعيش فيه . ومتى أعار مسئول فى مصر إهتمامه لمواطن أو إهتم بشئونه ؟؟ حتى وزير الداخلية عندما كان فى حاجة لشرطة النجدة فإنها لم تعره إهتماماً فما بالنا بالمواطن العادى !! فعدم الإهتمام والإكتراث بشئون المواطن ليس بمستغرب على ذلك النظام العتى الذى لم يسقط بعد فهذا آخر شيئ قد يشغل تفكير أى مسئول فى مصر هذا إن كان يفكر أصلاً فى مصر وأبنائها . ومنذ أن بسط مجلس الجنرالات يده على حكم البلاد والشعب المصرى يعيش حالة من التخبط والقلق غير مسبوقة بداية من الإستفتاء على مواد الدستور إلى الرئيس التوافقى والإصرار العجيب على المادة 28 من قانون إنتخاب رئيس الجمهورية . لقد أصبح المواطن المصرى يعيش الآن بين شقى الرحى فهو يريد أن تنجح ثورته وفى نفس الوقت يريد أن يعود الإستقرار بأى طريقة حتى لو عاد المخلوع والعياذ بالله للحكم مرة أخرى فلم يعد المواطن يطيق صبراً على هذه الأوضاع وأننى ألتمس له العذر فى ذلك فغالبية هذا الشعب يتألم فقراً ومرضاً وهذا ما يحسن ذلك النظام إستغلاله جيداً ولا عجب فى أنه يحاول إيهام الشعب بأن الأوضاع الإقتصادية متردية لذا فقد تعمد إفتعال أزمة البنزين والبوتاجاز حتى يشعر المواطن ويتأكد أن بلاده على وشك الإفلاس بسبب الثورة فينقم عليها ويكرهها فى حين البنك المركزى والصناديق الخاصة تمتلئ بمليارات الجنيهات التى لا تعد ولا تحصى . كما تراخى أيضاً فى إحكام قبضته على البلطجية الذين أشاعوا الفوضى فى البلاد وعاثوا فيها فساداً ولا يزالون يعيثون إفساداً فى كل شبر من أرض مصر كل هذا لإثارة الرعب والفزع فى قلوب المصريين حتى يلعنوا الثورة وحتى يظنون أنها السبب فى كل هذه الفوضى وهى بريئة من ذلك برأة الذئب من دم بن يعقوب كل هذا لإجبارهم على التمسك بذلك النظام الذى كان يحكم قبضته الأمنية على المواطنين فقط وليس على البلطجية كما كان من قبل . كل هذا الإيهام الذى يقوده بالطبع تلك الآلة الإعلامية المأجورة والتى لاتكل ولا تمل من التنكيل بالثورة وأبنائها على طريقة دس السم فى العسل دون أى وازع من دين أو ضمير وللحق لقد نجحت تلك الآلة المأجورة فى التأثير على قطاع ليس بالقليل من المواطنين البسطاء الذين يصدقون ما تلقيه عليهم هذه الآلة من أكاذيب مسمومة و مدروسة بعناية فائقة . وبمناسبة أن الإيهام أصبح جريمة بالرغم من أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص فقد قدم ذلك النظام بعض الشخصيات المصرية للمحاكمة بتلك التهمة التى لا وجود لها فى القانون المصرى ولا حتى فى قانون حمورابى فلابد أيضاً ووفقاً لمبدأ العدالة أن يحال هذا النظام هو أيضاً للمحاكمة تمهيداً لإعدامه والقضاء عليه نهائياً . إن الثورة باتت فى مفترق طرق إما أن تنجح بإذن الله وإما أن تنهزم والعياذ بالله ودعنى عزيزى القارئ أذكر لك الفرق بين هذين الطريقين حتى أكون قد أبرأت ذمتى أمام الله وحتى تختار بنفسك تبعات السبيل الذى ستختاره : أولاً : إذا ساندت الثورة وثابرت معها حتى يتحقق لها النجاح وتنتصر ستصبح مواطن يعيش فى دولة مدنية ديموقراطية حقاً وستختار رئيسها بنفسك ولا يفرض عليك رئيس توافقى . ثانياً : سيكون لك برلماناً قوياً يطالب بحقك ويعبر عن آمالك وطموحاتك وليس برلماناً هيكلياً هشاً ضعيفاً لا يحرك ساكناً أمام أخطر القضايا التى تواجهه . ثالثاً : ستكون مواطناً مثل بقية مواطنى الدول المتحضرة تتمتع بما سمعت وقرأت عنه أياماً كثيراً وهو ما يسمى بحقوق الإنسان أى لن تنتهك كرامتك ولا كرامة أبنائك وبناتك بعد اليوم . رابعاً : ستتحقق الحرية والمساواة التى طالما حلمت بها منذ عقود طويلة فى نواحى الحياة . خامساً : ستكون السلطة سلطتك أنت وليست حكراً على حزب أو فصيّل بعينه فأنت المانح لهذه السلطة ولا مانح لها سواك . سادساً : سيكون لك دستور قوى ديموقراطى حر يحقق كافة الآمال لهذا الشعب بكل طوائفه وإتجهاته . سابعاً : ستسرد كل أموالك التى سرقت منك بمعرفة المخلوع وأعوانه مما سينعكس على الحالة الإقتصادية وعليك بشكل كبير وستصبح مصر أغنى من كل الدول النفطية التى لولا هذا النفط ما كنت سمعت عنها فى يوم من الأيام . ثامناً : سيعم الأمن والأمان لك ولأبنائك بالحق والعدل وليس بالقهر وقانون الطوارئ الذى جثم على صدرك وصدور المصريين طوال ثلاثين عاماً من الحكم الفاشى لهذا النظام . تاسعاً : ستقول رأيك بحرية وستتحررالصحافة و يتطهر الإعلام وستكن له بحق الريادة الإعلامية وليس مجرد شعارات جوفاء وأوهاماً لا أساس لها من الصحة . هذا ما ستحققه الثورة إذا ساندتها ولم تغلبك ألاعيب ذلك النظام وحرب اليأس والإحباط التى يقودها اليوم ضدك حتى تنهزم أنت وثورتك أما إذا كان إختيارك هو الإستسلام لهذا النظام فسيحدث عكس كل ما ذكرته لك وإعلم إنه سيعاود بسط سيطرته عليك لكن بشكل أقوى وأنكى وأشد ضراوة مما كان من قبل هذا إذا لا قدر الله إنهزمت وتخليت عن ثورتك . والآن عليك أن تختار ... أى طريق ستسلك و أى قرار ستتخذ ؟ هل ستسلم لليأس والإحباط أم ستظل مؤمناً بثورتك صابراً عليها ومسانداً لها حتى تحقق أهدافها بإذن الله . إن الثورة لم تحكم حتى تُحاكم فإنظر من ذا الذى يجب أن يُحاكم الآن ؟ (يخطئ من يظن أن الثورة فى الميدان فقط) الثورة مستمرة