قالك إيه. قالك إيه.. يا سيدي.. قالك منتخب مصر كسب. خبر جميل ورائع وعظيم وشعرنا جميعاً بالارتياح والسعادة والفخر بهؤلاء اللاعبين الكبار.. العظماء.. ومع انتهاء المباراة.. في الشوارع انطلق الناس بالأعلام يعبرون عن فرحتهم وانطلق السادة المسئولون في تقديم برقيات التهاني وهات وخد يا سيدي. السيد رئيس مجلس الشعب يهنئ المنتخب بالفوز العظيم. السيد رئيس مجلس الشوري يفخر بأداء المنتخب ويهنئ الفريق. السيد الدكتور رئيس الوزراء يعرب عن شعوره بالعزة والنصر للفريق الذي حقق فوزاً ساحقاً علي منتخب الجزائر. و.. و.. وتوالت برقيات التهنئة. ووسط فرحتي وفرحة الجميع من حولي.. وصوتي الذي راح مع هدف عبدالشافي.. الهدف الثالث والقاتل والذي معه استراح الجميع وشعروا بأن النتيجة من الصعب، بل من المستحيل أن تكون إلا الفوز.. ووسط هذه السعادة ومع متابعتي لشاشة التليفزيون وبرقيات التهاني.. اقتحم ذهني سؤال كان في البداية بريئاً لكن تحول إلي خبيث بعد دقائق!! إنهم أقصد السادة الكبار المسئولين بارك الله فيهم يرسلون برقيات لتحية المنتخب الذي فاز وأن هذا الفوز أسعد الجمهور بل الشعب المصري. معني ذلك أنهم يعرفون أن الشعب من حقه أن يفرح.. هذا هو السؤال البريء.. ولكن تحول إلي خبيث.. حيث قلت في نفسي: لماذا لا يسعي أحدهم إلي إسعاد الشعب أيضاً؟! فهؤلاء اللاعبون لا يزيدون بطاقم التدريب عن 30 رجلاً ومعظهم شباب، ولا يملكون سوي تخطيط حسن شحاتة ورفاقه ومجهودهم الشخصي.. فماذا عن هؤلاء الذين يملكون أموال الدولة ولديهم آلاف الموظفين وكل الصلاحيات القادرة علي إسعاد الشعب؟! وهم.. وأرجوا ألا يغضبوا.. أو يغضبوا مش مهم. هم ينكدون علي الناس. أي والله يتفننون في النكد علي الناس.. ثم يرسلون البرقيات لفريق الكورة الذي حقق الإنجاز، دون أن يفكر أحدهم: ماذا حقق هو من إنجاز مع كل السلطات المخوَّلة له. ماذا قدموا؟! ماذا فعلوا؟! ما الإنجاز الذي حققوه؟! ألا يحب هؤلاء أن ترسل لهم يوماً.. برقية تهنئة علي ما فعلوه للشعب؟!.. ألا يشعرون بالخجل حين يترك أحدهم منصبه؟!.. فتجد السعادة في عيون وقلوب الناس.. إيه مفيش إحساس؟! ألا يفكرون..؟! كيف يقدمون مشروعات حقيقية تبني الأمة وتشعر الناس بالانتماء؟! ألا يخجلون. من أن الفرحة الوحيدة التي تجمع الشعب تحت علم مصر.. هي فرحتهم بفوز المنتخب.. صحيح الكورة لعبة مسلية وجميلة.. لكننا كأمة نحتاج وبعنف وشدة.. نحتاج إلي إنجازات تسعد الشعب، إنجازات تعيد الشعور بالانتماء للشباب الذي يلعن ويلعن في حكومته ومشاكلها التي لا حدود لها!! لقد صار من المعتاد كل يومين أو ثلاثة ظهور كارثة أو مشكلة كبيرة في الوطن، مشكلة أو كارثة تؤكد سوء الإدارة وخللاً عاماً وفساد مؤكداً لدي معظم الجهات حكومية وغير الحكومية.. الناس تصرخ من غياب العدل والقهر.. يوم حادثة قطار مروعة.. ويوم مخرات سيول مبني عليها وبالتالي جاء السيل بالخراب علي المناطق التي بُني في مخراتها.. وخضراوات مزروعة بمياه المجاري ومسشتفيات تهدم ومجارٍ تأكل المدن الجديدة وزحام مروري مجنون وقاتل.. ومشكلة سنة 2009، 2010 في مصر تخص جمع القمامة وكل يومين نسمع عن مسئول كبير ورشوة كبيرة وهروب فاسد بالملايين. هذا هو شكل أداء.. أو.. هي صورة أداء بعض الكبار الذين سارعوا بإرسال البرقيات.. ولم يشعروا بأي خجل. لم يشعروا أن سعادة الشعب المصري تصنعها الكورة فقط أما هم فإنهم يعذبون الشعب.. ليتهم صمتوا ولم يرسلوا هذه البرقيات.. أو ليتهم شعروا بالكسوف وبأن دورهم هو النكد.. ودور المنتخب هو السعادة. والاقتراح المحدد الذي أتوجه به للسادة المسئولين الكبار الآن.. هو أن يتخذ كل واحد من الحكومة.. واحداً من طاقم الكورة مدربين ولاعبين قدوة له.. يعني مثلاً رئيس.. ممكن يأخذ أحمد حسن قدوة له.. ووزير.. يأخذ عبدالشافي قدوة له.. وياريت وزير.. ياخد وائل جمعة.. وهكذا. وفي هذه الحالة ربما.. ربما.. يهلل الناس فرحاً يوماً ما بالسادة الكبار أصحاب النكد والبرقيات!!