لا يختلف اثنان على أن الحالة السياسية في مصر الآن أفضل من قبل عشرات بل مئات المرات، فكل مصريّ سواء أكان موظفاً بالدرجة العاشرة أو شيالاً أو رجل أعمال أو موظف مرتشي بالشهر العقاري أو حتى أمين سياسات حزب حاكم - بدون تحديد - يعرف تمام المعرفة أن الشعب الآن وأكثر من أيّ وقت مضى يرفض النظام ،جملة وتفصيلاً، أبا وابناً، حكومة ومجالس، أداء وكلمة، وزارة وبرلماناً. وأيضاً لا يختلف اثنان أن الشعب متعطش إلى الثورة، ولا يوجد شخص مصري لم يسمع بالبرادعي، فارس التغيير، وأستاذ التبديل، وبالطبع نستثني من الذين سمعوا بالبرادعي رؤساء تحرير الصحف القومية، وأعضاء جمعية الوفاء والأمل للصم والبكم. ببساطة شديدة يمكن إجمال حالة الشعب المصري السياسية الآن، أن الشعب الكافة بانتظار ثورة التغيير القادمة. وهنا بالضبط تكمن خيبتنا الثقيلة ووكستنا التي ليس لها مثيل، الشعب كافة بانتظار الثورة؛ كلنا مستنين الثورة اللي هتغير كل حاجة، يا للعجب، كله مستني ومحدش بيتحرك بجد، وهنا أرى سؤالاً يطرح نفسه يا سادة: من الذي سيقوم بثورة التغيير تلك؟؟ كائنات فضائية؟ عملاء لكوكب نبتون؟؟ جواسيس لصالح أعدائنا في كوكب المشترى؟؟ جيفارا طيب؟؟ بالتأكيد كلنا نتفق على أن كل لديه مشكلاته الخاصة فعملاء كوكب نبتون يحاولون عقد معاهده سلام مع كوكب بلوتو وجواسيس المشترى يحاربون في المريخ. أما عن جيفارا فقد توفاه الله عز وجل واسأل الله له المغفرة. بمعنى آخر، لا يوجد سوانا يغير البلد دي. طرحت سؤال من الذي سيغير هذه البلد على أحد المواطنين الحالمين بالثورة، فأطرق النظر إلى السماء؛ وشرد بذهنه بعيداً؛ وقال في صوت تملأه الشاعرية والحماس "الشعب ... الشعب كله يقوم ايد واحدة، ويطيح بالظالم إلى ..... "بس وقف هنا لحظة بالله عليك وتعالى نحاول سوياً حل هذه المعادلة المستحيلة. بما أن شعب مصر سيقوم بالثورة. و بما أن أنت واحد من شعب مصر. إذن: أنت هنا قدامى ليه؟؟ ليست المشكلة هنا فقط أيها السادة، بل أن المشكلة الحقيقية تتخطى هذا الحد فإذا ما فكر أحد الشباب - والعياذ بالله يعنى - أن ينشط سياسياً؛ أو وسوس له الشيطان أن يكون عضو بإحدى الحركات المعارضة المنتشرة على الساحة؛ أو لعب حد بدماغه وجعله يقف يهتف في مظاهرة بكلمة حق في وجه أو حتى قفا سلطان جائر. هنا تكمن الطامة الكبرى، يعامله المجتمع على أنه خلاص؛ الواد ضاع ولا حول ولا قوة إلا بالله، راح ف سكة الرايح ميرجعش، مستقبله اتبدد، وحلمه اتكسر، أمله اتحسر، ومعادش منه رجا، ولا عاد ف الوله أمل، ودخل إلى عش الدبابير، ولعب بجوار مغارة الديناصورات، وبيلعب ف عداد عمره، ويا عيني طبوا عليه زي القضا المستعجل بتوع أمن الدولة أخدوه من وسط أخواته، وجتها نيلة اللي عايزة خلف. الحمد لله لقد نجح نظامنا في ترسيخ هذا في مجتمعنا جيداً وأعتقد أنه حسد في نجاحه في هذا، ولذلك فشل في عمل أي حاجة غير كده. للأسف الشديد يعامل مجتمعنا ضباط أمن الدولة على أنهم الحكام الفعليين لبلدنا، وكم أتمنى أن يرى هذا المجتمع المتظاهرين يرددون " حضرات السادة الضباط .............. مكانكوا جنينة الحيوانات" يا سلاااااااااااام هتاف تراجيدي. و للأسف الشديد أيضاً يعامل مجتمعنا الناشط السياسي على أنه شخص مفقود الأمل والرجاء، باع حاضره ومستقبله بلا مقابل، ....... ولا يعلمون أنه إنسان طبيعي جداً يأكل الطعام ويمشى في الأسواق، ويشجع الزمالك ويروى النكت. أيها السادة باختصار شديد أوضح فكرتي، أيها المجتمع الأبي إذا أردت الحياة بكرامة، وإذا أردت ثورة تغيير، فعليك أن تبدأ بنفسك، إذا أردت أن تحترم كرامتك في قسم الشرطة، فعليك أن تحترم نفسك في التعامل مع الضابط خارج قسم الشرطة ولا تعطيه أكثر من قدره كونه إنسانا عادياً، وإياكم من نظرية الفيلسوف ديكتاتور "أنا أنشط إذا أنا ممسوك". أيها النشطاء المناضلين الأحرار، أكملوا طريقكم فالثورة قريبة، وسيروا إلى هدفكم لا يمنعكم عنه إلا الموت، أو ............... ضابط أمن دولة عايز بطاقتك.